الشر لا يتعايش مع الخير ولا الاحتلال مع قوى الاستقلال

الياس بجاني/06 حزيران/14/قلناها مراراً وتكراراً ولا زلنا نعيدها بشكل يومي منذ العام 2005 إن حزب الله هو جيش احتلال إرهابي ومذهبي تابع لملالي إيران، وليس فيه أي شيء لبناني أو عربي طبقاً لكل المعايير المنظورة والعملانية والقانونية، وعملاً بكل التجارب الدموية معه من اغتيالات وغزوات وإرهاب وتهجير ونشر فوضى وإقامة دويلات وتطول القائمة، وبالتالي يجب التعامل معه على هذه الأساس والذهاب إلى مجلس الأمن والجامعة العربية ودول العالم الحر والاغتراب اللبناني والفاتيكان والعمل بجدية ومن ضمن خطة ممنهجة على إنهاء هذا الاحتلال الإيراني الرهيب كما انتهى عملياً الاحتلال السوري بواسطة القرار الدولي 1559. باختصار الاحتلال الإيراني حل مكان الاحتلال السوري وإيران حالياً تحتل سوريا أيضاً وتهيمن على الحكم في العراق. خطيئة 14 آذار وبكركي وخصوصاً الراعي وطاقمه الديني والسياسي ومعه كل المرجعيات السياسية والدينية في لبنان أنهم ذميون ويسبحون في بحور التقية وينافقون ليس فقط على الشعب اللبناني المقهور والمظلوم، بل على أنفسهم، وكل ذلك على خلفية الخوف والحسابات والمصالح الذاتية والتبعية والغرائزية، ولنا في ساعات تخلي وتجلي جنبلاط الأكروباتي، وفي فجور وأنانية وحقد وقلة إيمان عون النرسيسي خير مثالين نافرين. بالمنطق والعقل والعلم لا يمكن تحت أي ظرف التعايش مع حزب الله لأنه نقيض كل ما هو لبناني وسلم وديموقراطية وحقوق وهوية وعدل ومؤسسات وتعددية وقبول للأخر، وجريمة أن يقال انه مقاومة أو شريحة من النسيج اللبناني لأنه وكما يعرف  القاصي والداني جيش إيراني يحتل لبنان إضافة إلى أنه الذراع العسكرية والإرهابية والجهادية لملالي إيران المكلفة ميدانياً كل المهمات العسكرية القذرة والدموية خارج إيران. فهذا الجيش يحارب من أجل مشروع ملالي إيران التوسعي والمذهبي في لبنان وسوريا واليمن والبحرين وكل الدول الخليجية وفي غزة ومصر وفي أوروبا وفي كل دول العالم. لهذه الأسباب هو موضوع على قوائم المنظمات الإرهابية تقريباً في العديد من دول العالم. في الخلاصة، حزب الله مرض سرطاني احتلالي واستعماري وكل ما يمر به وطننا من فوضى وشغور رئاسي وعجز نيابي وفقر واضطرابات عمالية وأزمات اقتصادية وعليات تهريب وابتزاز وتهجير، هي كلها أعراض لهذا المرض الفتاك والقاتل. العلاج ليس في التلهي بالأعراض بل في علاج المرض نفسه. من هنا وطالما أن القيادات اللبنانية السياسية والدينية ترفض تسمية المرض وتتعامى عنه وتتلهى بالأعراض فهي من حفرة إلى أخرى ومن تراجع إلى انكسار وفالج لا تعالج.

ومن اخطر أعراض الاحتلال الإيراني للبنان نجاح طاقم من السياسيين الوصوليين من تصوير أنفسهم باطلاً على أنهم أقوياء ومدافعين عن طوائفهم وعن الحريات. من هؤلاء النائب ميشال عون وظاهرته المرّضية. وفي سياق ممارسات وخداع هذا السياسي المبعثن والمسورن جاءت شهادة نائب وزير خارجية نظام الأسد المقداد به لتؤكد تبعيته وارتهانه

