عنتريات العماد عون، وعضلات حزب الله
بقلم/الياس بجاني

مقاطع من كلمة للعماد ميشال عون ألقاها في الولايات المتحدة الأميركية بتاريخ 7/9/2002: "لازم نعرف أن الإرهاب مُتبنى سورياً، وفي نوعين من الإرهاب، وسوريا هي في خط منهما. وإذا جرى أي تنافس أحياناً بينهما، تعطي سوريا معلومات عن الطرف الآخر، ولكنها لن تكون أبداً ضد الإرهاب، لأنه من دون الإرهاب لن يكون لها لا وجود دولي، ولا وجود إقليمي. سوريا دولة ليس عندها القوة العسكرية، وليس عندها القوة السياسية. عندها كل شيء حباها فيه الإرهاب، وطالما الإرهاب مقبول دولياً، سوريا تبقى (تنوجد) على الخريطة، ولذلك يجب محاربة الإرهاب حتى تعود (ترجع) سوريا إلى حجمها الطبيعي". "نحن نكن كل صداقة للشعب السوري، ونتمنى له الخلاص من نظام إرهابي، لأنه هو الشعب الذي كان أول ضحية للإرهاب. ولا ننسى أن حماة هي أول نموذج للإرهاب ففي 24 ساعة قتل النظام السوري ما يزيد عن 30 ألف مواطن لأنهم معترضين على حكمه. هكذا نظام لا أعتقد أنه يعطي العالم نموذج خير، ونموذج وفاق، ومجتمع سلام").

عشرات الردود المستنكرة والغاضبة وأيضاً المؤيدة تناولت كلام العماد ميشال عون الأخير "العنتري والعكاظي والغير شكل" الذي جاء في مؤتمره الصحفي "الفضيحة" الذي عقدة يوم الاثنين بتاريخ 17 آب/09 . الردود استفاضت إما في الانتقاد اللاذع أو في المديح المفرط، ولم يترك أصحابها أي جانب من جوانب ظاهرة العماد "الشاذة" في السياسة اللبنانية لا سلباً ولا إيجاباً إلا وتناولوها بإسهاب وكل من وجهة نظرة وبما يتوافق مع تموضعه الحزبي والمذهبي والسياسي وبالطبع الإقليمي.

من موقعنا الاغترابي الوطني والإيماني الثابت، موقع "لبنان أولاً وأخيراً وإلى الأبد"، الذي هو خارج كل الاصطفافات العائلية والآنية والمصلحية والحزبية التي تتحكم حالياً بالساحة اللبنانية نقول للعماد عون الذي كنا ولا زلنا مترهبين في خدمة الخط الوطني والإيماني الذي حمل هو لواءه ما بين 1988 و2005، ومن ثم نحره وداس عليه واستبدله كلياً بالخط السوري-الإيراني الإرهابي، نقول عيب يا عماد، وألف عيب هذا الاستخفاف بعقول الموارنة تحديداً واللبنانيين عموماً، وعيب هذه اللغة الشوارعية "الزقاقية" الساقطة التي تستعملها في ممارساتك السياسية التي لا علاقة لها بأخلاقيات وأدبيات وتقاليد وعادات المسيحيين الذين تدعي زوراً تمثيلهم والدفاع عن حقوقهم.

بداية أنت تدرك جيداً، كما يدرك كل السياديين والأحرار في لبنان وبلاد الانتشار بأنك لم تعد تمثل وجدان الموارنة تحديدا والمسيحيين عموماً بعد أن فقدت ثقتهم وخيبت آمالهم، وبالتالي عليك التوقف عن الإدعاء الباطل بأنك تمثل أكثريتهم. بالواقع الرقمي الانتخابي لانتخاباب هذه السنة أنت تمثل فقط ما بين 12 إلى 18% منهم، وهؤلاء بالغالب إما مغرر بهم ولا يزالون يرون فيك ذاك العماد ما قبل عملية "السورنة"، الثائر على الإقطاع والعائلية والفوضى، أو أن أبصارهم تُعميها عقد الحقد والكراهية لبعض القيادات المارونية على خلفية ممارساتها الميليشياوية خلال حقبة الحرب.

