للأسف تيار المستقل غير حر في قرارات قياداته، والانفتاح على عون وحزب الله خطيئة مميتة

الياس بجاني/22 شباط/14

نعم وللأسف وبصوت عال نقول إنه ليس لقيادة تيار المستقبل الممثلة بالرئيس الحريري وكما بينت كل المحطات المفصلية منذ العام 2005 أي هامش حرية في مطبخ صناعة القرارات الذي تتحكم به كلياً السعودية وهنا لم يعد من فروقات في المبدأ بين تبعية حزب الله لإيران وتيار المستقبل للسعودية، علماً أن السعودية دولة صديقة ولها أفضال كثيرة على لبنان وعلى اللبنانيين وليس عندها مثل إيران مشروع توسعي أو مذهبي أو عسكري. لكنها أي السعودية بإمساكها كلياًً بقرار تيار المستقبل وإلحاقه بالسياسة السعودية كأولوية وخلط الأمور الداخلية بالإستراتجية يلغي لبنانية هذا التيار السيادي ويفقده المصداقية ويبعد عنه السياديين والأحرار ويغربه عن الشعار الذي يرفعه والقائل لبنان أولاً. بحسرة وحزن نقول إن السعودية عند قيادة تيار المستقبل هي أولاً وليس لبنان مع معرفتنا الأكيدة أن شعب هذا التيار ومؤيديه هم في غير هذا المنحى التبعي. باختصار ودون مسايرة نقول إن قرار انفتاح الحريري على عون وعلى حزب الله كما قراره مشاركته في الحكومة لم يكن قراراً له بل للقيادة السعودية وهذا أمر لا يخدم لبنان لا من قريب ولا من بعيد.

أما بما يخص عون الشارد والانتهازي والوصولي فالواقع وكما كتبنا قبل أسبوع ليس هو الملام لأنه لا زال يتعلق بوهم كرسي بعبدا، بل الأطراف السياسية الأخرى كافة تتحمل المسؤولية بالكامل. فالرجل معروف أنه مجرد من الضمير اللبناني ولا إحساس وطني عنده، كم أنه لا يلتزم لا وعود ولا عهود ولا تحالفات. كل شيء بعقله وثقافته غنائم ويريد افتراسها بنهم حتى وإن كان متخماً. حاله السياسي زئبقي بامتياز ورأي السيد نصرالله فيه معروف منذ التسعينات وهو مدون وليس فيه أي نوع من الثقة أو المودة بل الخيانة بمفاهيم السيد وحزبه. بري من جانب آخر لا يطيق عون لا من قريب ولا من بعيد وكذلك جنبلاط التاجر السياسي. وفي المقلب الآخر ومسيحياً أولاً عون يساوي في عقول المسيحيين الأحرار  (وليس الزلم والأغنام) الإسخريوتي إن لم نريد الدخول في انجازاته التدميرية والحربائية وما أكثرها. أما تيار المستقل فيكفي تذكير الحريري أن عون ونيابة عن السوري-الإيراني كان قطع له تيكت ون وي واصدر كتاباً (الإبراء) يجرم فيه الحريرية مالياً وتطول انجازات عون التدميرية مع الجميع ودون استثناء أحد. الرئيس الجميل إن كان ارتكب من أخطاء فأكثرها جرماً هو تعيين عون رئيساً للوزراء وبالطبع ما بين عون والقوات معروف ولا داعي للغوص فيه. من هنا لو أن الأطراف السياسية كافة توقفت عن اللعب بأحلام عون الواهم والحالم والمنسلخ عن الواقع ربما لكان استفاق من أحلامه الرئاسية ولكن هذه الأطراف تتعاط بالسياسة كما تتعاط الشأن المسرحي وهي لمصالحها الخاصة دائما تجد دوراً لعون ولأمثاله وهي أدوار كومبارس ليس إلا، كدوره في الوساطة كما قيل بين حزب الله والمستقبل في تشكيل الحكومة السلامية الهجينة!! غريب، وهل المستقبل وحزب الله أي إيران والسعودية كانا بانتظار وساطة هذا الكومبارس!! كبروا عقلكم، فإن الاتفاق الحكومي أملي على وكلاء السعودية وإيران مباشرة ودور عون كان كومبارسياً أي مكمل للمشهد لا أكثر ولا أقل. في الخلاصة عون مثل الجوكر يستعمله اللاعبون غب طلبهم ومهما زادوا من استعماله وفي أي مكان وضعوه يبقى جوكراً وبالتالي لا رئاسة ولا من يحزنون ... وسامحونا

