عقلية جرن الكبي وجاط التبولي تتسلل مجدداً إلى صدارة الجامعة الثقافية!!

بقلم/الياس بجاني

 

مرة أخرى تتعرض الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم إلى هجمة غازية مستهدفة ناشطيها السياديين، وهيكليتها الاستقلالية الدولية المستحدثة، وتوجهاتها الوطنية اللبنانية الصرفة المتحررة من قيود مؤسسات الدولة اللبنانية ونفوذ الإقطاع السياسي ومتفرعاته من أفراد وجماعات ومنظمات.

 

لم تكن الهجمة الغزوة هذه المرة من قبل السيد هيثم جمعة "المتمترس" منذ عام 1991، في وزارة المغتربين قبل إلغائها، وحالياً في وزارة الخارجية، ممثلاً ومنفذاً لسياسات الشقيقة الشقية الاغترابية. كما أنها لم تكن من انجاز رفاق السيد جمعة من "العروباويين والقومجيه والمقاومجيه" وكلاء "الأخوان" المناط بهم منذ سنة 1990 مهمات اختراق الاغتراب اللبناني السيادي وتعطيل دوره اللبناني الاستقلالي والحضاري التحريري.

 

إضافة إلى غياب أي علاقة مباشرة للمهاجمين بوزيرة المغتربين السورية الدكتورة بثينة شعبان صاحبة الأيدي البعثية الناصعة البياض في محاولات تيئيس الانتشار اللبناني وإرهاب ناشطيه وزرع روح الشقاق بين مكنوناته.الغزوة الردة الجديدة جاءت من الداخل، نعم من الداخل.

 

أما المحزن والمخزي في آن فهو أن أبطالها هم من "أهل البيت"، نعم من "لدن الذات السيادية نفسها". وجل هؤلاء هم من الأقحاح الذين عانوا وقاسوا الأمرين أفراداً وقيادات ومجموعات طوال سنين قهر واضطهاد ونفي وتهميش الاحتلال الشامي لأبناء شعبنا المناضل في الوطن الأم، كما في بلاد الانتشار. إن المنتفضين "الثوار" ودون استثناء، هم ناكرو جميل بامتياز، قصيرو نظر فاضح، محدودو أفق لافت، وأشاوس غدنفريون ولكن "بالمقلوب". لقد ضلوا الطريق والهدف، وهم يتلذذون الآن لحس المبارد وطعم ملوحة دمائهم!!

 

شهروا سيوف وخناجر غدرهم بغفلة من الزمن مستهدفين كرامات مناضلين وناشطين لهم الفضل الطويل العريض على الجميع، ولبنان مدين لهم بالشكران. ذرُّوا بقرونهم صوب الداخل كما طُلِّب منهم، عن علم أو غباء لا فرق. تعاموا وتناسوا أنهم لم يزرعوا، ولم يسقوا، ولم يتعبوا، ولا هم سهروا على الزرع أو حموه. لقد كان معظم الطرواديون هؤلاء حواشي مكملة وديكور ليس إلا طوال السنوات المنصرمة من العمل الجاد المضني والعطاءات الجمة وعلى كافة الصعد والأوجه والأنشطة.

 

لا نظن أن نشوة الانتصار الكاذب وهرطقاتهم والتعديات قد فتحت عيونهم، لا، بل أعمتها وخدرت عقولهم عن هذه الحقائق الناطحة والفاضحة. إنها حقائق يعرفها القاصي والداني من أفراد "لوبيات" وناشطي بلاد الانتشار كافة. خصوصاً أولئك الذين جدوا وتعبوا في الولايات المتحدة الأميركية، وتحديداً في أروقة مقر الأمم المتحدة ووزارة الخارجية وفي مكاتب مجلسي الشيوخ والنواب، وباقي مواقع صنع القرارات الدولية، أكان ذلك في بلاد العم سام أو في أوروبا!! إن هؤلاء المنتفضون مصابون بداء تنفيذ المهمات.

نفذوا "على عماها" من دون فهم ووعي.