الكل في الأوساط المسيحية وخارجها وأنت في المقدمة يعلم علم اليقين أن ما بين 20 إلى 25% من المسيحيين تاريخياً لا علاقة لهم وطنياً وسياسياً وكيانياً وهوية بالوجدان المسيحي ومنهم القوميون السوريون والبعثيون وبعض اليساريين وشلل الوصوليين والانتهازيين وغيرهم، وهم كانوا ولا يزالون باستمرار يغردون خارج مكونات المرجعيات الدينية والمؤسسات التعليمية والحزبية المسيحية. هؤلاء من أوصلك إلى ساحة النجمة من خلال أذرعة ورافعات حزب الله.

بالله عليك كيف يمكن أن تدعي تمثيل المسيحيين وأنت تناصب العداء القاتل لبكركي ولسيدها غبطة البطريرك، وللمطارنة الموارنة، ولغالبية رجال الدين المسيحيين، وللمؤسسات المسيحية التعليمية، ولكل الأحزاب المسيحية، بدءاً بالكتائب والقوات وانتهاءً بالكتلة الوطنية والوطنيين الأحرار وغيرهم الكثير.

أنت لا تمثل الوجدان المسيحي لأنك خسرت ثقة واحترام غالبية المسيحيين، وهؤلاء لا ينتمون لأي حزب أو تنظيم سياسي ونحن منهم. لقد فقدت يا جنرال المصداقية والثقة والاحترام يوم "تسورنت"، ولبست العباءة السورية في الشام وتنكرت لقضية المعتقلين من أحرارنا في سجونها، وتخليت عن قضية أهلنا اللاجئين في إسرائيل وتحالفت مع حزب الله الإرهابي والأصولي، ومع والقومي السوري والبعثي وباقي الجماعات التي لا تعترف بلبنان الدولة والهوية والكيان والرسالة.

باختصار لا يهمنا ولا يعنينا إن وزروا صهرك جبران أو لم يوزروه، أو إن هم "جبروا بخاطرك" بتوزير صهرك الثاني روي الهاشم أو ابن شقيقتك آلان عون، كما أن الأمر بالنسبة لنا سيان إن أعطوك وزارتي الداخلية والخارجية ومعهما الدفاع والمالية والاتصالات لأن الأصهر "المناضلين" ومعهم كل الربع الذين سيمثلون تكتلك النيابي في الحكومة سيكونون مجرد عسكر وأنفار بأمرة حزب الله وبخدمة المخطط السوري-الإيراني، ونقطة على السطر.

من باب الحشرية وليس الشماتة نسأل لماذا "ضيق العين" من قبل الأكثرية ومن المسيحيين فيها تحديداً بما يخص توزير صهرك الساقط في الانتخابات، "المناضل جبران"، في حين أن وزارة الخارجية ستسند لشقيق "الإستيذ" بري دون أن يحتج أحد وهو أصلاً لم يترشح للانتخابات؟ في حين أن النائب جنبلاط اختار من يريد لحقائبه الثلاث وكذلك فعل حزب الله والرئيس سليمان وتيار المستقبل؟ ضروري جداً أن تصر على توزير الصهر بعد أن أصبح هو القضية والقضية هو!!

نعم لتوزير جبران "الصهر وسندة الضهر"، لأن توزيره يمنع التوطين، ويعيد الحقوق للمسيحيين، والصلاحيات لرئيس الجمهورية الماروني، ويصون السيادة والاستقلال والحريات، ويهزم الصهاينة، ويطيح آفات وأوبئة الإقطاعية والقربى والرأسمالية، والأهم يحمي سلاح المقاومة الإسلامية ويساعد في نزع سلاح المخيمات الفلسطينية ويشد من عصب سوريا البعث الممانعة، ويردع دول الاستكبار ويحول دون إعاقتها مشروع ملآلي إيران الهادف لإنتاج القنبلة الذرية!!

للأسف يا عماد لم تعد موضع ثقة ولا احترام وطني وسياسي بعد أن فقدت طوعاً مصداقيتك وانقلبت على تاريخك وساويت نفسك بباقي أنفار الطاقم السياسي العفن، وبعد أن امتهنت بحرفية فائقة هرطقة تبرير انحرافاتك وخطاياك بإنحرافات وخطايا الآخرين. لقد أصبح كلامك مجرد كلام هوائي لا قيمة ولا وزن ولا معنى له، وأمسى صراخك مجرد نوبات هيجان مرَضَية تُنفر وتقزز الناس منك أكثر وأكثر. لقد سقطت الأقنعة وأوراق التوت وتعرت قضيتك التي من المحزن أصبحت تنحصر فقط وفقط بالمنافع العائلية والشخصية، وقد صح بحالتك القول: "حبل الجبل فولد جبرانا".