 

من جريدة الجمهورية مقالات 3 ذات صلة بالتعليق اعلاه

انطوان سعد/حكومة التراجعات/22 شباط/14
شارل جبور/هل التواصل المستقبلي- العوني يخدم الإعتدال/22 شباط/14
اسعد بشارة/لكي لا يدفع الاعتدال الثمن مرتين/22 شباط/14

حكومة التراجعات!

انطوان سعد/جريدة الجمهورية/22 شباط/14

تألّفت الحكومة وراحت الخصومات تتلاشى في إطار التراجعات الحاصلة دولياً وإقليمياً، وبالتالي محلياً، إذ لم تعد الولايات المتحدة الأميركية قادرة على الإستئثار بالسياسة الدولية من دون أن تجد في مواجهتها عقبات أو مطبّات تضعها القوى المؤثرة في وجهها سواء في سوريا أم في أوكرانيا أم في إيران.

نصرالله أكد أنّ حزبه باقٍ في سوريا حتى النصر

مَن يواجه الولايات المتحدة الأميركية لا يملك بدوره القدرة على الحسم، فتراه يتراجع حيث لا يملك هامشاً واسعاً للتحرك كما حصل في إيران، ويناور حيث يستطيع كما يحصل في أوكرانيا ويواجه كما يحصل في سوريا.

وفي خضم هذه الصورة المعقدة دولياً، والتي تتحكّم بها أيضاً الأوضاع الإقتصادية المتردّية في معظم دول القارتين الأميركية والأوروبية، وفي ظلّ رغبة إيران في التسوية، وسوريا النظام في مفاوضة المعارضة، أعطت إيران والسعودية الضوء الأخضر لترييح الساحة اللبنانية سياسياً، داعمين الجيش اللبناني على الصعيدين التجهيزي والأمني، بحيث بات يتلقَّى معلومات خليجية قيّمة عن كل مَن هو موضع شك بالإنخراط في أعمال إرهابية، ما أتاح للجيش اللبناني تحقيق إنجازات أمنية حمت البلاد شرّ بعض التفجيرات الإرهابية التي تعصف في مختلف المناطق اللبنانية.

لكنّ تأليف الحكومة شابته ثغرات حملت الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله على اعتبار الحكومة حكومة تسوية وليست حكومة وحدة وطنية، لأنّ قوى أساسية بقيت خارجها، وهي بالأصل حكومة تراجعات بعد إرتفاع وتيرة السقوف العالية التي أرهقتها الحاجة إلى الدخول في مفاوضات إيرانية مع الدول الست بأرضية هادئة، ما يتيح التأسيس لتسويات مستديمة بعد انتهاء مدة الإتفاق الموقت في 20/7/2014، وما يتيح أيضاً إبراز النيات الحسنة يقابلها مبادرات إيجابية من أطراف مترقّبة أو متخوّفة من هذه التسويات، فكان تلاقي الجبهتين الإيرانية السعودية في لبنان بعدما عجزا عن اللقاء وجهاً لوجه.

ولأنّ الآمال المعقودة على هذه الحكومة ليست إلّا بحجم تقطيع الوقت إلى حين إنتخاب رئيسٍ للجمهورية مع محاولة البعض إبقاء هذا الإستحقاق مؤجلاً إلى ما بعد الإتفاق الإيراني مع الدول الست، إلّا أنّ الإصرار على احترام الآجال والمواعيد الدستورية يقف حائلاً أمام هذا الخيار، فتغدو هذه الحكومة كالجبل الذي تمخّض فأولد فأراً، حيث استمر هذا التمخّض أشهراً ناهزت العشرة فتألفت الحكومة يوم اقترب أجلها ويوم حُسم سلفاً أنها لن تكون قادرة على الإحاطة بالأزمات اللبنانية الخطرة، لا سيما تلك الناجمة عن الأزمة السورية، إذ أكّد نصرالله أنّ حزبه باقٍ في سوريا حتى النصر، ما يعني أنّ هذه الحكومة لن تستطيع، إّلا في إطار حفظ ماء الوجه، تأكيد “إعلان بعبدا” والتمسك شكلاً بالدستور والمؤسسات الدستورية.

