حزب الله وملحقاته انقلابيون وزبائنيون وليسوا معارضة

بقلم/الياس بجاني

 

تدين المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية أحداث الشغب الانقلابية والدموية الميليشياوية التي حصلت يومي الثلاثاء والخميس الماضيين في لبنان وتسببت بوقوع تسعة قتلى وما يزيد عن 250 جريحاً وخسائر مادية تقدر بمئات الملايين، كما تشجب المنسقية وبقوة المخططات التوسعية الإرهابية والهدامة لدولتي محور الشر، إيران وسوريا، التي تستهدف لبنان بكيانه ونظامه وثقافته وتاريخه وهويته ومؤسساته كافة، كما حرياته وأسس وتعايش بنيه ومفاهيم الديموقراطية وشرعة حقوق الانسان فيه.

 

إن رأس حربة سوريا وإيران في لبنان هو تنظيم حزب الله الأصولي والميليشياوي الذي وخلال حقبة الاحتلال السوري البغيض لوطن الأرز ما بين 1976 و2005 أقام بتمويل وحضانة ورعاية ودعم من إيران وبتسهيلات لوجستية وعسكرية كبيرة من سورية، دولة له داخل الدولة اللبنانية بكل مقوماتها من مربعات أمنية وسجون وجيش وشرطة وتمويل داخلي وخارجي ومؤسسات استخبارتية وإعلامية وتعليمية وصحية واجتماعية وعلاقات دبلوماسية والخ.

 

أما في تسلسل أحداث وتطورات محاولات إيران وسوريا تسلم حكم لبنان وضمه إلى محورهما عن طريق ميليشيا حزب الله فيمكن إيجازها كما يلي:

 

بعد أن أجبر الشعب اللبناني والمجتمع الدولي حكام دمشق على سحب جيشهم من لبنان  سنة 2005 تنفيذاً للقرار الدولي 1559 أوكلت إيران لحزب الله الذي تتولى قيادته مباشرة وعبر سفارتها في بيروت مهمة ضرب النظام اللبناني الحر تدريجياً وعلى مراحل لإفراغ وتعطيل وتهميش مؤسساته مثل مجلس النواب ورئاسة الجمهورية والحكومة والجهاز القضائي وغيرها الكثير، وذلك لاستبدال النظام الديموقراطي الحر التعايشي القائم بآخر شمولي مذهبي قمعي على شاكلة ومثال نظام الملالي في إيران.

 

وضمن أطر المخطط الإيراني – السوري هذا رفض حزب الله بقوة تسليم ترسانة سلاحه الهائلة إلى الدولة اللبنانية التي تفوق بنوعيتها والكميات أضعاف ما لدى الجيش الشرعي وربطها بالقداسة والشرف والعرض وبوجود دولة إسرائيل، كما رفض الحزب التخلي عن دويلته لصالح الدولة اللبنانية المركزية، ومن ثم قام في تموز الماضي بشن حرب على إسرائيل تنفيذاً لأوامر إيرانية سورية وخدمة لمصالحهما دون علم أو موافقة حكومة البلد الشرعية استمرت لمدة 34 يوما وتسببت بما يزيد عن 1500 قتيل وبدمار كبير قدر بإحد عشر بليون دولار وتهجير حوالي مليون لبناني.

 

وفي سياق نفس المخطط الجهنمي وبعد دخول القوات الدولية إلى مناطق الجنوب اللبناني السنة الماضية ومعها الجيش الوطني الشرعي تنفيذاً للقرار الدولي 1701 عقب توقف حرب الحزب مع إسرائيل، ومع حلول أمر إقرار استحقاق المحكمة الدولية المكلفة التحقيق في جريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري وباقي الجرائم الإرهابية التي طاولت العديد من نواب ووزراء وصحافيين وسياسيين معارضين للاحتلال السوري، قام حزب الله بتنفيذ منهجي لمناورات مموهة عدة بهدف السيطرة على الحكومة اللبنانية من الداخل لتعطيل قراراتها وتحديداً كل ما يتعلق بالمحكمة الدولية والقرار الدولي 1701 ومؤتمر باريس.

