المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

نشرة الأخبار العربية ليوم 28 كانون الأول/2015

اعداد الياس بجاني

http://www.eliasbejjaninews.com/newsbulletins05/arabic.december28.htm

أرشيف نشرات أخبار موقعنا اليومية/عربية وانكليزية منذ العام 2006
أرشيف نشرات أخبار موقعنا اليومية/عربية وانكليزية منذ العام 2006/اضغط هنا لدخول صفحة الأرشيف

أقسام النشرة

الزوادة الإيمانية لليوم/تعليقات الياس بجاني وخلفياتها/الأخبار اللبنانية/المتفرقات اللبنانية/الأخبار الإقليمية والدولية/المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

 

عناوين الزوادة الإيمانية لليوم

إنجيل القدّيس متّى02/من01حتى12/المجوس سجدوا للطفل وغادروا دون أن يلتقوا هيرودس

رؤيا القدّيس يوحنّا21/09/10/من21حتى27/فتَسِيرُ ٱلأُمَمُ في نُورِهَا، ومُلُوكُ ٱلأَرْضِ يَحْمِلُونَ مَجْدَهُم إِلَيْهَا. وأَبْوَابُهَا لَنْ تُغْلَقَ طَوَالَ ٱليَوم

 

عناوين الأخبار اللبنانية

د.مصطفى علوش: فرنجية ليس مرشح “المستقبل”

ريفي من القاهرة : لإقرار التشريعات اللازمة والتعاون العربي المشترك لمكافحة الفساد

تداعيات ترشيح فرنجية لرئاسة لبنان لمْلمة في 14 آذار وشروخ في 8 آذار وذكرى اغتيال شطح... رسائل في أكثر من اتجاه

مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم الأحد في 27/12/2015

أسباب “الشرخ” بين “المردة” و”التيار الوطني الحر”

 

عناوين الأخبار المتفرقات اللبنانية

فعاليات حورتعلا وآل المصري يطالبون باستئناف التفاوض مع داعش لتحرير الجنود المخطوفين

الراعي: ليس من المقبول إسقاط مزيد من فرص التوافق لانتخاب رئيس

السنيورة في الذكرى الثانية لاستشهاد شطح: 14 آذار باقية مهما تعاظمت المصاعب والاختلافات وسقوط مشروعها يقضي على وطن الاعتدال والانفتاح

الحريري: سنبقى أوفياء لوحدة 14 آذار التي عمل عليها محمد شطح

ريفي في ذكرى استشهاد شطح: عهد علينا أن تكون شهادته منارة لنا

نديم الجميل في ذكرى اغتيال شطح: نفتقد دبلوماسيتك الصارمة

 فرعون: شطح كان صوت العقل والاعتدال وما أحوجنا الى الإثنين في ظل ما يعانيه وطننا

 

عناوين الأخبار الإقليمية والدولية

مقتل ثلاثة ضباط إيرانيين في حلب

أردوغان يتهم إيران بتبني سياسات »طائفية« في سورية

مقتل زهران علوش يشكل ضربة لمحادثات السلام ومتنفساً لـ»داعش« وسط مخاوف من استقطاب التنظيم الإرهابي بعض الإسلاميين

الأمم المتحدة: المفاوضات بين النظام والمعارضة في 25 يناير

الجيش العراقي يُحاذر الوقوع في كمائن ومواجهة انتحاريين والقوات الأميركية تخطط لاصطياد قادة »داعش«

الصين تتبنى أول قانون لمكافحة الإرهاب وسط مخاوف من تعزيزه القيود على الإعلام وتأهب في أوروبا بعد تحذير «استخبارات حليفة» من هجمات إرهابية

علاوي: التحالف الإسلامي تجمع لقوى الاعتدال ضد التطرف

تظاهرة تطالب برحيل العرب من جزيرة كورسيكا الفرنسية

الفيضانات تجتاح أجزاء من إنكلترا

عيد ميلاد دام في الفليبين مع مقتل 10 برصاص متشددين

اعتقال 75 متهماً بالإرهاب بينهم أميركي في السعودية وأردوغان يزور المملكة غداً

 

عناوين المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

سمير القنطار الذي أظهر عُمق خلافاتنا/محمد العطار/الحياة

الهاربون من أوطانهم/الياس حرفوش/الحياة

لا تركيا ولا علوش العقبة الوحيدة أمام بوتين/جورج سمعان/الحياة

في أن القنطار وعلوش «شهيدان»/ديانا مقلد/الشرق الأوسط

روسيا ولغة العصا/عبد الرحمن الراشد/الشرق الأوسط

الكونغرس يُقر والنظام الإيراني يشتاط/د. سلطان محمد النعيمي/الشرق الأوسط

من عمان إلى قم/طارق الحميد/الشرق الأوسط

القنطار و"حزب الله السوري"/مجد الخطيب/المدن

نصرالله في ذكرى القنطار: المعركة مفتوحة ولم ولن تغلق والرد على اغتياله قادم لا محالة

 

تفاصيل النشرة

تفاصيل الزوادة الإيمانية لليوم

إنجيل القدّيس متّى02/من01حتى12/المجوس سجدوا للطفل وغادروا دون أن يلتقوا هيرودس

"لَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ في بَيْتَ لَحْمِ اليَهُودِيَّة، في أَيَّامِ المَلِكِ هِيرُودُس، جَاءَ مَجُوسٌ مِنَ المَشْرِقِ إِلى أُورَشَلِيم، وهُم يَقُولُون: «أَيْنَ هُوَ المَوْلُودُ مَلِكُ اليَهُود؟ فَقَدْ رَأَيْنَا نَجْمَهُ في المَشْرِق، فَجِئْنَا نَسْجُدُ لَهُ ». ولَمَّا سَمِعَ المَلِكُ هِيرُودُسُ ٱضْطَرَبَ، وٱضْطَرَبَتْ مَعَهُ كُلُّ أُورَشَلِيم. فَجَمَعَ كُلَّ الأَحْبَارِ وكَتَبَةِ الشَّعْب، وسَأَلَهُم: « أَيْنَ يُولَدُ المَسيح؟». فَقَالُوا لَهُ: «في بَيْتَ لَحْمِ اليَهُودِيَّة، لأَنَّهُ هكَذَا كُتِبَ بِٱلنَّبِيّ: وأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمُ، أَرْضَ يَهُوذَا، لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ رَئِيسٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيل».حِينَئِذٍ دَعَا هِيرُودُسُ المَجُوسَ سِرًّا، وتَحَقَّقَ مِنْهُم زَمَنَ ظُهُورِ النَّجْم. ثُمَّ أَرْسَلَهُم إِلى بَيْتَ لَحْمَ وقَال: «إِذْهَبُوا وٱبْحَثُوا جَيِّدًا عَنِ الصَّبِيّ. فَإِذَا وَجَدْتُمُوه، أَخْبِرُونِي لأَذْهَبَ أَنَا أَيْضًا وأَسْجُدَ لَهُ». ولَمَّا سَمِعُوا كَلامَ المَلِكِ ٱنْصَرَفُوا، وإِذَا النَّجْمُ الَّذي رَأَوْهُ في المَشْرِقِ عَادَ يَتَقَدَّمُهُم، حَتَّى بَلَغَ المَوْضِعَ الَّذي كَانَ فيهِ الصَّبِيّ، وتَوقَّفَ فَوْقَهُ. فَلَمَّا رَأَوا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا. ودَخَلُوا البَيْتَ فَرأَوا ٱلصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ، فَجَثَوا لَهُ سَاجِدِين. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُم وقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا، ذَهَبًا وبَخُورًا ومُرًّا. وأُوْحِيَ إِلَيْهِم في الحُلْمِ أَلاَّ يَرْجِعُوا إِلى هِيرُودُس، فَعَادُوا إِلى بِلادِهِم عَنْ طَرِيقٍ آخَر".

 

رؤيا القدّيس يوحنّا21/09/10/من21حتى27/فتَسِيرُ ٱلأُمَمُ في نُورِهَا، ومُلُوكُ ٱلأَرْضِ يَحْمِلُونَ مَجْدَهُم إِلَيْهَا. وأَبْوَابُهَا لَنْ تُغْلَقَ طَوَالَ ٱليَوم

"يا إخوَتِي، أَتَى واحِدٌ مِنَ ٱلمَلائِكَةِ ٱلسَّبعَةِ ٱلحَامِلينَ ٱلكُؤُوسَ ٱلسَّبْعَ ٱلمَلأَى مِنَ ٱلضَّرَبَاتِ ٱلسَّبْعِ ٱلأَخيرَة، وكَلَّمَنِي قائِلاً: «تَعَالَ فَأُرِيكَ ٱلمَرْأَةَ عَرُوسَةَ ٱلحَمَل!». وَنَقَلَنِي بِٱلرُّوحِ إلى جَبَلٍ عَظِيمٍ عَالٍ، فأَرَانِي ٱلمَدِينَةَ ٱلمُقَدَّسَةَ نَازِلَةً مِنَ ٱلسَّمَاءِ، مِنَ عِنْدِ ٱلله، وٱلأَبْوَابُ ٱلٱثْنَا عَشَرَ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ لُؤْلُؤَة، وكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ ٱلأَبْوَابِ كَانَ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَة. وسَاحَةُ ٱلمَدِينَةِ مِنْ ذَهَبٍ خَالِصٍ كَٱلزُّجَاجِ ٱلشَّفَّاف. وَلَمْ أَرَ فيهَا هَيْكَلاً، فَٱلرَّبُّ ٱلإِلهُ ٱلضَّابِطُ ٱلكُلَّ وٱلحَمَلُ هُمَا هَيْكَلُهَا. وٱلمَدِينَةُ لا تَحْتَاجُ إِلى ٱلشَّمْسِ ولا إِلى ٱلقَمَر، لِيُضِيئَا لَهَا، فَمَجْدُ ٱللهِ أَنَارَهَا، وسِرَاجُهَا هُوَ ٱلحَمَل. فتَسِيرُ ٱلأُمَمُ في نُورِهَا، ومُلُوكُ ٱلأَرْضِ يَحْمِلُونَ مَجْدَهُم إِلَيْهَا. وأَبْوَابُهَا لَنْ تُغْلَقَ طَوَالَ ٱليَوم، لأَنَّهُ لَنْ يَكُونَ لَيْلٌ فِيهَا. ويَحْمِلُونَ إِلَيْهَا مَجْدَ ٱلأُمَمِ وكَرَامَتَهُم. ولَنْ يَدْخُلَهَا أَيُّ نَجِسٍ أَو فَاعِلِ رَجَاسَةٍ وكَذِب، بَلِ ٱلْمَكْتُوبُونَ في كِتَابِ ٱلْحَيَاة، كِتَابِ ٱلْحَمَل."

 

تفاصيل الأخبار اللبنانية

د. مصطفى علوش: فرنجية ليس مرشح “المستقبل”

الأنباء الكويتية/أكد القيادي في تيار المستقبل النائب السابق د.مصطفى علوش ان النائب سليمان فرنجية ليس مرشح تيار المستقبل كما يحلو لبعض الجهات السياسية والاعلامية تسويقه في محاولة يائسة ورخيصة منها لدق اسفين بين قيادات قوى 14 آذار، انما هناك حراك سياسي وطني يقوده الرئيس سعد الحريري لانهاء الشغور المتعمد في سدة الرئاسة وانتشال المؤسسات الدستورية من مستنقع الشلل والتعطيل، وذلك من خلال التفاهم مع النائب فرنجية على ملاقاة قوى 14 آذار وسط الطريق والمضي بخطوات كبيرة وثابتة تشجع مكونات الاخيرة على انتخابه رئيسا للجمهورية. ولفت علوش، في تصريح لـ“الأنباء”، الى ان فرنجية لم يكن اساسا على رأس قائمة المرشحين للرئاسة بقدر ما كان مرشحا متساويا بالحظوظ مع حليفه العماد عون، الا ان الحراك السياسي المشار اليه اعلاه رفع من منسوب حظوظه، لكن سرعان ما قطع عليه حزب الله الطريق بذريعة واهية الا وهي “الاولوية للعماد عون”، ما يعني من وجهة نظر علوش ان من تسبب في تدني حظوظ فرنجية هم حلفاؤه اكثر مما هم اخصامه في قوى 14 آذار، وذلك باعتراف فرنجية نفسه عقب اجتماعه بكل من العماد عون والسيد حسن نصرالله. وردا على سؤال، لفت علوش الى ان خلفية اقتراح الرئيس الحريري بترشيح فرنجية تندرج في سياق رؤية الحريري الشاملة لاوضاع المنطقة الاقليمية واستشرافه المخاطر التي ستتحكم بالساحة اللبنانية حال بقاء الشغور في سدة الرئاسة، اذ ان المخاوف الحقيقية تكمن من وجهة نظر الرئيس الحريري بمرحلة ما بعد التسوية الدولية المقبلة الى المنطقة والتي ستحمل معها تغييرات جذرية قد تصل الى حد قيام انظمة فيدرالـــية في كل من سورية والعراق، حتى اذا ما اتت هذه التسوية وكان للبنان رئيس للجمهورية سيتمكن اللبنانيون من خلال المؤسسات الدستورية من حماية وحدة الدولة ومنطق الطائف والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين. اما لماذا رسا الاقتراح على فرنجية وليس عون، فالمعادلة من وجهة نظر علوش بسيطة ولا تحتاج الى تبصير وقراءة فنجان، وهي ان العماد عون لا يقل عن فرنجية انتماء الى النظام السوري، بدليل انه زار الاسد في ديسمبر 2008 لتأكيد تحالفه مع ما يسمى بمنظومة الممانعة، وقدم لها في لبنان ما لم يقدمه لا فرنجية ولا غيره من مسيحيي قوى 8 آذار، ناهيك عن ان عون ذهب الى حد التجريح بقيادات تيار المستقبل مستعملا الفاظا وعبارات واتهامات مهينة في سياق توصيف عدائه للرئيس الحريري، وهي الفاظ لم يستعملها فرنجية حتى في ذروة التوتر السياسي بينه وبين تيار المستقبل، معتبرا بالتالي ان اللون السياسي والانتماء لفرنجية واحد لا يتبدل في كل الظروف والحالات وباستطاعة اخصامه الركون الى وعوده وعهوده، فيما العماد عون متعدد الالوان ومتقلب المزاج ويبدل لونه السياسي بحسب تدل المعطيات والظروف. في سياق متصل، ختم علوش مؤكدا انه واهم من يراهن على فك التحالف بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل، مشيرا الى ان العلاقة بين الطرفين مثمنة وهي اكثر من عادية وتعتبر المدماك الاساسي لبناء لبنان القوي والموحد، معتبرا ان الاختلاف في وجهات النظر على المستوى التكتيكي ليس جديدا وهو اختلاف صحي بين فريقين سياديين تعاهدا على العبور الى الدولة، مؤكدا بالتالي ان الخوف على التحالف بين القوات والمستقبل يعني الخوف على لبنان الذي رسمت صورته ثورة الارز وحلم به اللبنانيون.

 

ريفي من القاهرة : لإقرار التشريعات اللازمة والتعاون العربي المشترك لمكافحة الفساد

 وكالات/27 كانون الاول 2015/ إفتتحت اليوم في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في مدينة القاهرة أعمال المؤتمر الأول للدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد الذي يشارك فيه وزير العدل اللواء أشرف ريفي بصفته رئيساً للشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد. وقد استهلت الجلسة باعتماد النظام الداخلي للمؤتمر وانتخاب وزير العدل الكويتي رئيساً للدورة الحالية ورئيس الشبكة العرقية لمكافحة الفساد نائباً للرئيس والمندوب المصري مقرِّراً للمؤتمر. ثم كانت كلمات لرؤساء الوفود المشاركة أكدت جميعها على أهمية مكافحة الفساد وتخللها إشادة بلبنان لتعاونه في إعادة الأموال المنهوبة الى أصحابها ودوره السبّاق في هذا المجال. وقد ألقى اللواء ريفي كلمة ارتجالية أكّد فيها على أهمية الدور العربي في مكافحة الفساد من خلال نشر ثقافة محاربة الفساد وإقرار التشريعات اللازمة والتعاون العر بي المشترك في هذا الصدد. ودعا ريفي الى إشراك المنظمات المدنية المعنية في مكافحة الفساد في هذه المؤتمرات لاسيما منظمة الشفافية الدولية والشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد. كما أكد على دور لبنان في هذا المجال وتعاونه على إعادة الأموال المنهوبة الى أصحابها. وقد أثنى رئيس المؤتمر وزير العدل الكويتي على كلمة اللواء ريفي وأشاد بالدور السابق والحالي للبناني في مجال مكافحة الفساد وإنه كان القدوة لكافة الدول العربية في هذا المجال. هذا وتمتدّ أعمال المؤتمر على مدى يومين لدراسة جدول الأعمال المقرّر.

 

تداعيات ترشيح فرنجية لرئاسة لبنان لمْلمة في 14 آذار وشروخ في 8 آذار وذكرى اغتيال شطح... رسائل في أكثر من اتجاه

تقارير خاصة - الإثنين، 28 ديسمبر 2015/بيروت - «الراي

شكّلت المشهدية التي رافقتْ إحياء قوى «14 آذار» الذكرى الثانية لاغتيال الوزير السابق محمد شطح، مؤشراً الى رغبة تحالف «انتفاضة الاستقلال» في توجيه رسالة في أكثر من اتجاه الى ثباتها على وحدتها وخياراتها الوطنية. وجاء الاحتفال بذكرى اغتيال شطح الذي اقيم عصر امس، في جامع محمد الأمين في وسط بيروت ليكتسب مجموعة دلالات في الشكل والمضمون. فالمكان الذي اختير لإحياء المناسبة حمل رمزية كبيرة باعتبار ان هذا المسجد يحتضن في باحته أضرحة كل من الرئيس رفيق الحريري واللواء وسام الحسن كما شطح اضافة الى مرافقيهم، وهم الذين سقطوا منذ الـ 2005 في إطار الصراع الكبير في لبنان والمنطقة الذي لم ينتهِ بعد. ما في المضمون فحملت كلمة رئيس «كتلة المستقبل» في الاحتفال، وقبلها بيان الرئيس سعد الحريري، تجديداً لالتزام قوى «14 آذار»، التي حضرت كل مكوّناتها في جامع محمد الأمين، بقيم «ثورة الأرز» الجامعة والعابرة للطوائف والمتمسكة بالاستقلال والسيادة والحرية والدولة المدنية والعيش المشترك والحفاظ على الدستور وسلطة الدولة العادلة، اضافة الى تأكيد ان هذا التحالف الذي يجمعه «الدم» لن تفرّقه السياسة وانه ما زال على تماسُكه في ما خص الرؤية الاستراتيجية لمستقبل لبنان والصراع في المنطقة. واعتُبرت الذكرى الثانية لاغتيال شطح بمثابة إحياء لـ «روح 14 آذار» التي واجهت تحدياً غير مسبوق منذ الكشف عن طرح الرئيس الحريري اسم زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وهو ما تسبّب بأزمة ثقة بين «المستقبل» وحلفائها المسيحيين لا سيما حزب «القوات اللبنانية». بدا واضحاً ان قوى «14 آذار» نجحت في لملمة صفوفها والحدّ من أضرار طرْح الحريري «خيار فرنجية»، الوثيق الصلة بالرئيس السوري بشار الاسد و«حزب الله»، وإن كانت بعض الدوائر السياسية بدأت تعتبر ان مبادرة الرئيس الحريري الجدية وغير الرسمية جاءت «تكلفتها» أكبر على فريق «8 آذار»، اذ انها تسبّبت بثلاثة أضرار: الاول انفجار «الودّ الملغوم» بين فرنجية وزعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، المرشح الاول لفريق «8 آذار» للرئاسة. والثاني انها أحدثت بلبلة هي الاولى من نوعها في مناخ العلاقة بين زعيم تيار «المردة» و«حزب الله». أما الضرر الثالث فتَمثّل في انكشاف الاولويات المتناقضة لفريق 8 آذار في شأن الملف الرئاسي وشروط التسوية وتوقيتها الاقليمي، وسط اقتناع بأن «حزب الله» لا يشاطر فرنجية ما ذهب اليه في حواره مع الحريري الذي يعتبر الحزب ان عودته الى رئاسة الحكومة تحتاج الى مفاوضات من نوع آخر لم يحن أوانها بعد. وكان الحريري، أطلّ لمناسبة ذكرى اغتيال شطح في سلسلة «تغريدات» تناولت ضمناً «عناوين الساعة»، اذ قال: «في الذكرى الثانية لاغتيال الصديق الشهيد محمد شطح، نستذكر عقله الواسع وإنسانيته العميقة ولبنانيته الصادقة. ان محمد شطح كان واضحا في رؤيته دؤوبا في عمله مخلصاً لبلده وعبقرياً في دفاعه عن السيادة والديموقراطية والعيش الواحد». أضاف: «أفتقد اليوم الشهيد محمد شطح صديقاً واخاً ورفيقاً. لنستلهم من إصراره على الحوار ومدّ الجسور واجتراح الحلول لإعادة وطننا الى درب الدولة والكرامة. سنبقى أوفياء لوحدة 14 آذار التي عمل الشهيد محمد شطح وسنواصل التمسك بالعدالة إنصافاً له ولجميع شهداء ثورة الأرز». وختم: «نحيي ذكرى محمد شطح ومعه جميع شهدائنا وعلى رأسهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي كان محمد احد أركان المحافظة على إرثه وأمانته».في موازاة ذلك، وبعد سقوط إمكان جمْع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القادة الموارنة الاربعة (عون وفرنجية والرئيس أمين الجميل وسمير جعجع) في بكركي للبحث في الملف الرئاسي، بدا رأس الكنيسة المارونية وكأنه يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه واحتواء «استياء» العماد عون من مواقفه الاخيرة التي اعتُبرت داعمة لمبادرة الحريري ولانتخاب فرنجية رئيساً والتي قابلها «الجنرال» عبر محطته التلفزيونية «او.تي.في» بهجوم حاد على الراعي متهماً اياه بأنه مصاب بـ «الألزهايمر الروحي» في امتداد لموقف «التيار الحر» الرافض بشدّة خيار فرنجية والتمسّك بأن عون مرشّح «ما دام حياً». واعلن الراعي في عظة الأحد «اننا ما زلنا نطالب باستمرار، باسم الشعب اللبناني - الذي يعبّر لنا كل يوم - بانتخاب رئيس للجمهورية وقيام المؤسسات وبناء دولة القانون والحقوق». وقال: «عندما ندعو الكتل السياسية والنيابية إلى مقاربة المبادرة الجديدة الخاصة بانتخاب رئيس للجمهورية، فلأن انتخابه هو المدخل الأساسي، وعندما نقول إن المبادرة جدية ومدعومة، إنما نميّز بين المبادرة بحد ذاتها والاسم المطروح. وندعو هذه الكتل للتشاور بشأنها في شقّيْها ولاتخاذ القرار الوطني المناسب، انطلاقاً من الوقائع المتوافرة. فليس من المقبول إسقاط المزيد من فرص التوافق من اجل انتخاب رئيس، فالبلاد لا تتحمل، بعد سنة وثمانية أشهر من الفراغ، المزيد من الخراب والدمار للمؤسسات الدستورية وللمواطن اللبناني، إفقاراً وإهمالاً وإذلالاً وتهجيراً».

 

مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم الأحد في 27/12/2015

الأحد 27 كانون الأول 2015

* مقدمة نشرة أخبار "تلفزيون لبنان"

تقابلت المواقف على المنابر اليوم، بين اطلالة السيد حسن نصرالله الذي أعلن ان الرد على اغتيال الشهيد القنطار آت لا محالة، وان العدو الاسرائيلي منتشر من الناقورة وحتى الجولان، وجنوده مختبئين كالجرذان، فيما قالت وسائل الاعلام الاسرائيلية انه جرى استدعاء قوات من الاحتياط في الجيش بصورة مفاجئة إلى المنطقة الشمالية. وبين اطلالة الرئيس فؤاد السنيورة في ذكرى اغتيال الوزيرمحمد شطح، الذي جدد رفض انخراط "حزب الله" في الحرب بسوريا، مؤكدا انه ليس هكذا تتم مكافحة الارهاب.

وإذ غابت في الخطاب الأول مقاربة شؤون الداخل، أكد الخطاب الثاني الانفتاح على الشركاء في الوطن، محددا أولويات المرحلة بانتخاب رئيس للجمهورية.

وفيما بقيت المشاورات الرئاسية باردة، أو على الأقل بعيدة عن الأضواء، تخيم على الأجواء المناخية بدءا من الخميس عاصفة ثلجية مصدرها روسيا.

وفي المنطقة، ساعات حاسمة عاشتها الرمادي مع اعلان متحدث عسكري ان القوات العراقية تستعيد السيطرة على المجمع الحكومي من مسلحي "داعش"، وهو آخر معاقلِ التنظيم في المدينة.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أن بي أن"

شلت العطلة الحركة الداخلية، لكنها لم تجمد المواقف السياسية. فهل هي لإعادة التموضعات، أم لإبقاء الأبواب مفتوحة أمام كل الاحتمالات؟.

عظة إستيعابية في بكركي اليوم، ميز فيها البطريرك بشارة الراعي بين المبادرة الجدية والمدعومة والإسم المطروح، رغم أن روح المبادرة مبني على مرشح قطب إسمه سليمان فرنجية.

فرنجية انقض عليه الأقطاب الموارنة الثلاثة الآخرين، وفق ما لاحظ الوزير أبو فاعور، مشيرا إلى أن كل الشروط التي وضعت أمام إنجاح التسوية الرئاسية هي محاولة لإثقالها من أجل اسقاطها.

المبادرة بشكلها وجوهرها بقيت في مهدها، كما توحي تصريحات القيمين عليها بدليل عدم مقاربتها من الرئيس فؤاد السنيورة اليوم لا سلبا ولا إيجابا. السنيورة كان يحاول رص صفوف قوى "14 آذار" التي زادتها المبادرة تصدعا، فاستحضر شعارات السيادة والدولة وإنتقاد "حزب الله"، للم الشمل، لكنه لم يحز إلا على تصفيق رئيس "القوات" سمير جعجع.

لم يتجاهل السنيورة الخلافات التي سماها إختلافات في الرأي حصلت وستحصل لكن لا يجب، برأيه، أن تفسد في التحالف قضية.

ليس بخطاب السنيورة وحدها تحيا "14 آذار"، المصالح الداخلية تبدلت، والتطورات الخارجية غيرت من الحسابات.

إنجازات عسكرية سورية وعراقية، تعيد رسم المعادلات الإقليمية، في ظل تراجع سريع لمسلحين توزعوا بين "دواعش" وجبهات، وقلق غربي يتعاظم من تمدد الإرهابيين.

أما إسرائيل فازدادت هواجسها بعد اغتيال الشهيد سمير القنطار. وفي ذكرى اسبوع الشهيد، رسخ السيد حسن نصرالله معادلة الرد: أيا تكن التجمعات والتهديدات، لا تسامح مع سفك دماء المقاومين في أي مكان من العالم، والرد على اغتيال الشهيد القنطار أصبح بين أيدي المؤتمنين على الدماء.

معادلة تأتي في إطار صراع مفتوح مع الاحتلال الإسرائيلي.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المنار"

للعدو والصديق، حسم الامين العام ل"حزب الله" الموقف: لا محالة، الرد على اغتيال المقاوم سمير القنطار قادم، مهما كانت التبعات وأيا كانت التداعيات.

بكل وضوح أعلن سماحته ان الامر أصبح بين يدي المؤتمنين على دماء الشهداء. اعلان ينطلق من حتمية الرد صونا للتضحيات، ويثير الترقب لساعة صفر في ساحات لم تغلق فيها الحسابات مع العدو.

العدو اخطأ في التقدير، وعليه ان يقلق، أكد الأمين العام. والحدود من الناقورة الى مزارع شبعا المحتلة، تشهد على مستوى قلقه وخوفه: لا اثر لجندي أو ضابط أو آلية، انهم كالجرذان المختبئة في جحورها.

في ذكرى سمير القنطار، سبع صفات عبر بها عالم المقاومين إلى عالم الشهداء وجعلها مدرسة للمظلومين والصابرين والمضحين والثائرين.

سبع صفات من السيد للعميد، أتت كسبع سنبلات في كل واحدة منها مئة عبرة ودرس ومحطة فخر وصون قضية. القضية فلسطين التي لا ينقضها انحراف عن صواب ولا يضيرها عواصف حزم أو تهويل وتهديد. قضية أساسها البقاء في الأرض، وأصل البقاء في الأرض أساس المقاومة ونقيض المشروع الصهيوني.

وفي الجولان المحتل وعلى حدوده مقاومة سورية، ذخيرتها العزم. مقاومة واعدة لم يتأخر سمير القنطار واخوانه عن مساعدتها ومساندتها، ايمانا بارادة التحرير والانتصار، واستعادة لهذه الأرض المحتلة إلى كنف الوطن.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أم تي في"

انه يوم التناقضات في المواقف والمواقع، فبينما كان "حزب الله" يحيي ذكرى أسبوع على استشهاد سمير القنطار في سوريا، كانت قوى "14 آذار" تستعيد ذكرى مرور عامين على استشهاد محمد شطح. واللافت ان الرئيس فؤاد السنيورة، خطيب الحفل الثاني، انتقد تدخل "حزب الله" في سوريا الذي أدى الى سقوط القنطار، في حين كان السيد حسن نصرالله يؤكد استمرار الحزب في المعارك المفتوحة التي يخوضها.