من هنا فقط الأغبياء والجهلة والزلم لا يعرفون حتى الآن أن الشارد ميشال عون هو أداة رخيصة بيد محور الشر السوري-الإيراني، وذلك بعد أن باع نفسه وتخلى عن كل ما هو مسيحي ولبناني وقيم وأخلاق ومبادئ. وها هو نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد يؤكد المؤكد ويقول علناً إن هذا العون الذي لا عون فيه ولا رجاء منه هو مرشح الأسد للرئاسة. وفي هذا السياق التبعي يستمر غزل محور الممانعة باتجاه عون، فبعد الوهاب الذي اعتبر أن عون هو الأمل الباقي وبعد قول ناصر قنديل للمنار إن عون هو مرشح حلف المنتصرين في الحرب السورية وقد تعزز موقعه بعد انتخاب رئيس النظام السوري بشار الأسد، ها هو نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد يشهد للجنرال عون ويعلن أنه مجرّب ومؤمن بلبنان وسيادته وبالعلاقات السورية اللبنانية وبإيجاد حلول لمشاكل لبنان، وتابع المقداد في حديث للميادين معلناً “نحن لا نتدخل في اختيار الرئيس اللبناني، ونترك ذلك للبنانيين، لكن إن اختير الجنرال عون فاني أؤكد انه يستحق ذلك”.

 

مقالة ذات صلة

 

مأزق التعايش مع «حزب الله»

شارل جبور/جريدة الجمهورية

http://www.aljoumhouria.com/news/index/144171

أثبتت التجربة منذ الخروج السوري من لبنان استحالةَ إرساء تفاهم مع «حزب الله» يعيد انتظام عمل الدولة والمؤسسات وفقاً لأحكام الدستور، كما استحالة التقاطع على المفاهيم والقيم المؤسِسة للجمهورية اللبنانية.

المأزق الذي يعيشه لبنان منذ العام ٢٠٠٥ ناتجٌ عن مأزق التعايش مع مشروع «حزب الله»، ومن علامات هذا المأزق ومؤشراته الفراغ في رئاسة الجمهورية، وهو الفراغ الثاني عملياً بعد انتهاء الولاية الممدّدة للرئيس اميل لحود في العام ٢٠٠٧، واليوم بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، فضلاً عن تأليف الحكومات الذي يستغرق فتراتٍ مديدة نتيجة الشروط التعجيزية التي يضعها فريق ٨ آذار في محاولة لتحسين شروطه التعطيلية، كما تحويله السلطة التنفيذية إلى مكان لإدارة الشؤون اليومية لا الخيارات الوطنية.

وهنا بالذات لبّ المشكلة الكامنة في رفض «حزب الله» مبدأ الشراكة القائمة على قاعدتين وطنية وطائفية، ويخطئ مَن يعتبر أنّ الشراكة تتحقق في حسن التمثيل فقط والتي هي جانب أساسي من النظام التشاركي اللبناني، ولكن لا يكفي أن تكون الطوائف ممثلةً في السلطة على أفضل التمثيل، علماً أنه مع إسقاط «حزب الله» حكومة الرئيس سعد الحريري وتكليفه الرئيس نجيب ميقاتي ضرْبَ هذه القاعدة التي كانت مختلّة أيضاً على المستوى المسيحي إبان الوصاية السورية على لبنان، ما يدلّ الى أنّ الحزب، أسوة بالنظام السوري، لا يقيم أيّ اعتبار للبعد الميثاقي الذي يشكل ركيزة من الركائز الأساسية للفكرة اللبنانية.

وفي موازاة التمثيل الطائفي إنّ مبدأ الشراكة على المستوى الوطني غير موجود نهائياً، لأنّ الخيارات الوطنية الاستراتيجية ممسوكة من قبل «حزب الله»، الأمر الذي يجعل الشق الميثاقي ببعده الوطني مغيّباً تماماً، وهذا ما يفسر المأزق الذي تعيشه البلاد باعتبار أنّ البعد الميثاقي لا يتأمّن إلّا بجناحيه الطائفي والوطني، إذ إنّ التمثيل يكون صوَرياً في حالين: وجود طوائفي في السلطة شكلي وغير فعلي، ووجود طوائفي في السلطة تمثيلي، إنما فاقدٌ للقرار الوطني، فما نفع أن تكون قوى 14 آذار، على سبيل المثال، شريكة في السلطة، ولكن فاقدة للشراكة في القرار الاستراتيجي.

وأخطر ما في هذا الواقع هو أنّ القوى السياسية الممثلة لطوائفها ومذاهبها التي تتعارض رؤيتها مع رؤية الحزب تجد نفسها أمام خيارين كلاهما أسوأ من الآخر: خيارُ رفض المشاركة في السلطة للحؤول دون تأمين الغطاء لمشروع «حزب الله»، كما رفض أن تكون شاهد زور لسياسات مسيئة وطنياً وغير قادرة على التأثير في هذه السياسات التي تستجلب الأخطار على لبنان.