ولما لم ينجح الحزب سحب الوزراء الشيعة الخمسة من الحكومة ونزل بمؤيديه غوغائياً إلى شوارع العاصمة بيروت من خلال اعتصامات هدامة انطلاقاً من ساحة رياض الصلح وأنزل معه عدداً من الملحقين به من السياسيين والتجمعات والأحزاب الانتهازية والحواشي جلهم من ايتام الاحتلال السوري.

 

ربط الحزب وقف الاعتصامات باستقالة الحكومة أو تعديلها بحيث يضاف إليها عدد من الوزراء التابعين لكتلة النائب المسيحي ميشال عون الذي تحالف مع الحزب بعد أن انقلب على نفسه وتاريخه ناقضاً كل طروحاته وبرامجه الانتخابية والوطنية وحاصراً همه فقط وفقط بأمر وصوله لرئاسة الجمهورية. أراد الحزب من وراء الاعتصامات التي لا تزال مستمرة منذ حوالي الشهرين أن يصبح ثلث الوزراء تحت أمرته ليعطل إقرار أي قانون لا يتوافق مع تعليمات إيران وسوريا ولا يخدم مصالحهما التوسعية والإرهابية والأصولية.

 

بعد مرور ما الشهرين على الاعتصامات الانقلابية فشل حزب الله ومن وراءه ومن معه من ملحقات في تحقيق أي من أهدافه الإيرانية السورية وقد صمدت حكومة الرئيس السنيورة بدعم شعبي كبير ودولي فاعل ولافت ووصلت إلى مؤتمر باريس المخصص لدعم الاقتصاد اللبناني رغم كل العراقيل والدسائس والمؤامرات .

 

هنا جاءت تعليمات طهران ودمشق لحزب الله وملحقاته بإسقاط الحكومة عن طريق التصعيد العنفي واحتلال العاصمة أو محاصرتها وخنقها وشل الحياة فيها وإرهاب الناس وتعطيل مصالحهم والخدمات، وهذا بالضبط ما قام به الحزب يومي الثلاثاء والخميس الماضيين أولاً في الشوارع ومن ثم في الجامعات وتحديداً جامعة بيروت العربية متبعاً التكتيك الإيراني الخميني من قتل أبرياء وقطع طرق وإشعال حرائق وتهديد مواطنين وإقامة سواتر ودشم وعوائق على الشوارع الرئيسية إلى حرب إعلامية نفسية مكشوفة الأساليب والمرامي. وهنا أيضاً فشل المخطط السوري الإٌيراني وأجبر حزب الله وملحقاته وخصوصاً المسيحية منها على تعليق مظاهراتهم الحربية، وكان فشل النائب ميشال عون في مناطقه المسيحية هو الأكثر وضوحاً حيث نبذه ورذله محيطه ورفض السير في أي من خياراته الهدامة مما افقده اتزانه فراح يوزع اتهاماته الهستيرية يميناً وشمالاً التي لم توفر حتى غبطة البطريرك الماروني، مار نصرالله صفير ومجلس المطارنة الموارنة.

 

من المهم جداً أن يدرك المعنيون في لبنان والشرق الأوسط والدول الحرة ومنها بالطبع بلدنا العزيز كندا، وأيضا أن يعلم المغترب اللبناني في أي بلد وجد، أن حزب الله الأصولي هو جيش إيراني سوري في لبنان بامتياز وهو أداة عسكرية طيعة بيد قادة هاتين الدولتين على الساحة اللبنانية وهما من خلاله سيستمران في محاولاتهما العسكرية المنهجية والتدريجية لإسقاط النظام اللبناني واستبداله بنظام يديره ويتحكم به حزب الله يكون صورة طبق الأصل عن نظام الملالي في ايران

أما كل المطالب والحجج الأخرى التي يتلطى الحزب وراءها مثل المشاركة في الوزارة والحقوق والانتخابات والوحدة الوطنية ما هي بالوقع غير دخان فقط لإعماء عيون اللبنانيين والعالم عن حقيقة الأهداف الحقيقة التي في مقدمها تغيير النظام.

 

من هنا فإن مسمى معارضة لا ينطبق لا على حزب الله ولا على أي من ملحقاته الهامشية والمأجورة والزبائنية من الطوائف والشرائح والسياسيين اللبنانيين بتلاوينهم كافة، وذلك طبقاً لكل المعايير الديموقراطية والحضارية والسلمية، بل هي انقلابية طبقاً لمخططاتها وغاياتها ومرجعياتها الخارجية ونهجها وأقوالها والممارسات، فإما هي قوى أصولية انقلابية وعسكرية من مثل حزب الله وتعمل للخارج وتأتمر منه، أو داخلية مصلحية أنانية وزبائنية مغربة عن مجتمعاتها من مثل النائب ميشال عون وبطانته.