التناقض في المواقف السياسية، رافقه توضيح لبكركي بشأن موقفها من الاستحقاق الرئاسي، فالبطريرك الراعي أكد في عظة الأحد انه يميز بين المبادرة الرئاسية وبين الاسم المطروح. وهو تأكيد ياتي بعد الانتقادات القاسية التي وجهت اليه، وبعدما اعتبرت بعض القوى السياسية انه يؤيد وصول النائب سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا.

اقليميا، معركة الرمادي تقترب من الحسم في ظل تراجع "داعش"، ما يرسم خريطة جديدة للقوى العسكرية في المنطقة.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أو تي في"

في اليوم الثالث لرسالة الميلاد، برزت عظة البطريرك الماروني والتي حملت توضيحا بمفعول رجعي لجهة كلامه عن المبادرة الجدية والمدعومة خارجيا، ليميز بين المبادرة والاسم المطروح، من دون ان يحدد موقفا لا من الدعم الخارجي ولا من المرشح الذي قصده.

واللافت، انه وبعد 5 سنوات على انقضاء ما سمي ب"الربيع العربي"، واقتراب ما بات من المتعارف على تسميتها بسنة التسويات، ذهبت الدول التي لفحتها نيران هذا الربيع الى اختيار رئيسها من قبل شعبها، بينما يبقى لبنان عالقا ما بين الوصاية الخارجية والشرعية النيابية المنتقصة بعد تمديدين للمجلس النيابي، وكأنه يمنع على شعبه ان يختار سلطاته.. فيما اختار "حزب الله" الرد على اغتيال سمير القنطار.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أل بي سي آي"

نصرالله في ذكرى سمير القنطار لم يذكر انتخابات الرئاسة، السنيورة في ذكرى محمد شطح ركز على انتخابات الرئاسة. نصرالله أوحى في خطابه ان تركيزه على العمق السوري وعلى الرد على اغتيال القنطار، لكن اللافت قوله الرد قادم وليقلق الصهاينة في الداخل والخارج. وهذا الموقف يحمل أكثر من معنى، فهل ستكون ل"حزب الله" عمليات خارج اسرائيل وأين؟

السنيورة ركز على أولوية انتخابات الرئاسة، معتبرا انها أولى المهام، لكنه تحاشى كليا مسألة المبادرة أو الفكرة أو الحركة. واللافت في الاحتفال حضور الدكتور سمير جعجع بعد سياق التباينات مع "المستقبل". كذلك كان لافتا دعوة الرئيس السنيورة الى انعاش المجلس الوطني للرابع عشر من اذار.

ومن كلام نصرالله إلى كلام السنيورة، مرحلة تسجيل المواقف في أوجها خصوصا ان ما تبقى من السنة لا يشي بأي تحرك، وان كل الملفات رحلت إلى السنة الجديدة.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المستقبل"

صورتان في الأحد الأخير من هذا العام، تختصران الصراع من أجل لبنان، عبر عنهما صوتا مشروعين متناقضين مختلفين، لا يمكن جمعهما، وإذا اجتمعا ستكون التسوية ثالثهما.

صورتان في مناسبتين، الأولى صدح فيها صوت بح بقدر ما تمسك بالدولة ومشروعها ومؤسساتها، وصوت آخر تجاهلها كليا متحدثا عن اليمن وسوريا والعراق وغيرها.

الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصر الله استغل ذكرى اغتيال عميد الأسرى سمير القنطار، ليدعو الشباب إلى الاشتراك في الحروب الأهلية العربية، وإلى الموت، وليهاجم الدول العربية قائلا إن بعض هذه الدول، يعمل على تكريس اليأس وليس اعادة الأمل.

في المقابل، فإن الرئيس فؤاد السنيورة، في ذكرى استشهاد مستشار الرئيس سعد الحريري محمد شطح، أكد أن قوى "14 آذار" لم تقتنع أو توافق على انزلاق وتورط "حزب الله" في الآتون السوري، ولن نوافق اليوم على ذلك. وقال: نحن نريد لشابات لبنان وشبابه ان ينخرطوا في عالم العصر. كما دعا السنيورة إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وصون لبنان من الغرق في خضم الدمار المحيط بنا، مذكرا بإن سياسات المحاور والمصالح الخاصة، وسياسات التفلت من المراقبة والمحاسبة والمراجعة، هي التي أنتجب هذه السيول من الدماء في بلداننا العربية.

* مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "الجديد"

في خطاب الأمل، بند وحيد يجعل إسرائيل على قلق، كأن ريح "حزب الله" تحتها، ضمن جغرافيا طليقة تبدأ من الحدود وتمتد إلى أي مكان في العالم، فالرد على اغتيال سمير القنطار وسع مداه، وخرج من حصرية الخط الأزرق وصيد المزارع، مؤسسا لحرب أعصاب نفسية تدرك تل أبيب وجعها وأرقها ومرارة عد ساعاتها، وتعرف أن وقوع الضرر أهون من انتظاره.

لكن السيد حسن نصرالله صب زيت الانتظار على نار الرد، وفتح أبوابا نحو الداخل والخارج، قبل أن يصدر التكليف العسكري للمؤتمنين على دماء الشهداء. وليس على جدول أعمال الخطاب أي ملف آخر، إذ بدا الأمين العام ل"حزب الله" كصمود قنطار، كسنينه الثلاثين، صابرا نابضا لا ييأس ولا يلين، لا تأخذه رئاسة ولا مبادرة أو مرشحين، تصغر أمامه الأمور السياسية بكرسيها وتضارب المتنافسين على مقعدها، بنفاياتها المرحلين منها والمقيمين. تصغر حروب بإخفاقات وانتصارات وقطف رؤوس زاهرة بالإرهاب، تتدارى عقوبات ولوائح سود، فنصرالله لم يحد قنطار قنبلة عن إسرائيل، معلنا أنه وأيا تكن التبعات والتهديدات، فنحن لا نستطيع ولا يمكن أن نتسامح مع سفك دماء جهاديينا، والبقية لم تأت.

تعالى نصرالله عن قضايا الداخل، وارتفع فؤاد السنيورة عليها، فاتحا كل بنودها في ذكرى إستشهاد الوزير السابق محمد شطح. وقد أقيم الاحتفال في مجمع محمد الأمين في وسط بيروت، بحضور مرشح قوى الرابع عشر من آذار للرئاسة لتاريخه الدكتور سمير جعجع، الذي بدا مأخوذا بدف عبد الكريم الشعار الساحر صوتا وأداء حينا، وبالابتهالات الساسية للسنيورة أغلب الأحيان، حيث "طمنه" خطيب المسجد بأن "14 آذار" في البال، وتلك نعمة وكنز لا يفنى على زمن التخلي.

والسنيورة لا يفوته بأن يلفت عناية اللبنانيين إلى أن الشهيد شطح رافقه كظله في أغلب خطواته وتجاربه وفي لقاءاته السياسية المتعددة. وظل الشهيد لا يتعارض مع كتف الشهيد، حيث لا ينسى الرأي العام اللبناني كيف أطرق الرئيس رفيق الحريري على كتفه وأجهش بالبكاء، لكن مشكلة السنيورة أن شهوده دائما شهداء.

نكأ الرئيس الأسبق للحكومة كل الملفات، وهو يدرك أنها مجمدة، من الرئاسة والاختلافات في الرأي التي لا يمكن أن تؤثر في جوهر القضية، إلى "حزب الله" وسلاحه ودوره في سوريا، والتغاضي عن مرتكبي الاغتيالات والحقيقة والحوار والفساد.. حقا الفساد الذي له في ذمة السنيورة أحد عشر مليارا غير مستردة بعد.

 

أسباب “الشرخ” بين “المردة” و”التيار الوطني الحر”

الأنباء الكويتية/28 كانون الأول/15/أحدثت مقابلة رئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية التلفزيونية الأخيرة شرخا بين “التيار الوطني الحر” و”المردة”. وتطرح مصادر قريبة من “التيار الحر” جملة أسئلة منها: لماذا وقع فرنجية في التناقض عبر مهاجمة الجنرال ميشال عون ؟ فهل المقتنع بأن التسوية تسير كما أرادها “يقوّص” على الجنرال؟”. وتتابع المصادر، بحسب صحيفة “الأنباء” الكويتية، موجهة السؤال الى فرنجية: لماذا إتهم الجنرال بأنه طوال سنة وسبعة أشهر من الفراغ، لم يفعل شيئا، وكان شعاره أنا أو لا أحد؟ أو ليس موقف الجنرال الصامد هو الذي أجبر “١٤ آذار” على التدرج هبوطا من ترشيح الدكتور سمير جعجع الى ترشيح فرنجية ، هل هذا نتيجة صمود فرنجية أم عون ؟ وتضيف: “ما الفائدة من محاولة فرنجية الإيقاع بين الجنرال عون والسيد حسن نصرالله ؟ وبرأي أحد المتابعين أن هذا العراك الكلامي بين “التيار الوطني الحر” و”المردة” متوقع، ويعبر عن الهوة التي صارت بين الفريقين، وهي طبيعية إذا كان مارونيا هذا الفريق مرشحين ولكل منهما وجهة نظره وحظه وهامشه في الوصول الى قصر بعبدا. فالعماد ميشال عون يتصرف على أن أولوية الترشيحات لا تزال في جيبه وهو الأدرى بشعابها لإعتبارات عديدة، أبرزها: كونه زعيم أكبر كتلة مسيحية والأكثر تمثيلا للوجدان المسيحي، وبصموده أمام المغريات والضغوط إندفع الآخرون الى القبول بمرشح من الفئة الأولى وعدم الإستكانة بـ”بنج” الرئيس الوسطي. ضف الى أن الرجل مقتنع بأن الوقت لمصلحته ربطا بالتطورات الاقليمية، التي تتغير معطياتها بشكل يسمح لفريقه بأن يسمي رئيس الجمهورية، من دون أن يضطر لأن يقبل بالتسويات النصفية. ولهذا، إذا كان الخيار سيقع على مرشح من قوى “٨ آذار” فيفترض أن يكون بنظر رئيس “تكتل التغيير والإصلاح”، هو نفسه، وليس غيره، حتى لو كان هذا “الغير” من صنف الحلفاء القادر على التفاهم معهم. أما بالنسبة لسليمان فرنجية فقد فرضت عليه هذه المنافسة ولم “يشترها” أو يختارها. فبنظر ناسه، إن ملعقة الرئاسة وصلت الى حلقه بفعل تقاطع لم يشهد عليه الإستحقاق منذ خلو سدة الرئاسة، وتم سحبها بقرار من جانب الحليف وليس الخصم. هذا ما رفع منسوب التوتر بين قواعد الحليفين من دون أي تدخل من جانب القيادتين لمحاصرته.

 

تفاصيل المتفرقات اللبنانية

فعاليات حورتعلا وآل المصري يطالبون باستئناف التفاوض مع داعش لتحرير الجنود المخطوفين

الأحد 27 كانون الأول 2015 /وطنية - عقدت فعاليات بلدة حورتعلا وعائلة المصري، بمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة، اجتماعا في منزل الجندي المخطوف علي زيد المصري لدى تنظيم "داعش". واصدر المجتمعون بيانا توجهوا فيه الى اللواء عباس ابراهيم "لاستكمال عمليات التفاوض والافراج عن العسكريين الثمانية المتبقين لدى هذا التنظيم"، مؤكدين "التحرك والتصعيد اعتبارا من العام المقبل ما لم يطرأ اي جديد على الملف حتى الافراج عن جميع العسكريين كي تستكمل فرحة اللبنانيين جميعا واهالي العسكريين بتحقيق انجاز هذا الملف". وكشفوا ان اهالي البلدة اوقفوا "قطع الطرقات بقرار اتخذته العائلة بالتعاون مع اهالي العسكريين المخطوفين، رأفة بالمواطنين على الطرقات الدولية وبهدف المساعدة في انجاز هذا الملف وعدم عرقلة المفاوضات"، كما هنأوا اهالي العسكريين المفرج عنهم لدى "جبهة النصرة" على امل الافراج عن العسكرين الباقين.

 

الراعي: ليس من المقبول إسقاط مزيد من فرص التوافق لانتخاب رئيس

الأحد 27 كانون الأول 2015

وطنية - ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الأحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وعاد ابي كرم والمونسينيور ايلي الخوري ولفيف من الكهنة، في حضور النائب فريد الياس الخازن، النائب السابق فارس سعيد، نائب رئيس المؤسسة المارونية للانماء الشامل سليم صفير،البروفسور خير الله غانم، رئيس نقابة المقاولين في لبنان المهندس مارون الحلو، عائلة المرحوم حليم الحواط، الدكتور نزار يونس وحشد من الفاعليات والمؤمنين.

العظة

بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان: "رأينا نجمه في المشرق"، (متى 2؛2)

قال فيها:"هؤلاء المجوس من بلاد فارس، علماء الفلك، كان في نفوسهم توق إلى معرفة الحقيقة المنظورة والماورائية. وهذا توق مزروع من الله في طبيعة الإنسان. كانوا يبحثون عن الحقيقة في علم قراءة حركات النجوم. فأدركوا أن ملكا جديدا ولد في منطقة اليهودية، وقادهم نجم إليها. لكن عندما وصلوا إلى أورشليم غاب عنهم النجم، فسألوا في المدينة:"أين هو المولود ملك اليهود؟ فقد رأينا نجمه في المشرق، فجئنا لنسجد له؟" (متى 2؛2). هذا الملك المولود هو المسيح الرب، ومملكته معروفة "بملكوت المسيح"، والكنيسة هي زرعه وبدايته في هذا العالم، على ان يكتمل في ملكوت السماء. نحن أبنا الكنيسة وبناتها مؤتمنون، بحكم معموديتنا والميرون، على نشر ملكوت المسيح في مجتمعاتنا وأوطاننا، وهو ملكوت المحبة والرحمة والأخوة والسلام ونمو الإنسان نموا إنسانيا واجتماعيا شاملا".

أضاف: "يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية، في ذكرى ميلاد الرب يسوع، مخلص العالم وفادي الإنسان، وأن أعرب لكم عن أحر التهاني والتمنيات، راجيا أن ينير نجم شخص المسيح والإنجيل دروب حياتكم، هداية وقوة وعزاء. وفيما نرحب بكم جميعا، نوجه تحية خاصة لعائلة المرحوم حليم الحواط الحاضرة معنا، لزوجته وأولاده وأنسبائهم، من أشقاء وشقيقات. وقد ودعناه معهم بكثير من الأسى منذ حوالي خمسة وأربعين يوما. إننا نصلي لراحة نفسه ولعزاء أسرته. ولا بد من التنويه بنجله العزيز زياد رئيس بلدية جبيل الذي أخذ على نفسه مع مجلسه "مشروع جعل مدينة جبيل أحلى"، فنجحوا نجاحا باهرا. وجاءت جبيل من أجمل المدن".

وقال: "أظهر المجوس أن التوق إلى المعرفة ميزة مشتركة بين الجميع، وهي قدرة العقل على بلوغ المعرفة. هذه القدرة وهبها الله لكل الناس، مؤمنين وغير مؤمنين. إن المعرفة التي توصل إليها المجوس ولدت عندهم الإيمان، كما قالوا:"جئنا لنسجد له". هذا يعني وجود وحدة متماسكة بين المعرفة بالعقل والمعرفة بالإيمان. فالرعاة أتوا إلى المذود وسجدوا للطفل يسوع، بمعرفة الإيمان التي تلقوها من فم الملاك ونشيد الملائكة. والمجوس أتوا من بلد بعيد عبر سفرِ مضنِ، وسجدوا للطفل، وقدموا له هداياهم، بمعرفة الع"قل.

وتابع: "نحن مدعوون، لنقرأ مثل المجوس علامات الزمن، وهي أحداث التاريخ الخاصة والعامة وتقلبات الشعوب، ونحللها في ضؤ الإيمان بالله الذي يعمل فيها. فالإيمان يتيح للعقل أن يكتشف، في سياق الأحداث والتقلبات والتطورات، ملامح العناية الإلهية وحضورها الفاعل. نجد في كتاب سفر الأمثال كلاما معبرا بهذا المعنى:"قلب الإنسان يفكر في طريقه، والله يهدي خطواته" (16؛9). إذا، بإمكان الإنسان أن يهتدي طريقه في ضؤ العقل، ولكنه يقدر أن يجتازه سريعا بلا عائق حتى النهاية، إذا خلصت نيته ووضع بحثه في منظور الإيمان. لا يمكن فصل العقل عن الإيمان من دون أن يفقد الإنسان قدرته على معرفة ذاته، ومعرفة الله والعالم، معرفة وافية. ولذلك، يستحيل أن يقوم صراع أو منافسة بين العقل والإيمان. فالواحد يندمج في الآخر، ولكل منهما حيزه الخاص (راجع البابا يوحنا بولس الثاني، الإيمان والعقل، 16 و 17)".

أضاف: "إن قراءة الأحداث بمعرفة العقل، وتحليلها في ضؤ الإيمان، ينطبقان على الحياة في العائلة والمجتمع والدولة، لكي يتمكن الشخص والجماعة من حسن التصرف والمسلك، وحسن اتخاذ القرار. إنهما يقتضيان الخروج من بوتقة الذات والرأي والنظرة الضيقة، ومن أسر المصلحة والحسابات الخاصة. ولنا خير مثَل في هيرودس الملك الذي لم يقرن قراءته، مع الكتبة وعلماء الشريعة، لحدث ميلاد ملكٍ في بيت لحم، بمعطيات الإيمان التي كتب عنها الأنبياء بشأن المسيح الملك الجديد. بل ظل أسير تعلقه بكرسي السلطة وحساباته الخاصة. ما جعله يتخذ أفدح قرار ظالم ويقترف أفظع جريمة في التاريخ، إذ أمر بقتل جميع أطفال بيت لحم من عمر السنتين وما دون بحيث يكون يسوع الملك المولود من بينهم (متى 2؛16).

لقد فعل ذلك من دون أي وخزِ في الضمير الذي هو صوت الله في أعماق كل إنسان، ينبهه في كل آنٍ أن يفعل الخير ويتجنب الشر. هذه المأساة تتكرر بأشكال شتى، تعيشها منطقة الشرق الأوسط في حروب مفروضة ولا معنى لها سوى الخراب والقتل والدمار وتهجير المواطنين الآمنين. ونعيشها نحن في لبنان لا سيما بعدم انتخاب رئيس للجمهورية، وبعدم قراءة علامات الأحداث الداخلية والإقليمية والدولية في ضؤ ما يريده الله من خير وعدل وسلام لجميع الناس لكي يعيشوا في الطمأنينة والكرامة والكفاية".

وتابع: "بتجسده اتحد المسيح بكل انسان وجعله طريقه وطريق الكنيسة. فهي عبر طريق المسيح تسير إلى أي إنسان من أجل خيره الزمني وخيره الأبدي. فلا يمكن صدها عن كل ما يعود على الإنسان بالخير، ولا يمكنها هي أن تتغاضى عما يصيبه من ضرر. فهي تنادي وتسعى إلى جعل حياته أكثر إنسانية وكرامة (البابا يوحنا بولس الثاني، فادي الانسان، 13). من هذا المنطلق، جميع أنواع إدارة الشأن الزمني تقتضي:"إخضاع نظام الأشياء إلى نظام الأشخاص، لا العكس"، بحيث تضمن خير كل إنسان وخدمته وصون كرامته، وتساعده على تحقيق ذاته تحقيقا أفضل وعلى تأمين عيشه الكريم (مذكرة اقتصادية 13). هذا الإنسان هو كل مواطن وزائر وسائح وجميع المواطنين. على هذا الأساس بنينا "المذكرة الاقتصادية" التي أصدرناها في 25 أذار 2015".

أضاف: "دعونا إلى بلورة رؤية اقتصادية - اجتماعية تنتج حلولا، وتعتمد آليات دينامية فاعلة وشاملة، عابرة للطوائف والمذاهب والأحزاب السياسية، تتجاوز انقساماتهم وتمتن تماسكهم المجتمعي، في تحقيق شراكة مسؤولة بين القطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع؛ رؤية تساعد على تحقيق مشاريع إنمائية، تعتمد سياسات تخطيطية تكاملية؛ رؤية تكرس آلية رقابة ومساءلة فاعلة؛ رؤية تمنع الاحتكار، وتطلق المبادرات المنظمة والتنافسية والاستثمارية، على أسس المصلحة العامة. من شأن هذه الرؤية أن تفرض الشروع بإصلاحات ضروريةتحتاج إليها بنية اقتصادنا الوطني لكي يصبح اقتصاد الاستقرار والفاعلية الإنتاجية والعدالة الاجتماعية. وتشمل هذه الإصلاحات قطاعات التشريع والتوجيه والبنية الإدارية، بحيث يصبح اقتصادنا الوطني ذا بعد إنتاجي اجتماعي".

وتابع: "على أساس أن الإنسان، المواطن والمواطنين، هو وهم محور العمل السياسي، وضعنا "شرعة العمل السياسي" سنة 2009. وكون الشخص البشري هو في قمة تصميم الله على العالم والتاريخ، تكتسب السياسة صفة "فنٍ شريف" لأن أصحابها هم "خدام الله للشعب والخير العام" (روم 13: 4). ولذايرتكز العمل السياسي، مثل العمل الاقتصادي وكل عمل زمني آخر، على احترام الشخص البشري بحد ذاته وفي دعوته وحقوقه الأساسية وحرياته الطبيعية؛ وعلى إنمائه إنماء إنسانيا وثقافيا واقتصاديا وروحيا شاملا (شرعة العمل السياسي، صفحة 7). إن العمل السياسي يشمل التشريع والإجراء والإدارة والقضاء، ويمارس عبر مؤسسات هذه القطاعات وسواها".

أضاف: "من هذا المنطلق، ما زلنا نطالب باستمرار، باسم الشعب اللبناني - الذي يعبر لنا كل يوم - بانتخاب رئيس للجمهورية وقيام المؤسسات وبناء دولة القانون والحقوق. وعندما ندعو الكتل السياسية والنيابية إلى مقاربة المبادرة الجديدة الخاصة بانتخاب رئيس للجمهورية، فلأن انتخابه هو المدخل الأساسي، وعندما نقول أن المبادرة جدية ومدعومة، إنما نميز بين المبادرة بحد ذاتها والاسم المطروح. وندعو هذه الكتل للتشاور بشأنها في شقيها ولاتخاذ القرار الوطني المناسب، انطلاقا من الوقائع المتوفرة. فليس من المقبول إسقاط المزيد من فرص التوافق من اجل انتخاب رئيس، فالبلاد لا تتحمل، بعد سنة وثمانية أشهر من الفراغ، المزيد من الخراب والدمار للمؤسسات الدستورية وللمواطن اللبناني، إفقارا وإهمالا وإذلالا وتهجيرا".

وختم الراعي: "لقد سطع نجم المسيح في سماء حياتنا، وحياة جميع شعوب الأرض لكي نهتدي معا إلى حقيقة الله والإنسان والتاريخ، فنبني مجتمعا يليق بالإنسان الذي جدد بهاءَ صورة ابن الله الذي صار إنسانا، ويليق بالله خالقه، وله نرفع كل مجد وتسبيح الآن وإلى الأبد، آمين.

استقبالات

بعد القداس ، استقبل الراعي عائلة المرحوم حليم الحواط لشكره على مواساته لهم.

هذا، وغص الصرح البطريركي بالمهنئين بالاعياد، فالتقى الراعي على التوالي: وزير العمل سجعان القزي، النائب وليد الخوري، الوزراء السابقين: ناجي البستاني، عبدالله فرحات ، جوزف الهاشم والياس حنا، مدير التجهيز المائي والكهربائي الدكتور فادي قمير، الدكتور نزار يونس، رجل الاعمال كمال القاعي، النائب فريد الياس الخازن، رئيس نقابة المقاولين المهندس مارون الحلو، منسق الامانة العامة لقوى 14 اذار النائب السابق فارس سعيد، النائب السابق لرئيس مجلس الانماء والاعمار كريم يزبك، البروفسور خيرالله غانم، القاضي رفول البستاني ، السفير السابق رشيد الضاهر، رئيسة جمعية العرفان المقدس منى نعمة، وفد من منتدى البترون للثقافة والتراث، نقيب اصحاب شركات التاكسي شارلي ابو حرب، الدكتور سليم خير، الدكتور ناصر زيدان قدم التهاني باسم النائب وليد جنبلاط، رئيس الحركة الاجتماعية اللبنانية المهندس جون مفرج، رئيس مجلس ادارة بنك بيروت سليم صفير ومدير العلاقات العامة طوني حبيب، فعاليات ووفود شعبية من مختلف المناطق.

وتلقى الراعي اتصالات تهنئة من كل من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ومن النائب انور الخليل.

 

السنيورة في الذكرى الثانية لاستشهاد شطح: 14 آذار باقية مهما تعاظمت المصاعب والاختلافات وسقوط مشروعها يقضي على وطن الاعتدال والانفتاح

الأحد 27 كانون الأول 2015

وطنية - أحيت قوى "14 آذار"، اليوم، الذكرى الثانية لاستشهاد الوزير السابق محمد شطح ورفيقه الشهيد محمد بدر، في قاعة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في مسجد محمد الامين- وسط بيروت.

حضر إحياء الذكرى ممثل رئيس مجلس الوزراء تمام سلام وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج، ممثل الرئيس أمين الجميل الوزير السابق سليم الصايغ، رئيس كتلة "المستقبل" النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، وزير السياحة ميشال فرعون، ممثل وزير العدل اللواء أشرف ريفي القاضي محمد صعب، ممثل رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط النائب غازي العريضي، النواب: مروان حمادة، جورج عدوان، أحمد فتفت، نديم الجميل، قاسم عبدالعزيز، انطوان سعد، امين وهبي، عمار حوري، جان أوغاسبيان، زياد القادري، رياض رحال، كاظم الخير، جمال الجراح، عاصم عراجي، عاطف مجدلاني، خالد زهرمان، ومعين المرعبي، وممثل النائب بهية الحريري منسق عام صيدا والجنوب في "تيار المستقبل" ناصر حمود، وزراء ونواب سابقون، منسق الأمانة العامة لقوى "14 آذار" النائب السابق فارس سعيد، رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع.

كما حضر اللمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص وقيادات أمنية، رئيس حركة "الاستقلال" ميشال معوض، أعضاء من الأمانة العامة لقوى "14 آذار"، أعضاء من المكتبين السياسي والتنفيذي في "تيار المستقبل"، عائلتا الشهيدين، وحشد من الشخصيات ومحبي الشهيد شطح.

السنيورة

بعد النشيد الوطني، وابتهالات دينية قدمها الفنان عبد الكريم الشعار وفرقته، ألقى الرئيس فؤاد السنيورة كلمة قال فيها: "مع مرور الذكرى الثانية لاستشهاد الأخ والصديق محمد شطح، ما يزال يلفتني كلام نجل الشهيد عمر لوالده: "أما كان باستطاعتك أن تنتبه لنفسك وأمنك الشخصي قليلا يا والدي؟". معنى هذا الكلام أن محمد شطح لم يكن يخطر بباله أن حياته قد تكون في خطر وأنه من الممكن أن يتعرض للاغتيال بهذه الطريقة البشعة والمجرمة التي تمت بها. والحقيقة حسب اعتقادي أن محمد شطح لم يكن يهتم الا بالسياسات العامة ولم يعط بالا للحزازات الصغيرة والمؤامرات الخسيسة وهي السمة التي طبعت جانبا من الحياة السياسية في لبنان في العقدين الماضيين، وصارت أبشع أحيانا من ممارسات الحرب الأهلية".

وذكر بأن "محمد شطح كان صاحب عقل منفتح ومستنير صادقا مع نفسه ومع محيطه، يحلم بلبنان وطنا حضاريا أساسه الدولة المدنية مستندا إلى مفهوم المواطنة والمساواة في إطار النظام الديمقراطي. وهو قد كان رجل حوار وتواصل مع الآخر، والأهم من ذلك كله، أنه كان رجلا يحب الاطلاع والمتابعة على ما يجري في العالم الأوسع من جديد على مختلف الصعد الاقتصادية والمالية والسياسية والثقافية ويوظف هذه المعارف الجديدة في خدمة لبنان".

أضاف: "لقد آمن محمد شطح بلبنان الدولة الحضارية، دولة القانون والمؤسسات، دولة احترام الدستور، وتطبيق اتفاق الطائف باعتباره اتفاق إعادة صياغة وتمتين لميثاقنا الوطني. وطن العيش الواحد معا، الضامن للحريات العامة والخاصة القائم على المناصفة والعدالة والتشارك في الحقوق والواجبات. وطن تحكمه دولة ديمقراطية مدنية، دولة تكون سيدة على أرضها وعلى مؤسساتها من دون منازع أو مضارب وتحظى بثقة ودعم ابنائها. دولة تعيش متناغمة ومتكاملة مع محيطها العربي ومع المجتمع الدولي، تحترم قراراته وتعمل على تنفيذها. وهذا ربما لم يكن ليروق ويريح من أراد استباحة الدولة والمؤسسات وانتهاك القرارات الدولية".