 

بحماس جاهل حملوا المناجل والفؤوس وأطاحوا بالبيادر والحقول بعد أن أينعت ثمارها محاولين السطو على الغلال وطرد أصحابها الشرعيين والأصليين. لا يا سادة يا كرام، إن الغلال لا تزال خضراء، وهي ولو لذ أكلها الآن، فلن تصمد للشتاء القادم. فلا تغرنكم المظاهر، اصبروا حتى أوان القطاف واتركوا للعارفين مهمة إتمام العمل.  ثوبوا إلى رشدكم فقد ولت أيام "الانتفاضات" التي أوصلت شعبنا إلى ما هو عليه من حالة بؤس وفقر وتفكك وتهميش وتهجير وهجران!! يبقى أن "همروجاتكم" الإعلامية، الممولة، والمباركة، والمُسوقة من جهات معروفة الهوية والهوى والنية والنوى، لن تحقق ورغم ضجيجها أياً من أهدافها الرامية إلى التدمير والتشتيت والاندثار.

 

هذا ولا يجب أن يغيب عن بالكم أن الجهة التي دفعتكم إلى السلوك "المرذول"هذا، لم تضمر لكم ولا لشعبكم في يوم من الأيام غير الشر والتبديد والضغينة والتشريد.

نطمئنكم إلى أن "همروجتكم" الردة لن تتخطى بمفاعليها العملانية جدران القاعة التي جمعوكم فيها في رحاب بلاد العم سام.

 

وانتم بالطبع تعلمون مصير ومسار من يُجمعُون ويُساقون عن بُعد لتنفيذ فرمانات ومهمات مغربة عن تطلعات وأماني ومعاناة من يُفترض أنهم يمثلون ورايتهم والأماني يحملون.

كلمة حق لا بد وأن تقال رغم مآخذنا الكثيرة والمزمنة على طريقة تعاطي مسؤولي الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم مع الشأن الوطني اللبناني هوية وثقافة وانتماءً, وهي أنه خلال السنوات القليلة الماضية وفي ظل رئاسة السيد جو بعيني ومروءته وأنشطة صحبه الناشطين من أمثال الشيخ سامي الخوري (وهو أحد الرؤساء السابقين) وغيره من الغيارى والمثقفين، كانت أُخرجت هذه المؤسسة الاغترابية ولأول مرة منذ تأسيسها من أطر مفاهيم "التبولة والكبة"والحفلات والاستقبالات وصالونات الشرف، وأدخلت ميادين العمل الوطني الاغترابي المؤسساتي العلمي والأكاديمي الراقي والرفيع المستوى، والذي ساهم بتثبيت العمل الدولي للبنان.

 

إن مبدأ العرفان بالجميل مقروناً بشرعة الأخلاق الكريمة يفرضان على الجهات التي برمجت ووجهت "الردة المرذولة" ضرورة مراجعة حساباتهم والخروج قبل فوات الأوان من وهم "التحكم بالاغتراب عن بُعد" ومبدأ "يا أنا يا ما حدا".

 

المطلوب باختصار مفيد ومن الجميع في الوطن الأم، قادة وسياسيين، أحزاب ورعاة، وأصحاب شأن وسلطة ترك المؤسسات الاغترابية وفي مقدمها "الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم" بحالها ولحالها لتعمل من خلال الأنظمة والقوانين والأطر المتاحة لها في أماكن تواجدها من بلدان الانتشار، لكي تسهم في بقاء لبنان واستمراره هويةً وثقافةً وكياناً وفرادةً، وليس في تدميره. 

 

المطلوب تركها تعمل دون إملاءات وقيود وسلاسل وحرتقات ومواقع نفوذ وأتباع، والأهم دون انتفاضات راسبوتينية غادرة!! إن تصحيح الاعوجاج والانحراف مطلوبين من حضرات السادة الذين توهموا الانتصار في همروجتهم والردة. يبقى أن تحكيم العقل والمنطق ضرورة ملحة، كما أن معرفة وزنات وقدرات الآخرين والذات أمر إدراكي عقلاني مهم جداً لمتابعة المسيرة وتحديد وجهتها والأهداف. أما الأكثر نفعاً فهو عدم استمرار البعض "الواهم" في جلد الذات وقتلها قتلاً رحيماً.

 

10 نيسان 2006

عنوان الكاتب البريدي الألكتروني

phoenicia@hotmail.com