همروجة ونفاق المزايدات بحب الجيش: من الحب ما قتل

الياس بجاني

01 آب/15

في المبدأ لا شيء يمنع من الوقوف مع الجيش في أي بلد من البلدان كون أفراد الجيوش هم من أفراد الشعوب، وبالتالي الوقوف مع أي جيش ودعمه وتأييده هو وقوف الإنسان مع نفسه ومع أهله. أما الهمروجة الحالية في لبناننا الغريب والعجيب بتكوين ثقافات شرائحه الانتهازية والمسرحية والنفاقية المتنوعة الولاءات للخارج وليس للوطن، فهي غير مبررة بالمرة، لا بل مخالفة للدستور وتستهين بعقول وذكاء المواطن العادي للأسباب التالية:

1- الجيش ليس دولة مستقلة لا بقراره ولا بممارساته ولا بهيكليته التنظيمية.

2-الجيش مؤسسة تابعة للدولة والإشراف عليه هو من قبل الدولة طبقاً للقوانين المرعية الشأن.

3- رفع شعارات "الجيش هو الخلاص" أو "الجيش هو الحامي للوطن" أو ما يأتي في إطارهما من أناشيد وزجليات وهمية وحالمة وشعرية ويافطات مغالية بدور الجيش وبمهماته وبقدسيته وبطوباوية قادته، هي بأغلبيتها نصوص سرطانية ولزوم ما لا يلزم كون مهمات الجيش محكومة ببنود الدستور وليست معتمدة على مزاجية وولاءات قادته.

4- الجيش كما كل مؤسسات الدولة الأخرى هو من ضمن مكونات الوطن المحكومة بالدستور وليس بأي شكل من الأشكال هو كيان مستقل ويتصرف بعيداً عن المهام المكلف بها.

من هنا فإن الهمروجة الحالية التي تعم لبنان ووسائل إعلامه في المغالاة والمزايدات بحب الجيش وبتقديسه وتصويره بالكيان المستقل هي كلها ممارسات لزوم ما لا يلزم وتندرج في إطار مسرحيات الكذب والنفاق وخداع الذات والآخرين.

فمثلاً كيف نصدق تأييد حزب الله الإيراني والإرهابي والغزواتي للجيش وهو يعطل دوره ويصادر الدولة بكاملها ويحتل أجزاء من الوطن ويعهر كل ما هو لبناني وقيمي وأخلاقي.

بالطبع الأمر هنا فضائحي وهو نفسه ينطبق على أكثرية الأحزاب والسياسيين والمسؤولين ورجال الدين الكبار اللبنانيين الذين يتغنون بالجيش اليوم في عيده السبعين فيما هم عملياً وفكرياً وولاءات يمارسون نقيض كل ما يتبجحون به.

في أمثالنا نقول: "من الحب ما قتل". فيا ليت من يتغنى بالجيش كائن من كان، فرد أو حزب أو سياسي، أو مسؤول، أو رجل دين، ويزايد في محبته ويضخم وينفخ في أدواره، يا ليت هو نفسه يلتزم بالقانون ويقوم بواجباته المواطنية ويتصرف كإنسان حر صاحب بصر وبصيرة وليس كتابع رخيص وذليل محسوب على زعيم أو بيك أو اقطاعي أو مرجعية خارجية، كما هو للأسف حال غالبية كبار العاملين في الشأنين العام والسياسي.

في الخلاصة إن الجيش مؤسسة من مؤسسات الدولة، وليس دولة مستقلة، وبالتالي كل من يريد تأييده فليحافظ على الدولة، ويحصر ولاءه بها، ويلتزم بقوانينها، ويقوم بواجباته الوطنية والأخلاقية، وعلى الأقل يتحمل مسؤولية نفاياته ونظافة  البلدة أو المدينة التي يقيم فيها، وكل ما عدا هذا هو نفاق بنفاق، وكذب بكذب.

فلنصلي في عيد يوم الجيش من أجل راحة نفوس كل أفراده الذين سقطوا وهم يقومون بتأدية وجباتهم الوطنية، ومن أجل أن يعود كل شارد من أهلنا عن الكيان اللبناني، وعن لبنان الرسالة والتعايش والتاريخ، وعن ثقافة السلام والمحبة، وعن القيم الانسانية، من أجل أن يعود إلى صوابه وإلى انسانيته وضميره، وإلى مخافة الله ويوم حسابه الأخير.

الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الألكتروني

Phoenicia@hotmail.com