وتابع: "لقد آمن وحلم وعمل محمد شطح من أجل وطن تزول فيه الفروق الطائفية والمذهبية والزبائنية والمحسوبيات والتسابق على استتباع الدولة وإدارتها للميليشيات والحزبيات والمصالح الصغيرة، وهي الممارسات التي لطالما كان يبدي محمد شطح ضيقه ونفاد صبره منها. ولذلك كان حريصا على إعادة الاعتبار إلى معايير الكفاءة والنزاهة والجدارة والمحاسبة على الاداء والانجاز كما والتصدي للفساد والافساد، وهو لذلك أراد العودة إلى لبنان والمشاركة في صنع مستقبله رغم كل العقبات والصعاب، مشكلا بذلك قيمة مضافة حقيقية بسبب عقله المنفتح وعمق معرفته واتساع تجربته وشمولية آفاقه وقدرته على ابتداع فكر جديد من خارج المألوف والمعتاد، ومضيفا إلى ذلك كله تميز أخلاقه وحسن سمعته".

ولفت السنيورة إلى أن "محمد شطح تبوأ معي منصب كبير المستشارين، وذلك منذ اليوم الأول لتسلمي المسؤولية كرئيس للحكومة اللبنانية حيث رافقني كظلي في اغلب خطواتي وتجربتي في رئاسة الحكومة وفي لقاءاتي السياسية المتعددة، كمستشار وبعدها كوزير للمالية. في الحقيقة لقد شكل وجود محمد شطح إلى جانبي إضافة ممتازة للعمل في الشأن العام وهو بذلك قد أفاد لبنان في عمق تفكيره وبعد نظره ورؤيويته واتساع معارفه ومعرفته بعالم العصر وعصر العالم".

وزاد: "لقد كان محمد شطح فعالا في إسهامه في كل المداولات التي آلت إلى إنجاز النص النهائي للقرار 1701 وكذلك في الإعداد لإقرار مجلس الأمن الدولي للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وهو أسهم إسهاما حقيقيا أيضا وهاما في قضية لبنان في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا وفي موضوع تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان في ملف الطاقة، والدفاع عن حقوق لبنان في هذا الشأن".

وأردف "كثيرة هي القضايا والملفات التي كان يتابعها ويهتم بها أخي وصديقي ورفيقي محمد شطح، وكثيرة هي الأوقات والمناسبات، التي أقول فيها بيني وبين نفسي وحتى الآن، من دون أن أنتبه لنستشير محمد شطح ونستمع إلى رأيه وملاحظاته. باختصار كان محمد شطح رجل عمل عام وعمل وطني كبير ولم يكن يوما ساعيا خلف منصب أو خلف استفادة. لقد آمن بالفكرة القائلة إن العمل السياسي إنما هو حوار بين أنداد، وهو يراعي بلا شك اعتبارات القوة السياسية وتوازناتها. لكنه يعتمد الإقناع العقلي والمنطقي وتلمس المصالح المشتركة، والتسويات الحافظة للوطن وأمنه وللمواطنين وسلامتهم، ولسلطة الدولة اللبنانية وسيادتها وسلامة علاقاتها الخارجية".

وقال للحضور: "أذكر لكم هذه الصور أو هذه الخواطر والأفكار، لكي أقول ببساطة، كم كان دور محمد شطح مؤثرا وهاما وفعالا، ومن دون ضجيج، وكم كان اغتياله جريمة بشعة ومؤذية بالنسبة لنا في قوى الرابع عشر من آذار، وفي تيار المستقبل بالذات. بصراحة، لقد تركت جريمة اغتيال محمد شطح لدينا فراغا لم نستطع حتى الآن تعويضه أو إيجاد البديل عنه".

أضاف: "الكثير من جمهورنا ومن الشخصيات المحيطة بنا، ما يزال يسأل لماذا اغتيل محمد شطح؟ الرجل الدمث والرصين والحواري، المحب للحياة والبعيد عن العنف الكلامي والسياسي؟ بكل بساطة لأن محمد شطح كان يحقق قفزات مستمرة على مسار تعزيز خبرته واتصالاته وانفتاحه وإسهامه في إغناء العمل في الشأن العام. وهو كان من مدرسة على تناقض واضح مع مدرسة المجرمين الذين خططوا لاغتياله وإزاحته من الحياة العامة كشخص منفتح من اصحاب العقول المستنيرة وذلك من أجل ضرب الاعتدال وروح الحوار ورسالة التواصل والقيم النبيلة التي كان يحملها ويؤمن بها. ليس ذلك فقط بل وكذلك أيضا لتوجيه رسالة لآخرين في قوى الرابع عشر من آذار من أجل ترويعهم وترويضهم".

واسترسل: "لقد اغتيل محمد شطح بغفلة عن عين الدولة القادرة والعادلة المتمتعة بثقة ابنائها، التي ما نزال نبحث عنها ونعمل لها ولن نتراجع في توجهنا من أجل إقامتها وإقدارها، وذلك من أجل أنفسنا، ومن أجل أجيالنا القادمة ومن أجل الشهداء أمثال محمد شطح. لقد تمسك محمد شطح حتى اخر يوم من حياته بالمرتكزات التي قام عليها لبنان وقامت عليها انتفاضة الاستقلال والسيادة والحرية، انتفاضة الشعب اللبناني في الرابع عشر من آذار في العام 2005، أي قيم لبنان الرسالة، رسالة العيش المشترك الإسلامي- المسيحي، والنظام الديمقراطي وقيام الدولة المدنية، دولة تطبيق دستور الطائف والقانون، دولة المواطنة. وهو قد عمل من أجل هذه المرتكزات وناضل في سبيلها ودفع حياته ثمنا لها ودفاعا عنها من دون تراجع أو مساومة".

ولفت إلى أن "هذه الذكرى تأتي بعد مرور سنتين على اغتيال الدكتور محمد شطح، وذلك في ظروف دقيقة يمر بها لبنان والمنطقة وهي تطرح أسئلة وتساؤلات مشروعة عن ما آلت إليه الأمور في ما يتعلق بالمشروع الذي دافع عنه محمد شطح وسخر نضاله من أجله والذي تسبب في اغتياله. نحن لم نبدل، ولن نبدل أهدافنا وتوجهاتنا ولن نوقف انفتاحنا على جميع شركائنا في الوطن أو نوقف عملنا من أجل أن نحتضن بعضنا بعضا لنحافظ على سلمنا الاهلي وعلى نهوضنا الوطني واستقرارنا الامني والاجتماعي. كما أننا لن نتراجع عن الشعارات والأهداف التي استشهد محمد شطح من أجلها وسنظل عاملين من أجل تحقيقها لما فيه خدمة الوطن والانسان في لبنان".

وقال: "إننا لم نقتنع أو نوافق على انزلاق وتورط حزب الله في الأتون السوري، ولن نوافق اليوم على ذلك. نحن نريد لشابات لبنان وشبابه ان ينخرطوا في عالم العصر وعصر العالم الذي عرفه محمد شطح، لكي يضيف كل شاب لبناني الى بلده قيمة حقيقية مفيدة. ونحن لا نريد أن يتورط هؤلاء الشباب، في القتال الدائر في سوريا بين نظام جائر وشعبه، في سبيل مسألة ليست بالقضية ولا هي قضيتهم على أي حال. حيث أنه يتثبت يوما بعد آخر أنه ليس هكذا يجري التصدي للإرهاب الذي يشكل مع أنظمة الاستبداد وجهان لعملة واحدة. وليس هكذا يمكن أن نحمي لبنان في وجه الإرهاب وليس هكذا يمكن منع استدراج الارهاب الى لبنان، وليس هكذا يمكن أن نحافظ بالتالي على وحدة اللبنانيين وعلى سلمهم الأهلي وعلى علاقتهم السليمة بمحيطهم العربي".

وتابع: "المشكلة الكارثية أن ما يتحصل من ذلك كله، هو أن أولئك الشباب يعودون في نعوش الى وطنهم واهليهم. ولماذا؟ لإمداد نظريات التدخل في شؤون الآخرين ودعاة التوسع والهيمنة بالقوة والسلطان المزيف تحت ستار الأيديولوجيات العابرة للحدود، والمدمرة للعمران والإنسان والتي قد تطيح بالسلم الأهلي في لبنان والمدمرة وفي ذات الوقت للعلاقات الأخوية التي يجب ان تسود بين الشعب اللبناني بكل مكوناته والشعوب العربية الشقيقة الأخرى".

وقال: "نحن نؤمن بالدولة اللبنانية السيدة على ارضها كما آمن محمد شطح وناضل من أجلها، وما نزال على هذا الإيمان، وفي هذه المناسبة، مناسبة الذكرى الثانية لاستشهاد الصديق والأخ محمد شطح أود أن أشدد على نقطتين أساسيتين تحملنا جميعا مسؤوليتين: الأولى، وهي المسؤولية التي يجب أن يتحملها كل من ناضل ودافع عن مشروع 14 آذار مثل ما فعل محمد شطح. لأن سقوط هذا المشروع يقضي على الأمل بقيام الوطن ونموذجه الإنساني والحضاري وطن الاعتدال والانفتاح المستنير والقبول بالآخر، وطن الرسالة في التسامح والتقاء الاديان وتعارفها. مسؤولية التخلي عن المشروع تعني أن تضحية محمد شطح وتضحية جميع شهداء ثورة الارز قد ذهبت سدى. الأمر الذي نرفضه وترفضه كل قوى 14 آذار ولم تقبل به تحت اي ظرف".

واستطرد: "انتفاضة الشعب اللبناني في الرابع عشر من آذار 2005، ما تزال هي الخزان الذي نتزود منه بالوقود الدافع والداعم لتطلعاتنا وآمالنا في مستقبل لبنان وتطلعات أجياله نحو تحقيق وطن حر سيد ومستقل ومتألق ومتآلف مع محيطه ومع العالم الأوسع".

وتابع: "نقول هذا الكلام ونتكلم عن هذا الموقف في الوقت الذي نحتاج فيه أكثر من أي وقت مضى لنؤكد لروح محمد شطح ولأرواح الشهداء جميعا، ولكل اللبنانيين الشاخصين المتطلعين نحو مستقبل أفضل، ان تضحياتهم لم ولن تذهب سدى وان الاختلافات في الرأي التي طرأت أو قد تطرأ في صفوف 14 آذار في مسائل محددة لا يمكن ان تؤثر على القضية الأساس التي تتعلق بجوهر وجود لبنان كرسالة في محيطه وفي العالم. فقوى الرابع عشر من آذار كانت ومازالت حاجة وطنية، وهي اليوم ايضا حاجة ماسة وضرورية أكثر من أي وقت مضى".

وأردف: "فلا المشروع الوطني في الحرية والسيادة والاستقلال واستعادة دور الدولة العادلة والقادرة صاحبة الاحترام والهيبة على كامل اراضيها ومن قبل جميع ابنائها قد تحقق، ولا المخاطر التي تهدد الكيان زالت، ولا الذين راهنوا على إضعاف الدولة لحساب الدويلة تراجعوا عن رهانهم، بل هم اليوم أكثر إيغالا وإصرارا وتعنتا، ولأن أي خطوة سياسية تبقى مرهونة بالالتزام الكامل بالدستور والقانون وباتفاق الطائف والميثاق الوطني ومحترمة لمبدأ حصرية السلاح بالدولة وبحصرية قرار الحرب والسلم بالسلطة التنفيذية للدولة اللبنانية".

وقال: "لقد جاء في بعض نصوص "المجمع البطريركي الماروني" الصادر في حزيران 2006: "... لقد شكلت انتفاضة الاستقلال، إثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، لحظة تاريخية فتحت الباب للخلاص الوطني بتوحد غالبية الشعب اللبناني على نحو غير مسبوق. وكان ذلك بمثابة الحلم الذي تحول إلى حقيقة". (نص "الكنيسة المارونية والسياسة"، الفصل الثاني، الفقرة 33).

ورأى أن "العبارة المفتاحية في هذه الشهادة القيمة للكنيسة المارونية هي عبارة اتحاد غالبية الشعب اللبناني على نحو غير مسبوق. وعندما تقول الكنيسة المارونية "على نحو غير مسبوق" فهي تدري ما تقول، لأنها- كما وصفت نفسها بحق- "كنيسة خبيرة بالعيش المشترك، مثلما الكنيسة الرسولية الجامعة خبيرة بالسلام العالمي". ولا نضيف إلى هذا البيان الناصع بيانا، إذا قررنا أن اتحاد غالبية الشعب اللبناني يعني تحديدا وخصوصا ائتلاف مسيحييه ومسلميه على خير مطلق هو الحرية والسيادة والاستقلال، باعتبارها شروطا ضرورية لحماية العيش المشترك. وهذا ما أعلنته قوى الاستقلال في قسم الشهيد جبران تويني. وهو ما أكده مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في خطاب المولد النبوي الشريف من هذا المكان قبل أيام قليلة".

وتوجه إلى رجالات الرابع عشر من آذار بالقول: إن لبنان يمر خلال هذه الفترة بمرحلة حرجة جدا. بمعنى، أننا نقف على مفترق هام حيث نشهد انحلالا في سلطة الدولة وهيبتها واحترامها، واستتباعا مقيتا لإداراتها ولمؤسساتها، وتراجعا خطيرا في الاقتصاد الوطني وفي مستوى ونوعية عيش اللبنانيين. فإما أن نظل غارقين في ممارسات الحسابات الصغيرة غير عابئين أو مبالين بالمخاطر التي تتجمع حولنا في الافق، ونتسبب بضياع البلد وتدمير المستقبل الوطني، أو أن نغتنم الفرص المتاحة، ونفسح المجال للتصرف المسؤول ولسياسات المصلحة العامة، بحيث تتغلب عندها الاعتبارات الوطنية على الصغائر وعلى المصالح الضيقة والزبائنية، وبحيث نتوافق على التوجهات الكبرى التي تخرجنا من أنفاق المكائد والتضييع التي دمرت بلدنا وأطاحت بأحلام السواد الأعظم من مواطنينا".

وقال: "رئاسة الجمهورية خالية من شاغلها. ومجلس النواب معطل. والحكومة عاجزة عن الاجتماع والمدخل الرئيس والصحيح هو في المسارعة لانتخاب رئيس للجمهورية يكون بحق رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن الذي يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفقا لأحكام الدستور".

واعتبر السنيورة "أن ما جرى ويجري في لبنان وعلى لبنان، يكاد يستعصي على التعقل، وعلى الفهم في السياقات المعاصرة. عقل محمد شطح وشهداء لبنان الكبار جميعا هو عقل المصلحة الوطنية والحكم الصالح. أما الذين اغتالوهم فإنهم ارتكبوا ذلك ويرتكبونه كل يوم، لأنهم يتجاهلون المصالح الوطنية ولأنهم لا يؤمنون بقضية لبنان العربي السيد الحر المستقل، ولا يريدون له الاستقرار والازدهار ولا يريدون له أيضا الحكم الرشيد، ولا يريدون له أن يكون الرسالة والنموذج في محيطه العربي. هل يكفي قول هذا في التصدي لأحداث الجرائم ضد الدولة والمواطنين؟ هذا كله لا يكفي، لكن عزاءنا شهداء وأحياء أن قناعاتنا لن تتغير ولن تتبدل ولن نذل أو نخضع أو نيأس أو نستسلم، مهما صعبت الظروف والمشقات ومهما طالت. سنظل نحاول ونعمل في ظل الدولة والدستور والسياسة الأخلاقية وبالأساليب الديمقراطية والسلمية مؤمنين وعاملين من أجل التقدم على مسارات الإصلاح والتلاؤم والإنجاز. ولذلك أتينا بالأمس وأتينا اليوم وسنأتي غدا للاحتفاء بذكرى الشهداء، ولتأكيد العزم مجددا على صون الدولة والوطن وصون المستقبل لأجيالنا الصاعدة".

وأكد "اننا نتمسك بحق المواطنة المتساوية مع كل المواطنين اللبنانيين. فكلام البعض لا يحترم إرادة الشعب اللبناني ولا سلطة الدولة اللبنانية ولا منطق العيش المشترك ولا حقوق الإنسان بل يحاول أن يفرض منطق السلاح ووهجه والعنف والتسلط. والتجربة في لبنان تقول أن من اتبع هذا الطريق كان مصيره الفشل والإضرار بنفسه وبغيره والحاق المزيد من الخسائر بلبنان واللبنانيين. إن سياسات المحاور والمصالح الخاصة، وسياسات التفلت من المراقبة والمحاسبة والمراجعة، هي التي أنتجت هذه السيول من الدماء في بلداننا العربية، وهذه السلسلة من الشهداء وهذا التدمير والخراب، وهذا الانقسام الوطني والقومي، وأين هذا كله من تقاليد وأعراف الحياة السياسية الحرة والمسؤولة، واينها من تلك الرحابة التي كان عليها شهداء لبنان الكبار من رفيق الحريري إلى محمد شطح ومن سبقهما من الشهداء. صحيح أن المجرم الذي اغتال محمد شطح نجح في توجيه طعنة خبيثة لتيار المستقبل ولقوى 14 آذار وأيضا لكل لبنان ولكل اللبنانيين، لكننا وعلى الرغم من ذلك فإننا على ثقة بأن الصعوبات التي تواجه لبنان ستكون إلى زوال، فنحن لن نتراجع ولن نسمح باغتيال محمد شطح مرة ثانية. ولهذا نحن نتمسك بكل ما آمن به وعمل من اجله شهداؤنا الكبار من أجل إعلاء شأن الدولة السيدة على أرضها وعلى مرجعية مؤسساتها وعلى كرامة اللبنانيين، وذلك من أجل أن يبقى لبنان، وسيبقى لبنان. هذا هو سر لبنان الدائم، وسر الاستقلال على الدوام، وهو الوديعة الإيجابية الأغلى لدى جميع اللبنانيين المؤمنين بمعنى عيشهم معا على نصاب من الفضيلة الوطنية".

وقال: "من هنا، من منبر محمد شطح، أحد أبرز قادة 14 آذار المؤمنين بلبنان، والذين عملوا بدأب وصمت وتواضع نبيل من أجله، أعلن مجددا تمسكنا بلبنان الرسالة، لبنان الوحدة المسيحية- الإسلامية، وأدعو الأمانة العامة لقوى 14 آذار إلى تفعيل هذه القيمة التي ائتمنت عليها طويلا، وأبلت البلاء الحسن في صونها وحمايتها، وبخاصة وهي تنطلق بزخم جديد بعد قيام مجلسها الوطني".

أضاف: "ان قضية محمد شطح ومن سبقه من الشهداء لم ولن تموت أو تتراجع أو تضمحل، بل ستبقى قضية ملحة وقائمة وأساسية، لأنها قضية المصير الوطني اللبناني وستبقى عصية على الخلاف. ان قضية 14 آذار هي قضية محقة، أرادها الشعب اللبناني وطالب بها وعبر عنها أغلب اطرافه ومكوناته. ولذا فإن تحالف قوى الرابع عشر من اذار سيبقى قائما ومستمرا ومتماسكا وعاملا ومناضلا، ولأنه قد ثبت أن قضية هذا التحالف ليست قضية عابرة، بل هي قضية أساسية ومركزية وأكثر من ضرورية في حياة الشعب اللبناني الوطنية. هذا واقع وحقيقة يجب ان نعيها جميعا وان نتصرف على أساسها ونناضل من أجل تحقيقها. هذه الحقيقة مسؤولية كل واحد منا تجاه الوطن والمواطنين وتجاه شهدائنا من الرئيس رفيق الحريري إلى محمد شطح ومن سبقهما بالشهادة".

واسترسل: "الثانية، تبقى المسؤولية الثانية تجاه شهدائنا وهي جلاء الحقيقة حول عمليات الاغتيال وإحقاق العدالة. فالعدالة وحدها تفتح الباب للاطمئنان حول المستقبل، والعدالة وحدها تمنع تكرار الجرائم في المستقبل. إن عدم تقدم التحقيق في جريمة اغتيال محمد شطح وقبله سمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني وبيار الجميل ووليد عيدو وانطوان غانم واللواء فرنسوا الحاج وسامر حنا ووسام الحسن أمر لا يجوز ولا يمكن السكوت أو التغاضي عنه، وكأنه تسليم للمجرم بالقبول بما ارتكب بل وأكثر من ذلك، وكأنه قبول أو رضوخ للخوف والترهيب المقصود من ارتكاب الجريمة".

وزاد: "ما يدفعنا أكثر إلى هذا التساؤل الانجازات النوعية والمشكورة والفعالة التي أنجزتها الأجهزة الأمنية والعسكرية والسلطات القضائية على صعيد مكافحة العمليات الارهابية وكشف مرتكبيها. نعم لقد أثبتت تلك الأجهزة الأمنية والعسكرية حرفية وقدرة فائقة تضاهي أكثر دول العالم تطورا في هذا المجال وينطبق الأمر ذاته على اكتشاف الشبكات المرتبطة بالعدو الإسرائيلي وإفشال مخططاته وكذلك في كشف الخلايا الارهابية".

وتساءل "هل من المعقول أن تظل ملفات التحقيقات بشأن اغتيال محمد شطح واغتيال زملائه خالية من اي تقدم في الكشف عمن ارتكب هذه الجرائم الشنيعة؟ من أجل هذا أو غيره كثير، نحن أردنا ونريد الدولة القادرة والعادلة، والقضاء المستقل والقوي، أو تظل تحكمنا ممارسات الاستضعاف والفساد والإفساد. فكيف يمكن ان نفسر أو نقتنع أو نقنع اللبنانيين أن النجاح الكامل والسريع والفعال في مجالات متعددة يبقى عاجزا ومتلكأ وغير قادر، حصرا في الجرائم التي تطال قادة 14 آذار، انه السؤال المسؤول الذي نطرحه وسنبقى نطرحه حتى يأتي الحوار أفعالا لا أقوالا".

وتابع: "لأن الانجازات تبقى منقوصة، ولان الحرفية لا يمكن ان تكون انتقائية، ولان الفعالية لا يمكن ان تكون محددة وموجهة، نعم، ستبقى هذه المسؤولية على عاتقنا، تقلقنا، تحثنا، تدفعنا، تلاحقنا حتى نصل بها إلى الحقيقة. فالحقيقة وحدها تطمئننا وتريحنا وتريح أرواح شهدائنا، وتحررنا. لا ينبغي ان يخطئ أحد في الفهم أو التوقع. قوى 14 آذار باقية مهما تعاظمت المصاعب والاختلافات. لأن قضيتها كما ذكرت، وكما كان محمد شطح يؤكد دائما، هي قضية المصير الوطني اللبناني. لدينا الآن ثلاث مهمات وطنية ليس هناك ما هو أدنى أو أعلى منها: انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وصون لبنان من الغرق في خضم الدمار المحيط بنا والمخاطر الشديدة التي تتحلق وتتجمع في الأفق من حولنا على أكثر من صعيد، وإدارة الشأن العام بما يؤدي إلى الصلاح والإصلاح والنهوض، وفتح الآفاق لمستقبل زاهر للبنان يتطلع إليه كل شبابنا وشاباتنا. علينا ان لا ندفع شبابنا إلى اليأس أو الهجرة. فاليأس خراب وهجرة الشبان الناهضين خسارة لا تعوض".

وأمل في "ان تحمل السنة المقبلة بشائر انفراج سياسي للخلاص من الشغور الرئاسي والعودة إلى تفعيل عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية على قاعدة أساسية هي قاعدة اتفاق الطائف واحترام الدستور وليس على أية قواعد من خارج الدستور أو باتجاه اعراف أو بدع أو سوابق جديدة محفوفة بالمخاطر وحاملة للإرباكات. وطالما بقي الأمل، واستمر العمل من أجل لبنان، الذي كان وسيبقى عصيا على التطويع والسيطرة والإخضاع. ستبقى ذكرى محمد شطح عابقة وندية في ثنايا نضالات شباب لبنان وأجياله الحالمة بوطن سيد حر مستقل، يتسع لسائر بنيه محفزا لجميع مبادراتهم الخيرة ومستعصيا على الإخضاع أو الاستلحاق أو الاستتباع أو الفتنة".

وختم: "تحية الى الأخ والصديق وابن الرفيق دولة الرئيس سعد الحريري. تحية الى جميع قيادات ومناصري قوى الرابع عشر من آذار. تحية الى جميع اللبنانيين المتمسكين بثقافة الحياة والساعين الى مستقبل أفضل. عاش لبنان كما أراده محمد شطح وأراده شهداؤنا. وسيبقى لبنان، سيبقى لبنان، سيبقى لبنان".

زيارة الأضرحة

وفي ختام الذكرى، انتقل الحضور إلى ضريح الشهيد شطح بجانب مسجد الأمين، حيث وضعوا اكليلا من الزهر على ضريحي شطح ومرافقه وصلوا لراحة نفسيهما، ثم زاروا ضريحي الرئيس الشهيد رفيق الحريري والشهيد اللواء وسام الحسن وصلوا لراحة نفسيهما وأنفس رفاقهم الشهداء.

 

الحريري: سنبقى أوفياء لوحدة 14 آذار التي عمل عليها محمد شطح

الأحد 27 كانون الأول 2015 /وطنية - استذكر الرئيس سعد الحريري، في الذكرى الثانية لاغتيال الشهيد محمد شطح "عقله الواسع وإنسانيته العميقة ولبنانيته الصادقة"، مؤكدا في سلسلة تغريدات له عبر موقع "تويتر" أن "محمد شطح كان واضحا في رؤيته، دؤوبا في عمله، مخلصا لبلده وعبقريا في دفاعه عن السيادة والديموقراطية والعيش الواحد". وأضاف: "افتقد اليوم الشهيد محمد شطح صديقا واخا ورفيقا. لنستلهم من اصراره على الحوار ومد الجسور واجتراح الحلول لإعادة وطننا الى درب الدولة والكرامة. سنبقى اوفياء لوحدة 14 آذار التي عمل عليها الشهيد محمد شطح، وسنواصل التمسك بالعدالة انصافا له ولجميع شهداء ثورة الأرز". وختم مغردا: "نحيي اليوم ذكرى محمد شطح ومعه جميع شهدائنا وعلى رأسهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي كان شطح احد أركان الحفاظ على إرثه وأمانته".

 

ريفي في ذكرى استشهاد شطح: عهد علينا أن تكون شهادته منارة لنا

الأحد 27 كانون الأول 2015 /وطنية - استذكر وزير العدل اللواء أشرف ريفي، في بيان، جريمة اغتيال الوزير السابق محمد شطح، قائلا إن "يد الاجرام والارهاب استهدفت في مثل هذا اليوم رمزا من رموز الحوار والوطنية والانفتاح، فالتحق بقافلة شهداء ثورة الاستقلال شهيدا ناضل حتى الرمق الأخير من أجل سيادة وطنه ومن أجل ترسيخ قيم الحرية والسلام والديموقراطية". أضاف: "عهد علينا أيها الشهيد الكبير الوزير محمد شطح أن نبقى أوفياء للقيم التي استشهدت من أجلها، عهد علينا أن تكون شهادتك منارة لنا كي نكمل الطريق التي بدأتها مع شهداء ثورة الاستقلال وفجرها الشعب اللبناني اثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري".

وختم: "عهد علينا ألا نساوم على شهادتك الغالية، فدماؤك كما دماء جميع الشهداء، امانة في أعناقنا، ونردد معك ما قلته في كلماتك الاخيرة قبل الاستشهاد: "لن نرضخ لمن يهول ليصل الى ما كان النظام السوري قد فرضه لمدة 15 عاما: تخلي الدولة عن دورها وقرارها السيادي في الأمن والسياسة الخارجية".

 

نديم الجميل في ذكرى اغتيال شطح: نفتقد دبلوماسيتك الصارمة

الأحد 27 كانون الأول 2015 /وطنية - غرد النائب نديم الجميل على صفحته في ذكرى اغتيال الوزير محمد شطح، بالقول: "الى الشهيد محمد شطح في ذكرى غيابك، كما تركتنا يوم استشهادك، ما زالوا يهددوننا ويستعملون لغة الابتزاز والتهويل، انه فيما لو لم نلتزم بما يقررون، فالاقتصاد الوطني مهدد والأمن الشخصي مهدد أيضا، وأن الفوضى آتية لا محال". وأضاف: "نفتقد اليوم دبلوماسيتك الصارمة، ومواقفك التي لا تخشى التهديد والوعيد. فقد كنت رجل الحوار حيث لا خنوع ولا خضوع بالقوة. سنفتقد رؤيويتك وشجاعتك. رحمك الله".

 

 فرعون: شطح كان صوت العقل والاعتدال وما أحوجنا الى الإثنين في ظل ما يعانيه وطننا

الأحد 27 كانون الأول 2015/وطنية - رأى وزير السياحة ميشال فرعون، أن ذكرى الوزير السابق الشهيد محمد شطح "تستعاد اليوم بأسى مضاعف، خصوصا أن المؤسسات الدستورية التي كان الراحل حريصا أشد الحرص عليها، تعاني من فراغ في رأسها ومن جمود في جسدها".