أما عن ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة فهي باتت عملياً وصاية على الشعب والجيش والمؤسسات تتحكَّم بمستقبل اللبنانيين وكيانهم واقتصادهم من دون أن تتمكّن الدولة من حل هذه المعضلة، إذ بات الأمر أكثر من قدرتها على الحل على رغم وجود من يتمسّك بها كمستقبل منشود لكل مَن لا يجد فيها سبيلاً للخلاص لعدم إرتباطه بمشاريع إقليمية أو دولية.

أما ما تبقى من تفاصيل أخرى، كالبيان الوزاري، يتلهّى بها الشحن الإعلامي، فلا يمكن أن تقدم أو تؤخر في الستاتيكو القائم لأنها تجيب فقط على الأسئلة الكبرى المطروحة التي ترفع في كل مناسبة ولا يكاد ينبلج الفجر حتى يتأكد للجميع أنها ليست إلّا شعارات إنشائية برّاقة طنّانة رنّانة فارغة لا يمكن أن تبني دولة قادرة تصون دستورها وحقوق مواطنيها حيث لا تُنحر مؤسساتها ولا مسبّبات وجودها عند الوصول الى أيّ تسوية.

 

هل التواصل «المستقبلي»- «العوني» يخدم الإعتدال؟

شارل جبور/جريدة الجمهورية/22 شباط/14

لا يمكن لقوى الاعتدال في لبنان والمنطقة أن تنتصر بمعركتها إلّا بعد أن تحدد بوضوح برنامجها ورؤيتها والقوى الحليفة والعدوّة لها.

هل يُمهّد اللقاء بين الحريري وعون لتخلي الأخير عن تحالف الأقليات

الإعتراض على المشروع الأرثوذكسي كان له أسباب عدة، وفي طليعتها ثلاثة: الإلتقاء مع مسيحيي 8 آذار على هدف وطني من قبيل تشكيل السلطة في لبنان، الإحتمال الواسع لخسارة 14 آذار الانتخابات النيابية، وضرب فكرة التحالف العابر للطوائف. وعلى رغم الأسباب التخفيفية المتصلة بهذا المشروع من قبيل المناخ المسيحي الذي أوجدته بكركي مع انتخاب البطريرك الراعي وضرورة الوصول إلى وحدة موقف مسيحي من قانون الانتخاب، كما المناورة التي قام بها «حزب الله» عبر موافقته الشكلية على المشروع لضرب وحدة 14 آذار، لأنّ الحزب عاد وأعلن مراراً أنه كان على الجنرال ميشال عون أن يتفهّم استحالة إتمام الانتخابات النيابية بسبب الجهد الذي يضعه «حزب الله» في سوريا التي تحوّلت إلى أولويته المطلقة. وبالتالي، على رغم ذلك، قامت معارضة شرسة للأرثوذكسي وصلت إلى حد التلويح بفرط 14 آذار في حال عَبرَ المشروع المجلس النيابي.

وعلى رغم أنّ المقارنة لا تجوز مبدئياً بين قانون انتخابي يُعيد انتاج السلطة على وقع شعور مسيحي بإجحاف طاوَلَه نتيجة الوصاية السورية، وبين تأليف حكومة مع «حزب الله» في اللحظة التي يواصل فيها قتاله في سوريا، ومع انطلاق أعمال المحكمة الدولية التي اتهمت 5 عناصر من الحزب باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فضلاً عن كل الشكوك المتصلة بدور الحزب بالاغتيالات الأخرى، خصوصاً أنّ انتاج السلطة وفق الارثوذكسي يقوم به كل مذهب منفرداً، فيما الحكومة تعني الشراكة مع المكوّن الآخر في إدارة البلاد، بينما أحد الشركاء، أي «حزب الله»، يتفرّد باتخاذ قرارات استراتيجية تستجلب الحروب على لبنان وتشكّل خطراً بنيوياً على مستقبله، وأهمّها تحويل البيئات الطائفية من بيئات معتدلة تاريخياً إلى بيئات متطرفة تجرّ الويلات على البلد.