نسأل لماذا هذا الجلد للذات الذي يقارب حدود الانتحار؟ ولماذا التعجرف والتعالي والتحدي رغم أن القاصي والداني يدرك أنه لولا عضلات حزب الله وأذرعته الإصطناعية وترسانة سلاحه ومبدأ السلاح يحمي السلاح والتهديد بالغزوات لما كان بإمكانك تأخير تشكيل الحكومة ولو لدقيقة واحدة؟

وحتى نقرن كلامنا بحقائق فقدانك كل ما هو مصداقية وثقة نذكرك بمواقفك الموثقة تجاه النظام السوري ما قبل 2006 الذي أصبح اليوم حليفك اللصيق وبت المدافع الأول عن إرهابه. يا عماد إن الرجل الذي ينقلب ويتقلب ويُقلب مواقفه بهذا الشكل لا يمكن أن يوثق به أو بكلامه عملاً بقول الإمام علي: "الكذاب والميت سواء، لأن فضيلة الحي على الميت الثقةُ به. فإذا لم يوثَقْ بكلامه فقد بطلتْ حياتُه".

لأهلنا في أسفل مضبطة للتاريخ بصوت العماد عون نفسه، تبين مواقف وخطاب وقناعات هذا الرجل يوم كان حاملاً رايات القضية، كما أوهمنا. نطلب قراءة وسماع ما قاله عن سوريا النظام تحديداً سنة 2002، ومن ثم مقارنة ما يقوله عن النظام نفسه اليوم، علما أن النظام السوري البعثي لم يتبدل، وهو لا يزال على حاله، لا بل ازداد ظلماً وطمعاً بلبنان، في حين أن الذي تبدل هو فقط عون وبالتالي لا مصداقية ولا قيمة لما جاء في مؤتمره الصحفي السالف الذكر إلا في أطر مخططات وأهداف حزب الله وسوريا وإيران.

كلام للنائب العوني سيمون أبي رميا بتاريخ 16/08/ يُظهر ثقافة التيار العوني المقاوماتية ومن يعش رجب يرَ عجب: "نصر المقاومة في صيف 2006 هو نصر الهي ويتجاوز خانة الذكريات ليحتل في ضمير الوطن وفي ضمير كل مواطن على الأقل ثلاث خانات دلالية تشكل أساسا لبناء الأوطان الصامدة الخالدة" "الم يتيقن اللبنانيون بعد أن إسرائيل لا تزال بعيدة عن السلام الفعلي والنهائي وهي ضد الدولة الفلسطينية السيدة المستقلة وضد عودة اللاجئين إلى ديارهم ومع توطينهم نهائيا حيث هم؟ ومتى يقتنعون بان خيار المقاومة هو الحل الوحيد الذي سيكسر شوكة إسرائيل ويجرها إلى طاولة المفاوضات فيسلم لبنان وينعم نهائيا بالاستقرار والرخاء؟".

نص للكلمة، المضبطة التي كان ألقاها العماد ميشال عون في الولايات المتحدة الأميركية خلال لقاء له مع الجالية اللبنانية الأميركية بتاريخ 6/9/2002 وأوضح فيها بما لا يقبل التقويل أو الشك مواقفه من النظام السوري الإرهابي، ومن المنظمات الإرهابية. الكلمة نقلناها بأمانة كبيرة، وكانت ألقيت باللهجة اللبنانية.

إضغط هنا للإستماع للكلمة التي مدتها 13 دقيقة/Windows Media Player
http://www.10452lccc.com/audio/aoun.usa7.9.02.wma

اضغط هنا لقراءة نص الكلمة الحرفي
http://www.10452lccc.com/aoun%20excerpts/aoun7.9.02usa.htm

هذه الحقائق الدامغة تبين أن لا مصداقية لكلام أو مواقف العماد عون وهي برسم بصر وبصيرة الـ 12-18%، من المسيحيين الأسرى للأوهام ولمركبات الحقد.
نحن في انتظار تعليقاتهم وردودهم، آملين ألا تقتصر فقط على الشتائم والاتهامات "بالقبض من الحريري"!!.

*الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي
*عنوان الكاتب الألكتروني
phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 20 آب/2009