المتنازل عن حريته هو مخلوق ذليل

بقلم/الياس بجاني

 

قليلون هم الذين لا ينؤون تحت أثقال قضية إنساننا اللبناني وراياتها المقدسة حقوقاً وهوية، مصيراً وكرامات.

إلا أنهم رسل بشارة، خميرة مباركة وشعاع ساطع يفعلون فعلهم الإيماني بتقوى وثبات.

 

إنهم يتحسسون أوجاع ناسهم ويشاركونهم همومهم والصعاب.

يأخذون بيد المتعثرين والمغرر بهم في مسالك النضال من أجل ثوابت كيان وطن الأرز وهويته والأخلاق.

 

يقاومون بالتقوى والمثل الصالح أفعال البشر أنسال الأبالسة من عشارين وانتهازيين وطرواديين.

يقوون إيمان المترددين وضعفاء النفوس، ولا ييأسون أو يتراجعون مهما كانت الأثمان.

 

يعرون بشجاعة أطماع وألاعيب تجار الأرزاق والأعناق.

لا يترددون في شهر سيف الحق وإعلاء شأنه في وجه لصوص القيم والمبادئ ومنتحيلي صفة المقاومة والوطنية.

 

قوم أحرار الفكر والعزيمة. ضميرهم حي، وهم لا يباعون ولا يشترون.

يجاهرون بالحقيقة ويشهدون لها بجرأة وثقة بالنفس مهما قسَّت الظروف وازداد عدد المشككين والمفترين، وذلك دون الالتفات إلى كل ما هو ضغوط ومنافع ومصالح ذاتية.

لا يرتضون حياة الأغنام التي تساق إلى المسالخ، ولا يقبلون أدوار الأتباع والحواشي.

 

لا يماشون أحد "على العمياني"، ولا يُسيَّرون بالريموت كونترول.

هم ينتقون فقط خياراتهم ونوعيتها وطرق بلوغ مآربها.

أساس خياراتهم قناعات راسخة، ووعي متأني، وعمق فكري وشفافية في التعاطي مع الغير.

 

لا يرهبهم تهديد، ولا يخيفهم وعيد، ولا تلّين مواقفهم إغراءات ومراكز.

تنفرهم أساليب الفرض والقهر والتجني من أي جهة أتت، وتقززهم آفات "نفخة الصدر" الفارغة والغباء، كما التطاول على الأشراف و"الأوادم".

يغلِّبون المصلحة الوطنية على ما عداها، وباستمرار يفاخرون بهويتهم وتاريخهم والتراث.

 

الإنسان بمفهومهم هو وقفة عز وكبرياء.

من لا موقف له يفقد إنسانيته والكرامة، ومعها نعمتي الحرية والبصيرة. 

 

في عرفهم يبقى الإنسان مقعداً وعاجزاً وإرادته مسلوبة إن لم يمتلك الشجاعة والحوافز التي تؤهله لاتخاذ المواقف طبقاً لمعطيات وقناعات الحق ومعايير القانون والعدل.

يرون في ممارسات المتلونين والحربائيين وصمة عار على مجتمعاتنا والوطن، ووباءً قاتلاً يتوجب استئصاله.

يحتقرون المتخلي عن حريته والراضي بالذل والهوان.

 

يشفقون على حال مدمني الركوع والخنوع طوعاً.

ربي قوي إيمان الأحرار ورافعي راية الحق من أهلنا وقياداتنا والمراجع.

فهؤلاء رسل سلام ومحبة حاملين صليب وقضية وطني الأم، لبنان.

 

إنهم يشهدون للحق كما علمتنا، "من يشهد للحق الحق يحرره".

نختم بقول الكتاب المقدس: "لأنك لست ساخناً ولا بارداً، بل فاتراً سوف أبصقك من فمي".

 

ومن له أذنان للسمع فليسمع

18 أيار 2006