14 أذار! نعم، التيار رقم واحد

بقلم/الياس بجاني

 

إن الأحداث والتطورات المتسارعة التي تعصف بوطننا الأم وبجالياتنا في بلاد الانتشار تستوجب واستحقاقاً للحق أن نُسمى الأشياء بأسمائها دون أية مواربة أو مسايرة أو خجل أو حتى غض طرف، وأن نُدل بالبنان وعلانية على كل "قبوط" وقزم، وكل مدعي وطنية نتن ومتوهم بحجمه والعضلات يتطاول بوقاحة المومس على كرامة المناضلين من أهلنا الميامين وقياداتنا السيادية المناضلة. فلولا عطاءات هؤلاء والتضحيات لما كان وطن الرسالة والحرف تحرر وثورة شبابه الأرزيين أبصرت النور، ولما كانت تحطمت قيود سجناء الضمير ليتحرروا وعاد المبعدون قسراً من المنافي مرفوعي الرأس شامخي الجبين.

 

لم تُحرِّر الوطن جوقة المطبلين والزقيفة من القادة والسياسيين البهلوانيين المتلونين بمواقفهم والولاءات من كبار تجار المذهبية والمناطقية والعصبيات وهم الذين قال الشعب لمعظمهم بالصوت الصارخ لا، ساحباً منهم وكالة تمثيله في مجلس النواب.

 

لو تُركت قيادة سفينة التحرير للمرتزقة والطرواديين من سارقي عرق وتعب مناضلينا، ومختطفي شعاراتنا الوطنية ونتاج محطاتنا النضالية المُشرِّفة والمُشرقة، وفي مقدمها محطة 14 أذار بسنواتها "الأربعتعش"، وهم كانوا من أشرس محاربيها في ظل حقبة الاحتلال وحكم دُماه المحليين، لما استطاع شعبنا المؤمن والعنيد استعادة استقلاله المغتصب، وقراره المُصادر وحرياته المكبوتة.

 

فلتخرس أصوات نشاز ربع الراكعين والخانعين من لابسي العباءات الشامية، أولئك الطبول والصنوج النافخين سموم الحقد والضغينة عبر برامج تلفزيونية واذاعية "زافانية"!!! ووسائل إعلام عديدة متواطئة في مؤامرة تشويه صورة وسمعة القادة السياديين عموماً وقادة التيار الوطني الحر تحديداً ضمن مخطط شيطاني لم تعد أهدافه السلطوية والاستعبادية "الاستكرادية" بخافية على أحد، وفي مقدمها الإتيان برئيس جمهورية يكون ألعوبة بأيدي من يتوهمون بعقولهم المريضة وأحلام اليقظة أن الفرصة الآن سانحة لهم للتمركز مكان جماعة عنجر في مواقع السلطة والنفوذ.

 

نحذر من قلة بين ظهرانينا لم تزرع ولم تسقِ ولم ترعَ يوم كان وطننا الأم يرزح تحت نير العبودية والاحتلال وأُناسنا يقهرون ويضطهدون، يهجرون ويقتلون، وهي قلة خرجت مؤخراً من جحورها كالجوارح الكواسر حاملة المناجل مستهدفة الحصاد وأهلة والكرامات.

 

لقد امتطى هؤلاء القلة صهوات خيول الغير حتى أعيوها، وبعد أن تحرر الوطن بمجهود ونضال غيرهم من الأحرار والقيادات، ها هم الآن يتاجرون بماسي الأحرار من أهلنا وبطيبة وبساطة البعض وبقضايا وطنية ودينية وإنسانية هم أساساً براء منها وهي في مكنونها نقيض لكل ما يختزنون في دواخلهم من حقد دفين وفكر ممروض، وانتماء وطني مشكوك بمرجعياته وبنيات خبيثة هدامة.

 

ليعلم أهلنا أن الذئاب تبقى ذئاباً بطبائعها والغرائز حتى ولو ارتدت ملابس الحملان وأخفت وجوهها وراء الأقنعة والكمَّامات. ومن يأمن للذئاب وأقرانهم من البشر المسوخ فهو كمن يتوهم رحمة من سكين جزار ومعونة من غدرة أبالسة.

 

أما الثابت فهو أن البشر لا يتغيرون في أخلاقهم، والضمائر، ولا في فكرهم والممارسات بين ليلة وضحى، أو بمجرد انتقالهم من قاطع لآخر، ومن مجموعة لأخرى واستبدال مسمياتهم والجلود، فمن شب على شيء شاب عليه، ومن يُجرب المُجرَّب يكون عقله مُخرب.

 

نطمئن أولئك الخارجين من جحورهم في بلاد الانتشار والوطن الأم بعد سنين التقوقع وطأطأة الرقاب، كما اللاهثين وراء أدوار وعناوين ليست على مقاسهم والأفعال، وأيضا المتنطحين الغوغائيين من قناصي الفرص وجلهم كان "كأبو الهول" بصمتهم الرهيب عن كل ماسي الاحتلال السوري وقهر ناسهم، نطمئنهم إن الأحرار من أهلنا والقادة وفي طليعتهم التيار الوطني الحر وعماده هم بالمرصاد لهم كما دائما ولأضاليلهم والمؤامرات.

 

إن القيادات المخلصة من حاملي رايات التحرير والتحرر، والسيادة والكرامات ملتزمة نضالها الفاعل والعلني قضية الدفاع الحضاري والسلمي والأخلاقي عن الإنسان اللبناني أينما وجد، هوية وكرامة، تاريخ وحقوق، حريات وقيم، وهي كما طوال السنوات العجاف المنصرمة بإذن الله مستمرة وعلى نفس الطريق سائرة بعناد راسخ مقدود من معاجن الإيمان والثوابت دون مساومة، أو خوف، حسابات أو منافع ذاتية.

 

صلواتنا وأدعيتنا بمناسبة حلول عيدي الميلاد المجيد ورأس السنة الجديدة أن يحل السلام العادل والشامل في ربوع وطننا الأم وبين جالياتنا في بلاد الانتشار، ومعهما بشائر الفرح والخير، سائلين طفل المغارة أن يمنح أهلنا القوة والعافية ويرسخ في أعماقهم والوجدان روح المحبة والتضامن والالفة ويلاقي لبناننا الحبيب الخلاص بميلاد المخلص العجيب.

 

** ناشط سيادي اغترابي - صحافي ومعلق سياسي

 

25/12/2005