جنرال الرابية: ازدواجية فاقعة في الشخصية والمواقف والممارسات، أين منها ازدواجية دكتور جايكل ومستر هايد!!

الحلقة السادسة من مسلسل جنرالكم في الرابية، جنرالنا ما زال في باريس

بقلم/الياس بجاني

 

الوزير طراد حماده المحسوب على حزب الله: "انه إذا لم يتم تعديل الحكومة أو الحصول على الثلث المعطل فقد نطالب برئاسة الجمهورية"

 

توقع الكثيرين من أبناء مجتمعاتنا اللبنانية المسيحية عموماً والموارنة تحديداً أن يصدر رد صارم وفوري عن جنرال الرابية يتناول كلام وزير حزب الله في حكومة السنيورة المستقيل، طراد حماده الذي طاول (قبل اغتيال الشهيد بيار الجميل بثلاثة ايام) دون خجل أو وجل حق الموارنة في الحكم بقوله: "انه إذا لم يتم تعديل الحكومة أو الحصول على الثلث المعطل فقد نطالب برئاسة الجمهورية".

 

لقد قام هذا الوزير "الإلهي النهج" المتفاهم حزبه ورقياً مع الجنرال الفاهم ربانياً، وبأسلوب جارح وتهديدي مد يده إلى خُرج حق الموارنة في الحكم وكأن حقهم مشاع سائب وليس له أصحاب. وإن كان قد أصاب هذا الكلام غير المسبوق بسهامه السامة والمسممة أحد، فهو جنرال الرابية الجامح في هجماته والتصريحات، والجانح في مساراته عن ثوابت وقواعد وتاريخ وقدرات. فقد رمى حمادة على ورقة الجنرال إياها الكثير من الخفة والإستلشاق والتعالي، إن لم نقل السخرية. كيف لا، والمصاب الصامت هو الجنرال المبشر ليلاً نهاراً بحماية حزب الله لحقوق المسيحيين وتحديداً لموقعهم في الرئاسة الأولى إحتراماً وصلاحيات في وجه الأعداء على ما يشيّع ويسّوق ناقلي توجيهات "الموعود" بالكرسي، وربما الأصح الواعد نفسه!!.

 

لماذا توقعنا الرد فقط من جنرال الرابية وليس من غيره من القيادات المسيحية؟ فلسبب بسيط وبديهي جداً، وهو أن مجتمعاتنا المسيحية أعطته توكيلاً انتخابياً قاربت نسبه ال 80%. وبما أنه نكث بكل وعوده الانتخابية والتحريرية والتحررية على حد سواء، وخصوصاً بما يخص سلاح حزب الله وحصرية سلطة الدولة والسيادة ومصير أهلنا اللاجئين إلى إسرائيل، وأبطالنا المعتقلين في السجون السورية وغيرها من العهود الكثيرة، وبما أنه بلع لسانه ولم يتصدى للوزير حمادة، بل راح يبشر بالعصيان ويتندر بقلب الجاكيتات والمفاجآت السارة للذين "بلا دماغ"  فهذا إثبات جديد يبين بما لا يقبل الشك أن جنرالنا الحقيقي لا يزال في باريس، وأن الوكالة المسيحية قد سُحبت من جنرال الرابية وقد جاءت نتائج الانتخابات الطلابية في جامعة الأنطونية تحديداً نذيراً وإنذاراً ولطمة موجهة على "الدماغ"، فهل يحزم جنرال الرابية هذا حقائبه ويعود إلى باريس فاسحاً في المجال لعودة جنرال باريس إلى لبنان؟

 

طبقاً لمعايير الديموقراطية والحريات في البلدان التي تحرم مواطنيها وللإنسان فيها قيمة وحقوق من مثل كندا وأميركا والدول الأوروبية فإن الأحزاب السياسية تتنافس على الحكم من خلال برامج متكاملة تغطي كافة أوجه الحياة من اقتصاد وضرائب وخدمات من اجتماعية وصحية وعلاجية وثقافة وأمن ودفاع وعلاقات خارجية وغيرها. ويوم يصل أي حزب إلى الحكم يتوقع من منحوه أصواتهم والثقة أن ينفذ ما إلتزم به على كافة الصعد وطبقاً للبرنامج الذي انتخب على أساسه.

 

إما في حال أخل ولم يتمكن من الإلتزام بوعوده والبرنامج فعليه عندئذ إما أن يستقيل ويعلن فشله، أو أن يعطي المواطنين من الأسباب والمبررات ما يقنعهم ويبرر فشله. ولكن في الغالب، وفي معظم البلدان الديموقراطية تتم دعوة المواطنين إلى صناديق الاقتراع مجدداً ليقرروا بحريةً لمن يمنحون ثقتهم وهكذا دواليك. وانطلاقاً من نفس المبادئ هذه، وبنفس الطرق والوسائل الديموقراطية الحرة إياها تنتخب الأحزاب قياداتها والقيمين عليها عملاً بأنظمتها الداخلية والقوانين، وأيضاً طبقاً لبرامج مكتوبة وموثقة، وعلى أساسها أيضاً تتم المحاسبة والمساءلة.

 

من هنا فأنه لا يحق للسياسي أو النائب أو المسؤول الحزبي الذي منحه المواطن ثقته وصوته طبقاً لبرنامج وطروحات أن يتصرف خارج هذه الأطر، وإلا يكون قد فسخ العقد المبرم بينه وبين من انتخبه. في هذا السياق فإن جنرال الرابية نقض ودون أن يرمش له جفن كل ما بشر به جنرال باريس طوال 18 سنة. فهو وبعد تحرير لبنان وإقامته في فيلا الرابية لم يلتزم بوعود ولم يقم أي وزن لعهود، ولا حتى تقيد ببرنامجه الانتخابي النيابي. لقد ضرب عرض الحائط بمعظم الثوابت الوطنية التي حمل لوائها جنرال باريس منذ عام 1988 وعلى مذبحها ولأجلها قدم الآلاف من اللبنانيين أرواحهم قرابين. أما المحزن فهو الحجة المعلنة لهذا الانقلاب: "أه شو منعمل لما رجعنا شفنا الكل مأييد الطائف فأيدناه، وشفنا الكل بيقول حزب الله مقاومه فمشينا معون".