وقال في بيان لمناسبة ذكرى اغتيال الشهيد شطح: "إننا نفتقد اليوم محمد شطح الذي كان صوت العقل والاعتدال، وما أحوجنا الى الإثنين في ظل ما يعانيه وطننا من شغورٍ رئاسي وتعطيل حكومي وتمديد نيابي، وما أحوجنا، خصوصا في فريق 14 آذار، إلى دينامية محمد شطح الذي كان عنصرا بارزا في انطلاقة "ثورة الأرز". أضاف: "حسبنا أن نبقى أوفياء لمحمد شطح وجميع شهداء انتفاضة الاستقلال، قولا وفعلا، وألا ننسى أن الكشف عن قاتليهم لا مساومة فيه، والسير بالمحكمة الدولية لا تراجع عنه، والالتزام بالمبادىء التي التقى حولها مئات الآلاف في ساحة الشهداء في 14 آذار 2005 هو عهد علينا ما حيينا".

 

تفاصيل الأخبار الإقليمية والدولية

مقتل ثلاثة ضباط إيرانيين في حلب

28/12/15/دمشق – وكالات: قتل ثلاثة ضباط من «الحرس الثوري» الإيراني خلال المعارك الأخيرة في ريف حلب. وذكرت شبكة «سورية مباشر» إن الضباط الثلاثة قتلوا خلال معارك مع كتائب الثوار في ريف حلب، مضيفة إن القتلى هم محمد رضا علي خاني ومهدي عزيز صابري وحميد رضا أسد. يشار إلى أن عشرات الضباط والعناصر الإيرانيين الذين يشاركون في القتال لدعم نظام بشار الأسد قتلوا خلال المعارك في سورية، خلال الشهرين الماضيين.

 

أردوغان يتهم إيران بتبني سياسات »طائفية« في سورية

28/12/15/أنقرة – ا ف ب، الأناضول: اتهم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، أمس، إيران بتبني سياسات طائفية في سورية من خلال دعمها نظام بشار الاسد. وقال اردوغان في كلمة متلفزة باسطنبول »لو لم تقف ايران خلف الاسد لاسباب طائفية، لما كنا نناقش اليوم ربما قضية مثل سورية«. وانتقد روسيا وايران وتنظيم »داعش« والمقاتلين السوريين الاكراد واتهمهم بـ«قتل الابرياء من دون رحمة« في سورية، معتبراً أن جماعات مثل »داعش« وحزب »الاتحاد الديمقراطي« الكردستاني السوري هي »أدوات في الصراع العالمي على السلطة«. واضاف ان هذه الجماعات »هي مثل حزب العمال الكردستاني هنا. لا فرق بينها«، مشدداً على أهمية دور المسلمين في مكافحة البيئة التي تتخذها جمات »داعش« و«القاعدة« و«بوكوحرام« والتنظيمات الأخرى المشابهة، أرضية لها. أكد أن تلك التنظيمات تُلحق الضرر الأكبر بالمسلمين، من خلال استغلالها المفاهيم الإسلامية.

 

مقتل زهران علوش يشكل ضربة لمحادثات السلام ومتنفساً لـ»داعش« وسط مخاوف من استقطاب التنظيم الإرهابي بعض الإسلاميين

28/12/15/دمشق – ا ف ب: شكل مقتل قائد »جيش الاسلام« زهران علوش، المعارض للنظام السوري وتنظيم »داعش«، متنفساً لمتطرفي »الخلافة« لكن من شأنه أن ينعكس سلباً على محادثات السلام المرتقبة ويعدل من ميزان القوى في ريف دمشق. وقال اندرو تايبلر، المحلل في معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى، »شغل علوش مكاناً ما بين المتطرفين والجيش السوري الحر، وهذا ما كان ضرورياً كونه يحد من توسع تنظيم »داعش« على المدى القصير، ويتيح توحد القوى الاخرى في مواجهة النظام على المدى الطويل«. وكان علوش وحد تحت إمرته عشرات المجموعات المسلحة تحت راية »جيش الاسلام« ليصبح الفصيل الابرز في الغوطة الشرقية لدمشق، وحارب قوات النظام السوري وتنظيم »داعش« في آن، وقتلته الجمعة الفائت غارة للطائرات الحربية السورية استهدفت اجتماعاً كان يحضره. ويعد »جيش الاسلام« من أبرز الفصائل المسلحة التي شاركت في محادثات المعارضة في الرياض في التاسع والعاشر من الشهر الجاري التي انتهت بتشكيل هيئة عليا للتفاوض مع النظام. وفي إشارة إلى موافقة علوش أخيراً على المشاركة في المفاوضات، رأى آرون لوند، محرر صفحة »سورية في ازمة« على موقع مركز كارنيغي للابحاث، ان علوش »حاول ان يظهر نفسه كوسطي، معارض للارهاب … هذا النوع من الشخصيات التي تريد ان تراها في حكومة وحدة«. وبحسب محللين، فإن مقتل علوش قد يشكل »ضربة قاسية« للمحادثات المرتقبة بين النظام والمعارضة، التي أعلنت الامم المتحدة أنها ستبدأ في 25 يناير المقبل. ورأى كريم بيطار الباحث في معهد العلاقات الدولية والستراتيجية في باريس يرى أن مقتل علوش يعد أيضاً »ضربة قاسية لمحادثات الرياض، خصوصاً ان السعودية دعمته خلال العامين الماضيين وحاولت تقديمه كبديل«. وليس ذلك فقط، فهناك خشية من ان يؤدي مقتل علوش الى انسحاب فصائل مسلحة اخرى من عملية السلام. وبالنسبة لتايبلر، فإن من شأن مقتله ان »يحبط عزيمة مجموعات اسلامية أخرى عن المشاركة في المفاوضات برعاية الامم المتحدة«. وقاد علوش »جيش الاسلام« بقبضة من حديد حتى ان التنظيم كان يتمحور حوله بشكل خاص. وفي هذا السياق، قال عضو المكتب السياسي في التنظيم محمد بيرقدار ان في »جيش الاسلام« »ثمة رمزية للقائد، تجعل المقاتلين يتبعونه، وهذا أمر غير موجود لدى الكثير من الفصائل«. بدوره، أكد محلل الشؤون السورية ايمن التميمي أن »من الممكن ان يشكل مقتل علوش ضربة لجيش الاسلام كون التنظيم تمحور بشكل كبير حوله شخصه، وهذا أمر لا ينطبق على فصائل اخرى، مثل حركة احرار الشام« التي فقدت قادة عدة لكنها بقيت الاقوى في محافظة ادلب (شمال شرق) الى جانب »جبهة النصرة«. ورغم تعيين »أبو همام البويضاني« قائداً لـ»جيش الإسلام«، إلا أن بيطار يعتبر أن التنظيم »سيحتاج إلى الوقت للتعافي من هذه الضربة«. وتكمن الخشية في ان يؤدي مقتل علوش وتراجع »جيش الاسلام« من بعده الى ان يرى بعض الاسلاميين في تنظيم »داعش« بديلا له، بحسب تايبلر، فيما اعتبر بيطار أن مقتله قد يساهم أيضاً في تعزيز فكرة »الأسد في مواجهة داعش«. بالإضافة الى ذلك، فإن مجموعات مسلحة اخرى في الغوطة الشرقية، مثل حركة »أحرار الشام« قد »تتحرك لتضمن لنفسها موقعا اكثر تأثيرا في المشهد السياسي هناك«، بالنسبة للتميمي.

 

الأمم المتحدة: المفاوضات بين النظام والمعارضة في 25 يناير

28/12/15/نيويورك – أ ف ب: أعرب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا عن أمله في انعقاد المفاوضات بين حكومة رئيس النظام السوري بشار الأسد والمعارضة في جنيف في 25 يناير المقبل. وقال دي ميستورا في بيان، ليل أول من أمس، إنه كثف جهود وساطته ويعتزم انجازها بداية يناير المقبل، بهدف البدء بالمحادثات بين الأطراف السوريين في 25 يناير المقبل، في جنيف. وأضاف أنه يعول على التعاون الكامل لجميع الأطراف السوريين المعنيين بالعملية، مطالباً بعدم السماح للتطورات الميدانية المتواصلة بعرقلة إجراء المحادثات. وأشار إلى أن ما صدر عن اجتماعات فيينا في أكتوبر ونوفمبر الماضيين وكذلك بيان جنيف في العام 2012 حددت معايير انتقال سياسي في سورية، مؤكداً أن »السوريين عانوا بما فيه الكفاية، ولمأساتهم تداعيات في كل المنطقة وخارجها، إنهم يستحقون التزاماً تاماً من جميع ممثليهم الذين عليهم أن يثبتوا روح قيادة ورؤية بعيدة الأمد لتجاوز خلافاتهم من أجل مصلحة سورية«.

 

الجيش العراقي يُحاذر الوقوع في كمائن ومواجهة انتحاريين والقوات الأميركية تخطط لاصطياد قادة »داعش«

بغداد – باسل محمد:/السياسة/28/12/15/مع اقتراب دخول العملية العسكرية الهجومية للقوات العراقية ضد مسلحي تنظيم »داعش« في مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار، أسبوعها الثاني، تحتدم المعارك بين الطرفين. وفي حين يستقدم الجيش العراقي المزيد من قوات النخبة ويتلقى المزيد من الدعم الجوي من الائتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بدأ »داعش« حملة تجنيد واسعة في مناطقه لدعم عملية الدفاع عن الرمادي، بحسب معلومات واردة من مناطق الحدود العراقية – السورية ولاسيما من منطقتي الرطبة والقائم ومناطق داخل سورية في دير الزور. وكشف مسؤول محلي رفيع في حكومة الأنبار لـ »السياسة« أن القوات الاميركية الخاصة المتمركزة في قاعدة الحبانية، شرق الرمادي، تسعى لاستثمار انسحاب بعض قيادات »داعش« من الرمادي لتصفيتها أو اعتقالها بهدف جمع معلومات استخباراتية. وأشار إلى أن الأميركيين كثفوا من مراقبتهم الجوية والاستخباراتية فوق الرمادي منذ بدء العملية الهجومية العراقية بهدف رصد بعض قادة »داعش« الخطرين الذين يعتقد أنهم متحصنون داخل المدينة ويقودون المقاومة الشرسة ضد الجيش العراقي، مضيفاً أن العسكريين الاميركيين يتعاونون مع العشائر السنية لتحديد أسماء بعض القيادات والطرق التي يمكن أن يسلكوها عندما تتمكن قوات النخبة العراقية من اقتحام المجمع الحكومي في الساعات المقبلة على الأرجح. وبحسب معلومات المسؤول المحلي، فإن قيادات »داعش« المقربة من زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي الموجودة في الرمادي أمامها خياران: إما التوجه الى هيت شمال الرمادي وهذه الطريق خطرة لأن القوات العراقية منتشرة في المنطقة، وإما التوجه الى منطقة البادية ويتم العبور منها الى محافظتي صلاح الدين ونينوى أو دخول الأراضي السورية من معبر القائم الى معبر البوكمال السوري في منطقة دير الزور، وبالتالي يمكن للقوات الخاصة الأميركية ومعها قوات عراقية من جهاز مكافحة الأرهاب أن تقتل أو تعتقل قيادات التنظيم في هذه الطريق. وأوضح المسؤول في حكومة الأنبار لـ »السياسة« خريطة المواجهات والمعارك الجارية في الرمادي على النحو التالي:

- حي الحوز الواقع شمال غرب الرمادي، تدور فيه معارك عنيفة وحرب أبنية وقناصة وتريد قوات النخبة العراقية السيطرة عليه لكي تتمكن بعدها من دخول مجمع المباني الحكومية حيث يوجد مقر حكومة الأنبار السابقة.

- مناطق جنوب الرمادي وتحديداً منطقتي الملعب والبوعيثة، حيث يشن »داعش« في هذا المحور هجمات مضادة ضد الجيش العراقي.

- مناطق شمال شرق الرمادي باتجاه منطقة البادية الممتدة الى محافظتي صلاح الدين والموصل شمالاً، تعد حيوية لـ »داعش« الذي ما زال يسيطر على الأراضي فيها ويستخدمها لجلب التعزيزات من سلاح ومسلحين.

وكشف المسؤول العراقي أن التنظيم ما زال يستطيع شن المزيد من الهجمات المضادة ضد قوات النخبة العراقية عبر أنفاق أعدها لهذا الغرض وسط الرمادي، موضحاً أن الجيش العراقي يستطيع الاندفاع إلى عمق مركز الأنبار لكنه يخشى أن يقع في كمائن عبر الأنفاق، كما أن »داعش« ما زال يملك عشرات الانتحاريين القادرين على مهاجمة القوات العراقية عن قرب ولا يستطيع الائتلاف الدولي التدخل من الجو لأن المسافة بين الإرهابيين والجنود العراقيين قريبة للغاية.

وأشار الى أن »داعش« ما زال يسيطر على مناطق مهمة من الرمادي باتجاه مناطق الصوفية والسجارية وجزيرة الخالية شرق المدينة، ويحتفظ فيها بمعدات قتالية ومئات المسلحين ما يشكل دعماً لوجستياً لمسلحيه في داخل الرمادي. وحذر المسؤول من أن تحرير وسط الرمادي والسيطرة على المباني الحكومية ليس كافياً ويجب على القوات العراقية أن تندفع باتجاه كل مناطق الأنبار حتى جزيرة الخالدية ومناطق هيت وراوة وعانة وأيضاً إلى الجنوب الشرقي باتجاه مدينة الفلوجة، التي تعد ثاني أكبر مدينة في المحافظة بعد الرمادي، ويتحصن فيها مئات المسلحين من »داعش«. ورأى أن مهمة القوات العراقية في مرحلة ما بعد الرمادي ستكون شاقة وصعبة بدءاً من أطراف العاصمة بغداد في الفلوجة والصقلاوية اللذين يتواجد فيهما »داعش« وحتى حدود العراق مع سورية حيث يسيطر التنظيم على معبري القائم والوليد، ومنهما يتنقل مسلحوه الإرهابيون بحرية بين سورية والعراق.

 

الصين تتبنى أول قانون لمكافحة الإرهاب وسط مخاوف من تعزيزه القيود على الإعلام وتأهب في أوروبا بعد تحذير «استخبارات حليفة» من هجمات إرهابية

28/12/15/عواصم – وكالات: أعلنت الشرطة النمساوية، أن «أجهزة استخبارات صديقة» حذرت مدن أوروبية عدة من هجمات إرهابية محتملة، خلال فترة الأعياد، ما دفع قوات الشرطة في القارة العجوز إلى تكثيف الاحتياطات الأمنية، وذلك بعد ستة أسابيع من هجوم باريس الذي أودى بحياة 130 شخصا وتبناه تنظيم «داعش». وذكرت شرطة فيينا في بيان، أنه «قبيل حلول عيد الميلاد أرسل جهاز استخبارات صديق تحذيراً إلى عواصم أوروبية عدة قد تتعرض لهجوم بمتفجرات أو باطلاق الرصاص بين عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية في مناطق مزدحمة». وأضافت إن التحذير أرفق بقائمة «أسماء العديد من المهاجمين المحتملين وتم فحصها ولم يصل التحقيق الى نتائج ملموسة»، لافتة إلى أن فيينا وأجهزة الشرطة الأوروبية الأخرى زادت من حالة التأهب الأمني، كإجراء احتياطي. وطلبت من المواطنين تفهم الحاجة لمزيد من القيود الأمنية، موضحة أن الاحتياطات الأمنية الاضافية تتضمن مراقبة الأماكن المزدحمة «لا سيما خلال المناسبات وعلى المحاور المرورية»، مع اجراء فحوص مشددة على بطاقات الهوية. ونصحت الشرطة بتوخي أكبر قدر من اليقظة في ما يتعلق بأشياء قد تحمل متفجرات مثل الأكياس والدراجات. من جانبه، قال متحدث باسم وزارة الداخلية الالمانية ان الوزارة لا تعلق على مواقف محددة لاسباب تتعلق بالعمليات، مضيفاً إن «ألمانيا لا تزال في مرمى ارهاب المتطرفين»، ومضيفا إن البلاد راجعت اجراءات أمنية وأقرتها بعد هجمات باريس. في سياق متصل، حاولت شبكة «سسي إن إن بالعربي» التحدث مع الشرطة الفرنسية للاستعلام عما إذا كانت باريس أو أي من المدن الفرنسية ضمن المدن المشمولة في التحذير، أو أصدرت الاستخبارات الفرنسية هذا التحذير، ولكنها رفضت التعليق. ومع ذلك، أعلنت الشرطة أن نحو 48 ألف من رجال الشرطة يعملون بشكل خاص لتأمين المواقع الحساسة خلال العطل المدرسية، من الـ19 من ديسمبر إلى 4 يناير، وأن الشرطة الفرنسية ستعين ألفي ضابط جديد في يناير المقبل. وفي بروكسل، أعلنت صحف بلجيكية، أول من أمس، أن بلال حدفي الذي فجر نفسه قرب ستاد دو فرانس في سان دوني قرب باريس كان يتابع دروسه في مدرسة انيسين-فونك ببروكسل لكنه انقطع عن الدراسة في فبراير الماضي حين التحق بالمتطرفين في سورية. وأشارت إلى أن المدرسة أخطرت السلطات التعليمية في 27 أبريل الماضي بأن حدفي التحق بالمتطرفين في سورية، لكن هذه المعلومة لم تصل الى الشرطة إلا بعد اعتداءات باريس. من جهة أخرى، تبنت الصين، أول من أمس، أول قانون لمكافحة الإرهاب بعد مسودات أولى للقانون أثارت انتقادات بسبب بنود قد تؤدي إلى تعزيز المراقبة على وسائل الإعلام وتهدد الملكية الفكرية للشركات الأجنبية.

وجاء تبني هذا القانون فيما تشن بكين حملة قوية لوقف العنف الإتني في اقليم شينجيانغ وتحاول تعزيز المراقبة على المنشقين السياسيين على الانترنت وعلى الأرض. وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة أنها «محاولة جديدة لمواجهة الإرهاب في الوطن ومسعى للحفاظ على الأمن العالمي». ولم تنشر على الفور تفاصيل القانون الذي أقرته لجنة المصادقة على التشريعات في المجلس الوطني الشعبي التي تعتبر موافقتها أمرا روتينيا.

 

علاوي: التحالف الإسلامي تجمع لقوى الاعتدال ضد التطرف

28/12/15/القاهرة – د ب أ: أكد زعيم حركة «الوفاق الوطني» رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي أن التحالف الإسلامي العسكري الذي أعلنت السعودية عن تشكيله بقيادتها، ليس تحالفاً سنياً طائفياً موجهاً ضد الشيعة. واعتبر علاوي، وهو سياسي شيعي ليبرالي، أن التحالف هو «تجمع لقوى الاعتدال ضد تجمع قوى التطرف». وتعليقاً على موقف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وسياسيين عراقيين آخرين اعتبروا إقامة التحالف من دون العراق خطأ جوهرياً، قال «لا علم لي لماذا لم تتم دعوة العراق للانضمام للتحالف، وكل ما أعرفه هو أن هذا التحالف لم يأت من فراغ، بل بعد حوارات عدة ومطولة بين الدول، وكان يفترض بالعراق أن يكون جزءاً منها». وانتقد عدم طرح الحكومة مسألة المشاركة في أي تحالفات على مجلس النواب لاتخاذ القرار الذي يمثل الإجماع العراقي، خصوصاً أن رئيس الوزراء يدخل كل أيام عدة في تحالف جديد، فهو مشارك بالتحالف الرباعي مع روسيا وإيران والحكومة السورية، ومشارك أيضاً مع الولايات المتحدة ودول أخرى في التحالف الدولي ضد «داعش».

 

تظاهرة تطالب برحيل العرب من جزيرة كورسيكا الفرنسية

28/12/15/أجاكسيو – أ ف ب: تظاهر نحو مئة شخص مجدداً في مدينة أجاكسيو في جزيرة كورسيكا الفرنسية، وهم يهتفون «العرب إلى الخارج!» و»هذه بلدنا!»، في حي شعبي تعرضت فيها قاعة صلاة للمسلمين للتخريب. وتجمع المتظاهرون أول من أمس، في الحي الشعبي في تلال أجاكسيو كما حدث الجمعة الماضي، بعد اعتداء شبان ملثمين ليل الخميس الماضي على شرطيين ورجال إطفاء تم استدعاؤهم لإخماد حريق، أسفر عن جرح ثلاثة هم رجلا إطفاء وشرطي. وشهدت تظاهرة أول من أمس، حادثاً صغيراً عندما حطم رجل بالحجارة زجاج أبواب ثلاثة مبان، لكن التظاهرة التي جرت وسط مراقبة من الشرطة تفرقت بلا أي حادث آخر. وطلب رئيس إدارة كورسيكا كريستوف ميرمان وقف التظاهرات ووعد بأن يكون «رجال الشرطة موجودين في كل الأحياء»، حسب تصريحات نقلها المتظاهرون، الذين دعوا إلى اجتماع مع ممثل الدولة في الجزيرة. بدوره، دعا رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أنور كبيبش في بيان، ليل أول من أمس، «كل مواطنينا الى الهدوء»، فيما طالب اتحاد مساجد فرنسا السلطات العامة بـ «تعزيز وسائل الحماية» حول أماكن العبادة، كما دعا مسلمي فرنسا إلى اليقظة وضبط النفس في مواجهة أي استفزازت. من جهتها، اعتبرت الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة أنه «حين يشعر المواطنون بأن الدولة لا تبسط النظام الجمهوري، فإن ذلك يولد خطراً أكيداً بأن يتولوا إحقاق العدل بأيديهم». يشار إلى أن هذه الحوادث جاءت في أجواء من التوتر في فرنسا، بعد اعتداءات باريس، وكذلك بعد فوز القوميين الكورسيكيين في انتخابات المناطق التي شهدت صعوداً لليمين المتطرف في فرنسا.

 

الفيضانات تجتاح أجزاء من إنكلترا

28/12/15/لندن – أ ف ب: تسببت الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات في أجزاء من انكلترا، ما أجبر السلطات على إخلاء مئات المنازل ونشر الجنود لتعزيز دفاعات تلك المناطق. وتعد كل من لانكشير شمال غرب انكلترا ويوركشير شمال شرق البلاد الأكثر تضررا، حيث أصدر مسؤولو البيئة نحو 300 تحذير في المنطقتين من بينها 20 تحذيرا من احتمال حدوث فيضانات قاتلة. وفي بعض المناطق وصلت المياه إلى نوافذ الطوابق السفلى من المنازل والمتاجر، فيما تخلى السائقون عن سياراتهم في بعض المناطق بعد أن تحولت شوارعها الريفية الضيقة إلى سيول. وعقدت الحكومة البريطانية محادثات طارئة، أمس، لمناقشة مشكلة الفيضانات.

 

عيد ميلاد دام في الفليبين مع مقتل 10 برصاص متشددين

28/12/15/مانيلا – ا ف ب: أعلن الجيش الفليبيني، أمس، مقتل عشرة مدنيين غالبيتهم من الفلاحين خلال فترة الميلاد على يد متمردين إسلاميين في جنوب ارخبيل الفليبين المأهول بغالبية من المسيحيين الكاثوليك. وقال قائد الوحدة المحلية الكولونيل ريكي بونايوغ ان المقاتلين المتطرفين لتحرير بنغسامورو خطفوا في 24 ديسمبر الجاري تسعة فلاحين في جزيرة مينداناو الجنوبية قبل ان يعمدوا الى قتلهم، مشيراً إلى أنه لم يعثر على جثث بعض الضحايا سوى بعد يومين من وقوع الجريمة. واضاف ان المقاتلين شنوا في اليوم نفسه هجوما على بلدية بيغكاوايان على بعد نحو 900 كيلومتر الى جنوب مانيلا، وقتلوا عضوا في السلطة المحلية. وأشار إلى مقتل ستة متمردين وإصابة ثمانية آخرين بجروح في هذه المعارك التي استمرت ثلاثة ايام. وأثارت هذه الهجمات الخوف في مينداناو حيث يشكل الكاثوليك غالبية السكان لكن الاقلية المسلمة تطالب بها على أنها أرض أجدادهم.

 

اعتقال 75 متهماً بالإرهاب بينهم أميركي في السعودية وأردوغان يزور المملكة غداً

28/12/15/الرياض، أنقرة – وكالات: اعتقلت السلطات الأمنية في السعودية 75 متهماً بالإرهاب خلال الأسبوعين الماضيين من بينهم للمرة الأولى أميركي وخمسة كازاخستانيين في مواقع عدة من دون أي مقاومة أومحاولة للهرب. ونقلت صحيفة «الجزيرة» السعودية عن مصادر قولها، أمس، إن الأجهزة الأمنية اعتقلت 75 متهماً بالإرهاب من 10 جنسيات منهم 39 سعودياً وأربعة هنود وسبعة باكستانيين وثلاثة يمنيين وثلاثة مصريين وأردنيان وأميركي وإماراتي وفلسطينيان وثمانية سوريين. وأشارت إلى أن الإنجازات الأمنية المتلاحقة للقضاء على الإرهاب سجلت للمرة الأولى إطاحة أميركي وخمسة كازاخستانيين متهمين بالانضمام لتنظيم «داعش» في ضربات استباقية أمنية سريعة. إلى ذلك، اعتمد ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز الزّي والشعار ولون المركبات الرسمي لقوات الأفواج الأمنية لتمارس مهامها في حرب العصابات بالمناطق الجبلية الحدودية، ومساندة القطاعات الأمنية، وتخويلها صلاحيات رجال الأمن في الاعتقال والتفتيش والمطاردة وإطلاق النار، وذلك وفق الإجراءات النظامية. يشار إلى أن الأمير محمد بن نايف أصدر قراراً في 14 ديسمبر الجاري بمباشرة قوات الأفواج الأمنية لمهامها في حرب العصابات بالمناطق الجبلية الحدودية، تنفيذاً لأمرين ساميين صدرا في عام 2006 بتشكيل أربعة أفواج متخصصة في حرب العصابات، بإشراف وكالة الأفواج بوزارة الداخلية وذلك لمساندة القوات العسكرية في العمليات القتالية عندما يتطلب الموقف ذلك. في سياق منفصل، يجري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة رسمية للسعودية لمدة يومين. وذكرت الرئاسة التركية في بيان، أمس، أن أردوغان سيزور السعودية غداً الثلاثاء لمدة يومين تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزير. وأضافت أن «أردوغان سيتناول في محادثات مع الملك سلمان بن عبد العزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والمسائل الإقليمية». وسبق أن زار أردوغان المملكة السعودية في مارس الماضي، حيث أجرى محادثات مع خادم الحرمين الشريفين.

 

تفاصيل المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

سمير القنطار الذي أظهر عُمق خلافاتنا

 محمد العطارلحياة/28 كانون الأول/15

اغتيل سمير القنطار في جرمانا، على مشارف الغوطة الشرقية. كان القنطار، على ما يُشاع، يدير من هناك مهمته الموكلة إليه من قبل الإيرانيين و»حزب الله»، لفتح جبهة الجولان السوري المُحتل. منذ عام ونصف العام رشح كلامٌ عن تأسيس «الجبهة الشعبية لتحرير الجولان» لتتولى مهمات فتح جبهة جديدة مع إسرائيل. لم نسمع عن أي اشتباك في الجولان. لكننا تحققنا من انخراطٍ واسع لمقاتلي «حزب الله» وميليشيات أخرى مُسيّرة من قبل إيران في قتال ممتد عبر الأراضي السورية، من محور القنيطرة في الجنوب إلى القلمون وريف دمشق إلى ريف حلب في الشمال. لا ترمي هذه السطور بحال من الأحوال، إلى مناقشة أبعاد اغتيال القنطار. أُشبع اغتياله نقاشاً، شمل دلالات العملية في ظل تنسيقٍ علني بين الروس والإسرائيليين حول مصالح الطرفين الإستراتيجية في سورية، التي يبدو النظام فيها اليوم أضعف الحلقات في محور حلفائه. تسعى هذه السطور إلى التحريض على نقاشٍ ربما، عبر تسليط الضوء على الشرخ الذي أحدثه مقتل القنطار بين من كانوا حتى ما قبل مقتله يعتقدون بأنهم ردموا جزءاً كبيراً من الهوة التي تفصل بينهم في ما يخص مفاهيم التحرر والمقاومة وأولويات النضال للخلاص من سنوات الجمر التي تسحقنا جميعاً. هوة كنا اعتقدنا، متسرعين ربما، بأننا تجاوزناها مع اندلاع الثورات في العالم العربي، وتحديداً مع الثورة السورية التي فجرت منذ أيامها الأولى التناقض بين خطاب التحرر من الاستبداد وحكم العائلة كأولوية تمهد لتحرير الأرض وبناء دولة قوية، وبين خطاب يهادن استبداد ما يعتبره دولة وطنية مُمانعة، بحجة أولوية تحرير الأرض. قرّبت الثورة السورية شرائح واسعة من مُثقفين وناشطين ومواطنين، ليبراليين ويساريين، ذوي ميول إسلامية أو علمانيين، أو خارج أي اصطفاف سياسي أو إيديولوجي، من تبني خطاب يفكك مفهوم المُمانعة السائد في أدبيات النظام السوري وحلفائه، وينتصر لأولوية تهشيم دولة الاستبداد ومنظومتها. والحق أن جزءاً كبيراً من الفضل في هذا التقارب، يعود أولاً إلى جموع المنتفضين السوريين، الذين جاء معظمهم من المناطق الأكثر تهميشاً. عرّى هؤلاء بهتافاتهم العفوية، التي لم ينقصها أي بلاغةٍ أو تخصيص، وفي طور مبكر من الثورة السلمية، خطاب مُمانعة مُخاتلاً لطالما اعتاش عليه النظام السوري ووظّفه في قمع محكوميه. سبقت هذه الهتافات بوقت طويل عسكرة الثورة، وامتداد سرطانات التنظيمات الإسلامية المُتطرفة فيها. في تشييع فوج الشهداء الأول في مدنية دوما مطلع نيسان (ابريل) 2011، هتف المشيعون: «ابن الحرام، باع الجولان»، «يا ماهر ويا جبان... إبعت جنودك عالجولان». كانت الهتافات تنسف حِمل الممانعة الزائف الذي جثم على ظهور السوريين لتبرير قمعهم، وتقطع الطريق أمام بروباغندا النظام البائسة للتشويش على ثورة شعبية بوصفها مؤامرة صهيونية. لا شيء في سورية الأسد، بالنسبة إلى المانعين كان، ولا يزال، يستدعي انتفاضةً شعبية! لا قمع الحريات العامة، ولا غياب التعددية السياسية، ولا حتى سياسات نهب منظمة من قبل الطغمة الحاكمة والدوائر المقربة منها، أفقرت باضطراد عموم السوريين.

