لبنان بحاجة لرئيس لبناني قلباً وقالباً وإيماناً

بقلم/الياس بجاني

 

خزيٌ وعارٌ أن يُضيِّع بعض المُمْسكين حالياً بقرارات حُكم وطننا الأم لبنان المعذب فرصة ذهبية نادرة للخلاص من خلال انتخاب رئيس للجمهورية حر وسيادي ولبناني قلباً وقالباً وإيماناً. إن واقع "وطن الساحة" "والدويلات" هو علقم مفروض بقوة سلاح الغرباء ومالهم. إن البدء بصدق وتفاني وشفافية مهمة تثبيت وتحصين وحماية أسس دولة القانون والحقوق والمؤسسات الحرة السيدة المستقلة هو من الأهمية بمكان وهذه مهمة مقدسة لن تتم إلا بوجود رئيس جمهورية حقيقي، وليس دمية يحركها حزب الله الذي يحتل لبنان ويعمل على تحويله بالقوة والإرهاب والبلطجة والغزوات لدولة تابعة كلياً لجمهورية ملالي إيران.

 

دولة كلِّ اللبنانيين العصرية بشرائحهم المتنوعة اثنياً ودينياً وحضارياً توخَّينا قيامها، دولة طالما سعى الأحرار والأشراف والمناضلين من أهلنا لبلوغها منذ سنين طويلة، عانوا خلالها بصبر وإيمان ورجاء جور وكفر وفجور وإجرام زمن الاحتلال الأعجف برموزه وأدواته من طرواديين ومرتزقة وملجميين.

 

لقد قدم الآلاف من شهدائنا الأبرار أنفسهم قرابين لتبقى الجباه عالية والكرامات مُصانة والرايات خفاقة، فماذا نقول لهم ونحن نرى حالة الحكام والسياسيين ورجال الدين التراجعية والجبن؟

واللافت أنه وبعد خروج سوريا العسكري القسري من لبنان طبقاً للقرار الدولي 1559 عادت، وبِقوَّة، التقية ومعها لغة التكاذب والدجل إلى التداول ولم يعد المواطن اللبناني الحر السيادي بقادر على فهم اتجاه بوصلة حكامه والسياسيين وكبار رجال الدين كافة.

 

ففي حين ينادي هؤلاء وعلى مدار الساعة بضرورة نهوض الدولة وبسط سلطتها الذاتية والقانون، نراهم يقبلون راضين أو صاغرين، لا فرق، باستمرار سلطة وتسلط حزب الله الإرهابي والإيراني وببقاء المخيمات الفلسطينية وسلاحها بؤرا أمنية وقنابل موقوتة بيد سوريا البعث وإيران الملالي وغيرهما من القوى الإقليمية والأصولية التي تعودت جعل "لبنان الساحة" مسرحاً لصراعاتها والحروب.

 

قادة وسياسيين وأحزاب مسخ يطالبون باحترام القرارات الدولية وبتنفيذ بنود اتفاق الطائف، لكنهم في الوقت عينه ينتقون ويستنسبون ما هو على مقياس نفوذهم والمصالح، والأدهى ربطهم الهرطقي مصير ما هو لبناني صرف من القرارات وخصوصاً الـ 1559 بتلك غير اللبنانية. فهُم، وهنا العجب يصرُّون أولاً على تنفيذ القرار 194 لجهة عودة الفلسطينيين إلى بلادهم ومعه كل القرارات منذ تأسست عصبة الأمم ومن بعدها جمعية الأمم المتحدة بما فيها تلك المتعلق ببلاد الماو ماو وغابات الأمازون ومجاهل أفريقيا!! يريدون إنهاء أزمات القارات الخمس قبل القبول بقرارات محقة وعادلة تؤمن استعادة سعادة وسيادة واستقلال لبنان وتحريره من الغرباء ومن أسلحتهم!!

 

أما تغنَّي القادة باتفاق الطائف وبمحاسنه فيكشف زيف لبنانيتهم والانتماء لأن هذا الاتفاق ورغم علله الكثيرة صنف كل المسلحين تحت خانة الميليشيات التي يتوجب تجريدها من السلاح، كما أنه طالب بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل والالتزام باتفاقية الهدنة وبسط سلطة الدولة على كامل ترابها بواسطة قواها الذاتية.