 

هذا وقد وصلت به الغربة القاتلة عن ذاته وناسه والوجدان إلى حد نكران وجود معتقلين لحزب التيار الوطني الحر في السجون السورية ومن على إحدى شاشات التلفزة اللبنانية. (إضغط هنا لمشاهدة وسماع الجنرال نفسه يدلي بشهادة النكران هذه). يا إلهي كيف يمكن لجنرال الرابية أن يغض الطرف عن قول جنرال باريس في العشرات من المناسبات والوثائق وكما أوردنا في الحلقة السابقة: "ما من تاريخ محدد لنشأة التيار الوطني الحر. غير أنه يمكن العودة الى مرحلة تولي العماد ميشال عون رئاسة الحكومة الانتقالية ما بين عامي 1988 و1990 وما رافق هذه المرحلة من أحداث وما شهدته من خيارات وطنية وسياسية للإشارة بأن ولادة التيار كحركة سياسية قد تمت وسط حالة من الإجماع الشعبي على مقاومة العدوان العسكري والتحرير والعودة لحكم القانون وبناء الدولة".

يا إلهي كيف طاوعه ضميره أقله على نكران انتماء الجنود المعتقلين إلى هذه الحركة؟ ترى ماذا قال للسيدة صونيا ناصيف التي ما برحت تنتظر منذ سنة 1990 عودة ولدها الجندي من الاعتقال السوري؟ وتطول قائمة النكران والتنكر كما الجحود هنا وهناك وما بينهما من تحالفات هجينة وزلات لسان تستدعي دائماً توضيح بعد كما تصريح!!.

 

وفي هذا السياق الجحودي الرافس والدافش للوفاء لا يمكن لأي عاقل إلا وأن يستذكر بأسي ما طاول الأستاذ غبريال المر من جحود جنرال الرابية. هذا النائب السيادي والذي بسبب تحالفه مع جنرال باريس والأحرار من أهلنا سُرقت منه نيابته، وتم السطو على أمواله، ومورست ضده وبوقاحة وعنف كل أنواع الاضطهاد، والمضايقات. أُقفلت محطته التلفزيونية ال أم تي في، وشردت بنتيجة هذا الإقفال مئات العائلات التي كانت تعمل فيها. من منا يقدر أن ينسى كيف كان شباب التيار يفاخرون بشارة أم تي في MTV ويضعونها على صدورهم وسياراتهم وفي منازلهم.

 

كيف كافأ جنرال الرابية هذا الإنسان؟ تعامل معه بتنكر وجحود ولم يتعاون معه في الانتخابات النيابية الأخيرة مفضلاً عليه أخيه ميشال المر والمحامي غسان مخيبر، علماً أن الأول هو من عمل على إقفال محطة MTV، وكنا نحن وجنرال باريس ومعنا ناشطي التيار وفي العشرات بل المئات من المقالات والمقابلات قلنا بالرجل اخلاقاً وممارسات المعلقات الطوال،  علماً أن الثاني لم يكن في يوم من الأيام حتى من أنصار التيار، وقد عيرّه جنرال باريس ومؤيديه ونحن منهم كثيراً لقبوله النيابة بدلاً من غبريال المر وهو الذي لم يحصل إلا على نسبة 3% من الأصوات في الانتخابات الفرعية المتنية المعروفة إياها، التي وقف فيها السياديون وقفة الأبطال، وكان غبريال المر أكثرهم بطولةً وعطاءً، بل رمزاً وأيقونة لها.

 

ترى ما هي مشاعر غبريال المر اليوم وهو يرى كل يوم اثنين ميشال المر وغسان مخيبر إلى جانب الجنرال في الرابية خلال اجتماعات كتلتهم النيابية الأسبوعية؟؟

تطرقي اليوم إلى عطاءات وتضحيات غبريال المر يعود إلى أن موضوع حلقتنا السادسة الذي هو مضمون مقابلة تاريخية مع دولة الرئيس العماد ميشال عون (جنرال باريس) كان أجراها معه الإعلامي ايلي ناكوزي من باريس بتاريخ 9/4/2002 عبر برنامج "سجل موقف"- من تلفزيون ال أم تي في. أطلب من القارئ وبموضوعية أن يراجع ما جاء على لسان العماد (جنرال باريس) في تلك المقابلة، حول شبعا، حزب الله ودوره، سوريا، العمليات الاستشهادية، حضارة القتل والانتحار، التفجير والتفخيخ، تحرير القوة التدميرية الإسرائيلية، الفتاوى وغيرها الكثير. (ضغط هنا لقراءة المقابلة بالكامل أربعون صفحة فولسكوب)

 

لقد اتهم جنرال الرابية حكومة السنيورة مؤخراً بالكذب على حزب الله فيما يتعلق بسلاحه وأيضاً الكذب على دول الغرب لجهة تعهدها لهم سحب هذا السلاح. ترى أليس هذا الإتهام هو عملية إسقاط PROJECTION  بامتياز؟ "منشيل الفينا ونحطوا بغيرنا". ما يلفتنا هنا أن جنرال الرابية لم يلتزم ولا بوعد واحد من وعود جنرال باريس ولا بثوابته وتحدياً بكل ما يتعلق بسلاح حزب الله، وسوريا، واللاجئين إلى إسرائيل، وشبعا، واللاجئين إلى إسرائيل، وتحرير الجنوب، الطائف، القرارات الدولية، ومفهوم السيادة والاستقلال والهوية. المطلوب من مؤيدي جنرال الرابية وخصوصاً الشباب والمثقفين أن يخرجوا أنفسهم من مفهوم "هو بيعرف شو عم يعمل، مش معقولي إلا يكون عندو أسبابه". لا يا سادة من حقكم أن تعرفوا وعندها إما تقبلوا أو ترفضوا. لا يجوز أن يكون هو وحده العارف والمقرر والمنفذ دون الرجوع إلى القاعدة.

 

يبقى أنه قد يضطر السيادي أو القائد أن يغيّر أو يبدل بعضاً من طروحاته، كما وسائل تحقيق أهدافه المعلنة والتي على أساسها منحه الناس ثقتهم، ولكن دون المساس بالثوابت والعهود والوعود. أما أن يفعل كما هو حال جنرال الرابية وينقلب 100% على كل الثوابت ودون شرح المبررات للناس والتلطي وراء سياسة التخويف والترهيب من شر شريحة من اللبنانيين وتصوير نفسه على أنه النبي المخلص والمنجي، فهذا أمر غير اعتيادي إن لم نقل هو الشواذ بعينه، والخداع والاستهتار بكرامات وذكاء الناس بأبهى صوره وأكثرها ازدواجية وجحود.