وخيار المشاركة في السلطة للحؤول دون تقديم الدولة على طبق من ذهب لـ»حزب الله»، وذلك عن طريق اقتطاع حصتها من هذه السلطة من أجل ربط نزاع مع الحزب على القضايا الوطنية في محاولة لعرقلة مشروعه وعدم تسهيل مهمته والسعي للتقدم خطوة خطوة من منطلق أنّ المعركة القائمة لا تؤخذ بالضربة القاضية، إنما بالجولات.

وقد دلت الوقائع منذ العام ٢٠٠٥ أنّ قوى ١٤ آذار تجنّبت الخيار الأول الذي باعتقادها يقود البلاد الى الحرب والفرطعة نتيجةَ التشنج والاحتقان والتغييب والإبعاد، ما يقود تلقائياً إلى إعادة انتاج الحرب الأهلية، ولذلك اعتمدت الخيار الثاني الذي يبقي الحربَ الباردة قائمة من دون أن يحوّلها إلى ساخنة، كما لا يسمح في الوقت نفسه للحزب في التفرد بحكم البلد ويقيم نوعاً من توازنٍ بين الدولة والدويلة في انتظار أن ترجّح التطورات الخارجية مشروع الدولة. ولكنّ هذا الخيار، أي المشاركة في السلطة، يستدعي من قوى ١٤ آذار جهوزيةً دائمة للفوز في الاستحقاقات الانتخابية بغيةَ تقليص مساحة «حزب الله» داخل السلطة، أي رفض التهاون بأيّ استحقاق انتخابي من أيّ نوع. وهذه الاستراتيجية لا تحتمل أنصافَ الحلول على طريقة أن تتشدد في الانتخابات النيابية وتتراخى في الانتخابات الرئاسية، أو العكس، إنما تتطلب تشدّداً في كل محطة انتخابية التي يجب أن تشكل فرصة لتمدّد مشروع الدولة على الدويلة.

وفي هذا السياق بالذات، تدخل الانتخابات الرئاسية التي يشكل أيّ نوع من أنواع التنازل فيها نسفاً للاستراتيجية التي اعتمدتها ١٤ آذار منذ انطلاقتها، حيث إنّ وصول أيّ رئيس من ٨ آذار، أو قريب منها، يعني استمراراً للمأزق الوطني ولا بل استفحاله وتعمقه، وتخلياً من قبل ١٤ آذار عن استراتيجيتها، خصوصاً أنّ المؤشرات التي ظهرت في الآونة الأخيرة غير مطمئِنة، إن من خلال تراجع ١٤ عن علة وجودها القائمة على الخطاب الوطني الذي يشكل سلاحها الوحيد في مواجهة الطرف الآخر، أو عبر الانفتاح على الجنرال ميشال عون الذي أفضى الى ترييحه وتسهيل مهمته، والذي يشكل انتخابه، إذا حصل، نسفاً للخيار الذي اعتمدته بالمشاركة في السلطة، لأنّ وصوله يوفر الغطاء لمشروع «حزب الله» ويقلّص حضور الدولة، فيما المطلوب توسيع المساحة الوطنية ضدّ الحزب لا العكس.

وإذا صحت التوقعات أنّ البلاد تتجه لانتخابات نيابية، فيجب أن تشكل هذه الانتخابات محطةً لاستفتاء الشعب اللبناني ضدّ سلاح «حزب الله»، لا استفتاء المسيحيين لانتخاب الشخصية التي تنجح في تحقيق أفضل تمثيل مسيحي، لأنّ مواجهةَ عون مسيحياً تتحقق من الباب الوطني لا المسيحي، أي انطلاقاً من تموضعه وخياراته وتوجهاته، وبالتالي المحطة النيابية مناسبة لحشره وطنياً لا ترييحه، الأمر الذي يتطلب انخراطاً كاملاً لقوى 14 آذار بجناحيها المسلم والمسيحي في هذه المعركة عن طريق التعبئة الوطنية القصوى في كل الدوائر. فمأزق التعايش مع «حزب الله» لا يُحلّ عن طريق التبريد معه، لأنّ التبريد يدفعه إلى الاستقواء وتحيّن الفرصة الإقليمية للانقضاض على الدولة كما فعل في 7 أيار 2008 وفي إسقاط الحكومة الحريرية، إنما الطريق الوحيد لتجنّب التقسيم ووصاية الحزب على البلد في آن معاً هي مواصلة المواجهة الوطنية معه، الأمر غير القائم حالياً.