لكن على هؤلاء الهاتفين في دوما وغيرها، ومن انضم إليهم وناصرهم لاحقاً في عموم سورية، على اختلاف ما آلت إليه أحوالهم المأساوية الآن، أن يثبتوا في كل حين إخلاصهم للقضية الفلسطينية وعداءهم المبدئي لإسرائيل! كم من مرة طُلب منا تقديم إثباتات على ذلك؟

مع اغتيال القنطار في جرمانا، عادت الحمولات الإيديولوجية إلى البروز مجدداً. عاد التردد في تعرية خطاب الممانعة ليغلب على كلام أفراد ومثقفين وناشطين كانوا أقرب لخطاب الثورة. تناوب أفراد من هؤلاء، بالأخص في لبنان وفلسطين، على رثاء القنطار وتمجيده، وعلى تبني خطاب يفصل اغتياله عن دور موفديه إلى سورية في المقتلة هناك. كلمات القنطار، المُتاحة لكل مُطّلِع، في دعم نظام الأسد وفي شرعنة حربه على محكوميه، لم يكن لها أي اعتبارٍ عند من اختاروا العودة إلى تمجيده وتمجيد المقاومة التي يمثلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

القنطار لم يختر أن ينأى بنفسه عن السياسة في سورية، لم يختر العمل بعيداً من بروباغندا النظام، على العكس. على رغم ذلك كان يكفي معرفة هوية قاتليه، لتنزيهه عن كل شائبة، وللنكوص عن خطابٍ نقدي لمفاهيم المقاومة والممانعة في نسختها الحزب إلهية، الأسدية. والحق أن قتلته مجرمون محترفون، محتلون لأرضنا، خصومٌ لطموحاتنا في الحرية. فهل أبتهج لاغتيالهم القنطار؟ بالطبع لا، وقد استباحوا مجدداً أرضي، التي جعل نظاماً جمهورياً وراثياً من سمائها مستباحةً من قبلهم في كل حين. لي في جرمانا، أصدقاء ومعارف، كانوا ربما عرضةً للموت في ذات القصف ذلك اليوم. وكغيرهم من سوريين أبرياء، معرضين للموت في كل حين، أو يعانون في الشتات. لم يستفتهم أحد في قرارٍ إيراني بفتح جبهة مزعومة في الجولان اليوم وسط خراب البلاد المُعمم. كما لم يستفتهم نظامهم حين قرر أن السلام مع إسرائيل أصبح «خياراً استراتيجياً» عقب مؤتمر مدريد في مطلع التسعينات. ولم يستفتهم قبل ذلك وبعده حين فرض تغييب أي مقاومة مسلحة لاستعادة الجولان. لكنهم على رغم ذلك مطالبون برثاء القنطار، أو بتفهم تمجيده. وإن لم يفعلوا فهم عملاء للصهاينة أو الوهابية أو داعشيون، وتنويعات النعوت هنا لا تنتهي. في نهاية 2015، يبدو المشهد في سورية قاتماً بغياب أفق لنهاية المقتلة. ماذا حققت إذاً هذه الثورات؟ أشياء قليلة ربما، لكنها عظيمة الأثر، منها أننا بدأنا بتحرير الكلام والمعنى من قبضة نظام مُستبد. المقاومة، هي ملك لنا، وهي عرضة للنقاش العام وللنقد وللتفكير. في خوضنا هذا لا نساوم على حقوقنا، لكننا لا نجعل منها مطية للفتك بنا. هكذا هتف، على طريقتهم، المتظاهرون في دوما وعربين وكفربطنا، المتاخمة لجرمانا، حيث كان القنطار مُقيماً، وحيث يصعب أن تصم الآذان عن صوت القصف الذي يحرق هذه البلدات المحاصرة، التي ما زالت تؤوي عشرات آلاف المدنيين، ليسوا كلهم نصرة ولا زهران علوش، لكنهم كلهم عرضة للقتل ببراميل النظام. كشف اغتيال القنطار عن هشاشة مواقف أصدقاء ورفاق لنا، اعتقدنا بأننا نمضي معاً في عملية مراجعة جدية لمفاهيم كالمقاومة والممانعة استخدمها النظام وحلفاؤه لسحقنا وترهيبنا. كان المراد بالضبط تحرير هذه المفاهيم من مصادرة هؤلاء لها وليس التخلي عنها. من شأن نكوص هؤلاء الرفاق جعل هذه العملية أصعب وأكثر كلفة، ومنح النظام وحلفائه مزيداً من الوقت والشرعية لقمعنا باستخدام الحجج نفسها. هذا مُجرب. كنا نتوق فقط إلى التخلص مما جربناه مراراً، كنا نأمل بأن ينصفنا من عانوا من أسر المُحتلين، وأن يقفوا ضد أنظمة القمع، كنا سنصبح أقوى بهم. لم يحدث هذا مع القنطار وغيره. هذا مدعاة للأسى، لكنه ليس بحال مدعاة لليأس.

 

الهاربون من أوطانهم

 الياس حرفوش/الحياة/28 كانون الأول/15

إذا كانت هناك كلمة يمكنها أن تلخّص العام الذي ينقضي فإنها ستكون حكماً كلمة اللاجئين. اما الصورة الحزينة التي تمثل هذه المأساة، فلن تعثر على تعبير عنها أفضل من جثة الطفل ايلان كردي ممددة على ذلك الشاطئ التركي، بعد ان فشل والده في انقاذه من غدر امواج البحر.

أعرف ان هناك كلمات يمكنها أن تنافس كلمة «لاجئين» على التعبير عن احداث هذا العام، مثل «داعش» او الإسلاموفوبيا. ولكن الصور التي تتالت لقوافل اللاجئين الذين خاضوا أقسى المغامرات مع عواصف البحر وأنوائه للوصول الى شاطىء نجاة، وأكثرهم لم يتسنّ له الوصول فغرق في الحلم، هذه المشاهد تبقى الأكثر تعبيراً عن مآسي مجتمعاتنا التي صار الموت فيها او هاجس الموت هو الخطر اليومي الذي يحدق بالناس، حتى صاروا مستعدين للتخلي عن كل شيء: البيت والأهل والعائلة والهوية والانتماء، في سبيل العيش، فقط العيش، ولو في بلاد تبعد آلاف الأميال البحرية وتفصلها عنهم كل الحواجز التي يمكن تخيّلها: اللغة والدين والثقافة وتقاليد الأكل والشرب والملبس والنزهة والمدرسة والحديقة العامة وأماكن الصلاة. اللاجئون. كلمة واحدة تكفي للتعبير عن الكارثة التي حلّت ببلداننا. الوطن هو عادة المكان الطبيعي الذي يلجأ الإنسان إليه ليحتمي به. الهجرة ليست هي المكان الطبيعي لسكن الناس ولراحة عيشهم ولتربية أطفالهم. لذلك كان الحنين الى الوطن هو عنوان قصائد الشجن، التي يحملها الناس معهم في حقائب الغربة، ويصدحون بها كلما مرت ببالهم ذكريات الحياة التي كان يمكن ان تكون أحلى في اوطانهم. اللاجئون. قدرهم أنهم ولدوا في بلدان طاردة لشعوبها. على عكس بلاد الناس الأخرى التي توفر لإبنائها كل سبل الحياة الكريمة ليستقروا فيها أو ليعودوا إليها. شبابنا في المهاجر. نخبنا المثقفة والقادرة على إخراج مجتمعاتها يوماً ما من دوامة البؤس والجهل والفساد وسوء الإدارة، تبحث عن أي فرصة عمل في الخارج، وإذا وجدتها يصبح الوطن مجرد ذكرى تعلّق على جدار، أو تُحفظ صورة في ألبوم الزمن الذي مضى. يخرج اللاجئون من أوطانهم إلى حلم العيش الكريم في بلدان أوروبية اعتادت على مدى تاريخها أن تكون ملجأ للمضطهدين. تسمح ثقافاتها باستيعاب الناس على اختلاف انتماءاتهم الدينية والعرقية والفكرية. لكن، حتى ثقافة الاستيعاب هذه باتت مهددة ايضاً بفعل عامل الخوف والقلق الأمني الذي يزرعه الإرهاب المنسوب إلى تنظيمات تدّعي الإسلام. هكذا يصبح اللاجئ الباحث عن أبسط ظروف الأمان منكوباً في وطنه ومنكوباً على شواطىء الغربة، حيث تتّسع وتكبر نظرات الشك من هذا القادم من بعيد، الذي يمكن أن يشكّل في نظر البعض مشروع قنبلة متفجّرة أو انتحاري متجوّل.

أوطاننا تتغيّر بشرياً من داخلها وتتغيّر جغرافياً عبر حدودها. تغيّر بشري وجغرافي وسياسي ليس معروفاً مداه ولا أين يمكن أن يستقرّ. أرقام منظمة غوث اللاجئين تتحدّث عن أكثر من مليون لاجئ هربوا من بلدان العالم العربي والشرق الأوسط هذا العام، في أكبر عملية نزوح إلى القارة القديمة منذ الحرب العالمية الثانية. فيما تجاوز عدد اللاجئين والهاربين من أوطانهم بسبب مختلف النزاعات حول العالم ستين مليوناً. أما أوطان الغربة التي يسعى اللاجئون إليها فتتغيّر هي أيضاً. وباستثناء قلة من الدول والشعوب الأوروبية التي لا تزال تحافظ على تعقّلها في التعامل مع أزمة اللجوء، تنتشر أصوات عنصرية، كانت إلى الأمس القريب، مذمومة في بلادها، لكنها أصبحت اليوم ترفع الصوت مطالبة بإغلاق الحدود وفحص الانتماءات الدينية للاجئين، واستبعاد المسلمين من بينهم، قبل تسهيل إقاماتهم. أزمة اللاجئين ذات حجم عالمي لا تهدّد استقرار بلداننا ومستقبلها فقط. إنها تهدّد الاستقرار العالمي وقدرة الناس على التعايش والتفاهم ومواجهة الأزمات والكوارث معاً بقلوب وعقول منفتحة. إنها ببساطة تكشف قدرتنا على التعامل مع بعضنا كبشر، وما ترتّبه علينا هذه الهوية من التزامات إنسانية.

 

لا تركيا ولا علوش العقبة الوحيدة أمام بوتين

جورج سمعان/الحياة/28 كانون الأول/15

الغارة الروسية التي ذهب ضحيتها زهران علوش تؤكد السياسة الواضحة لموسكو. تؤكد ما لا يحتاج إلى تأكيد: لا تريد الاستماع إلى الآخرين، أو أخذ مواقفهم بعين الاعتبار. ولا انتظار التفاهم على «لائحة الحركات الإرهابية» التي وضعها الأردن. وكانت أبدت سلفاً اعتراضها على وجود ممثلين لفصائل عسكرية في مؤتمر الرياض للمعارضة. وتجهد لتغيير نتائج المؤتمر بضم معارضين بديلين منهم غابوا عنه قريبين منها ومن النظام. بودها تكريس هؤلاء. وإذا لم تستطع بالديبلوماسية فبالقوة لشطب من لا يروق لها جسدياً. القراءة السياسية للغارة ومؤداها هما الأهم. قائد «جيش الإسلام» كان رقماً صعباً في الميدان العسكري، في دمشق وريفها خصوصاً. لكنه على المستوى الشخصي كان مثار جدل واختلاف. هذا ما حفلت به سابقاً مواقف لقوى معارضة. وجه إليه كثيرون انتقادات، سواء لطريقة إدارته للقتال وتحويل مواطنين دروعاً بشرية. أو لمواقفه من الديموقراطية والتعددية. أو لطريقة إدارته شؤون الناس ومعيشتهم وإغاثتهم في مناطق سيطرة عسكره. واتهموه بالتشدد والتزمت وباعتقال عدد من النشطاء. وقامت في وجهه تظاهرات، على رغم أنه قاتل تنظيم «الدولة الإسلامية». حتى أن بعض أصدقاء المعارضة، محليين وإقليميين، كانوا يشعرون بالحرج حيال «اعتداله». وتردد أن محاولات بذلت ولم تتوقف سعياً إلى إبعاده عن الصورة من أجل الدفع بإشراك ممثلي قواته في «جنيف 3»، بعدما شاركوا في اجتماعات العاصمة السعودية في التاسع والعاشر من الشهر الجاري. نتيجة الغارة الروسية على اجتماع قادة «جيش الإسلام» ليس هدفها علوش فحسب. هدفها إحراج هذا الجيش وآخرين لإخراجهم. هي تأكيد على أن موسكو مصممة على لائحتها الخاصة بالحركات الإرهابية. ومصممة على تحديد الوفد المفاوض للنظام، وعلى رسم صورة التسوية السياسية في سورية. والمفارقة هنا أن الغارة الروسية استهدفت زهران علوش الذي واجه «داعش» وطردها من غوطة دمشق، فيما قوات النظام تفاوض على تفاهم يسمح لمقاتلي «تنظيم الدولة» الإرهابي بالخروج «آمنين» من جنوب العاصمة إلى الرقة وريف حلب. كما يسمح لآخرين من «جبهة النصرة» بالتجمع في درعا تمهيداً لنقلهم إلى منطقة إدلب! طبعاً لم يكن الأمر يحتاج إلى هذه المفارقة لتكرار ما يقوله الأميركيون والأوروبيون والمعارضة. وهو أن الحملة الروسية لم تستهدف حتى الآن سوى الفصائل المعتدلة. والهدف واضح لا لبس فيه، على رغم الغموض الذي يكتنف بياني فيينا والقرار الأخير لمجلس الأمن الرقم 2254. لا يمكن موسكو الدفع برؤيتها الخاصة للتسوية من دون التمهيد ميدانياً بإزاحة ما تعتقد بأنه سيشكل عراقيل وعقبات أمام هذه التسوية.

ليس غموضاً أن روسيا تدخلت ميدانياً في سورية من أجل حماية مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية المتعلقة بمشاريع الطاقة والغاز، من الخليج أو من شرق المتوسط، والهادفة إلى تقليص اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية. أدركت بعد أربع سنوات من دعمها قوات النظام ومن تدخل إيران مباشرة وبالواسطة، أن لا دمشق ولا طهران أثبتتا القدرة على القيام بهذه المهمة. لذلك جاء اندفاع الرئيس فلاديمير بوتين ليأخذ الأمر بقواته الخاصة. ولم يعد غامضاً أنه يسعى إلى بقاء النظام بصرف النظر عمن يتولى السلطة. ويدفع بآلته العسكرية غير مبال بالتداعيات. لا مساومات. القوة وحدها تفتح الطرق العصية على الديبلوماسية لفرض التسوية التي يرسمها. والواقع أن القرار الدولي الأخير 2254 تبنى مقررات لقاء «فيينا 2» الذي طوى صفحة بيان «جنيف الأول». و»التنسيق» القائم بين موسكو وواشنطن يكاد يطوي مقررات المعارضة في الرياض ويتجاهل التوافق على «لائحة القوى الأرهابية» التي يتولى الأردن إعدادها بالتنسيق مع جميع المعنيين بالأزمة السورية.

في ضوء هذه الاستراتيجية الروسية لا يبدو أن لقاءات «جنيف 3» ستفضي إلى انفراجات. يكفي النظر إلى مواقف الأطراف الذين يشكلون «الهيئة العليا للمفاوضات» قبل النظر إلى اعتراضات من اعترضوا على غيابهم أو تغييبهم، خصوصاً «مجلس سورية الديموقراطية» الذي يضم حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي وقوى أخرى أشورية وسريانية وتيار «قمح» لهيثم مناع. هناك أكثر من ثلاث وجهات نظر في «الهيئة» يعبر عنها كل من «الائتلاف الوطني»، و»هيئة التنسيق» و»تيار بناء الدولة»، والفصائل المقاتلة وضمنها «أحرار الشام»، و»جيش الإسلام» الذي لن ينتهي ويزول بمقتل قائده. ويمكن قراءة غياب المشتركات بين هذه القوى من مواقفها حيال المسيرة السياسية التي أقرها لقاءا فيينا والقرار الدولي، وما قبل ذلك وبعده. ولن تكون موسكو بعيدة عن تعميق الخلافات من أجل تعزيز خيارها العسكري، والدفع بالمعارضة السياسية والعسكرية التي يمكن احتواؤها من أجل إعادة تشكيل النظام الذي يعد بقاؤه مبرراً لاستمرار الوجود الروسي.

اللامبالاة التي ينهجها الرئيس بوتين حيال القوى الأخرى المعنية بالأزمة السورية لن تمر بسهولة. المعركة المفتوحة التي يخوضها ضد تركيا لن تريحه في سورية. صحيح أن مشروعها لإقامة منطقة آمنة شمال حلب وإدلب انتهت بإقامة منطقة عازلة جنوب تركيا باتت تحت مرمى صورايخ «اس 400» الروسية! وصحيح أن هروب الرئيس رجب طيب أردوغان نحو العراق أثار عاصفة في وجهه. لكن الصحيح أيضاً أن سعي الرئيس الروسي إلى عزل أنقرة يعزز موقع غريمتها طهران. بالطبع هو يراعي الوجود الإيراني في بلاد الشام لأنه لم يستطع حتى الآن إعادة بناء قوة حقيقية ضاربة من الجيش النظامي يمكن أن تحل محل المليشيات الوافدة من خارج الحدود. هذه المراعاة لدواع استراتيجية معروفة لا تثير الرئيس التركي وحده. بل تثير قلق قوى عربية وقفت إلى جانب المعارضة السورية وسكتت على التدخل الروسي لاعتقادها بأنه خير أو أقل ضرراً من التغلغل الإيراني. لكن مواصلة موسكو ضرب «الجيش الحر» والفصائل التي ارتضت الحل السياسي تبدو إصراراً على بعث أزمات مع هذه القوى. وتعزز نظرة كثيرين إلى أن روسيا باتت في مواجهة مفتوحة مع الإسلام السني في المنطقة، في وقت لا شيء يضمن أن التسوية يمكن أن تفرض على السوريين من خارج بعد كل هذه التضحيات. حتى سيد الكرملين نفسه يعرف أن لا جدوى من دعم النظام.

ولا يكفي هنا أن يعتمد الرئيس بوتين على «لامبالاة» مماثلة يعتمدها نظيره الأميركي باراك أوباما حيال أزمة سورية. الأخير يعتمد سياسة واضحة حيال التدخل العسكري الخارجي. خبر أكلافه الباهظة التي ترتبت على الحروب الاستباقية. وأعلن أكثر من مرة أن لا قدرة لبلاده على التدخل وممارسة القوة في كل أزمة إقليمية هنا أو هناك. لذلك لا يضيره أن ينوب عنه سيد الكرملين في دور «الشرطي الدولي». لأنه يعرف كما يعرف نظيره قدرة روسيا على التحمل اقتصادياً، مهما حاولت التقليل من حجم تكاليف تدخلها العسكري في بلاد الشام. لقد دفع بوتين ولا يزال يدفع غالياً ثمن عناده في أوكرانيا. كانت العقوبات رداً على تجاهله مواقف أميركا وأوروبا. وضمه شبه جزيرة القرم وتحريكه مناطق الشرق الأوكراني لم يعيداه ولن يعيداه إلى قلب كييف. وستظل هذه بقربها من الغرب تشكل تحدياً لاستراتيجيته واستنزافاً لمقدراته. ولن تكون حاله أفضل في سورية. فلا شيء يضير واشنطن وهي ترى إليه يُستنزف في رمال المنطقة، ويتحول خصماً لدوداً للعالم العربي والإسلامي. ومثلها شركاؤها الأوروبيون الذين بدلوا ويبدلون من مواقفهم على وقع موجات المهاجرين وإرهاب «داعش» المتنقل خارج «دولة الخلافة».

أن يرسم الرئيس بوتين صورة التسوية في سورية ويفرضها بقوة طائراته وصواريخه ليس خياراً مضمون النتائج. لن يطول انتظار اللاعبين الآخرين وصبرهم. مستقبل بلاد الشام جزء لا يتجزأ من مستقبل الإقليم برمته. بل هي قلب الإقليم. وليس بمقدور موسكو أن تحدد صورة المنطقة وبناء نظامها وحدها وعلى هوى مصالحها فقط. لن يدعها السوريون قبل الآخرين، من أميركا إلى أوروبا ودول إقليمية وعربية لا تزال تنتظر لعل وعسى. قد لا يمر وقت طويل حتى ينهار مشروع بوتين للتسوية، كما تنهار طموحاته في آسيا الوسطى أمام زحف الصين. سيدرك عندها أن تركيا والفصائل الإسلامية، من «جيش الإسلام» إلى «أحرار الشام» وغيرهما، ليست المشكلة الوحيدة في وجهه. كفُّ يدِ تركيا عن سورية لن يغيبها قوةً راجحة في الإقليم. وقتل زهران علوش لا يقضي على الفصائل الإسلامية. المواجهة مفتوحة على امتداد المنطقة، والميدان الشامي يختصرها كلها ، فهل تصمد موسكو؟ أو بالأحرى هل تصمد سورية ويبقى منها شيء للصراع عليه؟

 

في أن القنطار وعلوش «شهيدان»

ديانا مقلد/الشرق الأوسط/28 كانون الأول/15  

أسبغ إعلام الممانعة على سمير القنطار لقب «شهيد» فغضب المعارضون لنظام بشار الأسد، إذ كيف يمكن لشخص جاهر بدعم نظام مجرم كنظام الأسد، وساهم في تشكيل مجموعات قتالية موالية للنظام داخل سوريا، وأعلن بنفسه مرارًا انحيازه إلى الأسد، أن يطلق عليه لقب «شهيد»، حتى ولو كانت إسرائيل «العدوة» هي من قتلته بعد أن كانت سجنته لثلاثة عقود. كتب معارضون مقالات وثارت ثائرتهم عبر «فيسبوك» و«تويتر» ضد تسمية مشارك في قتل السوريين بالشهيد. لم تمضِ أيام حتى أطلق إعلام معارض للأسد صفة «شهيد» على قائد جبهة جيش الإسلام زهران علوش، وهو زعيم الحرب الذي ارتبط اسمه بخطف رموز للثورة السورية كرزان زيتونة وسميرة الخليل ونظام حمادي ووائل حمادة، وهو أيضًا من ارتبط بعمليات إعدام مصورة وبسجن مدنيين في أقفاص كما حصل قبل أسابيع، عدا عن اعتقالات وتصفيات شهدتها مناطق سيطرته. هنا رد الإعلام الممانع الذي حاول الثأر من مقتل القنطار بالابتهاج لقتل علوش وبالسخرية ممن يعتبرونه شهيدًا. أعلنت حرب الشهداء، وكانت المبارزة في التعليقات حول من يستحق لقب «شهيد»، القنطار أم علوش. ما ضاعف من سوريالية المشهد انحياز معارضين لدور القنطار في سوريا إلى الجماعات التي نصبته «شهيدًا» لأن إسرائيل هي من قتلته. الأمر نفسه انطبق على بعض من كان ينتقد علوش وممارساته، فقرروا الانحياز له «شهيدًا» في لحظة استهداف روسي لما يرونه رأس حربة للمعارضة السورية.. خلال أقل من أسبوع كنا أمام نموذجين لحالتين قصويين من حالات الفصام السياسي والأخلاقي التي نعيش بين دفتيها. ففي حالتي اغتيال القنطار وعلوش كان لهوية القاتل دور في تطهير القتيل من كل خطاياه وآثامه وكأنما بات طبيعيًا ألا نتمكن من إدانة الاغتيال والقتل من دون منح صكوك براءة لارتكابات وجرائم فقط، لأن هوية القاتل وهوية القتيل هي محط خلافنا وأزمتنا. ما زاد في ركاكة المشهد تولي الطيران الروسي ربط المصالح بين الأضداد، فهو سهل من جهة لإسرائيل اغتيال القنطار، وهو من جهة أخرى من قتل علوش. يحصل هذا أمامنا جميعًا، ولكن ورغم وضوح المشهد، فإن وقائعه كانت أشبه بالتراجيديا التي بتنا لا نجيد غيرها، وهي إسباغ مراتب الشهادة يمنة ويسرة متغافلين عن الكثير من الوقائع النافرة حول سير هؤلاء «الشهداء». فبالنسبة إلى البعض تكفي غارة إسرائيلية لتطهر القنطار من خطيئة دعم نظام قاتل، وبالنسبة للبعض الآخر يسهل قيام الروس بغارة لرفع علوش إلى مراتب الشهداء متجاوزين كل حقائق الخطف والاغتيال التي اقترنت به. يرفض من انحاز للقنطار أن يخوض نقاشًا أساسيًا لتجربته، لا أعني فقط دعمه النظام في سوريا، بل ما قبل ذلك؛ أي منذ بداية عمله العسكري حين كان لا يزال شابًا يافعًا شارك في عملية نهاريا التي كانت حصيلتها قتل أب وطفلته، قال القضاء الإسرائيلي إن القنطار قتلهما، لكن القنطار أنكر الواقعة. إنكار القنطار للواقعة بدا ضعيفًا، لكن وإن افترضنا أنه حقيقي إلا أنه لم يعلن أنه تراجع عما أقدم عليه بل عبر مرارًا عن التزامه وانحيازه لنهج القتل والخطف بصفته «مقاومة»، وهو خرج من السجن ليجاهر بأنه مستمر فيما بدأه حين كان صغيرًا. إنها القناعة نفسها التي قادته للدفاع عن النظام البعثي السوري. زهران علوش أيضًا أنكر أنه خطف مجموعة من أنبل ما أنجبت الثورة السورية؛ أعني رزان زيتونة وسميرة الخليل وناظم حمادي ووائل حمادة، بل واستهزأ مرارًا من الباحثين عنهم رغم كل القرائن حول مسؤوليته. أما الاعتقالات والخطف والإعدامات التي ارتكبها فتلك سبل لـ«مقاومة» بطش الأسد وأعوانه. أليس هو من برر وضع رجال ونساء مدنيين في أقفاص بصفته عملاً مبررًا لردع نيران الأسد. كم بدا المنتشون بـ«شهادة» القنطار غافلين حين قرروا أن الموت بقصف إسرائيلي يعفي القتيل من المساءلة ويحول من يطرح تلك المساءلة إلى خائن وعميل. أما الكارهون لفلاديمير بوتين والحماية الشريرة التي يقدمها لحليفه بشار الأسد، فهم قرروا ببساطة أيضًا أن مقتل علوش بقصف روسي يسمح لهم بإسباغ مآثر وأوهام بطولية على شخصية أهانت الثورة السورية وأصابتها في مقتل.

 

روسيا ولغة العصا

عبد الرحمن الراشد/الشرق الأوسط/28 كانون الأول/15  

في اليوم التالي للتصريح الفظ لوزير الخارجية الروسي، وهو جالس إلى جانب وزير الخارجية القطري يعلن فشل لقائهما حول تصنيف الجماعات الإرهابية من التنظيمات السورية المعارضة، قتلت طائرات حربية، يعتقد أنها روسية، زعيم جماعة «جيش الإسلام»، في الغوطة الشرقية بدمشق.