 

ولا أشك أبداً أن ذكاء القارئ سوف يجعله يقارن أقوال جنرال باريس بما ينطبق منها على ميزان القوى، الحوار مع حزب الله، تهديد حزب الله بالحرب الأهلية وإسقاط الحكومة، الحرب المدمرة التي أشعلها في تموز حزب الله، ورقة التفاهم بين جنرال الرابية وحزب الله،، ربط الجنرال هذا مصير سلاح حزب الله بالدولة القوية والعادلة والمقاومة والسلاح الفلسطيني، تحرير الجنوب، كذبة شبعا، التناغم الكلي مع لحود وسوريا وجماعة البعث الشامي في لبنان كافة بقنديلهم والوهاب، وواكيمهم والحص والخطيب ومراد وباقي الربع. أطلب من القارئ الكريم وتحديدا الذي لا يزال يؤيد جنرال الرابية دون سؤال أن يستذكر مواقف هذا الجنرال المناقضة كلياً لكل كلمة نطق بها جنرال باريس قلباً وقالباً وصدق، ومن ثم يجري عملية محاسبة ومراجعة ضميرية ووجدانية.

 

في أسفل 47 قول حرفي لدولة الرئيس العماد ميشال عون- جنرال باريس، وهي منتقاة من حديثه لتلفزيون MTV الذي أُجري معه بتاريخ 9/4/2002 ، واللافت هنا أن جنرال الرابية نكث بها جميعا ولم يلتزم ولا حتى بواحدة منها. أما الأمر الذي لا يمكن التستر عليه فهو هذا البروز الناطح بقرون الجحود والتلون الحربائي المتمثل بإعراض إزدواجية الشخصية والأقوال والأفعال والتحالفات بين حال المقيم في الرابية وذاك الذي لا يزال في باريس، وهي أعراض فاقعة بوقاحتها وتكاد تطابق كلياً شخصيتي دكتور جايكل ومستر هايد، ( Dr. Jekyll & Mr. Hyde) وربي منك الغفران!!!

 

رداً على سؤال له علاقة بالقضية الفلسطينية

1-عون: "بالمطلق نحن مع الشعب الفلسطيني بالهوية وبالوطن، ولكننا في نفس الوقت لا نريد أن نملي عليه ما يقبل به وما يرفضه، نحن ندعم حقوقه بالمطلق ولكن ليس لدينا سياسة مزايدة على الفلسطيني كي نحرجه في التفاوض، فمن يقبل بالتفاوض للوصول إلى حلّ يجب أن يكون مهيّأً لحدّ أدنى من القبول بالمصالح الحيوية ولحد أقصى من المطالب، وأثناء التفاوض لن يستطيع الوصول إلى الحد الأقصى في المطالب، ولا النزول دون الحد الأدنى في القبول، ولكن منذ بدء المفاوضات حتى اليوم يصدف أنه كلما اقتربت المشكلة الفلسطينية إلى حل معين نشعر بأنه يتم الضغط على الفلسطينيين من قبل فئة مزايدة من الخارج بهدف إحراج و"زرك" رئيس السلطة الفلسطينية كي يرفض هذا الحل، فيضعونه في موقف الضعيف، وأحياناً في موقع التخوين، إذا قبل بالحلول المطروحة".

 

ناكوزي: من برأيك يضغط ؟

2-عون: "هناك فئة رفضية، الظاهر منها اليوم اثنان سوريا وحزب الله، وهما الفئتان اللتان تضغطان على الشعب الفلسطيني وعلى كافة المقاومة الفلسطينية كي يوجهوها في اتجاه معين، وهنا أقول أنه من الخطأ خلق أجواء ال67 حالياً لأن الفتى الفلسطيني الذي حمل غصن الزيتون بيد والحجر بيد أخرى أكسب القضية الفلسطينية عطف العالم ودعمه، ولكن عندما بدأت السيارة المفخخة خسر هذا العطف وحرّر القوة التدميرية لإسرائيل، وهذا أمر خطير".

 

ناكوزي: تقصد العمليات الاستشهادية ؟

3-عون: "هي عمليات انتحارية وليست استشهادية، ولا يوجد أي ديانة سماوية تدعو لذلك، هذه حضارة القتل والانتحار ولا يجوز إعطاء أي إنسان مهمة تكون نتيجتها الموت المؤكّد".

 

4- ناكوزي: حتى ولو تبرّع هو لذلك ؟

عون: "إن ذلك الفتى الفلسطيني حامل الحجر، أكسب قضيته تأييداً دولياً، ولكن التفجير والتفخيخ حرّر القوة التدميرية لإسرائيل وحلّل استعمالها".

"هناك خطاب رفضي للوجود الإسرائيلي، حتى الإنساني منه، هناك مثلاً خطاب حزب الله الذي يعتبر أن المجتمع الإسرائيلي بكامله محلّل قتله، وخطاب سيادة الرئيس بشّار الأسد المطابق تماماً لخطاب حزب الله، حيث يقول بأن لا وجود لمجتمع مدني إسرائيلي، وبأن قتل الإسرائيليين حلال، هذا كلام مرفوض ونحن نرفض هذا الخطاب كما نرفض سياسة الإبادة"

"وبالمناسبة أذكر هنا أن النظام السوري قال أنه جاء إلى لبنان ليخلّص المسيحيين من الإبادة، وهنا أريد أن أسأله من كان يريد إبادتنا غيرهم، ومن أرسل القوى التي كانت تقوم بأعمال الإبادة ؟أن تطلب القضاء على شعب بكامله هو ضد التوجه الإنساني وضد التوجه الحضاري، وهذا أمر لا يجوز ولا نؤيده، وخاصة الأعمال الإرهابية التي سبق وعانينا منها الكثير، نحن بلد ال 258 سيارة مفخّخة خلال الأحداث، واللبنانيون يتذكرون جيداً السيارات التي كانت تنفجر في كل المناطق، نحن ضد هذا الفكر، فكر إبادة المجتمع لأنه لا يميّز".

 

ناكوزي: ولكن إسرائيل تستعمل سياسة الإبادة تجاه الفلسطينيين فكيف يمكن مواجهتها؟

5- عون: "هذه الحرب الحالية هي انقطاع عن الحضارة، كل الأطراف تقتل كل الأطراف، إسرائيل هي قوة تدميرية كبيرة وقوة عسكرية كبيرة، وباستعمالنا هذا السلاح (سلاح التفخيخ) نحرّر قوتها التدميرية هذه ونحلّل استعمالها".

