خيم الاعتصام: قرابين وتنين ومار جرجس!!

بقل/الياس بجاني

 

رومية 16- 17 و18: "واطلب إليكم أيها الإخوة إن تلاحظوا الذين يصنعون الشقاقات والعثرات خلافا للتعليم الذي تعلمتموه واعرضوا عنهم، لان مثل هؤلاء لا يخدمون ربنا يسوع المسيح بل بطونهم.وبالكلام الطيب والأقوال الحسنة يخدعون قلوب البسطاء".

 

ما أشبه اليوم بالأمس، وما اضعف الإنسان الذي بجحود الأبالسة يتخلى عن إيمانه وإنسانيته ويستسلم صاغراً لمركبات الغرائز من أطماع وجشع وحقد وأنانية.

 

يا الهي، ما هذا الزمن الردئ الذي أوصلوا إليه وطننا الأم وأهلنا، إنه زمن المحل، زمن "بتنط فيه العنزة على الفحل". زمن ينطبق عليه ما جاء في سفر اشعيا 3-4 و3-12: "وأجعلُ صبياناً رُؤَساءَ لهمْ، وأطفالا تتسلطُ عليهمْ، ويظلمُ الشعبُ بعضهم بعضاً والرجلُ صاحبهُ. يتمرد الصبي على الشيخِ والدنئ على الشريف". "يا شعبي مرشدوكَ مُضِلُّونَ ويبلعون طريق مسالكك".

 

إن ما سمي زوراً وبهتاناً "احتفال" بذكرى مرور سنة على نصب خيم التصحر والجاهلية في وسط بيروت، كان بالواقع طقساً وثنياً قام خلاله كهنة مشروع "ولاية الفقيه" وملحقاتهم والأبواق وباقي أيتام النظام السوري البعثي والحاقدين بتقديم أبناء الشعب اللبناني قرابين للتنين السوري الإيراني الممثل بحزب الله.

 

ترى هل خطر ببال الذين اعتلوا منابر الأسواق التجارية من ربع الذين كانوا قبل عودتهم من المنافي بنتيجة نجاح "ثورة الأرز" سياديين ووطنيين ورموز تحرير ومقاومة وعنفوان، أن التنين لا يمكن أن يشبع وهو سيستمر فارضاً طقوس تقديم القرابين له، وأنهم بالنهاية سيكونون هم أنفسهم قرابين لهذا التنين؟

 

عُرّف خليج بيروت تاريخياً بخليج مار جريس أو خليج الخضر، وكما تقول الأسطورة فإن التنين المفترس حاصر أهل بيروت وفرض عليهم تقديم القرابين له بشكل يومي شرطاً ملزماً ليكف شره عنهم. وافق الملك البيروتي على شرط التنين وراح يقدم له أولاد العامة الواحد تلو الآخر، معتقداً أنه وأفراد عائلته والحاشية بمنأى عن الخطر، إلا أنه وبعدما التهم التنين كل أطفال المدينة اضطر الملك إلى تقديم ابنته قرباناً لذلك التنين الذي لولا مار جريس الذي قتله كما جاء في الأسطورة لكان في النهاية افترس كل شيء .

 

إلا يدري أولئك السيادييون السابقون والملتحقون حالياً أبواقاً وديكوراً بمشروع التنين السوري-الإيراني أن "خيم التصحر والأصولية" فشلت فشلاً ذريعاً في إسقاط الحكومة، ولم تحقق من الأهداف سوى مسألة "خراب بيوت" المؤسسات التجارية العاملة في وسط بيروت، وحرمان مئات العائلات من مصدر رزقها وهجرة شبابها إلى بلدان أخرى بقصد العمل الذي تعطل بنتيجة استمرار الاعتصام؟

 

ألم يتذكر ذالك الخطيب العوني المفوه، "صاحب التاريخ النضالي الفكري والميداني المشرف"، أنه هو من قال عبر تلفزيون الجزيرة ومن قطر بالتحديد إن أية مفاوضات مع حزب الله تستلزم واحد من أمرين إما تخلي هذا الحزب عن سلاحه، أو تَسلُح من يفاوضه؟ بالله عليك يا صديقي، ماذا أصابكم، هل أصبحتم غنميين لهذا الحد وأعطيتم بصركم والبصير إجازة مفتوحة؟

 

نسأل، هل وصلتم إلى حد تبرير التحالف مع شيطان رجيم وتنين مفترس وتسليمهما رقابكم والمصير خوفاً من شيطان وتنين آخرين؟

هل هذه هي نهاية نضالكم؟ حرام وألف حرام ويا "ضيعان قلبي وقلب الوطن عليكم".

 

أردناكم وأرادكم الناس فرساناً كـ "مار جريس"، ولم يخطر ببالنا قبل عودتكم من المنافي أنكم ستنتهون طرواديين ويوضاسيين تبيعون أنفسكم وناسكم والوطن بثلاثين من فضة وتقترعون على القميص.

 

صحيح "أن أشقى الرعاة هو من شقيت به رعيته"، (نهج البلاغة)، وصحيح أيضاً "أن الزارع إنما يحصدُ بليةً وعصا سخطِهِ تفنى، ومن يحفرُ حفرة يسقطُ فيها، ومن يدحرجُ حجراً يرجع عليهِ". (الأمثال)

 

إن خيبة الأمل كبيرة جداً في ممارسات من بقي مؤيداً للتيار العوني ولرئيسه من الأحرار والسياديين رغم كل انحرافات وأخطاء وخطايا وجحود واستكبار وشرود ونرجسية وتخبط وعدائية هذا الرئيس المفرطة المتمحورة حول وهم الرئاسة ومركبات الحقد، إن معضلة ومعاناة وتشوش خيارات هؤلاء تكمن في ولاء متحجر أمسوا هم رهائن له، وفي توليفة معقدة من العناد والكبرياء تمنعهم من الاعتراف بالخطأ وبالتالي من تصحيح المسار.

 

لهؤلاء نقول، إن "التوبيخ الظاهر خيرٌ من الحُبِ المُستترِ، وأمينتة هي صروحُ المحب، وغاشة هي قبلاتُ العدو" (الأمثال)، ومن كان له آذان صاغية فليسمع ويتعظ!!.

 

كندا/تورنتو/ في 6 كانون الأول 2007

عنوان الكاتب البريدي phoenicia@hotmail.com