ومن هذا المنطلق، فإنّ أيّ تقارب مع «حزب الله» في هذه المرحلة المتفجرة بالذات هو خطأ، وينعكس سلباً على القوّة أو القوى التي تنفتح عليه، إلّا في حال تمّ هذا الانفتاح بشروط فريق الاعتدال لا الفريق المتطرف، وهذا الانفتاح لا يجب أن يتمّ إلّا على قواعد سياسية واضحة وفي طليعتها الالتزام بميثاق العيش المشترك والدستور والقوانين الدولية، وذلك عبر خروجه من سوريا ووَضع جدول زمنيّ لتسليم سلاحه، لأنه عدا ذلك سيفقد فريق الاعتدال مع الوقت قوّته وحضوره وشعبيته، وهذا ما ينطبق تحديداً على قوى 14 آذار التي تراجعت الثقة الشعبية بها، بين لحظة انطلاق الانتفاضة واليوم، بشكل مخيف، والسبب عائد لتنازلاتها المتواصلة ومساوماتها بمعزل عن الأسباب الموضوعية التي دفعتها إلى هذه التنازلات.

فالشراكة في حكومة واحدة مع «حزب الله» اليوم تنعكس سلباً على تحالف قوى الاعتدال، وما ينطبق على الحزب ينسحب على «التيار الوطني الحر»، الذي دَلّ سلوكه، منذ عودة الجنرال عون، على أنه قوة تطرّف لا اعتدال داخل الوسط المسيحي، والدليل تقديمه المعيار المسيحي على الوطني لأسباب تتصِل فقط بتجييش الشارع المسيحي وتعبئته ضد الشارع السني عموماً وتيار «المستقبل» خصوصاً خدمة لأهداف «حزب الله»، علماً أنّ المسيحيين قدّموا تاريخياً المعيار الوطني على المسيحي من منطلق أن تحقيق الأهداف الوطنية يصبّ مباشرة في خدمة المصلحة المسيحية، وأيّ مراجعة لشعاراتهم تُظهر صحة ما تقدّم، من المطالبة بالسيادة والحرية والاستقلال، إلى الدعوة لتحييد لبنان والاعتراف بتعدديته وخصوصيته وديموقراطيته. وبالتالي، السياسات العونية في السنوات المنصرمة صَبّت في خانة تشجيع التطرف وضرب خط الاعتدال في البلد.

فالانفتاح «المستقبلي» على «التيار الوطني الحر» لا يخدم مفهوم التحالف بين قوى الاعتدال على غرار الشراكة مع «حزب الله»، خصوصاً أن «التيار الوطني الحر» أعاد إحياء نظرية الأقليات، حيث لم يكتف بعقد المؤتمرات الهادفة إلى إيجاد البيئة الفكرية الحاضنة لهذه النظرية، إنما قادَه خياره للذهاب إلى دمشق وبراد وطهران وتأييد النظام السوري ضد المعارضة السورية. وإذا كان من الطبيعي أن تشهد حركات سياسية خروجاً عن خطها التاريخي ظرفياً لأسباب وعوامل عدة، إلّا أن المطلوب منها إعادة تصويب مسارها وتصحيحه سريعاً بغية إعادة تغليب تحالف قوى الاعتدال... وإلّا على الاعتدال السلام...

 