 

ناكوزي: أنت متفائل إذاً بانتصار الشعب الفلسطيني ؟

6- عون: "أكيد ولكن ليس بالشكل الذي يريده البعض، ليس بإبادة إسرائيل كما يقول حزب الله وبشار الأسد لأن هذه السياسة مرفوضة عالميّاً. بالطبع سيتوصلون إلى نوع من التسوية، ولكن ليست هذه السياسة هي ما سيوصل إلى التسوية، وكان بالإمكان اختصار أمور كثيرة. أنا أدعم حق الشعب الفلسطيني بالمطلق ولكن لا أدعم أموراً تتنافى مع معتقدي، خاصة وأنني رمز لحركة استقلالية لبنانية تؤمن باللاعنف، ومعي شباب بنفس حماس الشباب الفلسطيني ويحبون استعمال العنف ويحاولون دائما إقناعي باجتياح مركز سوري، ودائما تكون إجابتي "لا" لأنني لا أريد أن أحرّر القوة السورية الموجودة على الأرض من الضوابط حتى تضرب هؤلاء الشباب، ولا أن أحرر القوة اللبنانية التي هي أداة بيد السلطة كي تضرب الشباب اللبناني، هذا نوع من الحكمة والتجربة".

 

7- ناكوزي: أليست العمليات الانتحارية شكلا من أشكال المقاومة ؟

عون: (مقتطفات من الجواب) *"هذه فتوى من الفتاوى، وهناك فتاوى أخرى لا تجيزها، مثلاً هناك فتاوى من الأزهر لا تسمي هذه العمليات استشهادية بل انتحارية ولا تجيزها، ولقد قرأت الكثير من المقالات لعلماء مسلمين لا يقرون بهذا النوع من العمليات، هناك وجهات نظر مختلفة وأنا من ناحية المبدأ لا اقرّها ولن أفعل، أنا لم أجزها لنفسي فلا أستطيع أن أجيزها لغيري. مهما كانت دوافعه قد حرّر القوة التدميرية لإسرائيل".

*"أعتبر هذه العمليات خطأ لأنها سمحت كما ذكرت بتحرير القوة التدميرية لإسرائيل وحلّلت استعمالها".

*"أقول أن التصعيد العسكري لا يجدي وخاصة في ميزان قوى خاضع بدرجة كبيرة للضوابط العالمية وليس لقوة ذاتية عربية تتوازن مع إسرائيل".

 

8- ناكوزي: هل تعتقد أن العرب غير قادرين اليوم على إقامة حرب؟

عون(مقتطفات من الجواب) "أعتقد بعد كل ذلك أن العرب أصبحوا يملكون التجربة، وقد لاحظت أن من لديهم التجربة يتصرّفون بحكمة في هذه المرحلة، أما الذين لا يملكون التجربة وهم في معظمهم شباب، هم المتحمسون للحرب، كحزب الله وسيادة الرئيس بشار الأسد".

 

9- ناكوزي: لمصلحة من هذا الوضع؟

عون"في النهاية سنعرف لمصلحة من، فأنا ليست لدي المعطيات التي جعلت الفلسطينيين يقومون بما يقومون به، ما قلته هو رأي وليس مسؤولية، وأكرر أنني مع حق الشعب الفلسطيني، مع حقه بالهوية وبالوطن، ولدي محاضرات عديدة في هذا الشأن، ولكني لا أتدخّل بما يقبل به الشعب الفلسطيني لأن هذا حقه وهو من يقرر، بينما في المقابل لا أقبل أن يُزجّ بالفلسطيني ويُدفع من الخارج بتحريض على الرفض، خاصة من قوى سياسية تدّعي أنها مع الفلسطينيين ولا تحرك ساكناً على الجبهات، وأقصد سوريا بالذات، وهي حاليّاً أكبر دولة رافضة، وهي لا تحرّك جبهة الجولان ولا أي شيء عندها، باستثناء تحريكها لحزب الله في لبنان ليقوم ببعض التحرشات، وتدّعي أنها تدعم الفلسطينيين، هي تدعم الرفض ولكنها لا تدعم القتال، أو على الأصح تدعم القتال بالآخرين وهذا أمر غير مقبول منا حالياً. هذا الموقف المتطرف من قبل السوريين وحزب الله له تفسير من اثنين، هو إما موقف طائش سياسياً وغير ناضج، وإما موقف تواطئي مع إسرائيل كي يحرّر لها قوتها التدميرية، موقف تواطئي ويتغطى بأسلوب رفضي كي يبعد الشبهات عنه".

 

10- ناكوزي: هل تعتقد أن المقاومة لتحرير الأرض والرفض هما عمل طائش؟

عون: "بمجرد الذهاب إلى مفاوضات السلام فهذا يعني اعتراف بالآخر، ولا يمكنك في نهاية عملية السلام، وبسبب عدم الاتفاق مع الآخر على بعض النقاط، أن ترفض من جديد وجود الآخر وتضع هذا الوجود موضع الشك، لا يمكن أن تقول خطاباً تريد به إلغاء إسرائيل. لا أتحدث الآن بهدف اكتساب الأصوات والمؤيدين، وقد لا يعجب حديثي الكثيرين ولكنهم سيتذكرونه بعد فترة".

 

11- ناكوزي: برأيك إذن لا يوجد واقعية في حلم إلغاء إسرائيل أو إزالتها من الوجود؟

عون: "على الأقل ليس في المدى المنظور، ومسار السلام مشى على طرقات خاطئة منذ البدء، اتّبع طريق المناورات التي أساءت إلى لبنان وإلى العرب وإلى الفلسطينيين، هذا بالإضافة إلى فقدان "إنسان السلام"، ففي المحيط الذي يحاولون بناء السلام فيه لا توجد تربية لإنسان السلام، ولا يوجد أنظمة سلام، فالأنظمة الدكتاتورية لا يمكنها أن تصنع السلام، السلام يحتاج إلى أنظمة ديمقراطية، يحتاج إلى استفتاء الشعوب عليه كي يكون له مرتكز شعبي، يجب أن يرتكز السلام على أرضية صالحة، فمن يضمن قبول الشعب في منطقة معينة بالسلام، ومن يضمن أن الموقف لا يتغير مع تغير النظام طالما أنه لا يوجد استفتاء ولا يوجد رأي للشعب؟".

