المشكلة ليست بين عون وجعجع، بل بين الوطن ومن يحتله

 الياس بجاني

13 كانون الأول/14

المشكلة في لبنان حالياً على المستوى المسيحي عموماً والماروني تحديداً ليست بين القطبين ميشال عون وسمير جعجع، ولكن بين خيارين متناقضين بالكامل على مستوى الوطن  وكيانه ورسالته ومصيره.

الخيار الأول هو لبناني تاريخي وديموقراطي وسلمي وحضاري وثقافي وأساسه ثوابت بكركي والهوية والتاريخ ومفاهيم وثقافة الحريات والعيش المشترك وحقوق الأنيسان ووطن الرسالة وتضحيات الشهداء والقداسة والقديسين، وهو خيار يمثله مسيحياً ولو بحدود معينة تجمع المسيحيين في 14 آذار من سياسيين وأحزاب وناشطين ومفكرين مع الأكثرية الساحقة من رجال الدين،خصوصاً الموارنة منهم باستثناء البطريرك بشارة الراعي المتلون والمتغير في مواقفه السياسية والوطنية والمتعاطف علناً ودون خجل أو وجل إلى حد كبير مع نظام بشار الأسد ومع هرطقة حلف الأقليات.

والخيار الثاني هو غير لبناني وغير حضاري وغير سلمي وغير إنساني، بل تدميري وتوسعي واستعماري تمثله قوى الاحتلال السورية-الإيرانية المعسكرة والمؤدلجة والممذهبة مع أدوات محلية لبنانية من المرتزقة والانتهازيين الذين تحركهم وتتحكم بعقولهم الجاحدة بكل ما هو لبناني وحريات المصالح والمنافع الذاتية ومركبات الحقد والنقص والانتقام.

في مقدمة هذه الأدوات على الساحة المسيحية النائب ميشال عون وكل من هم مجمعين معه وحوله.

عملياً وواقعاً فإن عون وغيره من أفراد وجماعات وأحزاب 08 آذار هم ستار وهمي يتلطى خلفه المحور السوري-الإيراني ويستعملهم كما يريد بعد أن ارتضوا جميعاً خانعين وراكعين وأذلاء دور أكياس الرمل والأدوات.

من هنا فإن أي لقاء على أي مستوى كان بين القطبين ميشال عون وسمير جعجع، كما الحوار الجاري إعداد مسرحيته الهزلية بين تيار المستقبل وحزب الله، لن يجدي نفعاً ولن يوصل لأي نتيجة ويخدم مصالح المحتل ومرتزقته وليس مصالح الدولة والوطن والمواطنين.

بناء على  كل هذه الحقائق الدامغة بوقاحتها والمفروضة بالقوة على شعبنا اللبناني، فإن اللقاء بين جعجع وعون من عدمه واحد، لأنه وكما يعلم بالمحسوس والملموس وبالواقع المعاش على الأرض كل لبناني أبي ومن غير مرتبة الزلم والأتباع وأكلي التبن من المعالف ومنذ العام 2006، فإن عون قد باع نفسه لغرائزه وأوهامه والأطماع الرئاسية والسلطوية وتنازل عن تاريخه وذاته وشعاراته وعن قراره وحريته بالكامل لمحور الشر السوري الإيراني من خلال ورقة التفاهم وأصبح أداة ومجرد أداة لدى هذا المحور، وبالتالي ليس بمقدوره التلفت من قبضة المحور هذا حتى لو أراد ذلك.

إضافة إلى أن كل أفراد كتلته من النواب والمرشدين والممولين والسياسيين والوزراء والطبول والصنوج الإعلامية وعدد لا بأس به من رجال الدين المسيحيين الشاردين هم جميعاً ودائع عنده وفي رابيته وليس له عليهم أي سلطة عملية وفعلية، بل شكلية وديكورية فقط.

في الخلاصة فإن اللقاء بين عون وجعجع هو مضيعة للوقت وذراً للرماد في العيون وعبثي بامتياز ولن ينتج عنه أي شيء بالمرة يفيد لبنان والخيار اللبناني ووصول رئيس للجمهورية سيادي لا من قريب ولا من بعيد.

لماذا هذه القراءة التحليلية المتشائمة؟ ببساطة لأن فاقد الشيء لا يعطيه وعون الذي ارتضى دور الطروادي ويعيشه بعقله وممارساته وخطابه ليس عنده أي شيء  إيجابي للبنان أو للبنانيين ونقطة على السطر.

 

 *الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الالكتروني

Phoenicia@hotmail.com