وسواء أكانت الهجمة مرسومة من قبل موسكو لفرض مطالبها بالقوة، بعد فشل الاجتماع، أم لا، فإن الحادثة قُرئت في هذا الإطار. روسيا تريد أن تكون من يقرر مسار الحرب والمفاوضات في سوريا. وقد أبدى الروس عزمهم على فرض رأيهم بالمفاوضات واستعراض العضلات، بمضايقتهم تركيا وتخفيض نفوذها في سوريا والعراق، وكذلك الضغط على دول الخليج، وتحدوا الأميركيين الذين تراجعوا سريعًا وقبلوا بالتنسيق تحاشيًا للتصعيد. وقد يكسب الروس الجولة الحالية، بفرض المشروع الروسي الإيراني باستمرار بشار الأسد رئيسًا، وقبلها فرض تصنيفهم للتنظيمات الإرهابية التي ستحرم من مفاوضات فيينا، وفرض من يسمونها بالمعارضة المعتدلة، وهي واجهات لنظام الأسد ومقربة من إيران، وكذلك فرض صيغة الحل السياسي المقبول. موسكو تريد أن تكون صاحبة القرار في شأن النزاع السوري، فهل ستقدر على تحقيق ذلك؟ إذا كانت مستعدة لدفع أثمان كبيرة والاستمرار في هذه المغامرة، ربما تستطيع أن تكون المرجعية لمستقبل الحكم في دمشق، ولحين. تريد أن تفعل ما فعلت الولايات المتحدة في العراق، فهي صنعت وفرضت مشروعًا سياسيًا، ومع أنه يقوم على حكم ضعيف، لا يزال موجودًا على الأرض. الروس لسبب غير مفهوم لنا، إلا في إطار صراع تنازع النفوذ مع الغرب، يستثمرون كثيرًا في مشروع الحكم في سوريا، وتعميق التحالف مع إيران.

وغير مفهوم كذلك، استهدافهم جماعة «جيش الإسلام»، خاصة أنها ليست مرعبة مثل «داعش» الإرهابية، ولا تمثل نفوذًا سياسيًا كبيرًا مثل تنظيم «الجيش الحر الوطني» المعتدل. وقد جعل الروس منها قضية، بقتل قائدها زهران علوش، ذات أصداء سياسية واسعة.

«جيش الإسلام»، كجماعة، عرفت فقط قبل عامين، واشتهرت بجرأتها على إعلانها محاربة «داعش» أيضًا، ونجحت في الاستيلاء على مناطق تسيطر عليها في محيط العاصمة دمشق. بل، وقبل عامين، كانت تتلقى تأييدًا من القوى الغربية ودعمًا خليجيًا، قطريًا على وجه الخصوص.

هذه الجماعة نجحت في بناء قوة، تقول إنها نحو 15 ألف مقاتل، أكثر انضباطًا. أما إخفاقاتها فهي أنها استمرت كتنظيم يقوم على مفهوم ديني، في وقت معظم القوى الإقليمية والدولية المؤيدة للمعارضة السورية تفضل دعم القوى المعارضة الوطنية، على اعتبار أن سوريا بلد مختلط الأعراق والأديان، ومن دون تأييد دولي قد لا يكون لها مستقبل في الحل السياسي. طبعًا، هناك من يريد دعم الجماعات الإسلامية المسلحة، على اعتبارها تستنهض العداء لنظام الأسد الذي هو الآخر طائفي علوي. وترى أنه في سياق الصراع الطائفي مع إيران، وهيمنة القوى الدينية الشيعية على الحكم في العراق، واستمرار هيمنة حزب الله الشيعي في لبنان، فإن وجود جماعة، بل جماعات، سنية مسلحة ضرورة مرحلية. عيوب هذا المفهوم، أنه يمنح إيران ما تريده؛ تمزيق خريطة المشرق العربي طائفيًا، ونقل الأزمة إلى منطقة الخليج، وفي نفس الوقت لن يحقق لسوريا الحكم السياسي المستقر. دفع المنطقة نحو المزيد من الاضطراب، من سوريا شمالاً وحتى اليمن جنوبًا، لعقد زمني آخر، سيخدم سياسة إيران القديمة والمستمرة بتصدير الأزمة للجوار. فهل تعتقد روسيا أنها ستربح من التحالف مع إيران، في مثل إصرارها على تثبيت حكم الأسد المتهاوي، أو أي بديل موالٍ لطهران؟ لا أدري كيف سيربحون من وراء معاداة معظم الدول العربية وشعوبها! تقليديًا، الروس ليسوا أعداء لدول المنطقة، لكن كما نرى من تورطهم في سوريا، أصبحوا هدفًا للغضب العربي على المستويين الرسمي والشعبي.

 

الكونغرس يُقر والنظام الإيراني يشتاط

د. سلطان محمد النعيمي/الشرق الأوسط/28 كانون الأول/15  

إنه نوفمبر (تشرين الثاني) 2013.. إيران تعلن عن الوصول إلى اتفاق مؤقت بينها وبين مجموعة «5+1» بشأن برنامجها النووي. الخبر ينتشر كالنار في الهشيم. يضع رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات النفطية العالمية كلتا يديه خلف رأسه مائلاً بالكرسي للخلف قائلاً: «آن الأوان من جديد لنقتنص الفرص في السوق الإيرانية الكبيرة». كان ذلك لسان حال العديد من الشركات العالمية الأخرى. تصريح أميركي قادم مفاده أن العقوبات الأحادية والدولية لا تزال قائمة، ويُحذر من الانفتاح على إيران في هذا الوقت. لا توجد آذان مصغية لذلك التحذير، الذي لا يمنع من أن تبدأ تلك الشركات في تقصي الفرص المقبلة ومعرفتها لحين الوصول إلى اتفاق نهائي. النظام الإيراني يدرك مدى الإمكانات الاقتصادية التي تتمتع بها إيران، وتأسيسًا على ذلك يعقد بدوره العديد من المؤتمرات الاقتصادية لإبراز الفرص المتاحة في السوق الإيرانية.

تنطلق بعض الوفود الاقتصادية والسياسية لتتحسس طريقها وتحدد معالم الفترة المقبلة. الرقم مائة (100) أصبح علامة فارقة. يتساءل القارئ عن دلالة هذا الرقم. في ديسمبر (كانون الأول) 2013، مباشرة بعد الاتفاق النووي المؤقت، وصل وفد يضم 10 من كبرى الشركات النمساوية لدراسة تطوير التعاون التجاري مع إيران في حالة إلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. وفي الشهر نفسه توجه وفد تجاري صيني إلى طهران يضم نحو 100 شخصية. كما شهدت إيران زيارة وفد كرواتي يضم 20 من كبار رجال الأعمال والاقتصاد. وفي مقابل الـ100 شخصية التي ضمها الوفد الصيني، استقبلت إيران أيضًا وفدًا فرنسيًا مكونًا من 100 ممثل لكبرى الشركات الفرنسية، لا سيما شركة «بيجو» للسيارات التي تتلاقى مع إيران في مشاريع مهمة في قطاع السيارات. وكذلك الحال بالنسبة إلى ألمانيا التي أرسلت بدورها وفدًا تجاريًا لإيران لبحث الفرص المتاحة اقتصاديًا. كما وصل في مايو (أيار) وفد من سلوفينيا مؤلف من 30 شخصًا یمثلون الشركات الاقتصادیة فی مجالات الطاقة والمصارف والكهرباء والاتصالات والزراعة وباقی المجالات الأخرى. ومن الخطوات المهمة التي قامت بها إيران، مع الوصول إلى الاتفاق المؤقت، توقيع مذكرة تفاهم اقتصادية بمبلغ 70 مليار يورو بين إيران وروسيا في الاجتماع الحادي عشر للجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين.

وتصديقًا لما تقدم، أعلن مير أبو طالب بدري، وكيل هيئة تنمية التجارة لشؤون التسويق والعلاقات، أن إيران شهدت في الفترة الماضية من عام 2015 نموًا في حركة تدفق الوفود التجارية بنسبة 133 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وكذلك ارتفاعًا في عدد الدول القادمة منها الوفود التجارية بنسبة 50 في المائة، وفي عدد أعضاء الوفود بنسبة 30 في المائة.

ما تقدم يدلل على أهمية ما تحظى به السوق الإيرانية.

إنه يوليو (تموز) 2015.. هناك ترقب وانتظار لأمر مهم. المباحثات صعبة والتكهنات في ظل الشد والجذب والتمديدات السابقة صعبة كذلك. وفي نهاية المطاف يُعلن عن الوصول إلى اتفاق شامل بين إيران ومجموعة «5+1» في ما يتعلق ببرنامجها النووي. فما الذي حدث لاحقًا؟ استمر الرقم مائة في توهجه وزاد. وتم رفع مستوى تمثيل تلك الشركات والمستوى الدبلوماسي والسياسي، بل وزيارة رؤساء دول لا سيما الرئيس الروسي، وزيارة وزيري الخارجية الفرنسي والبريطاني. وفد تجاري فنلندي يضم 100 ممثل عن الشركات الرائدة، ووزيرا التجارة والزراعة الفرنسيان على رأس وفد تضمن 150 تاجرًا وأصحاب شركات وصناعات مختلفة، ووفد اقتصادي ألماني كبير مؤلف من 130 شخصًا برئاسة وزير الاقتصاد، جميعهم توجهوا إلى إيران. فلم تعد هناك سوى أمتار قليلة لرفع العقوبات عن إيران. تفجيرات باريس، وحوادث إطلاق النار في أميركا وغيرها من المناطق، وعلاقة ما تقدم بتنظيمات إرهابية لا سيما «داعش»، وارتباط عدد من الرعايا الغربيين بهذا التنظيم، كل ذلك يجعل الكونغرس الأميركي في حالة دراسة لمشروع قادم. الحالة هنا أميركية، فما الذي يدفع النظام الإيراني لكي يشتاط غيظًا؟

مجلس الكونغرس الأميركي يقر مشروع قانون يفرض على مواطني الدول الـ38 الذين تم إعفاؤهم سابقًا، الحصول على تأشيرة دخول في حال زيارتهم لإحدى هذه الدول، وهي: إيران وسوريا والعراق والسودان. النظام الإيراني يصب جُل غضبه على هذا القرار ويعتبره خرقًا للاتفاق النووي، ويهدد بأن يكون في حل من شروطه. ولربط الأحداث وتقريبها للقارئ نشير إلى وجود عامل ربط بين هذا القرار في حال سريانه وبين العقوبات الاقتصادية الأحادية المفروضة من قبل الولايات المتحدة على إيران، وهو وضع الشركات والمستثمرين بين خيارين، فما هما؟

لقد وضعت العقوبات الأحادية الأميركية المفروضة على إيران كبرى الشركات والمستثمرين أمام مفترق طرق، فإما التخلي عن الاستثمار والعمل في السوق الإيرانية، وإما الحرمان من الامتيازات والمشاركة في المناقصات الأميركية. الكفة بلا جدال ترجح الاستثمار في أكبر اقتصاد في العالم. فعلى الرغم من السوق الإيرانية الكبيرة، فإنها تبقى أقل بكثير حين تقارن بالسوق الأميركية.

يتجلى هنا سبب امتعاض الجانب الإيراني من هذه العقوبات.

ولكن ماذا عن قرار الكونغرس، ولماذا يشتاط النظام الإيراني غضبًا؟ نجيب عن تساؤل القارئ من خلال تصريحات مسؤولي النظام الإيراني. يقول العميد محمد حسين نجات، مساعد الشؤون الثقافية في الحرس الثوري: «تمت دعوة بعض الأفراد لزيارة إيران خلال الأسبوع الأخير للمشاركة في الاجتماعات واللقاءات المختلفة، إلا أنهم لم يأتوا خوفًا من وضع علامات استفهام حول جوازات سفرهم بعد قرار الكونغرس الأخير». كما يقول مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي: «إن تقييد منح تأشيرات الدخول إلى أميركا للمسافرين القادمين من إيران، سيؤثر على التبادل الاقتصادي والسياحي والعلمي والثقافي، وأعتبره يتعارض مع الاتفاق النووي». وهذا ما دفع بدوره إلى مطالبة 102 نائب في البرلمان الإيراني، في رسالة موجهة للرئيس روحاني، الحكومة بضرورة الرد على الإجراء الأميركي، والذي اعتبروه كذلك خرقًا لتعهدات الاتفاق النووي الأخير. ويمكن النظر إلى موقف النظام الإيراني من هذا القرار من زوايا عدة، لعل أهمها الاتهام المبطن من قبل هذا القرار للنظام الإيراني وارتباطه بالإرهاب نظرًا لأن منطلقات هذا القرار جاءت نتيجة للعمليات الإرهابية وارتباطها بهذه المناطق. هذا الأمر بدوره ينسف العديد من المحاولات الإيرانية لكي يبرز النظام الإيراني نفسه على أنه مواجه للإرهاب وعامل مهم في محاربته. أما الزاوية الأخرى التي يمكن النظر لها فهي أثر هذا القرار على المحاولات الإيرانية للانفتاح على الغرب وتنشيط الحركة الاقتصادية والسياحية والثقافية والذي يمكن تلمسه من خلال تصريح العميد محمد حسين نجات. التطمينات التي ساقها وزير الخارجية الأميركي لنظيره الإيراني، والتعهدات بعدم خرق الاتفاق النووي، لا تزال تراودها الشكوك من قبل النظام الإيراني، الذي ينطلق «متطرفوه» لإبراز مخاوفهم السابقة من الجانب الأميركي وتعهداته.

 

من عمان إلى قم

طارق الحميد/الشرق الأوسط/28 كانون الأول/15

قام وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية الدكتور هايل عبد الحفيظ داود بزيارة مفاجئة لإيران، وتحديدًا مدينة قم، رافقه فيها وفد من بين أعضائه رئيسا الوزراء الأردنيان السابقان الدكتور عبد السلام المجالي، والدكتور عدنان بدران. وقال وزير الأوقاف الأردني لصحيفة «الرأي» الأردنية إن زيارته هذه تأتي في إطار حضوره مؤتمر «الوحدة الإسلامية» بدعوة من المجمع الإسلامي في مدينة قم، مضيفًا أنه بحث مع الجهات الإيرانية الدينية توثيق العلاقات بين البلدين بشكل عام، ومكونات الأمة الإسلامية، ونزع فتيل الاختلاف بين المذاهب، ونبذ الفكر التكفيري، والإرهاب، بينما نقلت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية عن وزير الأوقاف الأردني إشادته «بدور مدينة قم» التي وصفها بأنها «منارة علمية كبيرة للفكر الإسلامي، وقاعدة للدين الإسلامي، وأنها كانت على الدوام رائدة في الأنشطة الإسلامية». ونقلت الوكالة الإيرانية عن الوزير الأردني قوله إن «الخلافات في الآراء والأفكار أمر طبيعي بين المذاهب، ولكن إذا ترافقت هذه الخلافات مع الصداقة، وتحمّل وتفهّم الآخرين، واحترام مشاعرهم، وصون القيم المقدسة للجميع، فسيمكننا إطفاء كثير من هذه النيران، وأن لا نسمح للجهلة بتأجيج الخلافات ونيران الفتنة وإثارة التفرقة والتباعد بين المسلمين». وبكل تأكيد، كلام الوزير هذا عن أن الخلافات في الآراء والأفكار بين المذاهب أمر طبيعي، والواجب هو نزع فتيل الفتنة المذهبية والطائفية، هو كلام إيجابي، وصحيح، لكن كيف؟ من يبدأ؟ ومن يتحمل المسؤولية؟ وهل هو أمر يتم عبر المؤتمرات الشكلية، والصور الدعائية، وكما نشرت أمس وكالة «فارس» صورة قالت إنها لزيارة تفقدية قام بها المرشد الإيراني علي خامنئي «لمنزل أسرة شهيد مسيحي إيراني تزامنًا مع ذكرى ميلاد السيد المسيح عليه السلام»؟ فهل من يدعم مجرم دمشق بشار الأسد، كما يدعم الحوثيين، ويؤجج الفرقة في البحرين، ولبنان، ويعمل على تمزيق نسيج العراق، حريص على أسرة مسيحية؟ أو حتى حريص أو راغب فعلاً في التعاون من أجل إطفاء «نيران الفتنة، وإثارة التفرقة والتباعد بين المسلمين»، كما يقول الوزير الأردني؟ كل الحقائق في منطقتنا، من لبنان إلى سوريا، ومن العراق إلى اليمن، مرورًا بالبحرين، تقول العكس تمامًا عن إيران. ولذا فلو جاءت هذه الزيارة الأردنية في إطار سياسي، أو اقتصادي، وخصوصًا بعد الاتفاق النووي الإيراني الغربي، لربما كان من السهل وضعها في الإطار المستحق، لكن أن تأتي على مستوى وزير الأوقاف، ومع الإشادة بدور قم، في الوقت الذي تعاني فيه المنطقة من التدخل الإيراني المؤجج للصراع المذهبي، فإن هذا هو غير المفهوم.. صحيح أن كل جهد يبذل لنزع فتيل التطرف هو جهد مشكور، ومطلوب، لكن لا بد أن يكون مبنيًا على أسس تضمن نجاحه، وتضمن أن لا تستغل إيران هذا الجهد لتلميع صورتها بشكل دعائي، وتمعن في شق الصف العربي المعني بالتصدي للتدخلات الإيرانية المرفوضة، والخطرة على أمننا، وأمن منطقتنا.

 

القنطار و"حزب الله السوري"

مجد الخطيب/المدن/الأحد 27/12/2015

القنطار و"حزب الله السوري" ساندت القنطار حلقة تضم جهاد مغنية وعلي طبطائي والجنرال جعفر الأسدي (انترنت) لا يُصنّفُ اغتيال سمير القنطار في جرمانا، قبل أيام، بأنه عملية تصفية ضد أسير سابق في السجون الإسرائيلية، أو أنها عملية عسكرية ضد "حزب الله" الذي انضم القنطار له. بل تأخذ العملية أبعاداً أكثر من ذلك، لتكون تصفية للنواة أو الصندوق الأسود لـ"حزب الله السوري" باعتباره ذراع إيران الأساس في سوريا، الذي كان القنطار يسعى إلى تأسيسه، منذ عام 2013. القنطار الذي اتخذ من جرمانا مكاناً لادارة عملياته، في بناء سكني عادي، تعود ملكيته إلى علي سليمان رزق، قامت "الفرقة الرابعة" أواخر العام 2013 باستئجاره لصالحها، بطلب من القنطار. بعدها تم تحصين المكان ليصبح أشبه بمربع أمني. والبيت يقع في آخر حي الحمصي في منطقة مسماة بـ"بساتين نصر الدين" ذات الهدوء النسبي. ويمكن الوصول إلى البيت والخروج منه، دون المرور بازدحام مدينة جرمانا، وهو قريب من طريق المطار الذي تبسط قوات النظام سيطرتها عليه بالكامل، ولا توجد كثافة سكانية في المكان، وإلى جواره تقع أبنية طابقية منظمة. وأخذت بيانات جميع السكان في الشارع، في العام 2013، تحت ذريعة التسجيل على دفاتر توزيع المحروقات، الأمر الذي يقوم به النظام بشكل سنوي. منزل القنطار الأمين، يقع بالقرب من مدخل جرمانا الثاني، الذي أُغلق بسواتر تربية منذ حوالى عامين، ومنع الخروج والدخول إلى المدينة عبره. وفي نهاية الشارع يقع منزل للإعلامي فيصل القاسم الذي استولت عليه "المخابرات الجوية" وحولته إلى مفرزة أمنية وأغلقت الطرقات إليه، ومُنع مرور الناس من أمامه. لتصبح بذلك المنطقة مربعاً أمنياً، بحيث لا يشملها تقنين الكهرباء، ولا يمكن للناس أن تقصدها إلا اذا كانت تنوي الذهاب إليها بالتحديد، فهي بعيدة نسبياً عن الأسواق الشعبية ومركز المدينة لكنها قريبة من منافذ المدينة، ما يُسهل الدخول والخروج منها وإليها. وبحسب السكان القاطنين بالقرب من المنطقة، لم يكن السكان يعلمون بوجود القنطار، بل كانوا على علم بوجود ضابط رفيع المستوى يسكن هذا البناء، وكان هنالك ضباط إيرانيون وعناصر من حزب الله، يزورون المكان ولكن بلباس مدني وسيارات سورية مدنية.

القنطار اتخذ من البيت مقرأ له منذ نهاية 2013، ليشرف منه على إنشاء مايسمى "حزب الله السوري" أو "حركة المقاومة والتحرير".القرار بإنشاء "حزب الله السوري" يعود إلى عام 2013، حين هددت الولايات المتحدة الأميركية النظام بضربة عسكرية، عزفت عنها بعد تسليم النظام لسلاحه الكيماوي، فكان القرار الإيراني بإنشاء فيلق تحت سيطرتها مباشرة، وأداة لها على طول جبهة الجولان الهادئة منذ أربعين عاماً.

وأوكلت المهمة إلى سمير القنطار الذي يعتبر الرأس المؤسس لـ"حزب الله السوري" باعتباره درزياً من حيث العائلة، والقرى الحدودية المحاذية للجولان ذات أغلبية درزية. وساندت القنطار حلقة تضم جهاد مغنية وعلي طبطائي والجنرال جعفر الأسدي، إضافة إلى محمد عيسى الذي يعتبر المسؤول عن القواعد والتحصينات التي أقامها "حزب الله" في تلك المنطقة. عمل القنطار على إنشاء خلايا كان هدفها الأول المشاركة في العمليات إلى جانب حزب الله وقوات النظام ضد فصائل المعارضة، والثاني هو القيام بعمليات كما وصفها للعناصر التي كانت تحت أمرته، بـ"عمليات تذكيرية ضد إسرائيل"، لتذكير المجتمع الدولي بأن هنالك أراضي تحتلها إسرائيل. كانت أولى عملياته في 7 كانون الأول/ديسمبر 2013 حيث تم زرع عبوة ناسفة على الشريط الحدودي، انفجرت بسيارة عسكرية إسرائيلية من دون حدوث إصابات.

العملية الأبرز لـ"حزب الله السوري" الذي عمل منذ البداية تحت جناح كتائب "الدفاع الوطني"، كانت في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، في "موقعة المداجن" بحسب ما يصفها سكان جبل الشيخ. وعمل القنطار على إرسال حملة عسكرية على خط بيت يما-كفرحور، راح ضحيتها أكثر من عشرين من مقاتليه الدروز، وباءت بالفشل. تلتها عملية في أواخر نيسان/أبريل 2015، بزرع عبوة ناسفة على الشريط الحدودي في الجولان، لكن سلاح الجو الإسرائيلي اكتشف العلمية وقصف المجموعة التي حاولت التسلل، وكان جميع أفرادها من الدروز وهم؛ يوسف جبر حسون وسميح عبد الله بدرية من قرية حضر في جبل الشيخ، وثائر محمود ونزيه محمود من قرية مجدل شمس. عمل القنطار في الجولان لم يكلل بالنجاح الذي كان ينتظر منه، فكان يعيقه دائماً عدم وجود رغبة حقيقة لأهالي الجولان في الاشتراك بصراع عسكري إن كان ضد عناصر المعارضة أو ضد إسرائيل، باعتبار أن الخوض في هذه الحرب هو عبارة عن الاشتراك في حروب الآخرين ولن يحرق إلا الدروز. لذلك اكتفى الدروز بالدفاع عن أراضيهم من دون مهاجمة أحد. وهذا الرأي ثبت في اجتماع جمع عدداً من مشايخ دروز الجولان ومشايخ الدروز في لبنان.

وبحسب مصادر "المدن"، اختار القنطار للتواصل بشأن مشروعه؛ فرحان الشعلان "أبو سعيد" ابن مختار أهالي الجولان في جرمانا عصام الشعلان، وهي عائلة معروفة بولائها للنظام. وتم التواصل لعقد لقاء بين عدد من كوادر "حزب الله" وفرحان الشعلان، ليخضع أبو سعيد بعدها لدورات تدريب في إيران، ثم تسلم قيادة مقر "الدفاع الوطني" في جرمانا، وقام بأعمال أمنية منها اعتقال عماد أبو صالح، الدرزي ابن الجولان، ومواطنه أسعد العريضي اللذين تمت تصفيتهما تحت التعذيب في أقبية النظام بتهمة التخابر مع إسرائيل، في منتصف العام 2014.

بعدها أعيد فرحان الشعلان إلى الظل، وتمت إقالته من منصب قائد "الدفاع الوطني" في جرمانا، ووضع مديراً للمنشأة الرياضية في المدينة، ليكون هذا المنصب غطاءً للعمل الأمني الذي أوكل إليه، لينحصر دور الشعلان بالتنسيق بين القيادات ومجموعتين على الأرض، تقاتلان تحت مسمى "الفرقة الرابعة" لا "الدفاع الوطني"، ويشرف عليهما الحجاج مباشرة، وهم عناصر من "حزب الله". وإحدى المجموعتين في جرمانا لا تخرج منها، وأخرى تتمركز في مدينة المليحة المجاورة لجرمانا، والتي سيطرت عليها قوات النظام في العام 2014.

كما تواصل القنطار، لذات الهدف، مع يعرب زهرالدين، نجل الضابط الدرزي المشهور في قوات النظام عصام زهرالدين. وبحسب معلومات "المدن" فإن "درع الوطن" الذي أسسه العميد المتقاعد نايف العاقل، في السويداء أواخر أيار/مايو، وتولى يعرب زهرالدين قيادته، كان بدعم من القنطار، واعتبر ذراعاً خفية لـ"حزب الله" في السويداء، تعمل على استقطاب الدروز الفارين من الخدمة الإلزامية، ليصار إلى تدريبهم وتسليحهم. على أن تبقى قوة نائمة في المحافظة، يتم تحريكها عندما يلزم. بمقتل القنطار، وقد سبقه جهاد عماد مغنية ومحمد عيسى، تكون إسرائيل قد سددت ضربة موجعة لـ"حزب الله السوري"، وعرقلت جهود إيران في صياغة شبيه سوري لـ"حزب الله" اللبناني. وهو المشروع الذي واجهت فيه إيران فشلاً ذريعاً خلال العامين الماضيين، وسط ملاحقة إسرائيلية لقياداته على الأرض السورية، وإلى خطأ ارتكبته إيران، بالإعتماد على الدروز، الذين يُدركون إلى حدّ واسع، بأن هذه المشاريع لا تهدف إلا لحرقهم والمتاجرة بدمائهم.

 

نصرالله في ذكرى القنطار: المعركة مفتوحة ولم ولن تغلق والرد على اغتياله قادم لا محالة

الأحد 27 كانون الأول 2015 /وطنية - أحيا "حزب الله" وآل القنطار ذكرى مرور أسبوع على استشهاد عميد الأسرى والمحررين الشهيد سمير القنطار، باحتفال تأبيني أقامه في مجمع "شاهد" على طريق المطار في ضاحية بيروت الجنوبية.

بدأ الاحتفال، بكلمة تعريف، أعقبها تلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم النشيد الوطني فنشيد "حزب الله"، فعرض فيلم وثائقي عن الشهيد القنطار، ثم ألقى كلمة العائلة شقيقه بسام التذي توجه إلى الحضور بالقول: "لأول مرة اقف بينكم بعد انضمام عائلتي الى عوائل الشهداء، هذه العائلة، التي انضمت منذ زمن بعيد الى عوائل الاسرى، وكانت طوال ثلاثين عاما محتسبة، صابرة، منتظرة عند رصيف الحرية. وها نحن اليوم بنفس الارادة الصلبة والعزيمة التي لا تعرف اليأس، نزف شهيدا على درب المقاومة، مرتحلا عن هذه الدنيا الفانية، محققا امنية الطفولة، التي خطها بيده بان لا يموت الا شهيدا، فنسأل الله العلي القدير، أن يتقبل هذا القربان، وأن يمن على عميد الاسرى المحررين الشهيد القائد سمير القنطار، بواسع رحتمه وعزائم مغفرته. ولكل من قدم التبريك والعزاء، سواء من حضر شخصيا، او اتصل، او راسل، او كتب على مواقع التواصل الاجتماعي، الشكر والحب الوفاء".

أضاف "أيها الناظرون إلي. أتظنون أن صبري على فقدي شقيقي جهالة؟ أو ترك اعتراضي فيه على القضاء، ضلالة؟ أم أني نسيت من بطولته، وحزمه، وحلمه، ورفعته، وصدقه، وطاعته، وصبره واحتماله؟ كلا، بل إن الصبر العظيم، مطية من اتقى، والرضى والتسليم منارة من ارتقى".

وتابع مستذكرا عبارة الشهيد المعروفة "لم أعد من فلسطين، إلا لكي أعود إلى فلسطين"، قائلا: "كانت هذه العبارة في 17 تموز 2008، الخط البياني الذي رسمه سمير القنطار لنفسه، بعد ساعات من تحرره من سجون العدو الصهيوني. ولأن طريق العودة الى فلسطين هو طريق الحق، لم يستوحش سمير القنطار هذا الطريق لقلة سالكيه. هو العارف لهذا الطريق الذي عبره في زورق مطاطي صغير من بحر مدينة صور، الى مغتصبة نهاريا التي تحررت في ليلة 22 نيسان 1979، نعم لا يهم كم من الوقت بقي شاطئ نهاريا حرا في تلك الليلة، لكن المهم ان سمير القنطار، قد رفع حينها راية فلسطين عاليه خفاقة، في أرض محررة بدماء جسده، الذي اخترقته خمس رصاصات، ودماء مهنا المؤيد وعبد المجيد أصلان شهيدي عملية جمال عبد الناصر، التي نفذتها جبهة التحرير الفلسطينية. هو الحافظ لهذا الطريق طوال سني تنقله من قبو تعذيب الى آخر ومن سجن الى آخر، يضحك فرحا لرؤيته القمر من النافذة الضيقة لسجن عسقلان، ملتحفا صقيع صحراء سجن نفحة في النقب، ومن بئر السبع الى الرملة وشطة وهداريم، حفظ جغرافية فلسطين عن ظهر قلب، وخبر ناسها الطيبين، ومقاوميها الابطال، واسراها الصامدين. وفي لحظات الحزن والضعف كانت ام الاسرى ام جبر وشاح، تكفكف دمعة وتطبع قبلة، هذه الأم التي تختصر وفاء فلسطين، التي تفتح ذراعيها للقادمين اليها في دورية مسلحة، وترمي الى مزابل التاريخ كل من قدم اليها خانعا، ذليلا، مستسلما".

