البطريرك بشارة الراعي وشر لسانه والإسقاط

بقلم/الياس بجاني

 

من المحزن أن صرحنا البطريركي الماروني لم يعرف في تاريخه بطريركاً مثيراً للجدل كما هو حال بطريركنا الحالي بشارة الراعي. فمنذ توليه سدة البطريركية وهو يدور في حلقة جهنمية من التصريحات المثيرة للجدل والمتناقضة كلياً مع موقعه الديني ومع ثوابت الصرح الماروني الذي أعطي له مجد لبنان، والمخالفة تماماً لروحية الإنجيل المقدس والضاربة عرض الحائط بكل تعاليم السيد المسيح من تواضع ومحبة وتسامح ومساندة للمضطهدين والمعذبين.

 

حلقة فلتان لسان ومواقف نافرة وعدائية مؤيدة لنظام الأسد المجرم ولسلاح حزب الله الإرهابي ومعادية للثورات العربية وأسيرة عن جهل واستعلاء لوهم حلف الأقليات.

 

فيض وفلتان مواقف ومن ثم انكار لهذا الفلتان وللمواقف واسقاط ما يقوله ويسوّق له على الإعلام وعلى الذين ينتقدون دورانه في هذه الحلقة التي جعلت منه سياسياً من الدرجة الثالثة لا يختلف فيها بشيء عن ابواق وصنوج من أمثال الوهاب والقنديل ورحمة ونقولا وباقي اقرانهم من أيتام النظامين السوري والإيراني.

 

مشكلة هذا الرجل أنه جاهل في السياسة ولكنه مصر على تعاطيها ومصر أيضاً وبعناد على القيام بدور سفير متجول لمحور الشر السوري-الإيراني. هو يتعامى أن من يعمل في السياسة يصبح معرضاً للنقد كما للتأييد وما بالكم وهو يتعاطى السياسة العفنة والإبليسية بمفهومها الأسدي والملالوي.

 

 ولزيادة "الطين بلة"، فقد احاط نفسه بفريق عمل على رأسه المطران سمير مظلوم الظالم للبنان وللحقيقة والسابح حتى أذنيه في فرمانات النظامين السوري والإيراني.

كل موقف مثير يتخذه الراعي ينكره فيما بعد عندما يصل للإعلام، وتأتي ردوده الدفاعية غاضبة وعدائية واتهامية عملاً بالمثل الشعبي اللبناني القائل:"يا فلاني بتشيلي يلي فيكي وبتحطيه فيي".

يسقط دون وجل ودون أن يرمش له جفن ما يرتكبه من هفوات كلامية وما يسوّق له من مواقف دعامة للأسد ولحزب الله، يسقطه على من ينتقده ويتهمهم بأنهم "يقبضون" أي أنهم ممولون من أعدائه.

 

مشكلة هذا الرجل هي إيمانية وتكمن في لسانه ولأنه رجل دين علينا أن نتفهم ونتعاطى مع حاله طبقاً لكتابنا المقدس وتحديدا لما جاء في رسالة القديس يعقوب الفصل الثالث تحت عنوان شر اللسان. (يعقوب 03/من 01 حتى12):

("يا إخوتي، يجب أن لا يكثر فيكم المعلمون. فأنتم تعرفون أي دينونة نلقاها نحن المعلمين. وما أكثر ما نخطئ جميعا. وإذا كان أحد لا يخطئ في كلامه، فهو كامل قدير على ضبط جسده كله. خذوا الخيل مثلا، فحين نضع اللجام في أفواهها لتطاوعنا، نقودها بجميع جسدها. والسفن على ضخامتها وشدة الرياح التي تدفعها، تقودها دفة صغيرة حيث يشاء الربان. وهكذا اللسان، فهو عضو صغير ولكن ما يفاخر به كبير. أنظروا ما أصغر النار التي تحرق غابة كبيرة! واللسان نار، وهو بين أعضاء الجسد عالم من الشرور ينجس الجسد بكامله ويحرق مجرى الطبيعة كلها بنار هي من نار جهنم. ويمكن للإنسان أن يسيطر على الوحوش والطيور والزحافات والأسماك،وأما اللسان فلا يمكن لإنسان أن يسيطر عليه. فهو شر لا ضابط له، ممتلئ بالسم المميت، به نبارك ربنا وأبانا وبه نلعن الناس المخلوقين على صورة الله. فمن فم واحد تخرج البركة واللعنة، وهذا يجب أن لا يكون، يا إخوتي. أيفيض النبع بالماء العذب والمالح من عين واحدة؟ أتثمر التينة، يا إخوتي، زيتونا أو الكرمة تينا؟ وكذلك النبع المالح لا يخرج ماء عذبا.")

 

إن التشخيص الإيماني واضح ومباشر ولا لبس فيه. من هنا لا يسعنا ونحن موارنة قلباً وقالباً وإيماناً وتجذراً أن نسكت على مواقف الراعي السياسة بامتياز والتي لا تشبهنا ولا تمت لنا بصلة، كما أنه ليس بمقدورنا على خلفية ايماننا بلبنان وبثوابت الصرح البطريركي التاريخية ومن منطلق احترام الذات وتقديس دماء الشهداء الأبرار إلا أن نتعاطى وبصوت عال وصارخ مع مواقف بطريركنا السياسية كما نتعاط مع الطاقم السياسي العفن.

نحن لا ننتقد أي أمر له علاقة بوضعية البطريرك الدينية. هو غطس في اوحال السياسة وعليه بالتالي أن لا يحتمي بموقعه الديني.

 

إن التعامل مع الراعي السياسي هو تماماً كما التعاطي مع رجال الدين الآخرين الذين تحولوا إلى العمل السياسي من أمثال السيد نصرالله والشيخ نبيل قاووق والشيخ نعيم قاسم والمطران عصام درويش والمطران سمير مظلوم والشيخ أحمد الأسير وتطول القائمة. في الخلاصة نقول لمن يزعجهم تعاطينا مع الراعي السياسي طبقاً لمواقفه السياسية أن عليهم أن يعيدوا الراعي إلى موقعه الديني وعندها لن يكون طرفاً في أي صراع أو جدل سياسي ولن يتعاط معه أي اعلامي أو ناشط كسياسي ونقطة على سطري الحقيقة والإيمان.

 

الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني

phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 16 نيسان/13