 

12- ناكوزي: كيف تتوقّع أن تنتهي هذه الأزمة ؟ ولماذا أنت متفائل بأن الفلسطينيين سيكون لهم وطن؟

عون: هن"اك قرارات دولية ستنفّذ، ولكنها ستنفّذ ضمن شروط، وأول شروط التسوية هي إيقاف العنف المتبادل، نسمع كثيراً بعض العرب ينصحون إسرائيل بأن القضية الفلسطينية لا تحلّ بالعنف، وهذه النصيحة أيضا تجوز للطرف الآخر، فالفلسطينيين يجب أن يعرفوا أن قضيتهم لا تحل بالعنف، ولديهم 54 سنة تجربة عنف وحروب متبادلة".

 

13- ناكوزي: ولكن لبنان استطاع بمقاومته أن يحرّر أرضه وأعطى النموذج للفلسطينيين

عون: "في لبنان كان هناك قرار دولي، والمقاومة أطالت أمد الاحتلال، كان هناك عرض مقدّم من الحكومة الإسرائيلية عام 1994 فهل تخبرنا الحكومة اللبنانية لماذا انسحبت يومها من المفاوضات عندما قُدّم العرض الإسرائيلي للانسحاب؟ انسحب لبنان من المفاوضات لأنه ربط نفسه بالقافلة السورية وأذاب شخصيته السياسية والدبلوماسية، ونص هذا العرض لا يزال موجوداً واسألوا سفير لبنان في واشنطن آنذاك السيد سيمون كرم فهو يعرف الكثير".

 

14- ناكوزي: هذا هو رأي سعادة السفير سيمون كرم أيضاً

عون: "هناك مذكرة قدّمت للوفد اللبناني وللحكومة اللبنانية ونشرتها صحيفة السفير وحُوّلت بسببها إلى المحكمة لأن المذكّرة اعتُبرت سريّة، مذكرة جاءت من إسرائيل إلى الحكومة اللبنانية واعتبروها سرّية! سرّية على من؟ السرّية تكون على العدو وهي جاءت من "العدو"، كما يقولون، فلماذا اعتبروها سرّية؟ هل خافوا أن يطّلع عليها الشعب اللبناني؟ ولماذا اعتُبر نشرها في ذلك الوقت مخالفة قانونية وحوّلوا الصحيفة إلى المحاكمة؟ ببساطة لأنهم لا يريدون أن يُحرَجوا أمام الشعب اللبناني".

 

15- ناكوزي: أليس هناك فضل للمقاومة في تحرير لبنان ؟ وكيف تعتقد أنهم أطالوا أمد الاحتلال؟

عون: "كان هناك حل مطروح، فليشرحوا لنا لماذا لم يقبلوه أو لماذا لم يطلبوا تعديلات؟ لماذا لم يبلغوا واشنطن بأنهم يريدون تعديل بعض ما جاء فيه وينتظرون لمعرفة ماذا ستفعل؟ رفضوه بالمطلق وقالوا أن إسرائيل تريد المياه والأرض في لبنان، وأعلنت إسرائيل العكس فقالوا لها "لا، أنت تريدين المياه والأرض"، أنا أتحدث الآن أمام الشعب اللبناني وأنا مسؤول عن كلامي".

 

16- ناكوزي: في الماضي كنت تحيّي المقاومة؟

عون: "لا أزال أحيي المقاتل، ولكن من أخذ القرارات لديه خلفية معينة لا بد من أن يُسأل عنها، المقاتل حمل البندقية عن قناعة وهذه القناعة قد تكون تكوّنت لأن المعطيات خاطئة، أحيي المقاتل وليس القرار السياسي، فعلى الأقل كان يجب استنفاذ المسعى السياسي قبل الوصول إلى هذه المرحلة”. 

 

17- عون: "ما دفعني لعدم الموافقة على اتفاق الطائف لأنه يرهن لبنان إلى أبد الآبدين ولا يزال مرهوناً". 

 

ناكوزي: يطالب الكثيرون اليوم بفتح الجبهة اللبنانية لمساعدة الفلسطينيين على المقاومة وعلى الاحتمال، فهل يمكن أن يحدث ذلك وما هي النتائج ؟

18- عون: "جبهة لبنان لم تغلق أصلاً، فلبنان كلّه مفتوح، أين هي الحدود المغلقة؟ لا مع سوريا هي مغلقة ولا مع إسرائيل، والدولة غير موجودة على الحدود، هي مفتوحة وكل ليلة تحصل مناوشات، أنا مع إغلاق الحدود، ليس للهروب من المسؤولية، ولكن ماذا يحصل اليوم؟ الجميع يتبرأ من المسؤولية عن الصواريخ التي تطلق، وآخر نكتة أنهم قالوا أن هذا عمل فردي، فضرب صواريخ الغراد أصبح في لبنان وعلى لسان الحكومة اللبنانية عملاً فردياً، وكأن راجمة الصواريخ هي سلاح فردي، وصاروخ الغراد هو خرطوشة كلاشينكوف، فليخجلوا أمام الرأي العام العالمي، بإمكانهم أن يفرضوا اليوم هذا القول على اللبنانيين ويقولون لهم أن واحد زائد واحد يساوي ثلاثة ورغماً عنكم، واللبنانيون قد يقبلون بذلك لأنهم شعب فُرض عليه الفكر الأيديولوجي والفكر الواحد، ولكنهم لن يستطيعوا فرضه على العالم فمن سيصدّقهم؟"

 

ناكوزي: نحن لا يزال لدينا جزءاً محتلاً لذلك لا بد من المقاومة

19- "عون: أين هو الجزء المحتل؟"

 

ناكوزي: مزارع شبعا

20- عون: "كذبة، وأنا مسؤول عما أقول، لا يمكننا تعديل الخريطة على مزاجنا، مزارع شبعا ليست لبنانية، وحتى ولو كانت الأرض لبنانية فهي مضمومة سورياً منذ زمن ولبنان سكت عنها، والحكومة اللبنانية لم تذكر مرة أن لديها أرضاً محتلة خاضعة لتنفيذ القرار 242، على العكس قالت أنا لست معنية بالقرار 242، وليس لدي أرض محتلة، فلا يمكن أن تتراجع وتتبناها بعد تنفيذ القرار 425 وتقول أن لديها أرضاً محتلة. وعلى افتراض أن سوريا تريد إرجاع الأرض لنا فلتتفضل وتعطينا وثيقة وفقاً للشرائع الدولية على أن هذه الأرض لبنانية وتحدد على الخريطة رقعة الأرض التي هي لبنانية في مزارع شبعا، وعندها فلتترك لنا المقاومة شرف تحصيلها".