وإذ تحدث عن "أدوار عدة رسمت لسمير القنطار قبل تحرره، وبعد ان عاد منتصرا مع اسرى الوعد الصادق في عملية الرضوان، وايقونتها القائد الشهيد الحاج عماد مغنية قائد الانتصارين، والتي لم تكن لتتم لولا ملحمة المقاومة الاسلامية الباسلة في العام 2006، وحربها الاشرس في وجه العدو، والتي قدم فيها أغلى قربان دم على مذبح الكرامة والحرية، وتنفيذا للعهد والوعد الاصدق لسيد المقاومة وابو الشهداء السيد حسن نصر الله "نحن قوم لا نترك أسرانا في السجون"، أكد أن "سمير كان واضحا في خياراته، لن اتقاعد. قالها بوضوح لكل من سأله عن مستقبل حياته بعد الأسر. سبع سنوات في رحاب الحرية، كان سمير فيها منخرطا بكليته في العمل المقاوم داخل لبنان".

وقال: "حين لاحت بشائر تأسيس جبهة مقاومة في الجولان السوري المحتل، كان أول الوافدين، هناك في حضر وعين التينة وعلى طول خط وقف إطلاق النار منذ العام 1974، سمع دوي الرصاص مجددا، وذاق العدو طعما جديدا من المرارة سيكشف بالصوت والصورة في يوم من الأيام. ولأن العدو الاسرائيلي يعرف عدوه ايضا، كان سمير القنطار على راس لائحة أهدافه الساخنة. ست مرات حاول اغتياله بغارات صاروخية وعبوات ناسفة، بالرصد والمراقبة والترصد الأمني والعسكري في لبنان وسوريا، الى ان كانت العملية الجبانة في جرمانا، التي قضى فيها شهيدا الى جانب رفيقيه الشهيدين فرحان شعلان وتيسير نعسو".

أضاف "سمير القنطار عاد الى فلسطين من سوريا؟ نعم نقولها بالفم الملآن لقد عاد. سمير القنطار عاد الى فلسطين مع كل طفل يرشق حجرا، مع كل مقاوم يطعن بسكينا ويبتسم لسجانه عند النطق عليه بالحكم المؤبد. سمير عاد الى فلسطين مع الدماء الزكية التي تسقط في مواجهة الاٍرهاب التكفيري في سوريا، صديق اسرائيل واذنابها في ممالك الرمال، وجيش لحدها في الشام التي ستكنس من أعداء التاريخ، الذين لن يجدوا لهم موطئ قدم في مستقبلنا. سمير القنطار عاد الى فلسطين مع بذور المقاومة، التي زرعها في القنيطرة وستزهر وتثمر في الجولان السوري المحتل".

وخاطب صاحب الذكرى بالقول: "يا أبا علي: سيظل في قلبنا النازف دائما وأبدا مكان آخر ومتسع آخر للحزن على شهيد آخر وعلى بطل آخر. لكن ليس في قلوبنا، ولن يكون على الإطلاق أي مكان للغفران والنسيان. لا مكان في قصتنا للتعب. لم نتعب، لن نتعب. ولا مكان في قصتنا للهزيمة. لم نهزم، لن نهزم".

أضاف "لقد اعلن الصهاينة، انهم باغتيالك قد اغلقوا الحساب. وانت تعرف وهم يعرفون ان الحساب لن يغلق ابدا، هو حساب مفتوح على تحسر الصهاينة على عالم الذرة داني هاران، وقائد قطاع الساحل الجنرال يوزيف تساحور، على جنودهم الذين تناثروا كحبات الرمال على شاطئ نهاريا. هو حساب مفتوح مع كل سكين يغرس في قلب مستوطن في القدس، وصاروخ يطلق من غزة الابية، وانتفاضة سيبزغ نورها ويسطع من بيادر رام الله. هو حساب مفتوح مع كل طلقة رصاصة لرفاق واخوة سمير القنطار في شبعا والطيبة ومارون الراس. هو حساب مفتوح مع كل عبوة ناسفة يزرعها رفاق واخوة سمير القنطار في عين التينة والقنطيرة وجباثة الخشب، مع كل صاروخ يسقط على مستوطنة في الجولان المحتل، بنيت غصبا على انقاض ارض محتلة ستعود بسواعد المقاومين. وحين يتفتح زهر الرمان في مجدل شمس ويثمر التفاح في بقعاثا ومسعده، سيرسم الشفق صورة سمير القنطار ملوحا لنا بشارة النصر من بعيد".

وتابع "يا أبا علي: لقد قيل الكثير في الايام الماضية عن الثأر لدمائك والرد على اغتيالك الجبان. فلمن سمع وصية سمير القنطار لا باس من الاعادة. ومن لم يسمع فلينصت جيدا الى وصية سمير التي كتبها بخط يده في شهر اذار الماضي"، مقتبسا ما قاله الشهيد في هذا الشأن: "إن هذا العدو يتوهم أنه بقتلنا قد يجر المقاومة إلى مواجهة هو اختار زمانها ومكانها، ومن هنا أؤكد لكل محبي المقاومة، أن الانتقام لدمائنا يكون من خلال التمسك بهذه المسيرة، ومن خلال تنامي قوة الردع التي تمتلكها المقاومة، ومن خلال استمرار رفع جهوزيتنا، التي تضمن تحقيق النصر على هذا العدو الصهيوني في أية مواجهة قادمة، إن النصر على هذا العدو هو الانتقام الأكبر والأهم لكل الدماء المظلومة، وقيادة المقاومة وعلى رأسها سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله، تعرف وبدقة متى وكيف ترد على جرائم العدو، وتدرك بمسؤولية تجنب الانجرار لمعركة العدو حدد زمانها ومكانها، فلا احد يشتبه بجدية المقاومة، وبأن كل دماء المقاومين عزيزة وغالية، وان الرد والانتقام الفوري، يكون فقط إذا أضاف إنجازا لرصيد المقاومة وجنبها الانجرار لمعركة حدد زمانها ومكانها العدو الغاصب، وقصد من هذا الاغتيال ذلك. دماؤنا متساوية وقيادتنا حكيمة. هكذا اثبتت التجارب الماضية، لنردد دائما نداء لبيك يا نصر الله وعيوننا تنظر إلى البعيد، إلى تحقيق الهدف الأكبر لنصر الله لنا على عدونا الظالم". انتهى الاقتباس.

وأردف "يا أبا علي: لقد قالها الضابط الصهيوني بالامس القريب: ان الله لم يخلق الرجل الذي سيخرجك من السجن. فخاب ظنه. واليوم نردد في ذكرى اسبوعك ومن على منبر شهادتك، كلماتك التي صدحت بها على منبر حريتك: ان الله قد خلق آلاف الرجال الذين سينتقمون لدمك، والذين ان قالوا فعلوا، وان وعدوا صدقوا، وعلى رأس هؤلاء الرجال سماحة الامين العام السيد حسن نصر الله"، مستطردا: "يا أبا علي: لقد أعزك الله وجعلك واحدا من رجال المقاومة الإسلامية، وبين إخوة أخذوا على عاتقهم القتال بعناد ورفض المساومة والتراجع. وستبقى دائما في معسكر المقاومة ورحابها الواسع وتاريخها الناصع منذ بدايات تشكلها مع النكبة وتصاعدها العسكري مع النكسة، وطلائع فدائييها في الجرمق واللد والخالصة والعرقوب، وبريقها الثوري مع ثورة الامام الخميني في ايران، وجبهة مقاومتها الوطنية وأفواج مقاومتها اللبنانية في اجتياح 1982، وانتفاضتها الاولى عام 1986، وصولا الى ثمار التحرير على ايدي بواسل ورجال حزب الله عام 2000".

وختم "يا سمير، يا شهيدنا، يا عظيمنا، يا حبيبنا: نعاهدك ان نحفظ طريقك التي سلكت. عهد علي ان احفظ نهجك وان ابقى صوتك المدوي. عهد زوجتك زينب ان تربي ابنك علي على نهجك ودربك، عهد عائلتك ان تبقى وفية لدمائك الطاهرة، فانت ان غبت جسدا، ستبقى حاضرا، وسيبقى طيفك حارس احلامنا وايامنا".

نصرالله

ثم أطل الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله عبر الشاشة، الذي حيا الحاضرين شاكرا إياهم على مشاركتهم بالمناسبة باسمه الشخصي وباسم "حزب الله" و"المقاومة الإسلامية"، قائلا: "شكري وشكرهم لكل الذين باركوا وعزوا وواسوا، سواء حضروا إلى أماكن التبريك في الضاحية، أو في عبيه، أو في اي مكان آخر أقيم فيه تبريك وتقبل عزاء، أو أصدروا البيانات، أو أرسلوا البرقيات، وعبروا بأي شكل من أشكال التعبير عن تضامنهم وموقفهم وتعاطفهم مع المقاومة وشهيدها وعائلة شهيدها"، مجددا تعزيته ل"عوائل الشهداء، الذين قضوا في جرمانا، واستشهدوا هناك إلى جانب الأخ الشهيد سميرالقنطار، وخصوصا الإخوة من رفاقه المقاومين، الذين كانوا معه في هذا الطريق واستشهدوا معه أيضا في المكان نفسه"، مذكرا أنه "في لبنان أيضا، ونحن في كل يوم، أو بين يوم وآخر، نودع شهداء الواجب الجهادي، شهداء الدفاع عن المقاومة وقضية المقاومة ومحورالمقاومة"، متوجها إليهم ب"التبريك بشهادتهم وحصولهم على هذا الوسام، وبالتعزية لفقدان هؤلاء الأحبة الذين يدافعون عنا جميعا"، مخصصا تحية تعزية أيضا إلى "إخواننا وأصدقائنا وأحبتنا في الحزب العربي الديمقراطي، والإخوة في المجلس الإسلامي العلوي في لبنان، بالتعزية برحيل الأستاذ النائب السابق علي عيد، وإلى عائلته الكريمة وإلى جميع محبيه وأصدقائه"، سائلا الله أن "يشمله برحمته وأن يمن على عائلته وأحبائه بالصبر والسلوان".

ثم بارك نصرالله للمسلمين والمسيحيين ب"العيدين الكريمين المباركين، عيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وعيد المولد النبوي الشريف لخاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله"، لافتا "نبارك هذا التزامن بين المناسبتين الكريمتين والجليلتين، وإن كنا نتطلع إلى اليوم الذي يستطيع فيه المسلمون والمسيحيون أن يعيشوا بحق أفراح الأعياد. فللأسف، نحن في هذه المنطقة منذ أكثر من 67 عاما، لا نعرف طعم عيد ولا فرح عيد، خصوصا في هذه السنوات الأخيرة، التي ابتليت فيها منطقتنا وشعوبنا بحروب مدمرة تخدم هذا الكيان، الذي أصاب منطقتنا وأمتنا ببلاء شديد منذ قيامه. لكن في كل الاحوال نحاول أن نأخذ من العيد، ومن كل عيد بركته وقيمته ومعناه ونحاول رغم الأحزان أن نصنع الفرح ورغم الدموع أن نصنع الابتسامة".

وقال: "في هذه المناسبة الجليلة، وكما قلت في الخطاب الأول، أود أن أعطي الوقت للحديث عن الشهيد القائد سميرالقنطار، لنعطيه بعضا من حقه، وأيضا لندخل من بعض الصفات إلى المسؤوليات التي تترى علينا جميعا، وهو الذي ـ كما قلت ـ أضحى مدرسة ورمزا. سأذكر عناوين من هذه الصفات ومن كل عنوان أدخل لمسؤولية:

أولا: منذ بدايته، عندما كان شابا يافعا، صفة الشاب الجاد المسؤول المؤمن بقضية، الذي يحمل هم قضية ويقاتل من أجلها هذه هي الصفة الأولى، وهي البداية التي عرف الناس من خلالها سميرالقنطار.سمير كان يستطيع في شبابه، وفي ذاك السن، أن يخلد إلى الأرض ككثير من شباب عالمنا العربي والإسلامي، أن يبقى في قريته، في حيه، بين أهله، ويفتش عن أي أمر آخر. ولكنه اختار طريق المقاومة منذ صباه، وهو يعبر عن كثير من الشباب اللبناني والعربي، خصوصا الذي التحق في تلك السنين بفصائل المقاومة الفلسطينية ومنظماتها المقاتلة.

ونذكر نحن كثيرا من الشباب الذين جاؤوا إلى لبنان في تلك المرحلة والتحقوا بهذه المنظمات، شباب سوريين وعراقيين وتونسيين وجزائريين ومن اليمن ومن كثير من بلدان العالم العربي. سمير هنا يعبر عن ذاك الجيل من الشباب الجاد، الشباب المسؤول، الشباب الواعي الذي آمن بفلسطين وقاتل على طريق فلسطين واستشهد كثيرمنهم على أرض فلسطين. انا أذكر في بعض عمليات التبادل كنا نستعيد بعض جثامين أو رفات هؤلاء الشهداء العرب ونعيدهم إلى بلدانهم وإلى عائلاتهم، هذا يرتب مسؤولية في هذا العنوان. نحن نعرف من عقود، هناك برنامج ثقافي وإعلامي وتربوي كبير وعريض، وفي إطار الحرب الناعمة كما تسمى، لإبعاد شبابنا وشباب شعوبنا وشباب أمتنا عن القضايا الكبرى وعن المسؤوليات الحقيقية وعن التصرفات الجادة، وإغراقهم في شؤون وشجون وقضايا وإلهائهم في ساحات لا ترسم مصيرا ولا تصنع مستقبلا حتى لأشخاصهم.

وأنتم تعرفون معنى هذا الكلام، ولا داعي لضرب الأمثلة. نحن نحتاج إلى هذه الروح المسؤولة والجادة التي عبر عنها سميرالقنطار منذ انطلاقته في صفوف المقاومة الفلسطينية إلى فلسطين، حتى شهادته في صفوف المقاومة الإسلامية على أرض سوريا.

ثانيا: عنوان وصفة الاستعداد للتضحية بلا حساب، وبلا حدود، هكذا كان سمير. العملية التي مضى إليها في بداياته هي من نوع العمليات التي تنتهي إما بالشهادة أو بالأسر، ونذكر نحن تلك العمليات التي كانت تحصل على أرض فلسطين، سواء التي كان يذهب إليها المقاتلون من لبنان أو من مكان آخر أو داخل فلسطين، غالبا ما كانت تنتهي بالشهادة أو بالأسر، تماما كما يحصل هذه الأيام في عمليات الطعن التي يقوم بها شباب وشابات فلسطين، تنتهي إما بالشهادة أو بالأسر غالبا.

الماضون في هذا النوع من العمليات هم أشبه بالذاهبين إلى العمليات الاستشهادية، يعني هو أخذ أقصى مدى، يعبر عن أعلى درجة من الاستعداد للتضحية. هنا قوة المقاومة، هذه الروح هي التي تمثل جوهر المقاومة. لا مقاومة بلا تضحية وبلا استعداد للتضحية وبلا عطاء بلا حدود. البعض قد يقبل بفكرة المقاومة، وحقها وحقيقتها، ولكنه لا يكون مستعدا للتضحية، لا بنفس ولا بمال ولا بعزيز ولا حتى بماء وجه،أو أن يتحمل موقفا قاسيا أو صعبا أو إساءة من هنا أو من هناك، بل يصل البعض من غير المستعدين للتضحية إلى التنكر للمقاومة وهو يعرف حقها، إلا أنه يجحد فقط ليتهرب من المسؤولية ومن العطاء.

في ذكرى سمير القنطار، نحن نحتاج إلى استعادة روح التضحية والاستعداد للبذل، لأن هذا شرط أساسي لقيامة شعب ولاستمرار مقاومة، وتحرير أرض وصنع مستقبل وعزة أمة.

ثالثا: الصمود في السجن ثلاثين عاما. كل واحد يستطيع أن يرجع وأن يفكر أو يتأمل قليلا، الآن طبعا الإخوة والأخوات الذين قضوا سنوات في السجون وفي المعتقلات من أنصار إلى الخيام إلى السجون الإسرائيلية المتنوعة داخل فلسطين المحتلة، أو في غيرها من السجون يدركون ماذا يعني أن يسجن الإنسان وأن يؤسر وأن يقيد بالسلاسل والأغلال، ماذا يعني ثلاثين عاما في الأسر؟ كلمة قد تقال، ولكنها تعبر عن عمر مليء بالصبر والتحدي والقوة والتحمل، وهذه ميزة سمير. ثلاثين عاما قضاها بالأسر، لكن لا ترى في وجهه وفي إرادته إلا الصمود والتحمل والصبر، لا يتراجع ولا يتزلزل ولا يساوم ولا يخضع ولا يضعف أمام سجانيه، وأمام سنوات السجن الطويلة، ولا يتاجر ولا ييأس، وهذا هو المهم.

سأتكلم عن الأمل فيما بعد، لا ييأس، واحد محكوم بكذا مؤبد.. وبمئات السنين سجن، ولكنه كان يحمل الأمل الكبير بالتحرر من هذا الأسر، هذا شيء مهم جدا، لكن فلنبق بصفة السجن والصمود في السجن، حتى أصبح بحق عميد الأسرى اللبنانيين والعرب في السجون الإسرائيلية.

قلنا يستطيع أن يقدر كم دخل إلى السجون وخرج من السجون من أسرى فلسطينيين ولبنانيين وعرب وغيرهم، ولكن مع كل فوج كان يخرج بإطلاق سراح أو بعملية تبادل، كان سمير يبقى، ويمكننا أن نفترض أو أن نتحسس أو أن نتصور أو أن نستشعر مشاعر هذا الباقي في السجن وفي الأسر، هذا الجبل إبن الجبل، جبل العزيمة والصبر والصمود، وهذه الحالة تكررت ـ يمكن ـ عشرات المرات، كانت وحدها كفيلة بأن تحطم إرادة إنسان وأعصابه وقلبه وعاطفته، ولكنها لم تفعل ذلك، لكنها عجزت أمام سمير القنطار. إذا هذا هو الصمود والصبر والتحمل.

رابعا: الحيوية والإنتاجية حتى في سنوات السجن. بعض الأشخاص قد يصابون بالتعب والملل والإحباط، يقضون أيامهم في السجون على قاعدة "أنا غير قادر أن أعمل شيئا"، لكن سمير كان مدرسة، بطلب العلم وفي الدراسة، واحد سجين ومحكوم مؤبدات، ماذا يريد من الدراسة؟ وماذا يريد من الشهادات الرسمية؟ ببذل الجهد في داخل السجون، وفي رفع معنويات الأسرى، وفي المساهمة. أقصى ما يمكن أن يفعله أسير كسمير القنطار في سجنه هو أن يخاطب الفلسطينيين واللبنانيين والشعوب والمقاومين والمجاهدين ويحرضهم ويعبئهم ويدعوهم إلى الصبر من موقعه كصابر، وإلى الصمود من موقعه كصامد، وإلى مواصلة الطريق وعدم المساومة من موقعه كمقاوم لا يساوم، وهذا ما فعله طوال السنوات، وخصوصا في السنوات الأخيرة، ببياناته ورسائله وكلماته واتصالاته.

الأمة والشعوب والمقاومون والأسرى والسجناء وكل من هو في ساحة تحد ومواجهة، هو دائما بحاجة إلى خطاب التثبيت وخطاب التحريض وخطاب التمكين وخطاب التحفيز والاستنهاض، لأنه في مقابل هذا الخطاب، نحن نشاهد مئات الفضائيات العربية وغير العربية ومئات بل آلاف المنابر الإعلامية التي همها الوحيد هو التثبيط، تثبيط العزائم ونقض الهمم وتوهين الإرادات ودفع المجاهدين والمقاومين وكل بيئة تحتضن المقاومة والجهاد إلى التراجع وإلى التخلف وإلى التخلي عن تحمل المسؤولية، هذا الدور كان يمارسه سمير وهو في سجنه خلف القضبان، كان ينبض بالحيوية وبالعمل وبالنشاط، ولم يتكاسل ولم يتعب ولم يهدأ في يوم من الأيام.

خامسا: من أهم صفات المجاهدين، التي تمتع بها سمير القنطار هي صفة الإيثار. في أي مقاومة، عندما تدخل الأنانية، وعندما يصبح الشخص أولوية في نظر نفسه، في ترتيبه وفي برنامجه، وعندما تصبح مصالحه وسلامته وعنوانه واسمه هي الأولوية، هذا يعني أنه في خطر، وأن المقاومة التي ينتمي إليها في خطر، في خطر معنوي، وفي خطر أخلاقي وفي خطر فكري، وبالتالي في خطر وجودي.

من أساسيات المقاومين أنهم يؤثرون بعضهم على بعض، يحمي بعضهم بعضا، يتقدم بعضهم بصدره ليحمي إخوانه الذين يمشون خلفه، يتحملون المسؤولية في الخطوط الأمامية ويتقدمون فيها، يؤثرون على أنفسهم، يؤثرون على أنفسهم ليس فقط بالمال بل يؤثرون على أنفسهم أيضا في الحرية. هكذا كان سمير.

أنا شخصيا طبعا تعرفت عليه بعد إطلاق سراحه، ولكن بكل صراحة أقول، إن الموقف الأهم في كل السنوات الماضية، الذي ترك فيي وفي إخواني أثرا عظيما من الناحية الروحية والأخلاقية، هو عندما كنا نفاوض على تبادل أسرى ومعتقلين بعد عام 2000. بعد عام 2000 تذكرون أنه قامت المقاومة الإسلامية بأسر ثلاثة جنود من منطقة مزارع شبعا، بعدها بمدة، تم أسر الضابط تاننباوم، ودخلنا في مفاوضات طويلة. منذ اليوم الأول للمفاوضات وإلى آخر يوم، المشكلة الحقيقية كانت سمير القنطار. طبعا الإسرائيلي يقول للوسيط الألماني: مستحيل سمير القنطار، لا يمكن هذا الأمر.

حسنا، فاوضنا وامتدت المفاوضات وقتا طويلا، وصار واضحا "أنه خلص"، إما أن تنجز هذه العملية، ويطلق سراح هذا العدد الكبير من الإخوة، وخصوصا اللبنانيين، الذين كانوا قد قضوا مددا طويلة في السجون، ومن جملة الذين كانوا تعرفونهم، سماحة الشيخ عبد الكريم عبيد، الأخ الحج أبو علي الديراني وآخرين. كانوا قد أمضوا سنوات طويلة وفي ظروف صعبة. وقفت العملية هنا، ونحن كان لدينا التزام بكل الأسرى اللبنانيين، وما أمكن من أسرى فلسطينيين وعرب. ماذا نفعل؟.

هنا صرنا إمام إشكال أخلاقي من جهة وإشكال واقعي وعملي من جهة أخرى. العملية وقفت على شرط يقول الإسرائيليون إنه مستحيل، إما ان نترك سمير في السجن، وبالتالي أنت لديك التزام أخلاقي كبير ومعلن في هذا الأمر، وإما أن "خلص" تقول لا، أنا لا أمشي وليبق كل الشباب في السجون.

واقعا، بالنسبة لنا القرار كان صعبا جدا. الذي أخرج الموقف هو نفس سمير القنطار بإيثاره، بروحه، بصدقه، باستعداده للتضحية، بتحمله المسؤولية، هو الذي أحلنا من هذا الالتزام الأخلاقي. طبعا نحن لم نحل أنفسنا لاحقا، لكن في هذه العملية هو أرسل بشكل واضح جدا وقال: يا إخوان، الله يعطيكم العافية وبذلتم جهدا وفاوضتم لمدة طويلة. إذا كانت القصة تقف عندي أنا، أنا ليس لدي مشكلة، فليخرج الإخوة إلى الحرية، ولاحقا "الله كريم"، وأنا أثق بكم وأثق بوعدكم.

هذا الإيثار، في الوقت الذي أي شخص غير سمير القنطار أمضى ثلاثين سنة، كان وقتها طبعا أقل من 30 سنة، لكن نتحدث بحوالي 24 سنة، 25 سنة لا أعرف بدقة، ممكن حقه أن يقول لا يا أخي، "يسوا الإخوة ما يسواني، طولوا بالكم بعد، فاوضوا بعد، واضغطوا بعد، وخذوا وقتكم بعد، لم تتركونني؟".

وبعد إنجاز العملية كان من الممكن أن يصدر بيانات ويهاجمنا ويتهمنا. لكن سمير لم يفعل ذلك. من البداية، تصرف بشكل شريف ونبيل وبمستوى أخلاقي رفيع، وحتى بعد خروج الإخوة من السجن وبقائه هو، بارك لهم وأصدر بيانا وقال كلاما طيبا ويعبر عن هذه الروحية.

برأيي، في كل ما سردت، هذا من أهم العناوين، من أهم الصفات التي يجب أن نتوقف عندها في مثل هذه المناسبة.

سادسا: الإصرار على مواصلة الطريق بعد خروجه من السجن. أنا أشرت لهذا الأمر سابقا. كان يستطيع سمير القنطار أن يأتي ويقول أنا ذهبت شابا صغيرا، سجنت وقاتلت وتحملت بالسجون ما شاء الله و30 سنة سجن وأسر، أديت قسطي للعلى. انتهى الموضوع. ولم يكن ليعتب عليه أحد، ولن يقول له أحد أنت هارب من الزحف أو متخل عن القضية. أبدا، كان يستطيع أن يعيش حياته الطبيعية ببيته وأهله وقريته وأصدقائه وناسه، وكان "أكثر من هيك" كان يستطيع أيضا أن يبقى بهذا الخط، لكن لا يتحمل أو لا يدخل في المجال العسكري، الذي يضعه مباشرة في دائرة الخطر. كان يستطيع. هو لديه رمزية معينة، له إسم كبير في لبنان وفي العالمين العربي والإسلامي، ويدعى إلى مؤتمرات وإلى احتفالات على امتداد العالمين العربي والإسلامي. يستطيع أن يمضي باقي عمره يخطب من مؤتمر لمؤتمر، ومن احتفال لاحتفال ومن مناسبة لمناسبة، وهو صوت ولديه ثقافة وعنده مستوى أكاديمي عال وفهم، ولديه قدرة تعبير جيدة، وبالتالي لا ينقصه شيء، ويبقى في قلب المشروع المقاوم.

لكن في هذا الجانب سمير لا. حتى أنا، هذه واحدة من الأفكار التي طرحتها عليه، قلت له أنت اليوم لديك رمزية معينة، هذه الرمزية لم تأت بالمجان، جاءت نتيجة 30 سنة بالسجن. قلما، إذا شاهدنا كل العالم العربي، أن نجد مثلا هذه الخصوصية، أنت تستطيع أن تمارس دورا استنهاضيا كبيرا جدا، من خلال خطابك وكلماتك وبيانك ومشاركتك وحضورك. هو قال ليس لدي مانع، هذا أنا بما أستطيع عليه أعمل به، لكن أنا أريد أن أكون مقاتلا مقاوما عسكريا في هذه المقاومة، وقال كلمته المعروفة: أنا أتيت من فلسطين لأعود إلى فلسطين. لا، أنا أود أن أقاتل الاحتلال ليس فقط بالكلمة، إنما بالفعل الميداني. لذلك بعض الصور التي شاهدتموها، وكانت تنشر لأول مرة، بعدها هو طلب سمير أن يلتحق بدورات عسكرية ليرفع كفاءاته. فعلا ذهب وشارك بالعديد من الدورات، وكان لديه اهتمام خاص بسلاح ضد الدروع، لأن الانطباع بذهنه الذي قاله لي عن أهمية هذا السلاح ودوره في حرب تموز 2006.

طيب، أين يا سمير تريد أن تعمل؟ قال يا أخي أنا ابن الجبهة، إذا عمليات أنا حاضر أن اكون واحدا من العمليات، أنا ابن الجبهة، إن حدثت أي مواجهة أي حرب اي قتال حاضر، ان أتواجد في الخطوط الأمامية. أنا حتى ناقشته على التواجد في الخطوط الأمامية. استهدافك هذا يشكل كسبا معنويا، أنت مر على خروجك عدة أيام من السجن، بالنسبة للاسرائيلي، حتى هذا التفصيل ناقشته معه، قال طيب، يا أخي أنا ماذا استطيع أن اساعد داخل فلسطين، هذه أولويتي.

إلى أن حصلت تطورات سوريا، وانفتح الأفق والمجال لانطلاقة مقاومة شعبية سورية، هنا سمير اعتبر أنه يستطيع أن يساعد. قال: هنا أستطيع أن أخدم نتيجة مجموعة خصوصيات معروفة، أنا أستطيع أن أقدم شيئا مميزا قد لا يتمكن منه آخرون. "اعملوا معروف" واسمحوا لي أن ألتحق بهؤلاء الإخوة المقاومين في سوريا، وأعمل معهم لنرى إلى أين يمكن أن نصل. هنا بدأت، اسمحوا لي هنا، أن أفتح هلالين قبل أن أنتقل للعنوان الأخير في مواصفات سمير القنطار، لكن هنا أفتح حديثا مهما في مسألة الصراع مع العدو هو موضوع الجولان.

