محور الشر والتكفيريين ومعايير النصر الوهمية

الياس بجاني

في أطر وضوابط المنطق والعقل والعلم والقدرات والإمكانيات والوقائع إن معايير الانتصار والهزيمة محددة ومعروفة ويتم تقيمها وتحديدها طبقاً لحسابات الخسائر والأرباح الملموسة والمعاشة، أما في ثقافة جماعات محور الشر السوري-الإيراني ومعهم حماس وكل منظمات التكفير والأصولية من أمثال حزب الله وداعش والنصرة وبوكوحرام، فإن هذه المعايير لا وجود لها ولا اعتراف بها ولا التزام بمقتضياتها.

إن معايير هذه الجماعات للانتصار والهزيمة موروبة ومرّضية ووهمية ومنسلخة بالكامل عن الواقع والعقل لأنها لا تحترم الإنسان ولا تُعير كرامته وحريته وحقه في الحياة أي اعتبار.

معاييرهم إلهية هكذا يدعون، وهي بالتأكيد ليست بشرية وهم يفصلونها على هواهم ودون ضوابط لتتوافق مع هوسهم وهرطقاتهم وهمجيتهم، وبالتالي لا حسابات للأرباح والخسائر بالمنطق والعقل والواقع الملموس، بل أحلام يقظة وخزعبلات، ولنا في رزم كوارث وهزائم هذه الدول والمجموعات المدوية خير مثال.

سنة 2006 وبناءً على أمر فرماني إيراني تحرش حزب الله الإرهابي بإسرائيل ووقعت الحرب بينهما واستمرت لما يزيد عن الشهر. خلال هذه المواجهة غير المتكافئة عسكرياً قُتِّل حوالي 1500 مواطن لبناني من بينهم عدد كبير من رجال النخبة العسكرية لدى الحزب، كما تم تهجير أهل الجنوب والضاحية ودمرت البنى التحتية اللبنانية وخسر لبنان واللبنانيين ما يزيد عن 30 بليون دولار. في حين أن خسائر إسرائيل كانت قليلة جداً مقارنة مع خسائر لبنان وحزب الله كون المعارك كلها وقعت على الأراضي اللبنانية.

توقفت الحرب وخرج قادة حزب الله رافعين رايات النصر مدعين أنهم منعوا إسرائيل من تحقيق أهدافها وهي أهداف وهمية لم يفصحوا عنها، لأنها أصلاً غير موجودة. الأمين العام للحزب السيد نصرالله ورغم كل عنتريات وادعاءات النصر اعترف أنه لم يكن يعلم بأن الرد الإسرائيلي سيكون بهذه القوة. نسأل هنا قادة حزب الله وإيران ومن يغرق في ثقافتهم ما هي معايير النصر في هذه الحرب وهل كانت طبقاً لحسابات الربح والخسارة الملموسة والمرئية؟

في شهر أيار 2008 قام حزب الله  بغزو بيروت الغربية وبعض مناطق الجبل لفرض سيطرته على الحكم والحكومة  واختراق كل المؤسسات، ورغم كل أعمال الإجرام والقتل والتدمير غير المبررة التي مارسها الحزب خلال الغزوة البربرية هذه خرج السيد نصرالله دون خجل أو وجل ليصفها باليوم المجيد. مرة أخرى نسأل طبقاً لأية معايير كانت الغزوة يوماً مجيداً؟

في هذا السياق وبناءً على أوامر إيرانية يشارك حزب الله ومنذ 3 سنوات في الحرب السورية إلى جانب نظام المجرم بشار الأسد وضد الشعب السوري. لقد سقط للحزب بأقل تقدير حتى الآن بحدود ال 1000 قتيل في حين يتباهى قادته بأفعالهم وارتكاباتهم مدعين النصر على التكفيريين. مجدداً نسأل ما هي معايير هذه الانتصارات؟

في غزة ومنذ ثلاثة أسابيع يوما تدور حرب مدمرة بين إسرائيل وحماس أوقعت حتى يوم 24 تموز/14 ما يزيد عن 750 قتيلاً بين الفلسطينيين وتسببت بدمار مخيف وبخسائر جداً كبيرة جميعها داخل الأراضي الفلسطينية، في حين لم تتعدى خسائر الدولة العبرية ال 50 عسكرياً و3 من المدنيين. ورغم كل هذا التفاوت في الخسائر وفي القدرات يتباهى قادة حماس وأمراء الجماعات الجهادية في غزة أنهم هزموا جيش إسرائيل ومنعوا الدولة العبرية من تحقيق أهدافها. ترى ما هي هذه الأهداف الإسرائيلية، وطبقاً لأية معايير جاء النصر على جيشها؟

وتطول قائمة هزائم النظامين السوري والإيراني ومعهما المجموعات والعصابات الإرهابية والتكفيرية في حين أنهم يتعامون عن واقع هذه الهزائم المدمرة، ودائماً يعلنون النصر غير آبهين بالخسائر البشرية تحديداً التي يتسببون بها خلال هذه الحروب العبثية.

في الخلاصة إن معايير الانتصار والهزيمة في ثقافة النظامين السوري والإيراني ومعهما حزب الله وحماس والنصرة وداعش وباكوحرام وباقي كل المجموعات الأصولية والتكفيرية التي تقول قولهم وتحمل نفس مشروعهم المدمر والشيطاني هي معايير مرّضية ووهمية ومنسلخة عن الواقع وكارثية على مجتمعاتها.

نختم مع قول النبي اشعيا (05/20و21) للذين يقلبون المعايير: " ويل للقائلين للشر خيرا وللخير شرا، الجاعلين الظلام نورا والنور ظلاما، الجاعلين المر حلوا والحلو مرا. ويل للحكماء في أعين أنفسهم، والفهماء عند ذواتهم".

 

الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الالكتروني

Phoenicia@hotmail.com