 

 من أجل إفشال مخططات القوى الانقلابية والزبائنية هذه، ومن أجل صيانة السلم الأهلي اللبناني والحريات والديموقراطية والتعايش، ومن أجل إقفال لبنان الساحة وتخليصه من براثن محور الشر الإيراني السوري ومغامرات أدواته اللبنانية تطالب المنسقية بما يلي:

 

1-نشر قوات دولية قتالية فاعلة عدداً وتجهيزات على الحدود اللبنانية السورية،على أن تكون مهمتها مغطاة بقرار صادر عن مجلس الأمن تحت البند السابع من شرعة الأمم المتحدة.

 

2- تعديل القرار الدولي رقم 1701 من قبل مجلس الأمن بأسرع وقت ممكن ووضعه تحت البند السابع من شرعة الأمم المتحدة بحيث يصبح بإمكان القوات الدولية وبمساندة الجيش اللبناني تجريد حزب الله وباقي الميليشيات اللبنانية والفلسطينية من السلاح وحصره فقط وفقط بالقوى اللبنانية الشرعية، وإنهاء استقلالية الكونتونات والمربعات الأمنية كافة لمصلحة الدولة اللبنانية المركزية.

 

3- منع كل الأحزاب اللبنانية التي لا تقر وتعترف بالدستور اللبناني وبالهوية اللبنانية التي عنوانها لبنان أولاً وسحب تراخيصها.

 

4-إقرار قانون انتخابي يعطي كل الشرائح التي يتكون منها المجتمع اللبناني المتنوع حقها الكامل باختيار ممثليها في الندوة البرلمانية، والإقرار الكامل بحق اللبنانيين المنتشرين بالمواطنية التي في مقدمها حقّا الترشح والإقتراع

 

5- حل مشكلة أهلنا اللاجئين إلى إسرائيل من خلال قانون عفو يقره مجلس النواب اسوة بغيرهم من المجموعات والأفراد الذين سويت أوضاعهم عن طريق مجلس النواب.

 

6- تنفيذ كل القرارات الدولية الخاصة بلبنان ومنها المتعلق بالمحكمة ذات الطابع الدولي وخاصة 1559و 1701

 

7- التركيز القضائي والعدلي القوي والفاعل على كل ملفات الاغتيال والإرهاب والإجرام التي طاولت اللبنانيين مجموعات وأفراداً ومؤسسات وذلك لكشف المجرمين والمرتكبين تخطيطاً وتنفيذاً وسوقهم للعدالة.

 

8- التعامل اللبناني والإٌقليمي والدولي مع الأفراد والمجموعات التي تمارس أعمال الإرهاب بما تفرضه القوانين والقرارات والشرائع الدولية المرعية الشأن.

 

وأخيراً ففي حين هلل البعض للفتوى التي أصدرها السيد حسن نصر الله يوم الخميس الماضي ملزماً أنصاره من خلالها بمغادرة الشوارع ووقف قتالهم وترك مسؤوليات الأمن في بيروت للجيش اللبناني وحده، فإننا نرى في الفتوى هذه عارضاً مخيفاً لظاهرة خطيرة جداً تبين بوضوح الحالة الثقافية الأصولية والمذهبية المنغلقة والرافضة للأخر التي نجح حزب الله في نشرها ضمن مجتمعه داخل المربعات الأمنية حيث أقام دويلته، وذلك من خلال المؤسسات التعليمية والدينية والاجتماعية التي يسيطر عليها بالكامل هيكلية وإدارة ومناهج بدعم مالي كبير من قبل إيران حيث تربّت فيها أجيال بكاملها على مفهوم ولاية الفقيه. إن إصدار الفتوى يجب أن يكون إنذاراً برسم كل اللبنانيين ليعملوا معاً بجدية على وقف نشر ثقافة الموت والانعزال والأصولية لمصلحة ثقافة الحياة والانفتاح وقبول الآخر.

 

 كندا في 30 كانون الثاني 2007