البطريرك الراعي: علة لبنان تكمن في أسماء الأحزاب

بقلم/الياس بجاني*

 

"أعمى الله عيونهم وقسى قلوبهم، لئلا يبصروا بعيونهم ويفهموا بقلوبهم ويتوبوا فأشفيهم". (يوحنا 12/40)

 

بتاريخ 19 تشرين الأول/2011 نشر موقع تلفزيون "أم تي في" الألكتروني خبراً تحت عنوان "البطريرك الراعي يأمل على الأحزاب اللبنانية تغيير أسمائها والكتائب والقوات في أميركا يؤيدان " هذا نصه الحرفي: "أمل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي على الأحزاب في لبنان تغيير أسمائها والبدء بالعمل السياسي من جديد. وذكّر البطريرك الراعي خلال لقاء في رعية مار انطونيوس الكبير في ماساتشوستس بكلام البطريرك الراحل الياس الحويك بأن "طائفتي لبنان"، معتبراً أن "هذا الكلام خطير وهو نبّه الموارنة إلى إن لبنان هو قضيتهم وتاريخهم". من جهة أخرى، التقى وفداً من حزب "القوات اللبنانية" و"الكتائب" الذين أيدوا كلامه، مشيرين إلى أن "الراعي منفتح على الجميع وهو يعمل ليس فقط لتوحيد المسيحيين بل كل اللبنانيين". انتهى الخبر

 

نسأل بسذاجة الأطفال وبعقل الذين لا عقل عندهم، وبمنطق عديمي المنطق، نسأل، إذا كان فعلاً حزبي القوات والكتائب في لبنان يؤيدان كلام البطريرك الراعي هذا كما ورد في الخبر؟ من معرفتنا بثوابت الحزبين وتاريخهما ومن مواقف قادتهما العلنية والموثقة نستنتج ببساطة أن هذا أمر مستحيل وغير صحيح جملة وتفصيلا، والمشكلة في رأينا المتواضع تكمن في قاطع آخر قد يكون حماس غير محسوب وطيبة قلب وعدم معرفة وفخاخ نصبت فاصطادت!!

 

غبطة الراعي رجل عظيم جداً يريد تغيير كل شي وتوحيد الجميع ولهذا انتقل إلى قاطع إيران وسوريا وحزب الله بمواقف غريبة وعجيبة يصر عليها بعناد منقطع النظير. ولو فعلاً افترضنا أن الشباب "الطيبين" يمثلون الحزبين في ثوابتهما وقناعاتهما وكان الخبر أعلاه صحيحاً وهذا من "رابع المستحيلات" فذلك يعني ببساطة أن الحزبين أصبحا في 8 آذار، والتحقا بقاطرة ميشال عون والصهر جبران، ودخلا في بوتقة تحالف الأقليات، وتبنيا سلاح حزب الله، ويساندان الرئيس السوري بشار الأسد في عملية قتل شعبه واحتلال لبنان، وإلى آخر معزوفة مواقف الراعي "الوحدوية" الفظيعة!! فإذا حقيقة كانت هذه هي مواقف الحزبين يكون الراعي فعلاً قد نجح ووحد الموارنة. ترى هل هذه هي الوحدة المرجوة والمنتظرة التي يعمل من أجلها غبطته؟

 

لا نعتقد ذلك أبداً، وإن دل كلام الخبر أعلاه على أي شيء فهو يدل على عدم الجدية والخفة والسطحية في تعاطي الشأن العام في بلاد الانتشار. كما يبين بوضوح جلي أن المنضوين تحت لواء كل الأحزاب اللبنانية غير العقائدية والأصولية "في بلاد الانتشار" لا يدركون حقيقة مواقف وثوابت هذه الأحزاب ويكتفون منها بتعليق الأزرار والتلحف بشالاتها إضافة إلى إحياء "القداديس والجنانيز" والمشاركة في المناسبات والحفلات وما شابهها من أنشطة. المؤسف أن هذا هو واقع المتعاطين الشأن العام اللبناني في الاغتراب من كل الفئات ما عدا العقائديين والأصوليين منهم، ... صبيانية وضياع!!

 

إذاً، بتغيير أسماء الأحزاب تنتهي كل مشاكلنا. بفرح نقول الحمد لله غبطة حلها ووحد الموارنة بعد اكتشافه العظيم في أن العلة تكمن في أسماء الأحزاب.