 

ناكوزي: إذاً لا يجب نزع سلاح حزب الله اليوم؟

21- "عون:  لماذا" ؟

 

ناكوزي: لأن مزارع شبعا قد تكون لبنانية ونحتاج إلى ذلك السلاح يوما ما.

22- عون: "لماذا لا يعطوننا الوثيقة بأنها لبنانية، ما الذي يمنع؟ لبنان كله كان قيد التفاوض بين سوريا وإسرائيل، هل قرأت شلومو بن عامي مؤخراً؟ سياسة رابين كانت تريد إعطاء سوريا السيطرة على لبنان بكامله فهل بعد ذلك تهم مزارع شبعا طالما أن لبنان بأسره "طاير" وسيصبح أرضاً سورية؟ ثم لدينا مزارع أخرى بحاجة إلى التحرير غير مزارع شبعا، لدينا مزرعة قريطم ومزرعة بعبدا ومزرعة ساحة النجمة وكلها تحتاج إلى تحرير، تحتاج إلى قرار حر، فليتركوا قصة مزارع شبعا وهي أصلا قصة مختلقة. يريدون فتح الجبهة اللبنانية، حسنا فلنسلم جدلاً بأن هذه المزارع لبنانية وبأن فتح النار هو حق لنا وبأننا لا نريد فتح حوار مع إسرائيل ولا تنفيذ القرار الدولي، ولكن يبقى هناك الجولان المحتل، فلماذا لا تبادر الدولة الشقيقة التي جعلت من نفسها وصياً على لبنان بفتح جبهتها".

 

ناكوزي:  وما علاقتنا نحن بالجولان، نحن نريد تحرير لبنان؟

23- عون: "فليذهب السوري إذاً "وما يركب على ضهرنا" بقوله أنه يريد أن يساندنا في تحرير مزارع شبعا، وهو لديه الجولان الخاضع للاحتلال ولا يحرّك ساكناً".

24- عون: "إميل لحود كما يقول فهو غير كفء لأن يكون رئيسا للجمهورية ولا للقمة العربية".

 

ناكوزي: يبقى هذا رأيك وقد لا يشاركك به الكثيرون حول كفاءة رئيس الجمهورية الذي يعتبرون أن له إنجازات كثيرة ؟

25-عون: " هل تحب أن تقوم باستفتاء شعبي من الـ MTV  حول كفاءة "رئيس الجمهورية"؟

 في كل الأحوال من الطبيعي أن يكون هناك آراء مع وآراء ضد ما أقوله، فالعزة الإلهية بذاتها لم تقنع جميع الناس وعدد الذين ينكرون وجود الله على الأرض أكثر من عدد الذين يؤمنون به.

أنا تحدثت عن وقائع ولم أعط آراء، وقلت بأنه لا يستطيع أن يدير جلسة وأن يتصرف بحقوق شعب بالكلام، يمكنه أن يفرض توقيف طالب يوزع نشرة للعماد عون وأن يضعه في السجن بقرار تعسفي، بإمكانه أن يضغط على القضاء كي يمنعني من الكلام أو على الـ MTV ، ولكنه لا يستطيع منع رئيس شعب أو رئيس دولة فلسطينية مستمد شرعيته من شعبه، من الكلام في القمة تحت عذر تدخّل إسرائيل".

26- عون: "هناك أنظمة لا تزال متخلفة، أوتوقراطية تيوقراطية، هي خارج العصر ولا يمكنها أن تعيش اليوم، مدرسة بن لادن، لا يمكن أن تعيش، وشعار الحرب على النصارى واليهود لا يمكن أن يعيش لا في الشرق ولا في الغرب، ولبنان هو الواحة الوحيدة لتصالح الحضارات بإسلامه ومسيحييه لأنهم عاشوا التجربة ووجدوا أنها قابلة للعيش".

 

ناكوزي: أنت إذاً ضد العمليات الإستشهادية؟

27- عون: "أكرر أنها انتحارية، وهذا رأي الأزهر ورأي العديد من المفكرين الإسلاميين، وأنا مع الرأي الذي يعطي حرمة للحياة حتى ولو كان المقاتل يقوم بمهمة خطرة، فالإنسان يقاتل ليعيش حراً وليس ليموت، وكل مهمة ترسله فيها ليموت فإنك ترتكب جريمة قتل، هذا معتقدي، لا يوجد تقديس للموت، التقديس يكون للحياة، وهذا أصبح ضلالاً، أنا أعتبره ضلالاً وأقوله على "رأس السطح"، أنا لا أطلب أصواتاً انتخابية، ولا أحاول إرضاء أحد، هناك حقيقة يجب أن تنتصر في النهاية ولا يمكن أن تكون الحضارة حضارة استشهاد وحضارة موت، حضارتنا يجب أن تكون حضارة حياة".

 

ناكوزي: حتى لو أتت هذه العمليات على العسكر وليس على المدنيين؟

28- عون: "أنا أتكلم عن المدنيين، وحتى العسكري فعندما يرسل في مهمة خطيرة جداً ويقبلها يجب أن يكون له حظ في الحياة، ولا ينتحر فيها، لا أقول هذا الآن فقط، راجع كل الكلمات التي ألقيتها في بعبدا وخاطبت بها العسكريين، دائماً كنت أقول لهم نقاتل كي نعيش أحراراً، ولم أقل يوما لنستشهد، فأنا خلّصت من الموت عدة مرات وأعرف ما معنى المخاطرة، لقد خفت وتغلّبت على خوفي في أماكن عديدة، ولا أقدس أبداً حضارة الموت والقتل والانتحار".

 

ناكوزي: العمليات التي كان يقوم بها حزب الله على العسكريين الإسرائيليين وليس على المدنيين في جنوب لبنان هل هي مبررة؟ هل تبرّر أن يقوم استشهادي بتفجير نفسه أو سيارته في دبابة إسرائيلية أو بمركز إسرائيلي؟

29-عون: "أنا ضد أي عملية انتحارية، بإمكانك أن تقصفه أن تفجّره، ولكن يجب أن يكون هناك حظ للمقاتل بالحياة ولا يمكن أن يفجر ذاته، فهذا بالنسبة لي ضد كل معتقداتي الإنسانية والإيمانية".