لكي لا يدفع الاعتدال الثمن مرتين

اسعد بشارة/جريدة الجمهورية/22 شباط/14

عندما يمدّ «حزب الله» اليد الى تيار «المستقبل» لتأليف الحكومة وفتح صفحة جديدة، المفترض أن يبتعد الاستعراض عن المشهد قليلاً، ليحلّ مكانه التفكير الجاد في طريقة ترتيب علاقة الحدّ الأدنى التي يمكن من خلالها منع الانزلاق الى الفتنة المذهبية، وتأمين سير عمل المؤسسات، ولو بالحدّ الأدنى أيضاً. التراجع عن الثلث المعطل والاستعاضة عنه بالضمانات غير المعلنة، لا يكفي. والزيارات ذات الطابع البروتوكولي، بعد سلسلة طويلة من خطاب التخوين والتكفير، لا تعدو كونها خطوة متواضعة، في سياق خطّة “حزب الله” لتحميل تيار “المستقبل” عبء مواجهة ما أنتجه قتاله في سوريا. يرتكب الحزب الخطأ الكبير، فاعتقاده بأنّه يرمي مسؤولية السلطة التنفيذية بوزاراتها الحساسة على تيار “المستقبل” وفريق “14 آذار”، لن يضيع المسؤولية في الوصول الى سلسلة الارهاب والعمليات الانتحارية، وسيبقى تدخل “حزب الله” في سوريا السبب الأول، وسيبقى إصراره على القتال هناك دافعاً للقوى الاسلامية العنفية لكي تستمرّ في دورها، باستهداف المواطنين الابرياء. ولعلَّ تيار “المستقبل” بات الطرف الأكثر تضرّراً من لعبة التطرف بوجهَيه. فالاعتدال السنّي يدفع اليوم ثمن مواجهة كبرى بين مشروع ايران في المنطقة، والمشروع “القاعدي”. فهذا يواجهه من أمام، وذاك “يزركه” من خلف. فالاعتدال دفع ثمن مواجهة “حزب الله”، ويُراد تدفيعه ثمن مواجهة “القاعدة”.

ويمكن القول إنّ عبء مواجهة التطرّف الأعمى سيقع على عاتق الاعتدال، لكنّ مواجهة مشروع “حزب الله” سواء في سوريا، أو في لبنان حيث لم يكن الحزب بعيداً من تطبيق نماذج ساهمت في إيصال هذا الاعتدال الى حدّ التنافس مع ظواهر أنتجها اغتيال الرئيس رفيق الحريري والسابع من أيار، وإسقاط حكومة سعد الحريري، هذه المواجهة لا يمكن إلّا أن تدخل من معبر اجباري وهو معبر العودة الى الدولة، وإعادة ترميم ما تبقى من مؤسساتها، وخصوصاً المؤسسات الأمنية والقضائية التي استنزفتها الدويلة الى حدٍّ باتت عاجزة عن القيام بدورها. كلّ ذلك لا يتأمن ببيان وزاري مصاغ بالتذاكي اللغوي، ولا يتأمن بالقفز فوق الحقائق الجديدة، وخصوصاً حقيقة أنّ قتال “حزب الله” في سوريا قد وضع لبنان على خط الزلازل. ولا يمكن كذلك أن يتأمن باستمرار الأمن الذاتي، وحماية المتهمين في الجرائم، وحراسة البؤر الأمنية المحمية بقرار سياسي، بل بسلوك أول الطريق من داخل هذه الحكومة لاتخاذ القرار الكبير بالعودة الى الدولة. ويبقى السؤال: هل سيترجم قرار “حزب الله” تسهيل تأليف هذه الحكومة، بالاتفاق على برنامج عمل تنفذه خلال الثلاثة أشهر المقبلة؟ الجواب الى الآن ينبئ بأنّ الحزب توسل هذه الحكومة من أجل تحقيق مجموعة أهداف تصبّ في خانة التغطية على قتاله في سوريا. والجواب على هذا السؤال الى الآن يفيد بأنّ إعلان السيد حسن نصرالله الإصرار على القتال في سوريا، ينبئ بأنّ الحزب غير قادر على أن يكون له أيّ هامش في اتخاذ القرار بالانسحاب، على اعتبار أنّ القرار ايراني المصدر. هذا ما سيحوّل هذه الحكومة ائتلافاً ظرفياً لن تكون وظيفته أكثر من إدارة أزمة بين قوى “14 آذار” و”حزب الله”. وهو نفسه ما يضعف احتمالات أن تنعكس ايجابية تأليف الحكومة على الانتخابات الرئاسية، فتتعزّز فرص الفراغ، وتصبح حكومة ربط النزاع طاولة جديدة للمواجهة، كلّ ما تغيّر فيها أنها انتقلت من مكان الى آخر. وفي المحصّلة، لن يكون رهان “حزب الله” على تخفيف الخسائر عبر تحميل قوى “14 آذار” مسؤولية الوضع الأمني إلّا سراباً. فعلى رغم كل الاحتقان المذهبي، فإنّ المشكلة ليست بين الضاحية والطريق الجديدة، بل وُلدت في القُصير ويبرود وريف دمشق، والانسحاب من سوريا هو أول الطريق الذي يجب سلوكه لمعالجة الأسباب، قبل التلهي بمراقبة النتائج.