 

فظيع، من سنين ونحن نجهل أسباب المشكلة في وطن الأرز ونتحارب ونتصارع. البعض قال إنها إسرائيل والصهيونية والإمبريالية والشيطان الأميركي والاستعمار الصليبي، والبعض الأخر اعتبر إنها العرب والعروبة، "وقلة، نعم فقط قلة"!! ظنوا في سوريا البعث حامية حمى الأقليات على قاعدة "شعبين في وطن واحد"، "ورخاوة خاصرة" "ووحدة مصارين ومصير"، وممانعة، وفريق أخر يساري وستاليني وبلشفي رأى إنها تكمن في الطائفية والطبقية والإٌقطاع والخ.

 

اليوم يتبين أن الجميع كانوا "غلطانين" حتى العظم "ومش عارفين كوعن من بوعنً". الحمد لله على أن غبطة الراعي تفرد ومن بلاد العم سام والاستكبار العالمي بوضع إصبعه على أسباب الجرح النازف والمزمن "المعشعش" والمتخفي في أسماء الأحزاب اللبنانية فطلب من وفدي حزبي الكتائب والقوات في أميركا أن يغيرا اسمي حزبيهما فتنتهي بذلك معانات الشعب اللبناني كله المقيم والمغترب ومنخلص. وخلصت قصتنا، يلا عالدبكة والتبولة!!

 

 الشباب على أساس أن غبطة البطريرك لا يُرد له طلب وافقوا على كلامه واعتبروا بحماس بعد اللقاء أن غبطته "خط أحمر" ممنوع الاقتراب منه، فذكرونا هنا بخطوط الصهر جبران ذات التوتر العالي التي تخيف أهل المتن الشمالي المصر على مدها مع عمه الجنرال النابليوني، وهنا فقط د فهمنا وأدركنا الحكمة من إصرارهما العنيد على مدها وذلك لتوتير الناس وإيقاظها من كبوتها وتوعيتها وإجبارها على تغيير أسماء أحزابها. فظيعة فعلاً هذه العبقرية. يلا عالدبكة والتبولة!!

 

 الحمد لله انحلت وخلصنا والبركة بسيدنا فخلال أسابيع قليلة تتغير أسماء الأحزاب وتنتهي كل مشاكل لبنان، ومع تغييرها ودون جهد تُسلم الدويلة الملالوية سلاحها للدولة، وتنضوي تحت رايتها ويتم ترسم الحدود مع سوريا الشقيقة الشقية، ونعود لاتفاقية الهدنة مع إسرائيل، وتعاد طوعاً الأراضي المسروقة في لاسا إلى مطرانية جونيه المارونية، وترفع الأعلام البيضاء في كل الدويلات، وتتابع المحكمة الدولية عملها دون صعاب بعد أن يسلمها حزب السلاح أفراده المتهمين، ويسلم كل القتلة والمجرمين أنفسهم بفرح للدولة، ويعود الحريري إلى لبنان عن طريق الضاحية الجنوبية ويكون في استقباله السيد حسن نصرالله، ويدخل الجيش اللبناني إلى المخيمات الفلسطينية وإلى المعسكرات السورية في الناعمة والبقاع. وخلصت قصتنا، نعم خلصت يلا عالدبكة والتبولة والبركة بسيدنا!!

 

ولكن بحشرية نسأل صاحب مشروع الأسماء العلل والكوارث ما هي الأسماء البديلة المقترحة لحزب الله وللقومي السوري والبعثي والشغيلة والديموقراطي ولباقي الربع الممانعين والمقاومجية والمحررين والممانعين؟ وما هو الاسم الذي سنعطيه للشبيحة؟ نعتقد أن العبقرية اللبنانية لن تعصى عليها هذه المعضلة، وخلصنا يلا عالدبكة والتبولة!!

 

أما نحن في بلاد الاغتراب المطلوب منا وبسرعة حزم حقائبنا لنعود إلى ربوع الوطن الأم حيث أن أراضي البطريركية المارونية بانتظارنا لنستثمر فيها كما أفادنا وطلب منا غبطته. باختصار انتهينا وخلصت قصتنا يلا عالدبكة والتبولة!!

 

المشكلة كلها كانت في أسماء الأحزاب وانحلت، يلا عالدبكة والتبولة، وفعلا "شر البلية ما يضحك"!!!

 

وننهي بقول النبي اشعيا للعاملين على أذى الغير وللمبتعدين شريعة الله: "ويل لك أيها المخرب وأنت لم تخرب، وأيها الناهب ولم ينهبوك، حين تنتهي من التخريب تخرب، وحين تفرغ من النهب ينهبونك". (إشعيا 33/01)

 

الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني

phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 22 تشرين الأول/11