ناصيف قزي والتصحر الفكري والإيماني

بقلم/الياس بجاني*

 

(موقع التيار الوطني الحر الألكتروني 22 شباط/2010: "انتقد د. ناصيف قزي موقف رئيس حزب "الوطنيين الأحرار" النائب دوري شمعون من زيارة العماد عون لضريحي الرئيس كميل شمعون ونجله الشهيد داني، وقال "دوري شمعون لا يمثل نهج داني وهم اختاروا ان يسكنوا المدافن أما نحن فبناة وطن")

 

مسكين هذا الرجل، د. ناصيف قزي، مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في تيار ميشال عون، مسكين بمنطقه الموروب البعيد كل البعد عن الحقائق المعاشة، والمغرب عن أحاسيس وشعور وذكاء ووطنية وآلام وتطلعات وإيمان مجتمعه المسيحي. إنه شارد إلى حد الضياع الكلي عن مسالك الحق والحقيقة، وغارق حتى أذنيه في أوحال الخداع المنظم والطروادية المكشوفة المرامي والغايات.

 

نسأل د. قزي، إذا كان فعلاً النائب دوري شمعون لا يمثل نهج شقيقه الشهيد داني السيادي والوطني بامتياز، وهو الذي لم يحد عن نهجه وعن خط والدهما الرئيس كميل شمعون قيد أنمله، فهل "معلمه" ميشال عون الذي "تسورن" وليس عباءة البعثيين المهينة، وحج مع أوبته إلى مضاربهم، وانتقل إلى قاطع سوريا وإيران الإرهابي والأصولي، وانقلب على كل تاريخ وثوابت الكنيسة المارونية ولبنان الكيان والرسالة، ونحر شعارات الحرية والسيادة والاستقلال، هو الضنين على نهج الشهيد داني؟ عيب والله عيب هذا المنطق "الجحودي" السخيف!!

 

وأي وطن يبني عون وهو يمنع بوقاحة الأبالسة قيام الدولة، ويحتضن الدويلة، ويعادي العالم الحر والقرارات الدولية، ويتماهى حتى الثمالة مع سلاح حزب الله الميليشياوي والإيراني ويفاخر بغزواته لبيروت والجبل، ويسوّق لإنتصاراته "الإلهية" والوهمية؟

 

شاهدت قزي اليوم في مقابلة مع الإعلامي أنطوان سعد بثها تلفزيون المر، فهالني الدرك السفلي الذي انحدر إلى قاعه بمنطقه وخطابه والذي هو واقعاً تحت ما تحت التحت. لقد ارتضى طواعية ودون أن يرمش له جفن أو أن تظهر على وجهه ولو بعض علامات الخجل الفسيولوجية التي تميز الإنسان عن غيره من المخلوقات، ارتضى دور البوق والصنج والكومبارس ليس إلا.

 

حاول الرجل جاهداً من خلال استعماله اللغة العربية الفصحى التي يجيدها الدفاع عن تصرفات وشذوذ وهرطقات الديماغوجي ميشال عون وعن زيارته الانتهازية والمفرغة من كل معاني الوفاء لدماء الشهداء إلى الشوف يوم الأحد، وعن المشهدية الاستعراضية الرخيصة التي أبرزها إعلام عون لتلك الزيارة الخائبة طبقا لكل المعايير، ففشل فشلاً ذريعاً ورده انطوان سعد بتلقائية وعفوية وببسمات ساخرة خائباً على أعقابه بأسئلة واضحة ومباشرة عجز هو عن إعطاء أجوبة مقنعة على أي منها هارباً إلى الأمام بالتمويه والتذاكي الصبياني الفاضح.

 

لقد تبين من خلال ارتباكه وتلعثمه ودون أدنى شك أن المهمة "الترقيعية" و"التمويهية" "والتضليلية" التي كُلف بها مستحيلة، وذلك طبقاً لكل مفاهيم الصح والغلط، والمنطق واللامنطق، والإيمان والكفر، والشر والخير، والشجاعة والوقاحة.

 

لجأ إلى وسيلة التبرير المعروفة في علم النفس لتبرير ما لا يبرر بمنطق اللامنطق. تفنن في تدوير الزوايا واللف والدوران والتلون فذادت خيبته وتجلت سطحية وقزمية وضحالة مواقفه وهزال حجج دفاعه المستميت عن قضية فُرّغت من كل مكوناتها الوطنية وعلل وجودها السيادية.

 

خلاصة أو زبدة ما أتحفنا به د.قزي خلال ما يقارب الساعة هو بالواقع نموذج صارح لقزمية فكر وضحالة منطق وحجج ومصداقية الذين قرروا البقاء في تيار عون رغم انحرافات وتحالفات وخيارات هذا الأخير الهجينة والصادمة والجاحدة لكل ما هو وجدان وضمير وثوابت وتاريخ وهوية وقيم ومبادئ وثقافة مارونية.

 

لماذا بقي من يقي ومنهم د.قزي؟ فلأن لكل منهم مصلحة وأجندة ذاتية، وما يجمع بينهم جميعاً هو رابط فقدان رجاء الإيمان بلبنان وهويته والقبول بمبدأ الغنمية. في حين أن أفعالهم وأقوالهم ومواقفهم تبين حتى للعميان أنهم بالممارسة اليومية أمسوا قداحون ومداحون يعيدوننا بالذاكرة إلى حقبة سوق عكاظ. فبئس هكذا طبقة سياسية مارقة أطبق على عقولها ووجدانها سوس وعفن النفعية والإسخريوتية.

 

لا لكل ماروني يقف ضد صرح بكركي الذي أعطي له مجد لبنان، ولا لكل ماروني مرتد وشارد عن الثوابت المارونية التاريخية، ولا لألسنة تنطق كفراً وتسوّق لمشاريع هدفها ضرب الكيان اللبناني والوجود المسيحي، ولا لطرواديين باعوا الوطن وراهنوا على لقمة عيش المواطن وقبلوا أدوار المرتزقة مقابل ثلاثين من الفضة.

 

نشفق على كل من تخلى عن ذاته، وتغرب عن ناسه، ولبس غير لباسه، وغير جلده وأجر لسانه، ونصلي من أجل توبتهم وعودتهم إلى حظيرة الحق والإيمان.

 

الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي
*عنوان الكاتب الألكتروني
phoenicia@hotmail.com
*تورنتو/كندا في 22 شباط/2010