نتانياهو دافع عن العرب أكثر مما دافع عن إسرائيل

الياس بجاني

04 آذار/15

كل من استمع أمس إلى خطاب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو التاريخي الذي ألقاه في مبنى كابيتول هول أمام أعضاء الكونغرس الأميركي في واشنطن، من استمع بعقلانية وموضوعية، دون خلفيات الجهل والحقد الأعمى والعداء العبثي لدولة إسرائيل لا بد وأنه قال بينه وبين نفسه إن خطاب هذا الرجل هو دفاع  قوي ومصيب ومحق وعادل % 100 عن مخاوف الدول والشعوب العربية كافة، وتجسيداً لقلقها وارتباكها وخوفها وخيباتها وتفرقها في مواجهة الأخطار الإيرانية الغزواتية والتوسعية الداهمة.

نعم ودون تزلف أو ذمية نقول بصوت عال إن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو هو قائد تاريخي يعرف مصلحة بلده ولا يهاب أن يجاهر بقوة وبشجاعة بها وقد عبر أمس في خطابه الشامل والمتكامل والمبسط عما يريد أن يفصح به وعنه كل لبناني وعربي. قال الرجل للعالم كله ما يتردد ويحاذر للأسف قادة العرب عن قوله في العلن وإن كانوا يهمسون به همساً خلف الأبواب المغلقة خلال اجتماعاتهم مع قادة العالم.

من هنا المطلوب اليوم وليس غداً من كل قادة الدول العربية أن يحملوا نفس ثقافة ونبرة وصراحة وشجاعة القائد الإسرائيلي المميز ويحذون حذوه وينهجون نفس نهجه ويقفوا موحدين عسكرياً وسياسياً واقتصادياً في وجه الهجمة الإيرانية العسكرية والثقافية والمذهبية والتوسعية التي فككت وخربت ودمرت حتى الآن كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن، وهي بالتأكيد سوف تكمل حروبها المدمرة على كل الدول العربية الواحدة تلوى الأخرى إن لم يتم لجمها وردها على أعقابها بالقوة وبالتعاون مع كل القوى الدولية والإقليمية المستعدة لهذه المهمة بمن فيها دولة إسرائيل.

عملياً وواقعاً معاشاً إن الخطر الإيراني هو خطر وجودي وكياني حقيقي محسوس وملموس ومنظور يطاول كل الدول والشعوب العربية وليس فقط إسرائيل، علماً أن هذه الأخيرة لديها القدرة العسكرية والدعم الدولي لإبقاء الخطر الإيراني هذا بعيداً عنها أقله في الوقت الراهن. أما الدول العربية كافة فهي للأسف عاجزة عسكرياً عن المواجهة وحتى الآن ورغم قدراتها المالية الضخمة ليس لديها خطط واضحة لكيفية التعامل مع أطماع حكام إيران التوسعية والاستعمارية.

بداية ولتتمكن الدول العربية من تكوين جبهة موحدة قادرة وفاعلة على مواجهة الهجمة الإيرانية العسكرية عليها أن تلتزم بسلم أوليات عملي وواقعي واضح وجلي وعلني لا تكون من ضمنه لا كذبة العداء لإسرائيل ولا وهم رمي اليهود في البحر، والأفضل لها أن تتعاون علناً مع إسرائيل هذه وتستفيد من قدراتها وخبراتها وعلاقاتها، ولماذا لا ومعظم هذه الدول قد اعترفت بها وتتبادل معها العلاقات الدبلوماسية والتجارية وحتى العسكرية والمخابرتية علناً أو مواربة.

إن خطاب القائد الإسرائيلي شخص المرض الذي هو السرطان الإيراني وعدد الأعراض وسمى بوضوح أدوات ووسائل العلاج، وهي كلها متوفرة وبكثرة لدى الدول العربية، وما على قادة هذه الدول وتحديداً الخليجية منها إلا إعلان مواقفها بشجاعة وصراحة دون مسايرة ومواربة، وضع خطط المواجهة والالتزام بها، تماماً كما هو حال قادة الدولة العبرية الذي جسده نتانياهو.

التاريخ والوقائع تعلمنا إن العالم يحترم فقط الأقوياء ولهذا السبب تمكن بنيامين نتانياهو القوي من الوصول إلى الكونغرس الأميركي وألقى خطابه التاريخي متحدياً بأحقية وعدالة القضية التي يحملها رئيس الولايات المتحدة الأميركية الرمادي والمتردد بمواقفه والساعي لعقد اتفاق جائر مع حكام إيران يهدد بنتائجه الكارثية السلم العالمي وليس الدول العربية وإسرائيل فقط.

ولنفس السبب استحوذ هذا القائد الإسرائيلي الشجاع على ٢٥ جولة تصفيق من أعضاء الكونغرس الأميركي من الحزبين الجمهوري والديموقراطي على حد سواء خلال إلقاء خطابه، الذي كما ذكرنا في البداية كان دفاعاً محقاً وواقعياً عن الدول والشعوب العربية أكثر منه دفاعاً عن دولة إسرائيل وشعبها.

إن الحقيقة المؤلمة التي لا يجب إغفالها مهما كانت التضحيات هي أن كل الدول العربية، أو بالأحرى ما تبقى منها دون تفكك وخراب هي مهددة من قبل حكام إيران الواهمين والحالمين والوقحين بكياناتها وبكل مقوماتها الحضارية والثقافية والوجودية.

في الخلاصة، إن التاريخ لن يرحم قادة مترددين وخائفين لا يعملون للدفاع عن أوطانهم وشعوبهم، ومن هنا واجب القادة العرب أن يحذو حذو نتانياهو ويقوموا بوجباتهم الوطنية والقومية قبل فوات الأوان.

 

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الالكتروني

phoenicia@hotmail.com