منذ اللحظات الأولى التي أشار فيها السيد الرئيس بشار الأسد إلى فكرة مقاومة شعبية في الجولان، أو عند الحدود السورية، في واحدة من الخطابات، وبدايات حركة شعبية من هذا النوع، تعاطى الإسرائيلي بحساسية مفرطة جدا مع هذا المشروع، يعني مشروع انطلاق أو تأسيس أو حركة مقاومة شعبية سورية على الحدود السورية وفي داخل الجولان. وأنا منذ ذلك الحين، أنا والأخوة، كنا نتابع التعليقات الإسرائيلية والمتابعة الإسرائيلية التفصيلية والحثيثة على المستوى الأمني والسياسي والإعلامي، وأيضا العسكري والميداني، لكل ما يتصل بتلك الجبهة. أيضا كنا نشاهد ردة الفعل الإسرائيلية، أمام أي عمل بسيط كان يحصل في تلك الجبهة، قذيفة هاون، حتى لو نزلت في منطقة خالية، في فلاة، أو صاروخ 107 مثلا، أو قذيفة مدفعية، أو إطلاق نار على الحدود، حتى لو لم تؤد إلى خسائر بشرية، كان الإسرائيلي يتعاطى مع الموضوع بتوتر عال جدا وبرد فعل غير متناسب.

لماذا؟ لأنه يريد أن يئد هذه المقاومة السورية، وهذا المشروع المقاوم الجديد في مهده، يريد أن لا يسمح له بالنمو وبالحياة، لأنه يعرف ماذا يمثل مشروع مقاومة شعبية سورية في مجمل الصراع القائم مع العدو الإسرائيلي. ولذلك أيضا كان يلاحق كل الأفراد الذين انتموا إلى هذه المقاومة، حتى لو لم يعملوا عمليات، حتى لمجرد الانتماء إلى هذا التشكيل، كان يعرضهم للغارات أو للقتل أو للتصفية أو للاعتقال، وهذا يدل على مدى حساسية العدو الإسرائيلي في هذا الأمر. طبعا الإسرائيلي دائما يحاول أن يعطي الأمور أبعادا خارجية، يعني عندما يتحدث عن المقاومة في الجولان أو عند الحدود السورية مع الجولان، هو دائما يحاول أن يلبسها لبوسا إيرانيا، ويقول إيران والجمهورية الإسلامية في إيران والحرس الثوري الإيراني وما شاكل، لأن العدو الإسرائيلي هو أصلا لا يعترف بمقاومة وطنية، لا في فلسطين ولا في لبنان ولا في سوريا ولا في أي مكان، كل من يقاتل إسرائيل في نظر إسرائيل هو عميل إيراني.

لا يجوز الخضوع لهذه التوصيفات والتصنيفات الإسرائيلية، ما كان يجري وما زال يجري منذ اليوم الأول، هو إرادة سورية، إرادة سوريين، سمير وبعض الأخوة من أمثال الأخوة الذين قتلوا واستشهدوا قبل عام في منطقة القنيطرة، كان لهم دور المساندة والمساعدة ونقل التجربة، والوقوف إلى جانب هذه المقاومة السورية الفتية، التي تعلق عليها الآمال، ويخشاها العدو أيما خوف وخشية.

ولذلك نجد أن مستوى التهديد الإسرائيلي عال جدا، ومرتفع جدا سواء من نتانياهو أو من يعلون أو من آخرين عندما يتصل الأمر بهذه المقاومة هناك. لماذا يتعاطون مع الجولان بهذه الحساسية؟ لأنهم لا يريدون أن يفتح بابا من هذا النوع، ليس فقط من أجل تحرير الجولان، بل في الحد الأدنى من أجل إعادة الجولان المحتل إلى الخارطة السياسية والإعلامية والشعبية والوجدانية. كلنا تابع ويعرف كيف أن نتانياهو خلال السنوات الماضية بذل وما زال يبذل جهودا عند الإدارة الأميركية وعند حكومات غربية من أجل الحصول على اعتراف دولي بضم الجولان إلى دولة الاحتلال، إلى إسرائيل، بحجة أن الوضع في سوريا أصبح منهارا، وغير آمن ويريد أن يستفيد من كل الوضع الداخلي في سوريا، من أجل أن يحصل على اعتراف دولي بضم الجولان بشكل نهائي إلى كيان العدو".

وقال: "من يتطلع إلى الجولان ويفكر بالجولان بهذه الطريقة، من قام بضم الجولان وينظر إليه اليوم إضافة إلى قيمته الاستراتيجية عسكريا وإلى أهميته مائيا وإلى الحديث الجديد عن الطاقات أو النفط أو ما شاكل الموجود فيه، أو الذي يمكن أن يستكشف، بالتأكيد هو لن يتحمل حتى الحديث أو الكلام ولو الشعار عن مقاومة سورية في الجولان أو عند الحدود مع الجولان. ولذلك كانت جريمة سمير القنطار، وكان ذنبه كبيرا إلى هذا الحد الذي يتجاوز فيه العدو الإسرائيلي كل الضوابط ويخترق قواعد الاشتباك- كما يقال- ويقوم بقصف جرمانا في ريف دمشق في مبنى سكني ليقتل سمير والإخوان، إخوته الذين كانوا معه، ويعتبر أن هذا المستوى من المغامرة يستحق لأن الموضوع على درجة عالية من الأهمية. أن يبقى سمير على قيد الحياة، أن يبقى أمثال سمير على قيد الحياة ممن يتحملون مسؤولية أساسية في هذا المشروع، أعني مشروع المقاومة الشعبية السورية في الجولان وعند الحدود مع الجولان، الأمر يستحق من الإسرائيلي هذا المستوى من المغامرة. الآن البعض يقول، لأنه سأعود في الآخر لموضوع رد الفعل والرد المحتمل وما شاكل، البعض يقول لا يمكن، الإسرائيلي كان عنده تقدير خاطئ، هو لم يتصور أن حزب الله مثلا سيتبنى سمير القنطار إلى هذا المستوى، سيأخذ المسألة بهذه الجدية، سوف يرفع السقف إلى هذا الحد، هو لعله اعتبر أنه بالنهاية قد يكون الأمر يختلف عن شهداء آخرين. وإذا لاحظتم في وصية سمير، عندما يقول دماؤنا متساوية، الإسرائيلي لا يفهم الأمور هكذا، لأن عقليته هكذا، هو لا يفهم عقلنا، لا يفهم أخلاقنا، لا يفهم انتماءنا. على كل حال، البعض يقول إن الإسرائيلي أخطأ في التقدير، لكن في كل الأحوال، أنا برأيي، أخطأ أو لم يخطئ، هو يتصرف على قاعدة أن هذا ملف حساس جدا لا يمكنه أن يتسامح فيه".

أضاف: "بالطرف المقابل، بناء على هذا الكلام كله يرتب مسؤولية، وهو أن يتعاطى الجميع أيضا مع ملف المقاومة السورية الشعبية بأنه ملف حساس ومهم وعلى درجة عالية من الأهمية والخطورة، وفي الحد الأدنى هذا الملف وهذا المشروع يمكنه أن يعود بالجولان إلى أن يطرحها بقوة على خارطة المعادلة السياسية والإعلامية والشعبية والوجدانية على مستوى العالم وعلى مستوى المنطقة، في الوقت الذي يريد فيه العدو الصهيوني أن تصبح هذه الأرض نسيا منسيا ويستغل كل الظروف القاسية لضمها نهائيا إلى الكيان".

وتابع: "لا تنتهي الصفات ولكن أنتهي عند هذه الصفة، الأمل، الأمل بتحرير فلسطين، الأمل بالعودة إلى فلسطين، الثقة المطلقة بزوال الاحتلال وزوال إسرائيل من الوجود، هذا جزء أساسي من المعركة، بل هو قلب المعركة وحقيقتها. هنا في هذا المجال أيضا هناك صراع قوي، صراع ثقافي وروحي ونفسي بين جبهتنا، جبهة المقاومة على امتدادها في كل المنطقة وبين العدو الإسرائيلي. العدو منذ الأيام الأولى لاغتصابه لفلسطين وعلى مدى 67 عاما، يعمل وما زال يعمل، من أجل أن يفقد الفلسطينيون وشعوب المنطقة كل أمل بزوال الاحتلال وزوال إسرائيل، الذي يسميه الاسرائيلي "كي الوعي"، العمل على وعينا، على وعينا وعلى لاوعينا، على إرادتنا وعلى فكرنا وعلى عقلنا وعواطفنا وأحاسيسنا وعزمنا وإرادتنا، هذه الحرب النفسية، الحرب الثقافية النفسية الفكرية، سموها ما شئتم، لأن من يفقد الأمل، انتهى كل شيء عنده. أساسا في أي جبهة، عندما تريد أن تلحق الهزيمة مثلا بكتيبة أو بلواء أو بفرقة أو بجيش، أنت لا تحتاج أن تقتل الجميع أو تدمر دباباته كلها وآلياته، وتمسحه عن وجه الأرض. لا، يكفي أن تصيب إرادة القتال في هذا الجيش، أمله في الانتصار، ثقته بنفسه وبقدرته على الصمود وعلى تحقيق الإنجاز، حتى ينهار هذا الجيش أمامك، ولذلك رأينا الكثير من الجيوش التي هزمت وعشرات الآلاف من جنودها وضباطها أسرى، ودباباتها ومعسكراتها انهارت". وقال: "هنا المعركة القائمة منذ 67 عاما، الاسرائيلي إلى أين يريد أن يوصل الفلسطيني ويوصلنا جميعا؟ يريد أن يوصلنا إلى مكان ليقول نتيجة كل المعطيات والتطورات والمعادلات والأحداث، إلى أنه يا جماعة ليس لديكم أمل، لا يوجد أي أمل، هذا الكيان باق، هذا كيان أبدي، لذلك تلاحظون أنهم يستعملون عبارة "عاصمة ابدية لإسرائيل" كأن إسرائيل أبدية ويفتشون لها عن عاصمة أبدية. هذه ليست كلمة بالصدفة أو زلة لسان، هذه كلمة مدروسة ومحسوبة جيدا، هذا كيان قوة، هذا كيان يمتلك رؤوسا نووية، هذا كيان يمتلك أقوى جيش في المنطقة، أقوى سلاح جو في المنطقة، ويعد من أوائل جيوش العالم، هذا كيان يحظى بدعم دولي منقطع النظير، هذا كيان تقف خلفه الولايات المتحدة الأميركية التي ترفض حتى أن يدان في مجلس الأمن على جرائمه وإرهابه، هذا كيان، هذا كيان.. عندها ليس لديكم أي أمل، لا يوجد أي أمل ولا أي فرصة ولا أي بقعة ضوء، أي ثغرة في الجدار الهائل، لا يوجد أي إمكانية، ولا أي أفق، هذا الذي يريد أن يوصلنا إليه الإسرائيلي وعمل على أن يوصلنا إليه الإسرائيلي، ويوجد أناس وصلوا إليه".

أضاف: "لذلك، في كل السلوك الإسرائيلي، منذ البدايات، من العصابات الإرهابية قبل ال48 إلى ال48 إلى المجازر، إلى الحروب، إلى الدمار، إلى التهجير، إلى زج عشرات الآلاف من الفلسطينيين في السجون، وأنه يجب على كل فلسطيني أن يدخل إلى السجن وأن يخرج ثم يدخل ثم يخرج ثم يدخل، إلخ، هذا جزء من المنهجية الإسرائيلية، إلى- كما قلت- التهجير، إلى الحصار، إلى التجويع، إلى الجهد السياسي والإعلامي، كله سيوصل إلى نقطة يقول للفلسطيني، لا يوجد أمل، عليك أن تيأس. كأني بالإسرائيلي اليوم يقول للفسطينيين ولكل من تعنيه قضية فلسطين والصراع مع العدو الإسرائيلي: أيها الفلسطينيون، أيها اللبنانييون والسوريون وبقية شعوب المنطقة الذين لكم أرض محتلة، ويشكل هذا الكيان تهديدا عليكم، لا تنتظروا شيئا، لا من مجلس أمن دولي ولا مجتمع دولي ولا من عرب. من أجلكم، من أجل نسائكم وأطفالكم الذين يتم إحراقهم في الضفة الغربية بالمواد الحارقة، من أجل مقدساتكم المهددة بالانتهاك والمصادرة، من أجل شعب بكامله في الداخل وفي الخارج يعيش أسوأ الظروف الإنسانية والحياتية والسياسية والأمنية، لا تنتظروا عاصفة حزم من العرب، لا تنتظروا إعادة أمل، لا تنتظروا تحالفا إسلاميا عسكريا، لا تنتظروا ائتلافا دوليا لمكافحة الإرهاب، فإسرائيل شريك في الحرب على الإرهاب، إسرائيل شريك يعترف بها العالم في الحرب على الإرهاب، ويعترف بها بعض الأنظمة العربية في الحرب على الإرهاب، إسرائيل عند هؤلاء خارج تصنيف الارهاب، ما يجب أن نتنظروه من الأنظمة العربية هو ما شاهدتموه خلال 67 عاما، تكريس اليأس وليس إعادة الامل، عواصف الوهن والضعف والتخلي والتراجع والخذلان، كل هذا من أجل ماذا؟ من أجل أن نيأس". وتابع: "لكن هنا، مدرسة المقاومة ومدرسة سمير القنطار تقول: المقاومون، شعب المقاومة، لا مكان لديهم لأي يأس. عندما نأخذ من النموذج الشخصي من شخص مسجون 30 عاما ومحكوم عدة مؤبدات، وبالمنطق لا يوجد أفق لأن يخرج من السجن، ولكنه لم ييأس. الشعب الفلسطيني اليوم، شابات وشباب فلسطين اليوم، يعبرون اليوم عن هذه الحقيقة. لنقرأ قليلا في الموضوع النفسي، بعد 67 سنة، حروب ومجازر ودمار وتهجير وتشتيت وسجون وحصار وتجويع، مفترض هذه الأجيال الفلسطينية الجديدة أن تكون في عالم آخر. عندما تأتي لأي شاب أو شابة فلسطينية، ماذا يجب أن يكون طموحه؟ الهجرة إلى أستراليا، إلى كندا، إلى المانيا، أصلا باب الهجرة مفتوح. الآن إذا الشعب الفلسطيني، في الداخل أو في الخارج، أي أحد يأخذ قرارا بالهجرة ويلجأ إلى أي مكان في العالم، العالم يفتح أبوابه مع تسهيلات، إذا سألت أي شاب وشابة فلسطينية، يجب أن تكون كل المعطيات الموجودة في المنطقة، ليس اداء ال67 سنة، بل ما يجري الآن في المنطقة من سوريا إلى العراق إلى اليمن إلى البحرين إلى ليبيا إلى مصر إلى إلى إلى..، يجب أن يكون مدعاة لليأس عند هؤلاء، وبالتالي التخلي".

وسأل "لكن ما هي الأجوبة؟ مثلان جديدان، أمس على التلفزيون، لم ألحق أن أتأكد من الاسم، فلذلك لا أحب أن أقول أسماء خاطئة، لأنه أنا عادة أغلط بالأرقام، بالأسماء لا أخطئ، فتاة فلسطينية صغيرة في السن، كانت في السجن، خرجت من السجن، فتاة صغيرة كانت بالسجن، يعني يجب أن تخرج محطمة، وهذا طبيعي جدا، أنها هي في السجن ومن دون أهلها، ويكفي الإرهاب النفسي، لتخرج هذه الفتاة محطمة ومتوترة وواهنة وضعيفة ونادمة، لكن أمس وفي مقابلة تلفزيونية لها، كانت تلف القدم على القدم وتقول: سوف يأتي اليوم الذي يخرج فيه هؤلاء من بلادنا، يخرج فيه الصهاينة من بلادنا، هذا هو الأمل. قبل أيام أيضا شاهدت على التلفزيون مقابلة- ولا أعرف إن كان إسرائيليا أو أجنبيا من يجريها لكن التلفزيون الاسرائيلي هو من بثها ونقلتها الفضائيات- مع عائلة الزوجة وأولاد أحد الشهداء الجدد في عمليات الطعن والدهس، والأولاد أعمارهم متفاوتة، لكن كلهم صغار في السن، 12 و14 و15 و9 وهكذا، هذا وهو يجادلهم وهم يجادلونه: هذه أرضنا، هذا حقنا، أنتم من يجب أن تخرجوا من أرضنا. هذه معركة الأمل، مقابل كل هذا الخذلان العربي، مقابل كل الفضائيات ووسائل الإعلام العربية التي تكتب من عشرات السنين أنه لا يوجد لا أمل ولا أفق، يجب أن نقبل بالذي يعطوننا إياه الأميركيون والصهاينة، يجب أن لا نعلي السقف، يجب أن نتسامح في بعض حقوقنا، يجب أن نجد حلا للاجئين، العودة إلى فلسطين هي أمر محال، كعودة سمير القنطار من فلسطين إلى لبنان".

وقال: "هذا التخذيل وهذا التثبيط هو أيضا هذا. العربي هو يخدم المنهجية الإسرائيلية. نحن معنيون، هذا جزء من المعركة، معركة الأمل ومعركة الثقة. هناك منطقان: منطق يقول ان إسرائيل قدر لا مفر منه، ويجب أن نتعاطى مع هذا القدر بمنطق الإستسلام، والقبول، والخضوع والتعايش معه، والقبول بشروطه وتداعياته، ومنطق آخر يقول العكس تماما، بان إسرائيل ستزول من الوجود حتما. دعونا نرى أي منهما منطقي أكثر، أنا أقول لكم: الثاني منطقي، الأول غير منطقي. الثاني منطقي- ليس لي علاقة بالنبؤات مع إنه في بعض الأحيان يستفيد بعض العلماء من آيات قرآنية، ويختلف معهم الناس بتفسير الآيات، إتركوا هذا البحث على جنب- بناء على تجارب التاريخ والشعوب، بناء على السنن والقوانين الحاكمة في التاريخ والمجتمعات، أي قوة إحتلال طوال التاريخ تستطيع أن تبقى 30 سنة، وخمسين سنة، ومئة سنة، ومئتي سنة، لكن في النهاية ستزول ولو كانت جزءا من إمبراطورية عظمى، فكيف إذا كانت تحتل جزيرة في وسط محيط هائل؟ تاريخ قوى الإحتلال وتجارب الإحتلال هو هذا. الدولة التي لا تستند إلى قوتها الذاتية في مقابل المحيط وإنما تتكئ على قوة خارجية كالولايات المتحدة الإميركية في إقتصادها، في أموالها، في مليارات الدولارات التي تقدم لها، في الأسلحة المتطورة، في الحماية السياسية والأمنية والعسكرية وعلى كل صعيد، عندما تضعف القوة الحامية والداعمة سوف يتآكل، ويهون، ويهزل هذا الكيان، وتسهل إزالته". أضاف: "مقدرات شعوبنا ومنطقتنا، المقاومة في لبنان والمقاومة في فلسطين، بإمكانات متواضعة، استطاعت أن تصنع الإنتصارات من عام 1985، إلى عام 2000، إلى عام 2006، إلى تحرير قطاع غزة، إلى الصمود في مواجهة الحروب الإسرائيلية، وهي إمكانات متواضعة، فكيف إذا تمت الإستفادة من جزء من الإمكانات الحقيقية في هذه الأمة؟ مثل واقعي: لا نريد جيوش العرب ولا نريد أموالهم ولا شيء، فقط الذين يقاتلون الآن- أريد أن أقول يقاتلون ويقاتلون، حتى لا أستعمل عبارة يتقاتلون لأنها تتضمن شيئا من المساواة الظالمة- الذين يقاتلون ويقاتلون الآن في سوريا، في العراق، وفي اليمن، لو قمنا فقط بجمع هؤلاء، مع الإمكانات، والسلاح، والعديد، والأموال التي يصرفونها، هؤلاء وحدهم يكفون لإزالة إسرائيل من الوجود، لوحدهم. ليس لي حاجة ببقية الجيوش العربية، وبقية الأمة العربية، وبقية الأمة الاسلامي. إذا المنطق، السنن، القوانين، المعادلات الطبيعية تقول: "هذا كيان إلى أفول، إلى زوال". الآن لا أريد أن أدخل في بحث عن وضعه الداخلي، واهترائه، وإنهياره الأخلاقي على كل صعيد. على كل صعيد يوجد إنهيار أخلاقي في هذا الكيان، هذا الكيان "نزول" هذا الكيان ليس "طلوع"، لا يفكر أحد بأن هذا الكيان "كيان طلوع"، أبدا. نحن بحاجة إلى تعزيز هذا الأمل، وبالتالي اليوم دعوة الأمل هي الدعوة إلى الثبات، إلى الثبات على الموقف، إلى الثبات في المقاومة، إلى الصبر، إلى البقاء في الأرض، وهذه هي مسؤولية الشعب الفلسطيني".

وتابع: "اليوم ندائي إلى كل الفلسطينيين وغير الفلسطينيين: واحدة من المعارك المفتوحة التي نخوضها الآن وهي مسؤوليتنا جميعا، انظروا إلى ما يريده الإسرائيلي، لديه نتيجتان يريد أن يصل إليهما: إما شعب فلسطيني يقبل أن يعيش في ظل الإحتلال، طبعا لا يوجد (حل) دولتين، عند اليمين، وعند نتانياهو، وعند الليكود، وحتى عند جزء كبير ممن يسمون أنفسهم اليسار الإسرائيلي لا يوجد (حل) دولتين. إن قيام دولة قابلة للحياة، فلسطينية، كيان فلسطيني حقيقي، هذا غير وارد عند الصهاينة. المشروع الاسرائيلي للفسطينيين هو واحد من اثنين، إما أن تقبلوا إن اردتم أن تبقوا هنا، تعيشون وأقصى ما ستحصلون عليه هو حكم ذاتي، إداري، محدود، ليس هناك دولة وكيان. والبديل الثاني الذي طالما قالوه ولكن بالأمس عبر عنه وزير إسرائيلي، بالأمس بالتحديد ماذا قال؟ قال: لا يوجد شيء إسمه فلسطين، فليغادر الفلسطينيون إلى السعودية، والأردن، والكويت، والعراق، هذه دول هو أسماها، على أساس أرض الله واسعة، يعني ضاقت بعينكم يا عرب، ويا مسلمين، ويا مسيحيين هذه القطعة التي اسمها فلسطين؟ بيعونا اياها. طبعا يوجد ناس بين العرب يتكلمون بهذه الطريقة، أن أرض الله واسعة، ما شاء الله".

وقال: "النقيض الطبيعي للمشروع الصهيوني هو أصل البقاء في الأرض، بقاء الفلسطينيين في أرضهم، حتى ولو لم يقوموا بأي شي، لو لم يطعنوا بسكين، ولا قاموا بإطلاق الرصاص، ولا نظموا اعتصاما ولا مظاهرة. بقاء الفلسطينيين في أرض ال48، بقاؤهم في الضفة، بقاؤهم في غزة ولو تحت الحصار، بالرغم من كل ظروف الحياة القاسية، هذا هو أساس المقاومة وعنوان المقاومة، هذا الذي يمكن أن يبنى عليه من أجل بقاء القضية الفلسطينية، وإلا لو لم يعد هناك شعب فلسطيني في فلسطين لضاعت القضية، هذا الذي يمكن أن يبنى عليه في كل وقت لتنطلق مقاومة فلسطينية متجددة، أو إنتفاضة فلسطينية متجددة. ولذلك صمود الفلسطينيين اليوم، بقاؤهم في أرضهم هو المقاومة الحقيقية وأساس وأصل وماهية المقاومة، فكيف وهم يضيفون إلى هذا الأساس تظاهرا، واعتصاما، وحضورا، وصوتا مرتفعا، ووعيا كبيرا، وإرادة صلبة، ومقاومة مسلحة، ودهسا، وطعنا، وإرعابا للجنود وللمستوطنين. ومسؤولية الأمة أن تساعد الفلسطينيين ليبقوا في أرضهم، أن تؤمن لهم مقومات الصمود. الذي لا يستطيع أن يقدم لهم السلاح أو أن يوصل لهم السلاح، هذا العالم العربي والإسلامي مليء بالمال وبالإمكانات وبالخيرات، وفروا هذا المال الذي ترسلونه إلى هذا البلد وذاك البلد لتدمروه، أرسلوه إلى الفلسطينيين ليبقوا في أرضهم، في بيوتهم، في حقولهم. هذه اليوم هي مسؤولية كبيرة وخطيرة جدا".

أضاف: "هذا الأمل بالتأكيد اليوم أكبر من أي زمان مضى ايضا بفعل الانتصارات، انتصارات المقاومة في لبنان وفلسطين خلال السنوات القليلة الماضية. على كل حال، إستشهد سمير القنطار وهو يحمل هذا الأمل في قلبه، ويدون هذا المعنى بحبره في وصيته، الرد على إغتياله قادم لا محالة، الرد على إغتياله قادم لا محالة، أنظروا، عند الحدود من الناقورة من البحر، إلى مزارع شبعا إلى جبل الشيخ لآخر موقع إسرائيلي في الجولان المحتل، أين هم جنود وضباط وأليات العدو الإسرائيلي؟ أليسوا كالفئران- أو لأكبر حجمهم أكثر- أليسوا كالجرذان المختبئة في جحورها؟ هذا الذي يهدد ويرعد ويتوعد، وأخرجوا لنا باللأمس وزير الدفاع، وزير الحرب الإسرائيلي، ليقوم بإطلاق خطاب مباشر موجه لي أنا. أين جنودهم، أين ضباطهم، أين آلياتهم؟ إذا كنتم تستهينون بسمير القنطار فلماذا يخيفكم دمه إلى هذا الحد؟ إذا كنتم تستهينون بمقاومة سمير القنطار فلماذا يخيفكم تهديدها إلى هذا الحد؟ إذا كان تقديركم وقراءتكم للمقاومة، وإنشغالاتها، وأولوياتها قراءة صحيحة، فلماذا أنتم مرتعبون إلى هذا الحد؟ ومن واجب الإسرائيليين كما هم قلقون الأن، هم قلقون عند الحدود، قلقون في الداخل، وقلقون في الخارج، ويجب أن يقلقوا عند الحدود، وفي الداخل، وفي الخارج. التهويل علينا كما حصل أمس وفي الأيام القليلة الماضية، أنا أقول لهم لن يجدي نفعا، هذا التهويل لن يجدي نفعا، إذا كان هناك أحد أخطأ بالتقدير أو يخطئ بالتقدير هو الإسرائيلي وليس نحن".

وتابع: "بالنسبة إلينا سأكون واضحا جدا في جواب كل ما قاله الإسرائيليون خلال هذه الأيام من تهويل ومن تهديد، هذا لن يمس بإرادتنا وتصميمنا على العمل، أيا تكن التبعات. أقول للصديق وللعدو، أيا تكن التبعات والتهديدات التي طبعا لا نخافها، أيا تكن التبعات والتهديدات نحن لا نستطيع ولا يمكن أن نتسامح مع سفك دماء مجاهدينا وإخواننا من قبل الصهاينة في أي مكان في هذا العالم. نحن قرارنا حاسم وقاطع منذ الأيام الأولى، والمسألة أصبحت في يد المؤتمنين الحقيقيين على دماء الشهداء ومن نصون بهم الأرض والعرض والباقي يأتي. هذه معركة مفتوحة أساسا مع العدو، هي لم تغلق في يوم من الأيام ولن تغلق في يوم من الأيام، هل يمكن لحساب القدس وفلسطين ومجازر دير ياسين وقانا والشيخ راغب والسيد عباس والحاج عماد وحسان اللقيس وسيل من شهدائنا وشهداء بقية الفصائل وشعبنا وبقية الشعوب أن يغلق عند منعطف طريق أو عند محطة تهديد؟ استشهد سمير في هذه المعركة واستراح. أنا شخصيا بعد كل هذه السنين وهذه التجربة وما تعلمناه يتبدل عندي منذ مدة طويلة الشعور إلى شعور بالغبطة، أنا أغبط هذا الشهيد القائد، أغبط كل هؤلاء الشهداء الذين رزقهم الله سبحانه وتعالى وسام الشهادة، أغبطهم على رحيلهم من هذه الدنيا الفانية برأس مرفوع وهامة شامخة ووجه نوراني، أغبطهم على الحالة التي ينتقلون فيها إلى الله سبحانه وتعالى مجللين بدمائهم الزكية، هكذا يبعثون وهكذا يحشرون، شهداء نورهم يسعى بين أيديهم. عندما استشهد سمير، نعم يستطيع الآن أن يقول لقد أديت قسطي للعلى، انتقل إلى جوار الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن هؤلاء رفيقا، وبقيت دماؤه ووصيته وقضيته ومعركته، نحن سنصون هذه الدماء وسنحفظ هذه الوصية وننتصر لهذه القضية ونواصل هذه المعركة من أجل لبنان، من أجل فلسطين، من أجل سوريا، من أجل المقدسات، من أجل الأمة، وإنا لمنتصرون إن شاء الله".

وختم نصرالله: "رحم الله شهيدنا القائد وتقبله الله في الشهداء وجزاكم الله خير الجزاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".