جنرال "النصاص" في الرياض، مَنْ يُمثِلْ!!

بقلم/الياس بجاني

 

في لبنان اليوم فريقان سياسيان متصارعان ومختلفان بكل شيء وعلى كل شيء، الفريق الأول هو تجمع الرابع عشر من أذار المُكوَّن من مختلف الشرائح اللبنانية المذهبية والسياسية والمناطقية. شعاره لبنان أولاً ويعمل بجهد لإعادة الوطن الجريح إلى حالة الاستقلال والأمن والسيادة التي كان صادرها وانتهكها المحتل السوري البعثي طوال ثلاثين سنة عجاف بالقوة العسكرية. بحوزة هذا الفريق الأكثري نيابياً إمكانيات محدودة جداً، وهو يواجه واقع حكم مفكك، وتعرقل تحركاته أوضاع ميدانية غريبة وشاذة في مقدمها هرطقة دويلة حزب الله وسلاح مليشيات سوريا اللبنانية والفلسطينية.  يحظى بتأييد غالبية اللبنانيين في الوطن الأم كما في بلاد الانتشار ويتمتع بدعم عربي وأوروبي وأميركي علني وقوي.

 

ارتكب الفريق هذا أخطاءً وخطايا كثيرة أوصلت الوضع العام إلى حالته المأساوية الراهنة، بدءاً بعدم اطاحة لحود في الوقت المناسب والتحالف مع حزب الله وحركة أمل في الانتخابات النيابية الأخيرة على أساس قانون غازي كنعان، ومروراً بإعادة انتخاب بري رئيساً لمجلس النواب، ومن ثم إشراك حزب الله في الوزارة وتشريع سلاحه في بيانها، وانتهاءً بعدم القبول بتمرير القرار الدولي 1701 تحت البند السابع. إلا هذا الفريق ورغم كل شوائبه والنواقص هو المدافع بشراسة وقوة عن الوطن واستقلاله في وجه ربع التيمورلنكيين والفرس واليوضاصيين والانتهازيين والمرتزقة.

 

أما الفريق الثاني فهو المعارضة الانقلابية التي لا علاقة لها بلبنان الهوية والسيادة والكيان والمؤسسات والقانون. قرار هذه المعارضة الهدامة مركزه في إيران وسوريا، كما حال تمويلها وسلاحها وأصوليتها ومشاريعها. أما رأس حربتها وعمودها الفقري فهو حزب ولاية الفقيه في لبنان، حزب الله، وهي وتضم في صفوفها حركة أمل وخلطة عجيبة غريبة وهجينة من أصوليين وحيتان مال وتوابع وملحقين وأيتام بعث. هؤلاء جمعتهم سوريا وإيران وأوكلتا لهم ضرب ثورة الأرز، وإفقار الشعب، وتفريغ وتعطيل المؤسسات الدستورية، وتهجير الناس، وتغليب دولة حزب الله على الدولة اللبنانية، والعمل على عودة الجيش السوري ومعه الاحتلال من جديد بعد إظهار اللبنانيين بالعاجزين عن حكم أنفسهم وتدبير أمورهم.

 

من هنا فإن ذهاب لبنان إلى قمة الرياض بوفدين هو تجسيد لواقع مرير وبغيض قائم ميدانياً وعملانياً وسلطات ومراكز قوى ومربعات أمنية، إلا أن السؤال هو، مَنْ يمثل مَنْ؟ ومن هو الشرعي ومن هو فاقد الشرعية؟ الوفدان هما واحد يرأسه رئيس الوزراء فؤاد السنيوة الذي يمثل الأكثرية ومعها الشرعية، وآخر برئاسة رئيس الجمهورية الممدة ولايته بعثياً ضد إرادة الشعب اللبناني الذي عمل ولا يزال منذ سنة 1990 مساعدا مطيعاً وطيعاً لحكام دمشق الأسديين.

 

بالتأكيد إن الرئيس السنيورة، ورغم كل "علاته" من تردد وتدوير زوايا وحذر ودموع وأخطاء وخطايا هو الشرعي دون منازع، وهو الذي يمثل ثورة الأرز ونضال اللبنانيين الأحرار من الشرائح كافة. إن حكومته هي حكومة لبنان الدولة والناس، ومجرد دعوتها رسمياً إلى قمة الرياض هو دليل قاطع على أن المجتمعين العربي والدولي، والقمة العربية والمملكة العربية السعودية تعتبرها شرعية، ونقطة على السطر.

 

أما الجنرال اللحودي صاحب النصاص الثلاثة (كما سماه المرحوم العميد ريمون اده: نص كم، نص عقل، نص لسان) الشارد صوب القرداحه وقصر المهاجرين الشامي، والمتيم بدويلة الضاحية الجنوبية ومعسكر خيم ساحة رياض الصلح، والمتخصص بالسباحة والمقاومة والعروبة ووحدة المسار والمصير، فهو دون أدنى شك يمثل سوريا البعث وإيران الملالي، وطبعا يحمل كل أماني وتطلعات توابعهم وملحقاتهم عندنا، والأهم أنه يُمثل جنرال الرابية التيمورلنكي المصاب بعمى بصر وبصيرة وطني وأخلاقي، وبلوثة كرسي بعبدا الرئاسي ولو على جثث كل اللبنانيين وعلى أنقاض كل لبنان. فانعم وأكرم بهكذا تمثيل وبهكذا ممثلين!!

 

إن التاريخ بالتأكيد سيحاسب، ولكن من يستحق فعلاً المحاسبة، أما مَنْ هم من طينة الجنرال اللحودي قولاً وممارسات، وضميراً وحياءً ووجدان، فهؤلاء سيعفون كلياً من حساب وسجلات التاريخ، لأن حسابهم والعقاب ينالونهما وهم أحياء من خلال كره الناس لهم واحتقارهم والسخرية من كل فحيحهم ونعيقهم وكفرهم والهرطقات.

 

في قمة الرياض سيكون التمثيل السوري مزدوجاً، واحداً من قبل الوفد السوري الذي سيرأسه الرئيس الأسد أو من ينوب عنه، وأخراً إضافياً بواسطة اللحود ووفده. كما أن لحود والحق يقال، سيكون وبامتياز ممثلاً لدويلة حزب الله. فهنيئاً لسوريا ولدويلة حزب الله تمثيلهما اللحودي هذا.

 

نختم مع دعاء غبطة البطريرك صفير الذي ورد في العظة التي ألقاها الأحد الماضي: "لذلك إننا ندعوكم إلى مضاعفة الصلوات والاماتات والتضحيات، سائلين الله أن يلقي في قلوب اللبنانيين مشاعر المحبة تجاه بعضهم البعض، ليتعاونوا في سبيل إنهاض بلدهم مما يتخبط فيه من مشكلات، واستعادة أبناء لبنان الشعور بما لهم من كرامة، والعمل معا بوحي هذه الكرامة الوطنية. ولعلكم، أنتم الذين تعملون في الصمت والخفاء، أمام الله وضميركم، في استطاعتكم أن تفعلوا أكثر من سواكم، لمجانبة الخصام، ووأد الفتنة، وتوطيد الألفة، ونشر المحبة في النفوس".

 

كندا في 27 أذار

عنوان الكاتب الألكتروني

Phoenicia@hotmail.com