لا ضمير ولا قضية في الرابية، استفيقوا!

بقلم الياس بجاني

 

إن عتبي كبير جداً على الأخ إيلي محفوظ رئيس حركة التغيير الذي وجه أمس رسالة إلى جنرال الرابية يطالبه فيها بتحكيم ضميره والرجوع عن مسالك الطروادية ومهاوي الجنوح والجنون، وذلك بعد أن هنأه بحرارة على تصرفاته الميليشياوية والجمهورية دون جمهور، ونبهه إلى أن المسيحي في لبنان لن يغفر له ما تقترفه يداه من إجرام وتعديات وانتهاكات بحق شعب لبنان العظيم وما يوقعه عن سابق تصور وتصميم من أذى مدمر، ويمارسه من يوضاسية فاضحة يطاولان بحربائيتهما والخيانة كل مقومات وركائز السيادة والحرية والاستقلال والكيان والهوية.

 

لماذا العتب على محفوظ الذي كان لسنين طويلة مثلي ومثل غالبية المسيحيين اللبنانيين من أشد المؤيدين للقضية والشعارات والبرامج التي حملها جنرال الرابية ؟ لأن ببساطة الذي يخاطبه صديقي محفوظ هو غير موجود، وان وجد في قراني وزوايا قصر الرابية حيث التخلي والانحرافات الإلهية، فهو دون شك قد تخدر، إن لم يكن مات وشبع موتاً.

 

أي ضمير هذا الذي يناديه أخونا محفوظ وجنرال الرابية صاحب هذا الضمير قد انقلب بمعدل 180 درجة على نفسه وتاريخه وعطاءاته وأطاح بهياج الثيران وقرونها كل نضال حقبة الاحتلال المشرّف؟ إنه لم يترك كلمة واحدة من خطابه السيادي إلا وقلبها بالاتجاه المعاكس، ولا هو حتى رحم من كفره الديموغوجي ثابتة واحدة كان رفع لواءها خلال سنوات قصر الشعب والنفي العجاف إلا ونقضها وتبرأ من تبعيتها الضميرية والوجدانية كافة.

كما أنه وهنا الكارثة الكبرى قد خان دماء وتضحيات وقرابين كل المدنيين والعسكريين الذين ضحوا بأنفسهم من أجل كرامة وعزة وحرية وهوية الشعب اللبناني العظيم استشهاداً وسجناً ونفياً واضطهاداً.

 

لا، لا حياة لمن تنادي يا أخ محفوظ، وفر جهدك والصراخ، فالرجل الذي عرفته أنت عن قرب وعرفه معك الشعب اللبناني وأحبه ووقف إلى جانبه ودافع عنه وعن القضية التي حمل، قد بقي في باريس ولم يعد بعد إلى لبنان، وهو بالتأكيد لن يعود أبداً وقد أصبح ملكاً لذاكرة التاريخ وأحكامها.

 

نناشد أولئك الذين لا يزالون من مؤيدي جنرال الرابية وخصوصاً الطلاب والمثقفين منهم أن يستفيقوا من وهم ولائهم لهذا الرجل ومن خدعة صدقه وكذبة صوابية خياراته وحسن الإدراك، وذلك بعد مآسي يوم الثلاثاء الميليشياوي والإرهابي والانقلابي الدامي بامتياز.

 

نناشدهم أن يدركوا حقيقته الديموغوجية الخادعة أخذين بعين الاعتبار كل الكوارث التي تسبب بها، والانحرافات المميتة التي مارسها، والكفر والجحود اللذين ينطق بهما يومياً منذ طريقة عودته المشبوهة من المنفى والتي راحت تفوح من خفاياها روائح غريبة كاشفة أسرار اجتماعات واتفاقات وصفقات ومال ومساومات.

 

نطلب من كل الذين لا يزالون أسرى ماضي هذا الرجل المتلون والمتقلب أن يدركوا أن جنرالهم لم يعد إلى لبنان، وهو لا يزال في باريس، وبالتأكيد لن يعود عقب ارتكابات وهرطقات وزندقات وأوراق وتفاهمات وأخطاء وخطايا جنرال الرابية.

اتركوا لهذا الجنرال الباريسي المغيب فسحة جميلة في ذاكرتكم والعنوا أفعال ذاك القابع في الرابية وحملوه براحة ضمير مسؤولية كل نقطة دم هدرت أمس ومسؤولية كل الدمار والخراب والفوضى والأذى الذي لحق بكل أبناء شعبنا.

 

نطلب من الجميع فهم عواقب خيارات جنرال الرابية الإيرانية والسورية المستجدة التي عمادها فقط كرسي بعبدا المخلع والملوث بفيروسات الهراوي ولحود وأسيادهما القابعين في قصر المهاجرين.

 

ليتذكر طلاب لبنان الذين حملوا رايات التيار الوطني الحر قناعة منهم بثوابت الوطن السيد الحر المستقل، وإيماناً منهم بقدسية هويته المميزة، ليتذكروا أنهم هم الذين رفعوا صور جنرال باريس بوجه قوى الظلامية والقمع يوم كان يزعم انه يعبر بطروحاته والممارسات عن ضمير وأماني وأوجاع اللبنانيين.

 

ليتذكر كل هؤلاء الطلاب غاندية مقاومتهم طوال حقبة الاحتلال السوري البغيضة، وكيف أنهم لم يحرقوا في يوم من الأيام دولاباً واحداً، ولا حطموا سيارة، ولا هم قطعوا طريقاً، أو أقاموا حواجز وعوائق لمنع الناس من الذهاب إلى أعمالها، أو تعدوا على أصحاب محلات تجارية وأجبروهم على إقفال متاجرهم.

 

ليتذكروا ويقارنوا بين ما كانوا يقومون به من أعمال نضالية سلمية حضارية مشرفة شهد لها العالم، وبين ما قاموا به الثلاثاء من ممارسات همجية ميليشياوية ودموية. نطلب منهم أن يعيدوا حساباتهم ويراجعوا ولاءاتهم بواقعية ووجدانية متخذين العبر والدروس من ردود أفعال الناس الغاضبة والشاجبة بوجههم والمستنكرة لكل ما قاموا به من تعديات تنفيذاً لرغبات جنرال فقد بصره والبصيرة وباع نفسه للشيطان.

 

يا طلاب لبنان الأحرار، يوم وقفتهم مع جنرال باريس كنتم تقفون بكبرياء وعنفوان وغاندية مع قضية لبنان المحقة، ومع سيادة واستقلال وحريات وهوية هم عماد كينونة وطن الأرز وركائز وجوده.

لقد حان الوقت لتدركوا أن ذاك الجنرال المقاوم لم يعد إلى لبنان، وأن القابع في الرابية هو مجرد غطاء وواجهة لمشروع إيراني سوري يستهدف الكيان اللبناني بكل أوجهه الحضارية والإنسانية والقيمية والتعايشية.

 

إن كان نضالكم من أجل القضية، فالقضية باقية وهي بأمسّ الحاجة لكم اليوم، ولكن يجب أن تدركوا وقبل فوات الأوان أن جنرال الرابية قد تخلى عن هذه القضية وأمسى في القاطع الآخر.

حرروا أنفسكم وعودوا إلى رحاب الوطن ولا تكونوا أسرى لتاريخ رجل هو تخلى عنه،  والخيار في النهاية هو خياركم.

 

عاشت الحرية وعاش لبنان

كندا في 24 كانون الثاني 2007