 

ناكوزي: لماذا تطالب دائما بنزع سلاح حزب الله رغم أنه لم يوجّه يوماً إلى الداخل اللبناني ولا يشكل تهديداً للداخل بل لإسرائيل؟

30- عون: "ألم تسمع الخطابات التي هددتنا بالحرب الأهلية في حال مطالبتنا بالانسحاب السوري، حزب الله هو الذي هدّد ومن غيره يملك السلاح، قال أننا نريد أن نقوم بكوسوفو ثانية وأنه سيتصدّى لهذا الأمر، وأنه في الخط الأمامي للدفاع عن سوريا، وهذا ورد في صحيفة "السياسة الكويتية" وعلى لسان السيد حسن نصرالله، وكأنه يتّهمنا أو يهدّدنا بالحرب الأهلية إذا طالبنا بالانسحاب السوري من لبنان.  لماذا الحرب الأهلية إذا تركت سوريا لبنان؟ لماذا لا يمكنني أن أعيش أنا وحزب الله وأنا معترف بوجوده وبحقه بالاختلاف عني؟ لماذا لا يعترف هو لي بحق الاختلاف ونضع معاً العقد الاجتماعي والسياسي؟ من يرفض وجوده؟ نحن لا نرفضه، فلماذا يهدد، ولماذا هو خط الدفاع عن سوريا في لبنان؟"

 

ناكوزي: هو حليف لسوريا، ويعتبر أن سوريا هي ضامن الاستقرار في لبنان، هذه وجهة نظره.

31- عون: "هناك عقد الاستقلال، وهناك مقومات الوطن، وهي لا تقوم على عقود يجريها حزب مع دولة خارجية، مقومات وجود الوطن هي السيادة والاستقلال ووحدة الأرض والشعب، وهي ليست مطروحة للنقاش، الوجود السوري يحذف الاستقلال والسيادة والقرار اللبناني فكيف يكون ضامناً للاستقرار؟ هو قد ألغى الوطن وجعله محافظة سورية، فمع الوجود السوري لم يعد هناك شيء اسمه لبنان".

32- عون: "الأفضل عند السوري هو مرفوض لدينا، فماذا سيعطينا؟ نظامه؟ ليبيراليته؟ حرياته؟ نظامه الاقتصادي؟ كل ذلك مرفوض بالنسبة لنا لأنه ليس من ذهنيتنا، السوري يجب أن يصبح مثلنا كي يكون مقبولاً لا أن نصبح نحن مثله".

 

33-عون: "لقد عاش الشعب اللبناني الويلات بسبب السوريين، كل الاجتياح الذي حصل للبنان جاء من الحدود السورية، بدأ من العرقوب وامتد إلى الداخل. من أين انطلقت العمليات الفلسطينية التي زعزعت الاستقرار في لبنان؟ ولماذا حصل الخلاف مع المقاومة الفلسطينية، ثم بعد ذلك بين سوريا والمقاومة الفلسطينية، الخلاف حصل في النهاية على اقتسام المغانم، فعندما وضعت سوريا يدها على لبنان ضربت الفلسطينيين وغيرهم، استعملتهم في البداية لتقويض الاستقرار في لبنان، وهم أصلاً جاءوا من حدودنا الشرقية، من عين عرب ودير العشاير".

 

34- عون: "إن خطأ العالم الحر وأميركا التي تدفع حاليا ثمن الإرهاب، هو أنهم دفعوا بلبنان كفدية كما كانوا يدفعون في الماضي كل يوم ضحية للتنين كي يسكت عن المدينة بحسب الأسطورة، جعلت من لبنان ضحية كي تهدئ وضعاً معيناً وأسمت سوريا "عامل استقرار" في لبنان! لم نسمع أبداً أن دولة تكلّف بإعادة الاستقرار إلى بلد تسببت هي بتقويض استقراره".

 

ناكوزي: ألا تريد الصداقة مع السوريين ؟

35- عون: "أريد الصداقة مع الشعب السوري وليس مع النظام".

 

ناكوزي: هناك عدو إسرائيلي على الحدود اللبنانية يهدد سوريا ولبنان.

36- عون: "نعم، انظروا المقاومة السورية الشرسة التي تتم يومياً لمنع إسرائيل من اعتدائها، فليذهب وليمسك جبهته وليترك لنا جبهتنا "وما يخاف علينا أبداً".

 

ناكوزي: ألا تريد حليفاً قوياً في المنطقة مخافةً أن يُستفرد لبنان؟

37-عون: "ما هي القيمة العسكرية للجيش السوري في ميزان القوى في حال حصل الصدام العسكري مع إسرائيل؟ هل تعتقد حقاً أن من يحافظ على السلم والهدوء في الشرق هو ميزان القوى؟ ما يحفظ الهدوء حتى الآن هو إرادة دولية ويمكن أن تنفلت حالياً بسبب التحرشات التي تحصل، نحن نعيش لحظات دقيقة جداً فإذا كان تصعيد حزب الله وسوريا جدياً وليس سينمائياً فمن الممكن أن يورط المنطقة في حالة من الحرب، وعندها تعرف فعلاً ما هي قدرة الجيش السوري الحقيقية، لا نريد أن نخدع أنفسنا، وأنا لا أبوح بسر، وأنا بعيد جداً عن معلومات تسليح الجيش السوري وقياداته الحالية، ولكن من المعروف بشكل عام ما قيمته العسكرية نسبة إلى القوة العسكرية الإسرائيلية، هو لا يستطيع أن يحمي لبنان".

 

38- عون: "لدينا أكثر من 100 موقوف في سوريا ودائما ينكرون أن لديهم موقوفين ونجدهم فجأةً يطلقون بعضاً منهم."

 

ناكوزي: هناك فئات لبنانية أخرى كحزب الله مثلاً ترى أن الوجود السوري ضرورة، وهي فئات ممثلة لشرائح شعبية كبيرة

39- عون: "لا يستطيع أن يقوم بشراكة ويربط كل الوطن برأيه هو، لا تجوز الشراكة في الوطن، أنا أرفض الذمية الدينية والسياسية، ولبنان يعيش اليوم حالة من الذمية السياسية."