 

يتكلمون عن حوار داخلي مع حزب الله الإرهابي والإيراني، وهو طرح لا يزال في علم الغيب. حوار يهدف كما يبشرون تسهيل أمر تنفيذ ما تبقى من بنود القرار 1559 توافقياً، كتسليم سلاحه للدولة وتفكيك بنيته العسكرية والانخراط في العمل السياسي، فيما الحزب يعلن ليلاً نهاراً وبلغة واضحة جداً أن سقف هذا الحوار بمفهومه النضالي والمقاوماتي والممانع محدد بـ "كيفية حماية سلاحه" وليس بأي شيء آخر. فتارة يربط هذا الحزب مصير سلاحه بتحرير مزارع شبعا وطوراً بعودة القرى السبعة وتلال كفرشوبا، ودائماً بوجود إسرائيل وحماية لبنان من أطماعها ومخططاتها!! فيما قادة معظم الدول العرب، بمن فيهم قادة المقاومة الفلسطينية قد صالحوا إسرائيل وعقدوا اتفاقيات السلام معها أو منتظرين "بالصف" وبفارغ الصبر دورهم.

 

والسؤال إلى متى التدجيل والتقية؟ فالحقيقة الفاضحة والناضحة تقول إن لا إمكانية ولو بسيطة لقيام دولة لبنانية مركزية واحدة موحدة في ظل بقاء دويلات وبؤر أمنية خارجة عن نطاق سلطة الشرعية، ودون رئيس جمهورية يلتزم الدستور والقرارات الدولية وإعلان بعبدا، كما أن مبدأ قيام الدولة الواحدة يناقضه كلياً ويلغيه وجود ميليشيات مسلحة تصادر دور الجيش وسلطة الدولة على الحدود وداخل الوطن وتتحكم بقرار الحرب والسلم مع دول الجوار، إنه دور مفترض أن يناط بالدولة وحدها وليس بفريق أو بشريحة واحدة.

 

حان الوقت لتحديد مواقف الجميع ودون استثناء من مبدأ قيام الدولة أو عدمه دون "لف ودوران"، والدولة المنشودة هذه لا يمكن أن تقبل بشريك في سلطاتها السياسية والعسكرية والأمنية والمالية والقضائية وفي علاقاتها مع الدول.

 

أما مهمة حماية لبنان من إسرائيل وغيرها من القوى والدول، فهي من واجبات الجيش والقوى الأمنية الشرعية اللبنانية وحدها، وكل ما عدا ذلك من ضجيج وتهديدات وحجج وذرائع ومبررات جهادية مبتكرة ومستوردة من جمهورية ملالي إيران بهدف إبقاء وضعية حزب الله والمخيمات الفلسطينية الحالية الشاذة على حالها، فهي خطايا مميتة بحق الكيان وتعدٍّ سافر على حقوق المواطن وانتهاكاً للدستور ولشرعة حقوق الإنسان واستهتاراً بالقرارات الدولية كافة، واستخفافاً بذكاء اللبنانيين والكرامات.

 

يتكلمون عن أمور كثيرة، فنراهم يناورون ويتكاذبون ويدجلون ويزايدون فيما هم يتجنبون بحربائية فاقعة وعن سابق قصد وتصميم التطرق للبّ القضية الأساسية التي هي السلاح غير الشرعي، سلاح حزب الله الإحتلالي، ودويلات المخيمات الفلسطينية وسلاحها، ومبدأ قيام الدولة الحقيقي والدستوري.

 

يهتم أهل السياسة عندنا بأمور كثيرة فيما المطلوب واحد، الدولة ومن ثم الدولة، فهل من يسمع منهم وينتفض فيشهد للحقيقة بجرأة وتجرد ليخلص ويخلّص معه الوطن وناسه ويسعى بصدق وجرأة لانتخاب رئيس للجمهورية حر وسيادي وليس دمية إيرانية؟

إن حزب الله يعرف ماذا يريد وهو واضح بطروحاته وأهدافه وارتباطاته الخارجية، كما بإصراره على الاستمرار في قتل الشعب السوري وفي المحافظة بالقوة والإرهاب على وضعيته العسكرية و"الجهادية" والسلطوية الحالية، وكلام قادته اليومي لا يترك أي فسحة للتأويل أو الشك بما يضمر ويريد، فهل قادة لبنان وسياسييه ورجال أديانه وشرائحه يعرفون ماذا يريدون؟

 

في الخلاصة أن اللبناني الحر والسيادي لن يغفر لمن يُضيّع من السياسيين والأحزاب ورجال الأديان والمسؤولين كافة فرصة خلاص الوطن المتاحة حالياً من خلال انتخاب رئيس للجمهورية يؤمن بلبنان الإنسان والرسالة والحرية والهوية والعدل ويحترم الدستور ويصونه.

 

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب البريدي

phoenicia@hotmail.com

كندا، تورنتو في 28 نيسان/14