السلاح الكيماوي السوري هل هو حقيقة أم أوهام!!
بقلم/الياس بجاني
*

من يتابع قراءة التقارير الأميركية والأوروبية والإسرائيلية والتركية حول أسلحة الأسد الكيماوية والجرثومية يعتقد دون أدنى شك أنه يشاهد فيلماً أميركياً وهوليودياً طويلاً لا نهاية له، ولكنه مجرد فلم قد يقوى فيه البطل حيناً ويضعف في أحيان أخرى. والغريب في هذه المعمعة المخابراتية المتناقضة في كل تفاصيلها أن كاتب سيناريو الفلم الأميركي والإسرائيلي والتركي بالتعاون مع مساعدين من الدول الأوروبية والعربية يستمر في تغيير وتبديل الأبطال والضحايا كما مواقع المعركة المفترضة والتي لم تقع بعد ويبدو أنها لم تقع أبداً.، كما يتفنن في توصيف نوعية الأسلحة المحكى عنها ومواقع تواجدها.

 

فقد كثرت في الأسابيع الأخيرة التقارير المثيرة التي تروي حكاية هذه الأسلحة وأكثرها تشويقاً جاء من وسائل الإعلام الإسرائيلية التي وصلت إلى ذروتها أمس واليوم حيث أفادت معظم الصحف والمواقع الالكترونية الإسرائيلية وفي مقدمها موقع دبكة المخابراتي الالكتروني أن الثوار في سوريا قد استولوا خلال الأيام القليلة الماضية وفي شرقي حلب تحديداً على مصنع كلوريد وهو من أكبر المصانع السورية للأسلحة الكيماوية، وهو أيضاً طبقاً للموقع مخزناً ضخماً لصواريخ السكود المزودة برؤوس تحمل أسلحة كيماوية ومجهزة لضرب إسرائيل.

 

وأكمل السيناريو ليفيد بأن تهديد الأسد باستعمال الأسلحة الكيماوية هو بالحقيقة إنذاراً للثوار الذين استولوا على المصنع في حلب هذا ليمتنعوا عن استعمال الأسلحة التي غنموها ضد قواته، وفي نفس الوقت التحذير هذا قد يكون مبرراً قوياً ليستعمل هو الأسلحة الخطيرة هذه ضد الثوار.

 

وتكمل التقارير لتقول إن الأردن وإسرائيل وتركيا وأميركا يأخذون أمر الأسلحة الكيماوية على محمل من الجد وأن قواتهم العسكرية موجودة داخل الأراضي السورية لمتابعة الأمر عن قرب وهي على أهبة الاستعداد للتدخل عسكرياً ومنع الأسد من استعمال هذه الأسلحة. هذا وكان الرئيس الأميركي أوباما حذر قبل يومين الأسد بلهجة مرتفعة جداً من مغبة استعماله أسلحته الكيماوية، ورد النظام السوري فوراً مدعياً بأنه لن يستعملها في حال أنها موجودة لديه.

 

في هذا السياق الهوليودي صرح وزير خارجية بريطانيا وليم هيك من البحرين السبت الماضي أنه توفرت للأميركيين والبريطانيين معلومات تفيد أن الأسد ينوي استعمال الأسلحة الكيماوية مما استدعى وبسرعة تحذيره بصرامة وشدة غير مسبوقين.

 

بدورها المخابرات البريطانية أعلمت محطة ال بي بي سي أن أسلحة الأسد الكيماوية مخزنة في خمسة مواقع وجميعها مراقب عن قرب من الأميركيين والبريطانيين وهناك استعدادات عسكرية كبيرة للتحرك في حال قرر الأسد استعمالها بأي شكل من الأشكال.

 

اليوم أيضاَ كثرت التقارير وهي في مجملها تقول أن الأسد بدأ بتحريك أسلحته بعد أن جهزها للاستعمال وخصوصاً غاز السارين. وفي حين ذكر بعض هذه التقارير أنها بطريقها إلى حلب لضرب الثوار هناك، ذكرت تقارير أخرى أنها بالواقع سترسل ليس إلى حلب بل إلى المنطقة الساحلية وإلى جبل العلويين حيث سيلجأ الأسد مع القوى العسكرية الموالية له بعد سقوط دمشق. وفي نفس التقارير أفيد أن الأسد يحضر أسلحته لضرب القوات الغربية في حال تدخلت عن طريق البحر لإسقاط نظامه.

 

أين هي الحقيقة وأين هو الخيال في كل هذه المعمعة، وأين هي المصداقية من عدمها في كل هذا العرض الهوليودي؟
الأجوبة بما يخص الأسلحة الكيماوية غير واضحة، ولكن الأكيد عسكرياً أن الغرب ومعه الحلفاء العرب وإسرائيل وتركيا بإمكانهم إنهاء عرض الفلم الأسدي الإجرامي ووقف مجازره وارتكاباته الوحشية في أي لحظة يريدون ويسقطون نظامه إلى غير رجعة.

يبقى أن السؤل الأهم هو لماذا العالم الحر حتى الآن يكتفي بالحروب الكلامية في مواجهة إجرام نظام الأسد، علماً أن الأسد وبطانته، كما النظام الملالوي الإيراني وكل منظمات الإرهاب لا يفهمون غير لغة القوة والردع العملي. فهل سيتم التحدث معهم باللغة الوحيدة التي يفهمونها؟ نتمنى ذلك واليوم قبل يوم غد. 

 

*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الالكتروني

phoenicia@hotmail.com

تورنتو/كندا في 11 كانون الأول/12