 

40- عون: "لا أحد مسلح غير أحزاب الدولة كالحزب القومي والبعث وحزب الله، هؤلاء هم مؤيدو السلطة وكل ذلك يستعمل تحت شعار المقاومة كي يبقى هناك سلاح يهددون به الآخرين بالحرب الأهلية وبالقتل، نحن لا نخاف من القتل ولكن إذا فرض علينا العنف فسندافع عن أنفسنا".

 

41- عون: "لا يوجد أي قضية شكلية تمنعك عن ممارسة الجوهر، لا يمكن وصم الإنسان بالعمالة لأنه يريد الذهاب إلى الضفة الغربية للمساعدة، ما هي هذه العقدة؟ هل كل الفلسطينيين هناك هم عملاء لإسرائيل ؟ كما كان أهل الجنوب الذين عوملوا أيضاً كعملاء ووضعوا في السجون؟".

 

42- عون: "سوريا هي ذلك الإطفائي المهووس بإشعال النار، يشعل النار لتطلبه ويعود ليطفئها من جديد، وسياسة فرّق تسد نعرفها جيداً وموجودة في كل الأنظمة".

 

43- عون: "وهذا الموضوع (الحوار) طرحته أيضاً على آخرين وبصورة خاصة على حزب الله، وكان ذلك بواسطة شباب يتحاورون مع حزب الله ، بين عامي 1993 و1994، وقد زاروني يومها في الهوت ميزون وسألوني عن رأيي، فطلبت منهم أن يطرحوا عليهم السؤال ذاته، وأيضاً ما يلي: "إذا وصلنا إلى الحدود الدولية غداً، بأسلوب أو بآخر، فهل ستسقط البندقية وتقام الدولة اللبنانية، أم سنبقى حاملين البندقية لشيء آخر؟" فجاء الجواب بأن المسألة متروكة لتقدير الوضع في حينه، أي وبطريقة ديبلوماسية لا يريدون ترك البندقية. السؤال الثاني كان هو نفسه الذي وجهته للسفير جون ماكرثي "هل تستطيعون التوقيع على اتفاق نصل إليه أم ستسألون أحداً؟" فأجابوا بأنهم ينسّقون مع إيران "قرارنا حر ولكننا ننسّق مع إيران".

 

ناكوزي: "لاحظنا عند استقبال البطريرك مئات الألوف التي استقبلته وطلبت بالانسحاب السوري، وكيف نزل بعد أيام في ذكرى عاشوراء أيضاً مئات الآلاف وطالب السيد حسن نصرالله  في حديثه معها بضرورة بقاء الجيش السوري.

44- عون: "كانت مناسبة دينية، نزل الشيعة ليصلوا عاشوراء ككل سنة واستفاد السيد نصرالله من التجمع ليقول ما قاله، وفي كل الأحوال أقيموا استفتاء، وإذا كانوا يوافقون على هذا القول حقاً فهذا يعني أنه لا بد، وكما قلت، من إجراء إعادة نظر بالوطن، علينا أن لا نهرب من الواقع، السلام يحتاج إلى إرادتين لصنعه، أما الحرب فتكفيها إرادة واحدة، فإذا كان الفريق الآخر لا يريد الوطن سيداً حراً مستقلا فماذا نفعل إذاً؟ لن ننتحر طبعاً، وعلينا أن نبحث عن حل، ولكن من الأكيد أنه لا يمكننا أن نكون مربوطين برغبة حزبية لا نعرف أصلاً أين هي "مربوطة"، فأنا حالياً لا أضمن شيء من علاقات حزب الله، الشراكة معه صعبة طالما أنه يقرر أنه وحده على السفينة ويريد أن يأخذك معه، في أي مهب ريح لا نعرف".

 

45- عون: "حتى اليوم ألاحظ إصراراً لدى القوات اللبنانية ولدى قرنة شهوان على اتفاق الطائف وكأنه إنجيلاً ثانياً، بينما هو في الواقع خدعة أدخلوهم فيها ولم يعرف البعض كيفية الخروج منها لأنهم يرفضون الاعتراف بأنهم خُدعوا وبأن خيارهم كان خاطئاً".

 

46- عون: "نبدأ بالجنوب، فالجنوب إذا لم يعد للسلطة الشرعية ولسلطة القانون وللقوات الشرعية اللبنانية فلا يمكن اعتباره محرراً، هو أرض خاضعة لمليشيا، وانتقلنا من إحتلالين إلى احتلال واحد".

 

ناكوزي: هل أنت حليف للأميركيين ؟

47- عون: "المسألة ليست مسألة حليف، أنا ذهبت إلى هناك لأطالب باستقلال لبنان ولا تنسى أن أميركا هي الدولة العظمى الوحيدة، وسياستها تؤثر على سياسة كل العالم شئنا أم أبينا، هناك معادلة قوة عند أميركا فإذا استطعت أن  تجعل هذه المعادلة لصالحك فتكون قد استطعت أن تخلص وطنك. إن أكثر من أذاني في العالم هما أميركا وإسرائيل ولكن لا يمكنني أن أتجاهل قوة أميركا وتأثيرها في العالم، يجب أن تفهم أنه قد حصل خطأ بحق لبنان ويجب تصحيحه ولبنان قد وقع ضحية الإرهاب. عرضت لهم جدول الاغتيالات والتفجيرات في لبنان وقلت لهم لا أريد أن أتهم أحداً، ولكن اسألوا مخابراتكم ولا تضعوا المسؤولية على عاتق أحزاب لأن هذه الأحزاب لها ارتباطات بأنظمة، والمنظمات التي تعتبرونها إرهابية هي مرتبطة بأنظمة، يجب أن يتم نزع سلاح هذه المنظمات، وأن تصبح هذه الأنظمة ديمقراطية، بالإضافة إلى ضرورة إنماء للشعوب الفقيرة".

30 تشرين الثاني 2006

 

وإلى اللقاء في الحلقة المقبلة

لقراءة كل الحلقات السابقة إضغط هنا

ملاحظة: هذه الحلقة كانت معدة قبل اغتيال الشهيد النائب بيار الجميل وتم إرجاء نشرها لمدة أسبوع وقد ابقي على نصها الأساسي دون تغيير.

رجاءً إرسال الردود والآراء لكاتب المقال على العنوان الالكتروني التالي

Phoenicia@hotmail.com